المزايا العمالية أمام القضاء ودور النقابات

خص المشرع الفلسيطيني قانون العمل بمجموعة من المميزات منها ما يتعلق بمرونة قواعده حيث يختلف حسب الأحوال والأشخاص، فنجده من حيث جنس العامل ذكراً كان أم أنثى ينظم شروط العمل ويضع تمييز وحماية حيث أفرد باباً لتنظيم عمل النساء، وبذات الوقت تعاطى مع العمر أي سن العامل أن كان حدث تنظم ساعات عمله بساعات أقل وإجازات أكثر وأيضاً خصه في الباب السادس ونظمه من خلال عمل الأحداث بقواعد قانونية تكفل شروط عمل أفضل وقيود صارمة على عمل الأحداث.

تتسع مرونة وواقعية قانون العمل بكثرة التشريعات الفرعية والتي تُعنى بأمور تفصيلية كإتفاقيات العمل الجماعية والسلطة التنظيمية لصاحب العمل ونجدها تتغير أيضاً حسب جنسية العامل أن كان وطني أو أجنبي وحسب أحوال صاحب العمل وحجم منشأته وعدد العاملين بها، كذلك حسب طبيعة العمل إذا كانت أعمال خطرة أم لا وهذه الواقعية والمرونة ترتبط بالأهمية الإجتماعية لقانون العمل حيث ينظم الإجازات بأنواعها سواء المرضية أو الوفاة والسنوية وساعات الراحة، رُبط ذلك كله بقواعد آمرة لا يجوز مخالفتها ويترتب عليها بأن قواعد قانون العمل تشكل الحد الأدنى لحقوق العمال ولا يجوز الأتفاق على ما يخالفها وأن أي تنازل من العامل عن أي من حقوقه عند إبرام عقد العمل وأثناء سريانه يقع باطلاً ولا أثر قانوني له وهذه الإمتيازات وضعت لتكفل الإستقرار في علاقات العمل وللحد من أي تعسف أو إنتهاك لحقوق العاملين كطرف ضعيف في معادلة الاقتصاد مقارنة بأصحاب رأس المال وأن حقوق العمال وأجورهم تعتبر ديون ممتازة لإرتباطها بمعيشتهم وتنعكس على أسرهم ولمزيد من الحماية جاء قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000 في الباب الأول تعريفات وأحكام عامة أشار إلى المحكمة المختصة وهي المحكمة المختصة بالقضايا العمالية، وهذا يؤكد قصد المشرع بضرورة وجود محكمة تنظر في نزاعات العمال على وجه السرعة على أعتبار أنها حقوق مصانة وواجبة الأداء الفوري ضمن الإلتزام الجوهري والواقع على عاتق صاحب العمل، في مقابل الإلتزام الرئيسي والجوهري على العامل بأداء العمل تحت إدارة وإشراف صاحب العمل.

حرصاً من المشرع على حقوق العاملين منحهم ميزة مجانية وسرعة نظر القضايا العمالية أمام القضاء وفي حال غموض النص أو الشك في مقاصد المشرع تفسر قواعد قانون العمل لمصلحة العامل سواء كان دائن أو مدين على عكس القواعد العامة، للتخفيف من الأعباء على العمال نتيجة أوضاعهم وظروف عملهم حقوقهم نظم لجان الرقابة والتفتيش والتوفيق العمالية من خلال وزارة العمل لحماية الحقوق، في حال تعذر ذلك ولضمان توجههم للقضاء لفض النزاعات العمالية أورد نصاً صريحاً في المادة الرابعة من قانون العمل بإعفاء الدعاوى العمالية من الرسوم وهذا الإمتياز جاء حصراً لصالح العمال "يعفى العمال من الرسوم القضائية في الدعاوة العمالية التي يرفعونها نتيجة نزاع يتعلق بالأجور أو الإجازات أو مكافأت نهاية الخدمة أو بالتعويضات عن أصابة العمل أو بفصل العامل فصلاً تعسفياً" وبعد ما يقارب ربع قرن من هذا النص القانوني الصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني بعد عدة قراءات يُطل مجلس القضاء الأعلى بتطبيق جدول رسوم المحاكم الصادرعن مجلس الوزراء دون الدفاع عن أستقلاليته، في مخالفة واضحة لأحكام وروح القانون عبر لوائح تنفيذية، لدرجة أن طلب إلزام الخصم تقديم ما تحت يده من بينات يلزم العامل بدفع رسوم بقيمة ألف شيكل وهو مرتبط بدعوة عمالية معفاة أصلاً من الرسوم.

هذا الأمر يستدعي من ممثلي العمال والإتحادات النقابية والكتل النقابية رفع الصوت عالياً دفاعاً عن الإمتيازات العمالية والتي تشكل ميزة لصالح العمال في قانون العمل الفلسطيني وأكثر من ذلك الضغط لإلزام مجلس القضاء الأعلى لتشكيل محاكم عمل مختصة سنداً لأحكام القانون.

إبراهيم ذويب

عضو تجمع المحامين الديمقراطيين في الضفة الغربية

محاضر جامعي مختص في التشريعات الاجتماعية

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف