صادق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، على ضمّ أربع مناطق أوكرانية خلال مراسم أقيمت في الكرملين، ما أثار موجة إدانة دولية فيما تعهدت كييف مواصلة تحرير أراضيها.
ووصل الزعيم الروسي متأخراً بعض الشيء إلى قاعة سانت جورج في الكرملين حيث ألقى خطابه أمام وزراء ونواب وأعضاء مجلس شيوخ وغيرهم من النخب السياسية الروسية فضلاً عن رجال دين.
ووقع بوتين على اتفاقيات الضمّ إلى جانب زعماء المناطق الانفصالية في أوكرانيا، وهي دونيتسك ولوغانسك (شرق) ومقاطعتا زابوروجيا وخيرسون (جنوب) اللتان احتلتهما القوات الروسية خلال النزاع.
ثم شبك الرئيس الروسي يديه بأيدي ضيوفه الأربعة قبل أن يهتفوا "روسيا" وسط أهازيج من الحاضرين في القاعة.
ودعا بوتين في خطابه كييف إلى "التوقف فوراً عن القتال ووقف جميع الأعمال العدائية.. والعودة إلى طاولة المفاوضات" رغم النكسات الأخيرة التي ألحقتها القوات الأوكرانية بالجيش الروسي وأحدثها الحصار الجزئي الذي فرضته على عناصره الجمعة في مدينة ليمان الاستراتيجية (شرق).
وندّد بوتين طويلاً بالغرب الذي اتهمه بأنه يريد بأي ثمن الحفاظ على "نظام استعماري جديد يسمح له بالتطفل، وفي الواقع، نهب العالم بأسره"، وأضاف "إنهم يريدون جعلنا مستعمرة".
تأتي عمليات الضمّ بعد سبعة أشهر بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا وتنظيم "استفتاءات" سريعة في المناطق المحتلة وصفتها كييف وحلفاؤها بأنها "صورية".
وكدليل على التسرع وضعف التنظيم، أعلن المتحدث باسم الكرملين أنه "سيتم توضيح" ما إذا كانت روسيا ستضمّ كل أراضي خيرسون وزابوريجيا أم أنها ستضمّ فقط الأجزاء التي نجحت في احتلالها.
وكشف أن بوتين لا يعتزم "في الوقت الحالي" زيارة المناطق التي تم ضمها حديثاً.
وحمل الرئيس الروسي على ناقديه مؤكداً أنه "لا يسعى" لإحياء الاتحاد السوفياتي، مشدداً أن "سكان لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا سيصبحون مواطنينا إلى الأبد".
ولاحقاً، أكد بوتين أن روسيا ستحقق "النصر" في النزاع مع أوكرانيا، وذلك خلال حفل موسيقي في الساحة الحمراء بوسط موسكو احتفالاً بضم أربع مناطق أوكرانية.
وقال الرئيس الروسي على وقع تصفيق آلاف من أنصاره "النصر سيكون لنا". وأضاف مخاطباً سكان المناطق التي تم ضمها، "أهلاً بكم في الوطن"، معتبراً ان هؤلاء "عادوا الى وطنهم التاريخي".
ورأى إلدار باباييف (38 سنة) أن عمليات الضم "عظيمة... كان يجب أن يتم ذلك منذ وقت طويل، قبل ثماني سنوات" مع بدء النزاع بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا.
أما في سلوفيانسك شرق أوكرانيا، فأكدت فالنتينا غلوشينكو (52 عاماً) أنها لا تعبأ بـ"نباح بوتين"، مؤكدة أنها تعتقد أن "النصر سيكون حليفنا".
ورد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فيديو أكد فيه أن "أوكرانيا لن تتفاوض مع روسيا ما دام بوتين رئيساً لروسيا الاتحادية. سنتفاوض مع الرئيس الجديد"، معلناً أنه سوف "يوقع على ترشح أوكرانيا لنيل عضوية حلف الأطلسي بشكل سريع".
وأعلن زيلينسكي، تقديم طلب عاجل ومفاجئ للانضمام لعضوية حلف شمال الأطلسي واستبعد إجراء محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أن أعلنت موسكو ضم أربع مناطق أوكرانية.
ووقع زيلينسكي أوراق طلب الانضمام إلى الحلف العسكري الغربي في مقطع فيديو على الإنترنت كان من الواضح أنه يقصد به الرد على الاحتفالات الروسية في موسكو بإعلان المناطق الأوكرانية المحتلة جزئياً أراضيَ روسية جديدة.
وقال زيلينسكي في مقطع الفيديو الذي نشره على تطبيق تيليجرام "نحن نتخذ خطوة حاسمة من خلال التوقيع على طلب أوكراني للانضمام السريع إلى حلف شمال الأطلسي".
وظهر زيلينسكي في الفيديو مرتدياً زياً عسكرياً وقد وقف بجانبه رئيس الوزراء ورئيس البرلمان وهو يوقع وثيقة طلب الانضمام.
بدوره تعهد وزير خارجيته دميترو كوليبا "تحرير أراضينا وشعبنا"، مؤكداً أن الضمّ "لن يغيّر شيئاً بالنسبة لأوكرانيا".
وفي واشنطن، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة فرض عقوبات "شديدة" على روسيا رداً على ضمّها أراضيَ أوكرانية بطريقة تقوم على "الاحتيال".
وأفاد الرئيس الأميركي جو بايدن في بيان أن "الولايات المتحدة تدين محاولة روسيا القائمة على الاحتيال لضم أراض أوكرانية ذات سيادة"، مستنكراً "انتهاك القانون الدولي والعبث بميثاق الأمم المتحدة".
وأكد أن واشنطن "ستواصل دعم جهود أوكرانيا لاستعادة أراضيها".
وقال إن بوتين لن "يُرهب" الولايات المتحدة وحلفاءها، منبّهاً إلى أن حلف شمال الأطلسي سيدافع عن "كل شبر" من أراضيه.
وقال بايدن في مداخلة في البيت الأبيض "أميركا وحلفاؤها لن يتعرضوا للترهيب، (بوتين) لن يُخيفنا". ثمّ توجّه إلى الرئيس الروسي قائلًا "إن أميركا مستعدة بالكامل، مع حلفائنا في الناتو، للدفاع عن كلّ شبر من أراضي الناتو (...) سيد بوتين، لا تسئ فهم ما أقوله، كلّ شبر".
وفي تحذير شديد اللهجة، قالت الولايات المتحدة إنها ستفرض بالاتفاق مع دول مجموعة السبع، عقوبات على "أي دولة أو فرد أو كيان" يقدم الدعم لمحاولات روسيا للاستيلاء "بشكل غير قانوني" على أراض في أوكرانيا.
وأصدر زعماء دول الاتحاد الأوروبي بياناً الجمعة أعلنوا فيه "رفض" و"إدانة" هذا "الضمّ غير القانوني"، واتهموا موسكو بتعريض "الأمن العالمي إلى الخطر".
بدوره شجب الناتو الضمّ "غير الشرعي".
واتهم حلف شمال الأطلسي بوتين بالإقدام على "أخطر تصعيد" للحرب في أوكرانيا منذ اندلاعها لكنه قال إن الرئيس الروسي لن ينجح في ردع الحلف عن دعم كييف.
وقال الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرج "لدينا (هذا) المزيج من التعبئة في روسيا، والأحاديث النووية المتهورة والخطيرة ثم الضم المخالف للقانون اليوم، أو محاولة ضم أجزاء من أوكرانيا".
وأضاف في مؤتمر صحافي "كل هذا، معاً، يمثل أخطر تصعيد للصراع منذ البداية، وهدف الرئيس بوتين هو أن يردعنا عن دعم أوكرانيا. لكنه لن ينجح في ذلك".
وقال ستولتنبرج إن الإجراء الروسي هو "أكبر محاولة لضم أراض أوروبية بالقوة منذ الحرب العالمية الثانية" مضيفاً إن منطقة تعادل قرابة مساحة البرتغال "استولت عليها روسيا بالمخالفة للقانون تحت تهديد السلاح".
ومضى قائلا "الاستفتاءات الصورية وُضعت خطوطها في موسكو وفُرضت على أوكرانيا في انتهاك تام للقانون الدولي. هذا الاستيلاء على الأراضي غير قانوني وغير مشروع".
وأضاف "الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي لا ولن تعترف بأن أياً من هذه الأراضي جزء من روسيا". وقال "نطالب جميع الدول برفض محاولات روسيا السافرة لغزو الأراضي. هذه الأراضي أوكرانية".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف