يوماً بعد يوم، تتزايد الاعتداءات الإسرائيلية بالضفة الغربية، وسط استمرار التهديدات بشن عملية عسكرية واسعة في مدينتي جنين ونابلس، بعد ارتفاع كبير في عمليات إطلاق النار من قبل الفلسطينيين، والتي تستهدف إسرائيليين.

وقُتل فجر الأربعاء، ضابط إسرائيلي، فيما استشهد فلسطينيان، إثر تبادل لإطلاق النار وقع في معبر الجلمة، شمال مدينة جنين. وعقب ساعات قليلة من هذا الحدث، نقل موقع (كول هخدشوت) عن مصدر أمني إسرائيلي قوله: إن هناك فرصة كبيرة أن يقوم الجيش بشن عملية واسعة النطاق خلال الـ 48 ساعة القادمة في جنين للقيام باعتقالات وغير ذلك.

وفجر اليوم استشهد، الفتى عدي طراد هشام صلاح (17 عاما)، وأصيب ثلاثة آخرين، أحدهم بحالة حرجة، خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية كفر دان، غرب جنين. وقال مدير مستشفى خليل سليمان الحكومي في مدينة جنين وسام بكر، إن الفتى صلاح، استشهد جراء إصابته برصاصة في الرأس، خلال اقتحام الاحتلال قرية كفر دان.

وكانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال، قد اقتحمت القرية فجراً، وداهمت منازل ذوي الشهيدين أحمد وعبد الرحمن عابد، اللذين استشهدا أمس قرب حاجز الجلمة العسكري شمال جنين. ويرى خبراء عسكريون ومحللون سياسيون، أن التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة في الضفة، لم تأتِ من فراغ، لاسيما مع قرب الأعياد اليهودية والانتخابات الإسرائيلية، فهناك حاجة لكي تثبت قيادة الاحتلال مدى قوتها في صد أي "خطر" على شعبها بحسب وصفها، وبالتالي دعاية انتخابية حقيقية على أرض الواقع.

ويرى المحلل والكاتب السياسي، إبراهيم أبراش، بأنه "قد تكون هناك عملية عسكرية في الضفة ولكن الأمر يتعلق بحجمها وحدودها".

ويتابع أبراش في حديثه لـ "دنيا الوطن"، أن إسرائيل منذ أيام وهي تلوح بأنها ستقوم باقتحام مخيم جنين، وسبق أن قامت بدخول المخيم وقبلها مدينة القدس، ولكن تصاعد العمليات الفدائية بالفترة الأخيرة بشكل كبير ومتزامن مع تصاعد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى يضع الحكومة الإسرائيلية الحالية "الهشة" في موقف صعب.

ويزيد: أن "أي محاولة للحكومة الإسرائيلية بهدف تعزيز ودعم المستوطنين في اقتحامات المسجد الأقصى والمسيرات التي يقومون بها ستزيد من ردة الفعل الفلسطينية سواء في داخل القدس أو على مستوى الضفة الغربية بشكل عام، وفي هذه الحالة ستكون الحكومة مضطرة لأن تدخل في حرب وعملية عسكرية كبيرة وهي لا تضمن نتائجها ومدى تأثيرها على التوازنات السياسية وفرص قائد حكومة الاحتلال الحالية في النجاح بأي انتخابات مقبلة".

ويقول أبراش، أن "أي عملية عسكرية كبيرة كما كان يجري بالعادة قبل ذلك، يجب أن تكون بتنسيق مع الإدارة الأمريكية، لأن النتائج المترتبة على العملية العسكرية بالضفة وخصوصًا بالقدس ستؤثر بالتأكيد ليس على الفلسطينيين بل على الأردن، وستحرج دول عربية.

وختم: أن "الحكومة الإسرائيلية في موقف لا تحسد عليه، ليس من حيث القدرات العسكرية القيام باقتحامات، ولكن من حيث التداعيات السياسية لأي عملية كبيرة".

الخبير العسكري والسياسي، اللواء واصف عريقات يقول: إن "هناك رغبة إسرائيلية بشن عملية عسكرية في ظل قلق حقيقي عند قيادة الاحتلال، وذلك بعد تنامي قدرات المقاومة في الضفة الغربية، خاصة في المناطق الشمالية منها، ومرارًا ما يهدد بذلك ولكن يستطيع التنفيذ؟، فهناك فرق بين رغبته وقدرته".

ويضيف عريقات في حديثه لـ "دنيا الوطن" أن الاحتلال لديه إمكانيات تدميرية وقتالية وجيش، ولكن هناك توقعات إسرائيلية بخسائر في صفوف الجيش إذا ما أقبل على عدوان، ومن يتحمل هذا الخسائر، هل القيادة الحالية؟.

ويكمل: "باعتقادي أن قيادة الاحتلال بتركيبتها الضعيفة حاليًا لا تستطيع تحمل أي خسارة، وبالمقابل القيادات الإسرائيلية المتعاقبة ارتكبت جرائم في أعوام (2008- 2012-2014-2021-2022)، وهي تدرك أنها ستقدم خسائر، وبالتالي باب الاحتمالات مفتوح، وربما ترتكب القيادة جريمة جديدة وتقوم بعملية واسعة شمال الضفة، ولكن سيكون هناك ثمن".

أما المختص في الشأن الإسرائيلي، وليد المدلل، يؤكد في تحليله أن ازدياد العمليات العسكرية في شمال الضفة والقدس وحتى بالخليل كلها مؤشرات أدت إلى إرباك الاحتلال، والتخوف من القيام بأعمال عنف (وفق وصف الاحتلال)، خلال الأعياد اليهودية قد تحمل مزيدًا من التصعيد توقع الحكومة الإسرائيلية في حرج أمام الناخب الإسرائيلي.

ويقول المدلل في حديثه لـ "دنيا الوطن"، إن "الناخب الإسرائيلي ذاهب إلى انتخابات في الشهور المقبلة، وبالتالي حكومة الاحتلال معنية بتحقيق حد أقصى من الأمن".

ويضيف: "كما ويسعى الاحتلال لخفض المقاومة إلى أدنى مستوى من خلال الاتصالات بالطرف الفلسطيني، ومحاولة تكليفه ببعض المهام والطلب منه خفض ما تسميه وتيرة (العنف) من جهة، وأخرى القيام باعتقالات للفلسطينيين للسيطرة على الوضع، وكل ذلك في ظني مرتبطًا بالحالة السياسية والانتخابية التي تمر بها إسرائيل في الأيام المقبلة".

ويتابع: "الاحتلال قرر استخدام طائرات مسيرّة مسلحة بالضفة عقب رؤيته بازدياد نسبة الأسلحة في الضفة الغربية، وكذلك العروض العسكرية التي يتم نشرها على الإعلام تثير كثيرًا القلق عند الجانب الإسرائيلي، ناهيك عن أخبار بمشاركة عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية في أعمال المقاومة، وهذا يؤدي إلى دخول جيش الاحتلال لأماكن مفخخة، وبالتالي يحاول أن يستخدم تكنولوجيا متقدمة ومنها المسيرّات".

ويردف: "كما وأن الاحتلال يحاول عبر استخدامه للطائرات المسيرّة المسلحة التقليل من تكلفة المداهمات حتى لا يقع الجنود الإسرائيليين في مرمى النيران الفلسطينية، ويحاولون استخدام هذه التكنولوجيا في مواجهة عناصر المقاومة التي ازدادت قوة في ظل انخراط أعداد من الأجهزة الأمنية المدربة داخلها، وهو ما يخيف التجمعات الإسرائيلية وصانع القرار لدى المحتل".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف