أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، مساء أمس، إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، وذلك في بيان صدر عن مكتب نتنياهو، في أعقاب الضغوطات التي مارسها غالانت، خلال الأيام الماضية، لإقناع نتنياهو بتعليق التشريعات الرامية لإضعاف الجهاز القضائي، في محاولة للتوصل إلى تسوية مع المعارضة.
ويكون نتنياهو بذلك قد خضع لرغبة شركائه في الائتلاف، وأعضاء الكنيست الجدد، والقيادات الصاعدة في الليكود، الذين يصرون على مواصلة التشريعات القضائية خلافاً لتوصية الأجهزة الأمنية، وأفادت هيئة البث الإسرائيلية "كان 11" بأن نتنياهو ناقش إقالة غالانت مع وزير القضاء، ياريف ليفين، الذي اعتبر أن هذه الخطوة باتت ضرورية.
ومن المقرر أن يصوّت المشرعون الإسرائيليون على بنود أساسية في مشروع تعديل النظام القضائي، خلال الأسبوع الحالي، لا سيما آلية تعيين القضاة.
وفي خطوة استثنائية، قررت هيئة أركان الجيش الإسرائيلي عقد جلسة، اليوم، لبحث التداعيات الأمنية لإقالة غالانت، علماً أن الأصوات تتعالى داخل قيادات الجيش للمطالبة بوقف تشريعات مخطط إضعاف القضاء، في ظل تداعياته السلبية على كفاءة الجيش الإسرائيلي.
وفي أعقاب إقالة غالانت، انتشر المتظاهرون في شوارع مدن مركزية في إسرائيل، من بينها تل أبيب وحيفا وبئر السبع، وأغلق متظاهرون مسالك شارع أيالون في تل أبيب بعد أن تجمعوا في محيط مقر وزارة الأمن (الكرياه) وجابوا شوارع المدينة، للتعبير عن رفضهم للخطوة التي أقدم عليها نتنياهو.
وسرعان ما تجمع آلاف المتظاهرين حول مقر إقامة نتنياهو في القدس، وأشعلوا الإطارات المطاطية، فيما نصبت الشرطة الإسرائيلية حواجز لمنع اقتحام المنزل، وسط تدفق متواصل للمتظاهرين إلى مراكز الاحتجاج في المدن الإسرائيلية، وعلى رأسها تل أبيب.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن عدد المتظاهرين في الشوارع الإسرائيلية، مساء أمس، بلغ 500 ألف متظاهر، خرجوا تلقائياً دون تنسيق مسبق في أعقاب الإعلان عن إقالة غالانت، فيما اعتبر مسؤولون في الائتلاف أن نتنياهو ارتكب "خطأ إستراتيجياً" بإقدامه على إقالة غالانت.
وبحسب التقارير التي أوردتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن نتنياهو استدعى غالانت إلى مكتبه، وأبلغه أنه "فقد ثقته به"، وذلك بعد أن جاهر غالانت في الآونة الأخيرة بمعارضته لخطة نتنياهو المثيرة للجدل لإضعاف الجهاز القضائي، والإعلان عن ذلك خلال تواجد نتنياهو في لندن، أول من أمس.
وتعتبر خطوة نتنياهو إنذاراً واضحاً لجميع الوزراء وأعضاء الائتلاف، وكذلك قادة الأجهزة الأمنية الذين يرون ضرورة وقف الجهود الرامية لإضعاف جهاز القضاء، بسبب تأثيرها السلبي على الجيش الإسرائيلي، وذلك مع اتساع دائرة رافضي الخدمة العسكرية من ضباط في قوات الاحتياط، وتسرب حالة الرفض هذه إلى القوات النظامية.
وتثير خطوة نتنياهو مخاوف الأوساط الأمنية في إسرائيل، خصوصاً أن المخاوف التي عبّر عنها غالانت والتي دفعته للمطالبة بتعليق تشريعات إضعاف القضاء، تعبّر كذلك عن موقف قادة الأجهزة الأمنية في إسرائيل، بمن فيهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، ورئيس "الموساد" دافيد برنياع، ورئيس "الشاباك" رونين بار.
وكانت مصادر مقربة من نتنياهو، الذي عاد فجر أمس من لندن ولم يتطرق إلى تصريحات غالانت الذي طالب بوقف دفع تشريعات خطة إضعاف القضاء وإجراء حوار مع معارضي الحكومة، قد أفادت بأنه في حال صوّت غالانت ضد التشريعات، فإنه لن يتمكن من البقاء في منصبه.
ولم يذكر البيان الصادر عن مكتب نتنياهو سبب الإقالة، في حين قال مقربون من نتنياهو: إنه أقال غالانت بسبب "تعامله الضعيف" مع رافضي الخدمة العسكرية، احتجاجاً على خطة إضعاف الجهاز القضائي، وغرد نتنياهو في أعقاب الإقالة على "تويتر" قائلاً: "يجب علينا جميعاً أن نقف بقوة ضد الرفض"، في إشارة إلى رفض الخدمة في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وأيد أعضاء الكنيست من حزب الليكود، يولي إدلشتاين، وآفي ديختر، ودافيد بيتان، غالانت وطالبوا بوقف التشريعات. إلا أن ديختر وبيتان سيصوتان ويؤيدان تشريعات الخطة القضائية، وأبلغا بذلك مكتبَي نتنياهو ووزير القضاء ياريف ليفين، فيما يرجح ألا يؤيد غالانت وإدلشتاين الخطة.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تم اقتراح منصب وزير الدفاع على آفي ديختر، رئيس "الشاباك" الأسبق، بهدف ضمان تأييده للخطة القضائية. وأفادت صحيفة "يسرائيل هيوم" بأن غالانت طالب نتنياهو بعقد اجتماع للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) من أجل استعراض "المخاطر الأمنية" في حال المصادقة على الخطة القضائية.
وصباح أمس، أعلن رئيس لجنة الأمن والخارجية في الكنيست، إدلشتاين تأييده لموقف غالانت، ودعا إدلشتاين، في تصريح لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إلى وقف تشريعات الخطة القضائية، وألمح إلى أنه لن يدعم التصويت على تغيير تشكيل لجنة تعيين القضاة.
وأشار إدلشتاين إلى أنه عقد جلسة في اللجنة البرلمانية للاستماع إلى موقع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، وغيره من المسؤولين الأمنيين، بشأن التشريعات القضائية، وقال: إنه لم يتفاجأ من أن يكون غالانت هو الذي دعا إلى محاولة الوصول إلى اتفاق واسع وحوار مع المعارضة "لأن الصورة التي يراها غالانت معقدة".
وأشارت تقارير إلى أن غالانت سيشارك في الجلسة، علماً أن إقالته تدخل حيّز التنفيذ بعد 48 ساعة من إبلاغه رسمياً بها.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤولين في الليكود تقديراتهم بأن إدلشتاين سيقال قريباً من منصبه، مشددين على أن الائتلاف لديه أغلبية في تشكيلة اللجنة.
كما دعا وزير الزراعة آفي ديختر إلى وقف مساعي إقرار خطة "إصلاح القضاء" إلى ما بعد الأعياد اليهودية القريبة. وقالت تقارير إسرائيلية: إن ديختر أبلغ نتنياهو ووزراء الليكود، خلال الأيام الأخيرة، بأن "الخلاف عميق" و"لن يكون هناك طريق للعودة"، إذا لم يوقفوا حزمة التشريعات المثيرة للجدل.
ومعلقاً على تصريح غالانت، قال عضو الكنيست دافيد بيتان: إنه "كما قلت قبل أسابيع، يجب وقف التشريع والتوصل إلى مفاوضات فورية واتفاقات واسعة النطاق"، بحسب موقع "واللا" العبري.
وانتقد زعيم المعارضة يائير لابيد، قرار نتنياهو، معتبراً أنه "مستوى منخفض جديد بالنسبة للحكومة المعادية للصهيونية التي تضر بالأمن القومي وتتجاهل تحذير جميع المسؤولين الأمنيين"، مضيفاً: إن بإمكان نتنياهو إقالة غالانت، لكنه لا يستطيع إطلاق النار على الواقع، ولا يمكنه إطلاق النار على شعب إسرائيل الذي يقف في وجه جنون الائتلاف"، متابعاً: "رئيس حكومة إسرائيل يشكل خطراً على أمن دولة إسرائيل".
بينما علّق زعيم "المعسكر الرسمي" ووزير الدفاع الإسرائيلي سابقاً بيني غانتس على إقالة غالانت، قائلاً: "نحن نواجه خطراً واضحاً وفورياً وملموساً على أمن إسرائيل. خطر شديد. الليلة وضع نتنياهو السياسة ونفسه فوق الأمن. أنا أؤيد غالانت الذي يضع أمن البلاد فوق المصالح".
كما علّق عضو الكنيست جدعون ساعر على قرار نتنياهو، معتبراً أنه "عمل جنوني"، وأن نتنياهو "مصمم على دفع إسرائيل نحو الهاوية، وكل يوم يبقى فيه برئاسة حكومة إسرائيل فإنه يعرضها ومستقبلها للخطر"، حسب قوله.
وقال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا "ووزير المالية السابق أفيغدور ليبرمان: "اختار نتنياهو طريق كل الطغاة. إن إقالة غالانت يجب أن تكون إنذاراً حقيقياً لجميع أعضاء الائتلاف. لن أتفاجأ إذا كانت الخطوة التالية لنتنياهو هي إقالة رئيس الأركان هرتسي هليفي".
بينما قالت زعيمة حزب العمل ميراف ميخائيلي: "الآن أكثر من أي وقت مضى نتنياهو يشكل خطراً شديداً على إسرائيل".
بدوره، ذكر الصحافي الإسرائيلي آفي يسخاروف أن رئيس الحكومة نتنياهو يضحّي بأمن إسرائيل من أجل إدامة حكمه، لهذا الحد وصلنا".
من جهته، قال الكاتب والمحلل الكبير يوسي ميلمان: "أصيب نتنياهو بالجنون، كان أولمرت وكثيرون آخرون محقين في تشخيصهم له بأنه مجنون".
في المقابل، رحب إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي بقرار نتنياهو وهنأه عليه، وقال: "يجب إنفاذ الإصلاحات القضائية الآن. كل من يستسلم لرافضي تأدية الخدمة العسكرية يجب إقالته فوراً، كائناً من كان".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف