أسفرت الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية التونسية عن نسبة مشاركة منخفضة كالتي شهدتها الجولة الأولى في كانون الأول، مع إعلان منتقدي الرئيس قيس سعيّد أن مراكز الاقتراع شبه الفارغة تعكس استياء الرأي العام من سيطرته على سلطات واسعة.
وأظهرت الأرقام الأولية أن نسبة المشاركة بلغت 11.15 في المئة، بحسب ما قاله محمد التليلي المنصري المتحدث باسم هيئة الانتخابات للتلفزيون الرسمي.
وكانت نسبة المشاركة متدنية للغاية مقارنة مع 11.2 في المئة في الجولة الأولى من الانتخابات في كانون الأول.
ويمثل البرلمان المشكل حديثاً والأقل أهمية بكثير من سابقه عنصراً محورياً في النظام السياسي الذي طبقه سعيّد العام الماضي، بعد سيطرة على السلطة في تموز 2021 منحت الرئاسة نفوذاً بلا قيود تقريباً.
وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها الساعة السادسة مساء (17:00 بتوقيت غرينتش).
وقال نجيب الساحلي (40 عاماً) وهو يمر بجوار مركز اقتراع في حي التحرير بتونس، في ساعة مبكرة من صباح أمس: "لا أنا لست مهتماً".
وشكك مراقبون مستقلون للانتخابات، بما في ذلك جماعة (مراقبون) المحلية، في الإحصاءات الرسمية لنسبة الإقبال، واتهموا الهيئة بحجب البيانات التي يعتمدون عليها لمراقبة نزاهة الانتخابات.
ونفت الهيئة، التي تولى سعيّد السلطة النهائية عليها العام الماضي، حجب الأرقام وقالت: إن مسؤولي مراكز الاقتراع كانوا مشغولين للغاية بحيث لا يمكنهم التعاون مع المراقبين.
واتهمت جماعات معارضة سعيّد بالقيام بانقلاب لحله البرلمان السابق عام 2021، وتقول: إنه دمر الديمقراطية التي نشأت بعد ثورة تونس 2011 التي أطلقت شرارة "الربيع العربي".
ويقول الرئيس: إن إجراءاته قانونية وضرورية لإنقاذ تونس من الفساد والتدهور الاقتصادي على مدى سنوات على يد نخبة سياسية لا يهمها سوى مصالحها الذاتية.
وعلى الرغم من إقرار دستوره الجديد في استفتاء العام الماضي، لم يشارك في التصويت سوى 30 في المئة فقط من الناخبين.
ووصفت الناشطة المعارضة شيماء عيسى، التي قادت احتجاجات ضد سعيّد وتواجه محكمة عسكرية بتهمة إهانة الرئيس، الانتخابات بأنها "انتخابات أشباح".

أزمة اقتصادية
قال صحافي من رويترز: إنه لم يظهر أي ناخبين خلال الدقائق العشرين التي قضاها داخل مركز اقتراع بحي التضامن في العاصمة تونس.
وفي مركز اقتراع آخر بحي التضامن، قال أحدهم ويُدعى رضا: إنه سيصوت تأييداّ لسعيّد على الرغم من الدور المحدود الذي سيلعبه البرلمان.
وتابع: "نعم أصوت ليس لأني أنتظر شيئاً من البرلمان، بل دعماً للرئيس قيس سعيّد".
وأضاف: "إنه رجل نظيف يحارب منظومة فاسدة".
وفي مقهى بحي التحرير كان منجي العيوني الوحيد الذي قال: إنه قد يدلي بصوته من بين سبعة رجال يشربون القهوة.
وأضاف: "لا أدري ربما أذهب لاحقاً. لست متأكداً أنه سيتغير شيء".
وقال رجل آخر يُدعى عماد: "لا، لن أقترع. الرئيس يقرر كل شي لوحده ولا يهتم بنا. أنا أيضاً لا أهتم به ولا بانتخاباته".
وزاد الشعور بالإحباط من السياسة في تونس بسبب الأزمة الاقتصادية الآخذة في التفاقم، والتي أفضت إلى نقص في بعض الأغذية والأدوية ودفعت الحكومة إلى السعي للحصول على دعم مالي دولي.
وقالت حسناء التي كانت تتسوق في حي التضامن، أمس: "لا نريد انتخابات. نريد الحليب والسكر وزيت الطهي"، في إشارة إلى سلع غذائية مفقودة من رفوف المتاجر.
وخفضت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية تصنيف الدين التونسي، الجمعة الماضي، قائلة: إن البلاد ستتخلف على الأرجح عن سداد قروض سيادية.
ومنذ جولة كانون الأول، زاد التلفزيون الرسمي من التركيز على تغطية انتخابات الإعادة. وقالت المعارضة: إن هذا يأتي في إطار جهود الدولة لزيادة الإقبال على التصويت.
وقال عصام الشابي، وهو زعيم حزب سياسي: "هذا سقوط من العلو الشاهق. إنهم يتسترون على نسب الإقبال"، مشيراً إلى ما يعتبره انهياراً للديمقراطية التونسية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف