- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-09-19
بات جليًّا وواضحًا للصنّاع القرار في تل أبيب أنّ الرئيس الروسيّ، فلاديمير بوتين، ماضٍ في تطبيق سياسته الخارجيّة في سوريّة، وأنّه غير آبه بمصالح الدولة العبريّة، التكتيكيّة والإستراتيجيّة في هذا البلد العربيّ. ولعلّ التصويت الروسيّ في الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة لصالح مشروع القرار المصريّ، القاضي بوضع إسرائيل تحت الرقابة الدوليّة فيما يتعلّق بالأسلحة غير التقليديّة، كان خير رسالة وجهها الكرملين لأركان إسرائيل، عشية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو إلى روسيا، يوم الاثنين القادم، ومع أنّ مشروع القرار المصريّ لم ينجح، إلّا أنّ تل أبيب رأت في التصويت الروسيّ إشارةً واضحةً للموقف الذي تنتهجه هذه الدولة، التي، بحسب مركز بيغن السادات، تعود وبقوّةٍ إلى الشرق الأوسط، على ضوء أفول نجم الولايات المًتحدّة الأمريكيّة في المنطقة.
وبحسب مستشار الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، الجنرال يعقوب عميدرور فإنّ التطورات الأخيرة تؤكّد عدم وجود قيادة حقيقية بين القوى العالمية، حيث لا يوجد احد الذي يبدو لمعرفة ما يمكن القيام به لتجنب أو التغلب على هذه الأزمات، كما قال عميدرور. وبحسبه، فإنّ أن التحول الأبرز هو الشعور المتزايد داخل المجتمع الدولي بأنّ الولايات المتحدة تدعم ببطء بعيدًا عن دورها كقائد للعالم الحر، وهو الدور الذي تمّ تحمله من قبلها في القرن الماضي. وينظر إلى هذا التحول في سياسة الولايات المتحدة كمصدر للمشاكل التي يعاني منها العالم، من بكين إلى المملكة العربية السعودية. ونتيجة لذلك، أضاف الجنرال الإسرائيليّ، فإنّ البلدان التي في الماضي كانت حذرة من استعداء الولايات المتحدة خوفًا من الانتقام تشهد الآن ترددها في التدخل على مستوى العالم، الأمر الذي يسمح لهذه الدول أنْ تُحسّن موقفها في المسرح الدولي، وتعزز بقوة مصالحها. وبرأيه، فإنّ الأمم المتحدة، وهي أكبر منظمة دولية في الوجود، أصبحت حزينة، نكتة جوفاء، لا يهتّم لها أيّ أحد، على حدّ تعبيره. وبحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت) فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ سيضّم إليه في زيارته إلى موسكو القائد العام لهيئة الأركان في الجيش الإسرائيليّ، الجنرال غادي أيزنكوط، إضافةً إلى رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة، الجنرال هرتسي هليفي. ونقلت الصحيفة عن مصادر مُقرّبة من ديوان نتنياهو قولها إنّ قراره بضمّ شخصيتين أمنيتين اثنتين إلى موسكو هو مؤشر على أنّ تل أبيب ترى بخطورةٍ بالغةٍ التدّخل العسكريّ الروسيّ المُباشر في سوريّة. وبحسب المصادر عينها، فإنّ المستويين السياسيّ والأمنيّ في إسرائيل يخشيان من أنّ التدّخل الروسيّ في سوريّة سيؤدّي عاجلاً أمْ أجلاً إلى صدام عسكريّ-جويّ بين الطرفين، ذلك لأنّ إسرائيل أعلنت عن أنّها لن تتوقّف عن مهاجمة ما أسمته المصادر شحنات الأسلحة السوريّة إلى الجنوب اللبنانيّ، التي يحصل عليها حزب الله اللبنانيّ، الذي بات بنظر الإسرائيليين التهديد الأخطر والتهديد المُباشر على الكيان العبريّ، علمًا أنّ الجبهة الداخليّة الإسرائيليّة غير جاهزة بالمرّة لتحمل أكثر من ألف صاروخ يوميًا، يتوقّع الإسرائيليون أنْ يقوم الحزب بإطلاقها في حال اندلاع مواجهة بين الطرفين.
علاوة على ذلك، أضافت المصادر السياسيّة في تل أبيب، والتي وُصفت بأنّها رفيعة المستوى، أنّ الجيش الإسرائيليّ يخشى جدًا من أنْ يقوم سلاح الجوّ الإسرائيليّ، خلال تنفيذه هجومًا ضدّ أوكار الإرهابيين بسوريّة، على حدّ تعبيرها، يخشى من أنْ تُصاب أهدافًا روسيّة عن طريق الخطأ، الأمر الذي سيُعقّد الأمور بين الدولتين. في السياق عينه، قالت صحيفة (هآرتس) العبرية على موقعها الالكترونيّ إنّ موسكو أرسلت قوات نوعيّة إلى سوريّة لتفعيل الدبابات والرادارات وكذلك الصواريخ المضادة للطائرات، كما تمّ نشر قوات روسية في قاعدة سلاح الجو السوري في مطار اللاذقية، ما يوحي بأنّها تستعد لاستقبال طائرات روسية مقاتلة.
وبحسب أقوال مسؤولين إسرائيليين فإنّ نتنياهو يرغب بالتعرف مباشرة من بوتين على هدف القوات الروسية في سوريّة، ومدى حجمها والوقت الذي يتوقع أنْ تبقى خلاله في سوريّة، على حدّ تعبير المصادر، التي أضافت أنّ تل أبيب تتخوّف من أنْ يؤدّي تواجد الطائرات الروسيّة والصواريخ المضادّة للطائرات في سوريّة إلى تقييد حرية عملياتها الجوية في المنطقة أوْ وقوع مواجهات غير مقصودة بين الجيش الإسرائيليّ والجيش الروسيّ، علمًا أنّ مصادر أجنبية، شدّدّت الصحيفة الإسرائيليّة، كانت قد أبلغت مرارًا عن قيام سلاح الجو الإسرائيليّ بشن هجمات خلال السنوات الأخيرة على قوافل الأسلحة التي تمّ إرسالها من سوريّة إلى حزب الله.
وأشارت المصادر إلى أنّ نتنياهو ينوي طرح التخوف الإسرائيلي من تزويد الأسلحة الروسية لسوريّة، خاصة منظومات الصواريخ المتطورة والمضادة للطائرات.
وحسب بيان صدر عن ديوان نتنياهو فإنّه سيطرح أيضًا الخطر الذي يُهدد إسرائيل جرّاء إرسال الأسلحة الفتاكّة إلى حزب الله وتنظيمات أخرى.
يُشار إلى أنّ نتنياهو لم يزر روسيا منذ فترة طويلة، بل رفض دعوات للزيارة، وذلك بسبب الأزمة الدولية الناجمة عن التغلغل الروسي في أوكرانيا.