ارتكبت قوات الاحتلال، أمس، مجزرة في مخيم جنين راح ضحيتها تسعة شهداء من بينهم شقيقان وسيدة و20 مصاباً على الأقل من بينهم أربعة في حال الخطر الشديد، خلال اجتياح واسع النطاق شنته بمشاركة المئات من جنودها والعشرات من الآليات العسكرية والجرافات، وقصفت خلاله بالصواريخ المضادة للدروع منزلاً، وألحقت دماراً كبيراً بمركز الشباب الاجتماعي المستخدم لإقامة بيوت العزاء للشهداء.
وقال شهود عيان، إن هذا الاجتياح يعتبر الأشد من نوعه منذ نحو 21 عاماً وتحديداً بعد ملحمة مخيم جنين في نيسان العام 2002، حيث تحول المخيم إلى ساحة حرب وسط اشتباكات مسلحة غير مسبوقة وحرب شوارع بين عشرات المقاومين وقوات الاحتلال.
وكان الشهيد عز الدين صلاحات، أول من اكتشف الوحدات الإسرائيلية الخاصة في اللحظات الأولى لتسللها إلى المخيم عند السابعة صباحاً بشاحنة بيضاء اللون، فأطلق النار من سلاح آلي كان بحوزته صوب أفراد تلك الوحدات واشتبك معها قبل أن يتمكن أفرادها من إصابته فارتقى شهيداً على الفور.
وفي تلك اللحظات، بدأت قوات كبيرة من جيش الاحتلال معززة بعشرات الآليات العسكرية وجرافات باقتحام المخيم من كل المحاور وسط اشتباكات مسلحة ومواجهات عنيفة أعادت إلى الأذهان كثيراً من تفاصيل الاجتياح المدمر الذي تعرض له المخيم في نيسان العام 2002.
وتركز العدوان بداية في حي "جورة الذهب" بالمخيم، حيث حاصرت القوات الخاصة منزل الشهيد علاء الصباغ، ودارت اشتباكات مسلحة عنيفة مع مجموعة مقاومين تحصنوا داخل المنزل الذي قصفته قوات الاحتلال بصواريخ مضادة للدروع، ما أدى إلى استشهاد ثلاثة مقاومين، واعتقلت قوات الاحتلال مقاوماً رابعاً من خلية تابعة لحركة الجهاد الإسلامي، بحسب ادعاء الجيش.
وأجمعت مصادر عدة في المخيم، أن اقتحام المخيم بدأ باستخدام أسلحة كاتمة للصوت لاستهداف مقاومين من كتيبة برقين، لكن كشف أمر القوات الخاصة سريعاً أدى لاشتباكات واسعة مع المقاومين في المخيم.


تعقيب حركة "الجهاد"
وقال مصدر مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي، إن هدف العملية كان مقاومين من كتيبة برقين كانوا في بيت الشهيد الصباغ استشهد ثلاثة منهم، وكان من الصعب التعرف إلى هوية اثنين منهم بسبب الإصابات الجسيمة التي أصيبا بها وتفحم جسد أحدهما.
وتابع: "دخل الاحتلال في عملية تمويه من محورين الأول عبر شاحنة موسومة تجارية على أنها لتوزيع الألبان، ومحور آخر عبر مركبات مدنية للتمويه والتغطية في حال انكشاف أمرهم، لكن المقاومين كشفوا أمر القوات الخاصة من الدقيقة الأولى".
وأضاف: "لقد طور الاحتلال أساليبه، حيث تم الاقتحام وإطلاق النار في الساعات الأولى بأسلحة معززة بكواتم صوت حتى لا تتوسع المعركة في مخيم جنين وينخرط المقاومون في أنحاء المخيم في الاشتباك".


دمار واسع
واستمرت الاشتباكات المسلحة بوتيرة عالية على مدار نحو أربع ساعات متواصلة وخلفت دماراً في البنية التحتية للمخيم، ودمرت خلالها مبان ومركبات، حيث بدا الدمار في كل مرافق المخيم الذي شوهد فيه عدد كبير من المركبات التي تعمدت جرافات الاحتلال تدميرها.
وقال المواطن عاصم مسلم، من مخيم جنين: "المشهد في المخيم يعيدنا إلى العام 2002، حين تعرض المخيم لعملية عسكرية واسعة أسفر عنها ارتقاء أكثر من خمسين شهيداً وهدم غالبية منازله، وعلى مدار أربع ساعات لم تتوقف أصوات الرصاص والتفجيرات، فالمخيم شهد معركة حقيقية".
أما المواطنة زاهدة السولمي وهي شاهدة عيان فقالت: "عند السابعة استفقنا على وصول قوة خاصة إلى المخيم عبر مركبة ثلاجة لنقل الألبان، وحاصرت منزلاً فتحت النار عليه وأطلقت صواريخ باتجاهه، وانتشلت الطواقم الطبية ما لا يقل عن ثلاثة جثامين من داخله بعد انسحاب قوات الاحتلال".
وقطعت قوات الاحتلال التيار الكهربائي عن المخيم، ومنعت طواقم الإسعاف والصحافيين من دخوله، واستهدفت مركبة إسعاف بشكل مباشر بإطلاق النار عليها.
وروى شهود عيان، أن القوة الخاصة تعرضت لكمين مسلح، ما أدى إلى وقوع إصابات مباشرة في صفوف جنود الاحتلال.
من جهته، وصف مدير مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي الدكتور وسام بكر ما تعرض له المخيم بمثابة مجزرة مروعة بكل ما تعني الكلمة من معنى حيث تعمدت قوات الاحتلال إطلاق النار على الأجزاء العلوية من أجساد الشبان بقصد القتل، وكانت هناك جثامين محترقة ومشوه المعالم.


استهداف مستشفى جنين
وقالت وزيرة الصحة الدكتورة مي الكيلة إن الوضع في مخيم جنين كان حرجا للغاية، وإن الوزارة أبلغت من الهلال الأحمر بوجود إصابات عديدة يصعب إنقاذها وإخلاؤها.
وبينت الكيلة، خلال مؤتمر صحافي عقد في مجمع فلسطين الطبي برام الله، أن الاحتلال أعاق ومنع دخول مركبات الإسعاف إلى داخل مخيم جنين لإنقاذ الجرحى، وأطلق النار صوبها ما تسبب بإصابة إحداها، وأطلق بشكل متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه قسم الأطفال في المستشفى الحكومي، ما أدى إلى إصابة أطفال بحالات اختناق.
وتابعت الكيلة إن الاحتلال اقتحم مستشفى جنين الحكومي، وأطلق بشكل متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدى لإصابة أطفال مرضى وذويهم وطواقم طبية بحالات اختناق.

قائمة الشهداء
عز الدين ياسين جمعة صلاحات (22 عاماً) من مخيم جنين، وعبد الله مروان جمعة الغول (18 عاماً)، وماجدة عبد الفتاح محمود عبيد (61 عاماً)، ووسيم أمجد عارف جعص (22 عاماً) من مخيم جنين، وصائب عصام محمود زريقي (24 عاماً) من جنين، ومعتصم محمود أحمد أبو حسن (40 عاماً) من بلدة اليامون غرب جنين، والشقيقان محمد (28 عاماً) ونور سامي محمد غنيم (25 عاماً)، ومحمد محمود محمد صبح الملقب بـ "الشقي" (30 عاماً) من بلدة برقين غرب جنين.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف