- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2015-10-19
رفض رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الاقتراح الفرنسي لمجلس الأمن الدولي بنشر مراقبين في الحرم القدسي الذي كان الاحتلال سعى خلال الأسابيع الماضية إلى تغيير الوضع القائم فيه ما أدى إلى انفجار الغضب الفلسطيني. وأشارت وسائل إعلام إسرائيليّة إلى أنّ وزارة الخارجيّة في تل أبيب استدعت السفير الفرنسيّ لدى تل أبيب، دون أنْ تُفصح سبب الاستدعاء العاجل، ولكنّ المُراقبين رجّحوا أنّ الدعوة جاءت للاحتجاج أمامه على المُبادرة الفرنسيّة وإبلاغه رسميًا برفض إسرائيل لها.
ويأتي الرفض الإسرائيلي لأول محاولة جدية من جانب الأسرة الدولية للتدخل في المواجهة المتفاقمة بين إسرائيل والفلسطينيين، ليشير إلى الوجهة التي تريدها حكومة اليمين. ومن المقرر أنْ يلتقي نتنياهو مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في برلين الذي أكّد أنه سيلتقي بعدها برئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عباس في الأردن. ويبدو أنّ اللقاءات الأمريكية مع رئيس الحكومة الإسرائيلية ومع الرئيس الفلسطيني ترمي إلى محاولة نزع فتيل التفجير قبيل لقاء مقرر لنتنياهو مع الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) المُقبل. وأعلن نتنياهو، في مستهل اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي أمس، أنّه يرفض المقترح الفرنسي لإعلان من جانب مجلس الأمن الدولي يدعو لنشر مراقبين في الحرم القدسي، معتبرًا أنّه لا يحوي أي ذكر للتحريض الفلسطيني والإرهاب الفلسطيني.
وتابع قائلاً: سبق ورأينا ما يجري في الأماكن المقدسة في الشرق الأوسط حيث يدمر متطرفون مسلمون المساجد واحدا تلو الآخر، ويدمرون مواقع مسيحية وأخرى تراثية ومواقع يهودية، على حدّ تعبيره. ولفت رئيس الوزراء الإسرائيليّ إلى أنّ إسرائيل ليست المشكلة في الحرم القدسي وإنما هي الحل. فنحن نحافظ على الوضع القائم. ونحن الوحيدون الذين نفعل ذلك، ونواصل فعل ذلك بطريقة مسؤولة وجدية. لم يكن أي تغيير في الوضع القائم عدا محاولة أناس نظمتهم الحركة الإسلامية في إسرائيل وجهات متطرفة إدخال متفجرات للمساجد ومهاجمة يهود من داخل المساجد، على حدّ قوله.
وكانت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية نشرت قبل يومين، نقلاً عن مصادر دبلوماسية فرنسية، أنّ باريس تحث مجلس الأمن على إصدار بيان رئاسي يدعو لنشر مراقبين دوليين في الأماكن المقدسة في القدس المحتلة، وعلى رأسها الحرم القدسي. وذكرت أن الهدف من ذلك هو ضمان بقاء الوضع القائم ومراقبة الانتهاكات. وقبلها أعلن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، أثناء نقاشات أجراها مجلس الأمن بشأن التصعيد في القدس، أن فرنسا بلورت مسودة بيان رئاسي يعنى بالحفاظ على الوضع القائم في الحرم، لكنه لم يشر إلى إرسال مراقبين دوليين. وقد ردّ السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون على المقترح، معلنًا رفض تل أبيب لأي تدخل أو مراقبة دولية في الحرم القدسي.
وقال: نحن لا نعتقد أن التدخل الدولي في شؤون الحرم سيساعد أو يسهم في الاستقرار. فالتواجد الدولي في الحرم ينتهك الوضع القائم منذ عشرات السنين، حسبما ذكر. وواضح أن إسرائيل لا تكتفي بتصريحات رئيس حكومتها وسفيرها في الأمم المتحدة ضد المقترح الفرنسي، بل تعمل بطرق أخرى على وأده. وفي هذا السياق، أشارت صحيفة (هآرتس) العبريّة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى تعمل سويًا من أجل استبعاد مسودة البيان الرئاسي الذي بلورته وتقترحه فرنسا على مجلس الأمن.
وقالت مصادر في رئاسة الحكومة الإسرائيلية، بحسب الصحيفة العبريّة، إنّ المُقترح الفرنسي عديم الأساس، وهو إعلاني بحت. وحسب هذه المصادر، فإن نتنياهو وجه مستشار الأمن القومي يوسي كوهين ووزارة الخارجية للاحتجاج أمام فرنسا على الصيغة المنحازة وعديمة الأساس للمسودة، وأضافت: إننا ننتظر من الفرنسيين إدانة عجز الأوقاف الإسلامية في الحرم، فالذين أدخلوا العبوات وأطلقوا الألعاب النارية هم الفلسطينيون الذين جعلوا الحرم مخزنًا للإرهاب، وهم من حاولوا بذلك تغيير الوضع القائم.
وشددت رئاسة الحكومة الإسرائيلية على أن تل أبيب تحافظ على الوضع القائم وملتزمة به، وأنه مسموح لليهود زيارة الحرم وفق الوضع القائم. وأضافوا أنه بموجب اتفاقية الهدنة لعام 1949 كان تعهد دولي بالسماح لليهود بزيارة الحرم، وهذا الالتزام لم يتحقق إلا عام 1967، فإسرائيل هي من يحافظ على حرية زيارة الحرم، وإحراق قبر يوسف يشهد على ما كان سيجري في الأماكن المقدسة لولا أنها تحت سيطرة إسرائيل: بالضبط كما يحدث في تدمر في سوريا وفي العراق.
في كل حال، فإن إسرائيل بموقفها من الاقتراح الفرنسي هذا تحاول منذ الآن وضع سد أمام مجموعة اقتراحات فرنسية أمام مجلس الأمن الدولي. ومعروف أن هناك اقتراحًا فرنسيًا بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، وهو اقتراح عرضه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمام “الرباعية الدولية” في اجتماعها في نيويورك على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتخيف الاقتراحات الفرنسية رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يقوم بين الحين والآخر باستخدامها كفزاعة لكبح اقتراحات يقدمها وزراء اليمين المتطرف لتوسيع الاستيطان.
وهناك أيضًا مشروع القرار الفرنسي المتعلق بإعلان الدولة الفلسطينية وفق برنامج زمني محدد. وفي كل حال، تعمد الحكومة الإسرائيلية إلى تعزيز العلاقات مع الإدارة الأمريكية بهدف التصدّي للاقتراحات الفرنسية وسواها في الأمم المتحدة.
إلى ذلك، أشارت تقارير إعلاميّة إسرائيليّة إلى أنّ الحكومة الإسرائيليّة توجهّت للسلطة الفلسطينيّة واقترحت عليها إعادة الوضع في الحرم القدسيّ الشريف إلى ما كان عليه قبل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، أرئيل شارون، الاستفزازيّة للأقصى في أيلول (سبتمبر) من العام 2000، الأمر الذي أدّى لاندلاع الانتفاضة الثانيّة. ولم يصدر أيّ تعقيب رسميّ إسرائيليّ على هذه التقارير.