قررت وزارة الداخلية الإسرائيلية عقد جلسة استماع، يوم الثلاثاء، بشأن قرار إبعاد المحامي والمدافع الحقوقي صلاح الحموري إلى فرنسا.
وبالمقابل، فقد أعلن طاقم الدفاع عن الحموري، وهو مواطن مقدسي يحمل أيضا الجنسية الفرنسية، اعتزامه الالتماس ضد القرار إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية ومن ثم إلى "العليا" الإسرائيلية في حال عدم قبول الاعتراض.
وقال د. منير نسيبة، المختص بالقانون الدولي ومدير العيادة القانونية في جامعة القدس، في مؤتمر صحافي بفندق "الأمريكان كولوني" في القدس الشرقية المحتلة، "كان القرار أن ينفذ الإبعاد يوم الأحد، ولكن كان يفترض عقد جلسة استماع يوم امس (الخميس) ولعدم تواجد المحامين ورفض الحموري التوقيع على أي إجراء بغياب طاقم المحامين لم تعقد جلسة الاستماع وتسلمت المحامية ليئا تسيمل رسالة تعلمها السلطات فيها عقد جلسة الاستماع يوم الثلاثاء القادم، وخلال الجلسة نتوقع أن يكون هناك قرار آخر بالتهجير القسري".
ولكنه أضاف، إن طاقم الدفاع "يعتزم تقديم ملف إلى المحكمة المركزية ثم إلى المحكمة العليا للدفاع عن الحموري حتى آخر رمق، وبالتالي القضية لم تنته وما زالت هناك نافذة للطاقم القانوني للدفاع عنه وسيتم استغلال هذه النافذة".
وكان المؤتمر انعقد بمشاركة د. نسيبة والمحامية ليئا تسيمل ووالدة الحموري، دينيس وهي أيضا تحمل الجنسية الفرنسية.
ودعت والدة الحموري إلى التراجع عن قرار شطب إقامة ابنها بالقدس وقرار إبعاده وتمكينه وزوجته وأولاده من العيش في مدينة القدس بعد أن كانت سلطات الاحتلال أبعدت زوجته وأولاده منذ سنوات.
كما دعت السلطات الفرنسية للتدخل من أجل وقف القرارات الإسرائيلية الجائرة ضد ابنها الذي يصر على حقه في العيش في مدينته القدس.
وقدمت المحامية تسيمل شرحا عن المسار الطويل لإلغاء إقامة المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان صلاح الحموري.
وأشارت إلى أن وزير الداخلية الإسرائيلي في مرحلة من المراحل قرر أن يلغي إقامة الحموري في القدس بشكل عقابي متهما إياه بالارتباط بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وذكرت إن طاقم المحامين الذي يمثل صلاح الحموري، والذي يضم أيضا مركز الدفاع عن الفرد "هموكيد"، قدم خلال فترة طويلة مجموعة من الاعتراضات في المحاكم المختلفة التي وصلت في النهاية إلى المحكمة العليا الإسرائيلية.
وقال د. نسيبة، "في المحكمة العليا صار نوع من الاتفاق أن تعيد وزارة الداخلية الإسرائيلية النظر في هذا القرار، وبناء عليه أن يتم إيقاف العمل بالقضية التي كانت موجودة في المحكمة العليا وبالفعل وافق طاقم المحامين، ولكن مع الطلب من المحكمة ألا يتم ترحيل الحموري خلال هذه الفترة".
وأضاف، "قبل عدة أيام في 29 تشرين الثاني، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية أن تلغي الالتماس بناء على هذا الاتفاق، ولكنها في نفس الوقت قررت عدم تقديم أي ضمانات لعدم ترحيله وبالتالي ألغت الالتماس دون تقديم ضمانات بعدم ترحيله وتركت لوزيرة الداخلية الإسرائيلية الحالية أيليت شاكيد الفرصة أن تعيد النظر في القرار".
وتابع، "وبعد يوم واحد، أصدرت شاكيد قرارا من صفحتين ونصف الصفحة أكدت فيه على القرار الأخير بإلغاء إقامة صلاح الحموري وبعدها بيوم واحد أصدرت قرارا آخر بإبعاد صلاح الحموري".
واعتقل صلاح الحموري لأول مرة العام 2001 وكان يبلغ من العمر 16 عاما ونصف العام آنذاك، واستمر اعتقاله لمدة خمسة أشهر، وأعيد اعتقاله العام 2004 لخمسة أشهر أخرى بأمر اعتقال إداري، ثم اعتقل العام 2005، واستمر لمدة سبع سنوات.
في هذا الاعتقال وكون صلاح يحمل الجنسية الفرنسية، تدخلت القنصلية الفرنسية في قضيته لمحاولة التوصل لاتفاق من أجل الإفراج عنه، وعرضت على صلاح من خلال محاميته صفقة بالإبعاد إلى فرنسا لمدة عشر سنوات ويتحرر بناء عليها من الأسر مباشرة ويسافر إلى فرنسا، ويعود بعدها للقدس بلا أي شروط أو قيود، أو أن يحكم في حال رفض الصفقة بالسجن الفعلي لمدة ما يقارب عشر سنوات، لكن صلاح رفض هذا العرض، ورفض أن يتم تمييزه عن باقي الأسرى الفلسطينيين.
وحكم على صلاح بعدها بالسجن الفعلي لمدة 7 سنوات، قضاها في سجون وزنازين الاحتلال الإسرائيلي، وفي الأشهر الأخيرة لاعتقاله، وتحديدا في شهر كانون الأول من العام 2011، تم الإفراج عنه ضمن صفقة وفاء الأحرار التي أبرمتها الحركة الإسلامية والتي تحرر بموجبها 1027 فلسطينيا من الأسر، ولكن بالنسبة لصلاح كانت الفترة المتبقية هي أقل من ثلاثة أشهر.
ولم يترك الاحتلال صلاح وشأنه منذ تحرره من الأسر نهاية العام 2011، بل استمر في ملاحقته ومحاصرته.
وبالرغم من أن صلاح خرج للحرية وبدأ باستعادة ما ضاع عليه من سنوات دراسة وعمل وحياة اجتماعية، فقد بدأ مباشرة بالدراسة في جامعة أبو ديس ليصبح محاميا بعد أن ذاق ظلم الاعتقال مرات عدة، وأنهى دراسته الجامعية وتخرج من كلية الحقوق، وبدأ مباشرة بالتدريب القانوني ليصبح محاميا مزاولا، بالتزامن مع تدريبه استمر في الدراسة، فقد أكمل دراسات عليا في الحقوق وقد أدى امتحانات نقابة المحامين الفلسطينيين وكان من المفترض أن ينضم للنقابة ويصبح محاميا مزاولا في 30.9.2017 وهو الموعد المحدد لأداء القسم.
أما على الصعيد الاجتماعي، فقد تزوج صلاح من إلسا ليفورت، وهي فرنسية، وقد جاءت لتعيش معه في فلسطين منذ زواجهما.
بدأت ملاحقات صلاح ما بعد تحرره من الأسر من خلال تضييق الخناق عليه وعلى زوجته، حيث تم إعطاء إلسا تأشيرة دخول كسائحة لمدة 6 أشهر، وتم تأجيل الرد على طلب لم الشمل الذي قدمه صلاح لزوجته لكي تتمكن من العيش معه في القدس أو في أي مكان آخر في فلسطين، ومنذ زواجهما في العام 2014 رفضوا تجديد تأشيرة زوجته فاضطرت لعدم السفر لزيارة أهلها لكي لا تمنع من العودة، وحاولت طوال الفترة التقديم لتجديد تأشيرة الدخول وفي كل مرة كانت ترفض.
استمر ذلك حتى نهاية العام 2015 حيث حصلت إلسا من خلال عملها مع القنصلية الفرنسية في القدس على "تأشيرة عمل مع القنصلية" وكانت مدتها عاما كاملا من تشرين الأول 2015 وحتى تشرين الأول 2016.
قرر صلاح وإلسا السفر لبلدها لزيارة أهلها قبل أن يحين موعد الولادة حيث كانت حاملا في شهرها السادس، وقررا الذهاب في عطلة عيد الميلاد ورأس السنة، وعند عودة إلسا من إجازتها في فرنسا في 5.1.2016 تم حجزها في مطار بن غوريون وإعلامها أن هناك أمرا بمنعها من دخول فلسطين، وأن عليها العودة إلى فرنسا.
لم يرضخ صلاح وإلسا للأمر، وقدم صلاح استئنافا على قرار المنع، وتعينت الجلسة صباح اليوم التالي، احتجزت إلسا في هذه الفترة في غرفة توقيف في المطار، مسجونة بلا أي سبب، ممنوعة من التواصل مع أي أهل أو أقارب وممنوعة من رؤية زوجها الذي عاد للوطن قبلها بأيام، وتمت مصادرة أغراضها وهاتفها وكل أمتعتها وحجزها في غرفة وهي حامل في أشهرها الأخيرة دون أي رعاية صحية أو زيارات.
وقررت المحكمة رفض الاستئناف، وبعد يومين، تم ترحيل إلسا إلى فرنسا.
وبعد ترحيلها ومنعها من العودة، أصدرت سلطات الاحتلال قرارها برفض الطلب الذي كان قد قدمه بلمّ الشمل، استأنف صلاح على القرار، ورفض الاستئناف أيضا.
ومنذ ذلك الحين حتى اليوم وهي ممنوعة من العودة إلى فلسطين ومن الحياة مع زوجها بشكل طبيعي، فقد ولد ابنهما الأول في فرنسا، ومنذ ترحيلها وصلاح يضطر للسفر كل شهرين أو ثلاثة لرؤية زوجته وابنه والاطمئنان عليهما وقضاء بعد الوقت معهما كعائلة طبيعية، يعود بعدها للوطن ليعيش وحيدا، أعزب، بعيدا عن ابنه الذي بلغ الآن عاما ونصف العام، وبعيدا عن زوجته التي تنتظر في كل يوم أن يسمحوا لها بالعودة إلى فلسطين لتعيش كأي عائلة طبيعية.
وفي يوم 30/6/2020، وبينما كان صلاح يخرج من مركز صحي في الشيخ جراح بالقدس بعد إجرائه فحص كورونا تحضيراً لسفره لفرنسا للقاء زوجته وابنه، اعتقلته قوات الاحتلال للمرة الخامسة ونُقل إلى مركز تحقيق المسكوبية.
وقامت محكمة الصلح بتمديد اعتقاله لمدة 8 أيام لاستكمال التحقيق، ليتم الإفراج عنه يوم 7 تموز 2020 بشروط تتضمن منعه من التواصل مع بعض الأشخاص لمدة 90 يوماً، ودفع كفالة بقيمة 2000 شيكل، بالإضافة إلى كفالة شخصية وكفالة طرف ثالث بقيمة 1000 شيكل لكل واحدة، كما اشترط القرار على صلاح الحضور للتحقيق أو إلى جلسات المحاكم عندما يُطلب منه ذلك.
وبعد الإفراج عنه بشهرين، تحديداً بتاريخ 3/9/2020، اسُتدعي صلاح لمركز تحقيق المسكوبية وسُلّم إشعاراً بسحب إقامته المقدسية من قبل وزير داخلية الاحتلال.
وجاء الإشعار بادعاء أن صلاح ناشط في تنظيم محظور بموجب الأوامر العسكرية، وأنه معتقل سابق لعدّة مرات على "مخالفات أمنية" قضى في إحداها 7 سنوات، لافتا إلى أنه يمكن لصلاح تقديم ادعاءاته خلال 30 يوماً، ليتم فحصها ومن ثم إصدار القرار النهائي المتعلق بإقامته.
وأعادت سلطات الاحتلال اعتقال حموري بتاريخ 7/3/2022 بعد اقتحام منزله في كفر عقب، وأصدر القائد العسكري بحقه أمر اعتقال إداري لمدة 3 أشهر تنتهي بتاريخ 6/6/2022.
وقام القاضي العسكري الإسرائيلي بتثبيت أمر الاعتقال على كامل المدة، وفي اليوم المحدد للإفراج عنه، جرى تجديد أمر اعتقاله الإداري لمدة 3 أشهر أخرى تنتهي بتاريخ 5/9/2022 ثُبتت على كامل المدة.
وقام محامي صلاح بالاستئناف على أمر الاعتقال أمام محكمة الاستئناف العسكرية في "عوفر"، التي قامت بدورها برفض الاستئناف بتاريخ 4/8/2022 والإبقاء على أمر الاعتقال.
وجددت سلطات الاحتلال أمر الاعتقال الإداري بحق صلاح بتاريخ 5/9/2022 لمدة 3 أشهر تنتهي بتاريخ 4/12/2022، وقابلة للتجديد إلى أجلٍ غير مسمى.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف