تبددت أمس خطة الولايات المتحدة لإقامة حلف دفاعي بين دول الخليج وإسرائيل خلال قمة جدة، في حين أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن لقادة دول الخليج وثلاث دول عربية أخرى خلال لقائه بهم في القمة أن واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط، وأنّها ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الاستراتيجية ولن تسمح بوجود فراغ تملؤه قوى أخرى.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أمس، إنه ليس لديه علم بأي مناقشات بشأن إقامة تحالف دفاعي خليجي-إسرائيلي وإن السعودية لا تشارك في مثل هذه المحادثات.
وأضاف للصحافيين بعد قمة جدة إن قرار الرياض فتح مجالها الجوي أمام جميع شركات الطيران ليس له علاقة بإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل وليس مقدمة لخطوات أخرى.
وقال بن فرحان في مؤتمر صحافي "هذا لا علاقة له بالعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل"، مضيفاً إنه "ليس في أي حال من الأحوال تمهيداً لخطوات لاحقة".
وأكد أن يد بلاده ممدودة إلى إيران، مشيراً إلى أنه "لا يوجد شيء اسمه - ناتو عربي-".
وقال الوزير بن فرحان "إن قمة جدة ركزت على الشراكة مع الولايات المتحدة".
وأوضح الوزير "إن يد المملكة ممدودة للجارة إيران للوصول إلى علاقات طبيعية"، مشيراً إلى "أن المحادثات التي جرت مع إيران إيجابية لكنها لم تصل لنتائج".
كما أعلن "أنه لم يكن هناك أي رسائل من إيران إلى قمة جدة"، مؤكداً "أن الحوار والدبلوماسية هي الحل الوحيد لبرنامج إيران النووي".
ورداً على سؤال لأحد الصحافيين، أشار الوزير بن فرحان إلى"أنه لم يُطرح، ولم يُناقش أي نوع من التعاون العسكري أو التقني مع إسرائيل، ولا يوجد أي شيء اسمه "ناتو عربي".
وأكد وزير الخارجية "أنه لا يوجد أي نقاش بخصوص "تحالف دفاعي" مع إسرائيل".
وأشار بن فرحان إلى أن منظومة العمل العربي المشترك وصلت لمرحلة "النضج"، مضيفاً: "نعرف ما نريد ونعرف كيف نحققه.. لا ننتظر أي أحد ليحقق احتياجاتنا".
وخلال القمة ثماثلت مواقف المتحدثين من الزعماء العرب حول القضية الفلسطينية. فقد أكد قادة السعودية ومصر والأردن والعراق والكويت في كلماتهم على دعم إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشريف مع التأكيد على مبادرة السلام العربية.
وأكد عادل الجبير وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية، أمس، في مقابلة مع شبكة CNN، أنه لم يطرأ أي تغيير على موقف السعودية - وأن التطبيع مع إسرائيل لن يكون ممكناً إلا بعد تطبيق حل الدولتين.
وقال إن السعودية تؤيد "مبادرة السلام العربية" التي يتمثل موقفها فيها في أن "السلام مع إسرائيل يأتي في نهاية العملية وليس في بدايتها"، وقال الجبير هذا بينما كان الرئيس الأميركي لا يزال في جدة.
وحول توقيع "اتفاقيات إبراهيم" مع دولة إسرائيل من قبل بعض الدول العربية، قال الجبير إنها قرارات سيادية لدول عربية. ورداً على سؤال حول ما إذا كان من المتوقع أيضاً أن تنضم السعودية إلى هذه الاتفاقيات، أجاب: "لقد أوضحنا أننا بحاجة إلى عملية يتم فيها تنفيذ مبادرة السلام العربية. نحن ملتزمون بحل الدولتين وهذا هو هدفنا. المطالبة بالسلام".
وشدد الجبير على أن السلام مع إسرائيل "قرار إستراتيجي"، لكن هناك مطالب معينة يجب تلبيتها قبل تنفيذ هذا القرار.
كما تضمن البيان المشترك للولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، اللتين أبرمتا اتفاقيات عدة أمس بموجب "إعلان جدة"، فقرة بعنوان "القضايا الإسرائيلية الفلسطينية"، والتي نصت على أن "الجانبين أكدا التزامهما المستمر بالدولتين. دولة فلسطينية ذات سيادة ومستمرة، جنباً إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل، باعتبارها السبيل الوحيد لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وفقاً للمعايير المعترف بها على المستوى الدولي ومبادرة السلام العربية".
وأشار القادة إلى عزمهم على الحفاظ على التنسيق الوثيق في الجهود المبذولة لتشجيع الأطراف على التعبير - من خلال السياسات والإجراءات - عن التزامهم بحل الدولتين. وترحب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بكل الجهود للمساهمة في تحقيق سلام عادل وشامل. في المنطقة."
وفي كلمة أمام الرؤساء والملوك والمسؤولين الممثلين لست دول خليجية والأردن ومصر والعراق، شدّد بايدن على أنه أول رئيس أميركي منذ هجمات 11 أيلول 2001 يزور الشرق الأوسط دون أن يكون الجيش الأميركي منخرطاً في حرب في المنطقة، وقال "لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغًا تملؤه الصين أو روسيا أو إيران".
وأضاف "اسمحوا لي أن أختتم بتلخيص كل هذا في جملة واحدة: الولايات المتحدة ملتزمة ببناء مستقبل إيجابي في المنطقة، بالشراكة معكم جميعًا، ولن تغادر".
وصفّق الحاضرون للرئيس البالغ من العمر 79 عاماً. وكان بايدن عقد السبت لقاءات منفصلة مع كل من الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ودعاه لزيارة واشنطن، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وبعدما تعرّض لانتقادات عدة في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بسبب لقائه مع الأمير محمد بن سلمان الذي تتهمه الاستخبارات الأميركية بالوقوف خلف جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018، قال بايدن للحاضرين "المستقبل للبلدان التي تطلق العنان للإمكانات الكاملة لسكانها، حيث يمكن للمواطنين استجواب وانتقاد القادة دون خوف من الانتقام".
وتقول إدارة بايدن إنها تريد الترويج لـ"رؤية" جديدة للشرق الأوسط تقوم على الحوار والتعاون الاقتصادي والعسكري، مدعومة بمحاولات لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
لكن ذلك لم يمنع بايدن من التأكيد على أنّ الولايات المتحدة "لن تتسامح مع محاولة دولة واحدة الهيمنة على دولة أخرى في المنطقة من خلال التعزيزات العسكرية أو التوغل أو التهديدات"، في إشارة خصوصاً إلى إيران التي يتّهمها جيرانها بمحاولة زعزعة استقرار المنطقة.
وأعلن بايدن خلال اللقاء عن مساعدة أميركية بقيمة مليار دولار للأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وسط تصاعد أزمة الغذاء على وقع الحرب في أوكرانيا.
وقرّرت الولايات المتحدة تقديم مساعدات سنوية للأردن بقيمة 1,45 مليار دولار من سنة 2023 وحتى 2029.
وفي بيان مشترك نشره الإعلام الرسمي السعودي، جدّدت الولايات المتحدة والسعودية "التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالميّة". واتّفق الطرفان على "التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالميّة على المديين القصير والطويل".
وقد وقّع الجانبان خلال الزيارة 18 اتّفاقيّة ومذكّرات للتعاون المشترك في مجالات الطاقة والاستثمار والاتّصالات والفضاء والصحّة، بينها تعزيز تطبيق الجيل الخامس من الإنترنت، وفقاً للإعلام الرسمي السعودي.
كما وقّع وزير الطاقة السعودي ووزير النفط العراقي المحضر التنفيذي الخاص بمبادئ اتفاق الربط الكهربائي بين المملكة والعراق.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف