استُشهد معلم ومقاوم من مخيم جنين، فجر أمس، وأصيب آخرون برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال اشتباكات مسلحة تعتبر الأعنف من نوعها أعقبت عملية اقتحام واسعة النطاق شنتها قوات الاحتلال استمرت لنحو ثلاث ساعات متواصلة وأصيب خلالها أحد جنود الاحتلال، وفقاً لما أفاد به متحدث باسم جيشه.

وأعلنت وزارة الصحة ومصادر طبية في مستشفى "ابن سينا" التخصصي بمدينة جنين، عن استشهاد الأسير المحرر أدهم محمد باسم جبارين (28 عاماً) وهو أحد أبرز مقاتلي "كتيبة جنين-سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وجواد فريد حسين بواقنة (58 عاماً) وهو معلم في مدرسة "حشاد" الثانوية، وكلاهما من مخيم جنين.

وفي التفاصيل عن بدء الاقتحام فإن معظم الآليات العسكرية الإسرائيلية تعمدت إطفاء أضوائها حتى وصلت إلى مشارف المخيم وبدأت بفرض حصار محكم عليه، فيما بدأت الجرافات بإزالة الحواجز الحديدية التي يضعها المقاومون على مداخله الرئيسة منذ عدة شهور، وسط اشتباكات مسلحة تعتبر الأعنف من نوعها منذ شهور طويلة.

وسرعان ما بدأت قوات الاحتلال بالتمركز على مشارف المخيم ونشرت فرق القناصة من جنودها على أسطح عدد من المنازل والبنايات المطلة على المخيم من كل الجهات، فيما تسللت وحدات إسرائيلية خاصة من "المستعربين"، إلى بناية سكنية تقع على مدخل المخيم، واقتحمت عدة شقق فيها واحتجزت ساكنيها واستولت على هواتفهم النقالة، وعرف من بين أصحابها المواطنان عاكف سمودي، ومحمد صعابنة.

وقال أمين سر حركة فتح في إقليم جنين عطا أبو ارميلة، إن الشهيد جبارين أصيب برصاص قناص في صدره في ساحة المخيم وتحديداً على مقربة من العيادة الصحية التابعة لوكالة الغوث الدولية.

وأضاف أبو ارميلة وشهود عيان، إن الموقع الذي أصيب به الشهيد جبارين يقع مقابل منزل الشهيد بواقنة والذي حاولت كريمته الوصول إلى الشهيد وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لكنها لم تتمكن من ذلك، وعندما حاول والدها الوصول إليه وهو على بعد عدة أمتار من منزله، أطلق قناص إسرائيلي الرصاص عليه فأصابه بعيار ناري في صدره، ما أدى إلى استشهاده.

ومن جهته قال فريد بواقنة ابن جواد بواقنة لوكالة فرانس برس "قُتل والدي بالرصاص أثناء محاولته نقل جثمان جبارين".

وأضاف "اتصل بي والدي من الطابق العلوي للمنزل، وطلب مني النزول من البيت لأن هناك شاباً استشهد بالقرب من باب منزلنا وأراد أن نجره معاً".

وأوضح "نزلنا معًا وسحبنا الشهيد مسافة أربعة الى خمسة أمتار وإذا برصاصة اخترقت جسد أبي".

ومنعت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف من الدخول إلى المخيم لتقديم العلاج ونقل المصابين إلى المستشفيات، ما اضطر الأهالي لنقل الشهيدين جبارين وبواقنة إلى مستشفى "ابن سينا" بواسطة مركبات خاصة.

وعلى مدار نحو ثلاث ساعات متواصلة، اندلعت اشتباكات مسلحة بشكل متواصل، ما أدى إلى ارتقاء الشهيدين جبارين وبواقنة، وإصابة ثلاثة شبان بالرصاص الحي في مناطق البطن والفخذ والكتف، ووصفت حالتهم بأنها مستقرة.

ووصف الشهود، عملية الاقتحام هذه بأنها الأكبر التي يتعرض لها مخيم جنين منذ عدة شهور كانت خلالها عمليات الاقتحام تتركز على مشارفه والمناطق المجاورة له دون أن تتمكن قوات الاحتلال من الدخول إلى المخيم في ظل تواجد عشرات المقاومين ممن يتحصنون بداخله.
واعتقلت قوات الاحتلال خلال اقتحامها المخيم الشبان حسن أحمد الزغل، وشرف أحمد خنفر أبو الشريف، والشقيقين أوس وهاني خالد أبو زينة، ومالك محمود استيتي.

استهداف المستشفى
وأكد الدكتور وسام بكر مدير مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي، أن قوات الاحتلال استهدفت مكتب التمريض وغرفة الأطباء في المستشفى، وتعمدت إطلاق النار باتجاههما.

وقال بكر، إن رصاص الاحتلال اخترق نوافذ غرفة غيار تمريض الأطفال، وغرفة الاجتماعات الخاصة بأطباء الأطفال، إلا أن العناية الإلهية حالت دون وقوع إصابات في صفوف المرضى الأطفال والطواقم الطبية والصحية.

ودانت وزيرة الصحة الدكتورة مي الكيلة في بيان صحافي، استهداف قوات الاحتلال، المستشفى، وتهديد حياة المرضى.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي، إصابة أحد جنوده بنيران فلسطينية خلال عملية الاقتحام.
وأفاد بيان للجيش بأن إصابة الجندي طفيفة وتم نقله إلى المستشفى وإخبار عائلته بذلك، مضيفاً إنه تم رصد إصابات، دون تحديد ماهية ونوعية تلك الإصابات.

وادعى أن قوات الاحتلال عثرت على سلاح من نوع "M-16" وصادرته، وعلى عدد كبير من قطع السلاح والمعدات العسكرية والعبوات الناسفة والذخيرة خلال عملية الاقتحام.

تشييع حاشد
وفي وقت لاحق، شيعت جماهير غفيرة من محافظة جنين، جثماني الشهيدين جبارين وبواقنة إلى مثواهما الأخير في مقبرة "شهداء ملحمة نيسان" والتي استحدثها أهالي مخيم جنين في الجهة الغربية منه في أعقاب معركة نيسان 2002.

وانطلق موكب التشييع، من أمام المستشفى وجاب المشاركون فيه يتقدمهم عشرات المقاومين شوارع المدينة التي شهدت إضراباً شاملاً دعت إليه القوى الوطنية والإسلامية حداداً على روحَي الشهيدين.

ورفع المشيعون، جثمانَي الشهيدين على الأكتاف وسط إطلاق هتافات تندد بجرائم الاحتلال وتدعو إلى استعادة الوحدة الوطنية، وعادوا إلى المخيم حيث توقفوا بداية أمام منزل الشهيد بواقنة وبعده أمام منزل الشهيد جبارين، حيث ألقت عائلتا الشهيدين نظرة الوداع الأخيرة على جثمانيهما الطاهرين اللذين أدى المشيعون صلاة الجازة عليهما قبل مواراتهما الثرى.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف