قضت المحكمة العليا الإسرائيلية، أمس، بعدم طرد عائلة سمرين من منزلها في بلدة سلوان في القدس الشرقية المحتلة بعد معركة قضائية استمرت أكثر من 32 عاماً.
العائلة خاضت على مدى 3 عقود معركة قضائية ضد الصندوق القومي اليهودي وما يسمى حارس أملاك الغائبين وجمعية "العاد" الاستيطانية التي سعت جميعاً للاستيلاء على منزل العائلة لتوسيع مستوطنة "عير دافيد" في سلوان
ورفضت العائلة، المكونة من 18 فرداً، على مدى 32 عاماً الخروج من منزلها الذي أقامته في سنوات الخمسينيات مفشلة بذلك سلسلة طويلة من المحاولات التي بذلتها جمعية "العاد" الاستيطانية ومعها الصندوق القومي اليهودي وما يسمى حارس أملاك الغائبين.
وقال المحامي محمد دحلة لـ "الأيام": "بعد نضال قانوني في المحاكم امتد 32 عاماً نجحت عائلة سمرين في رد دعوى شركة هيمنوتا الاستيطانية ومن خلفها جمعية "العاد" الاستيطانية بإخلائها من منزلها الواقع في منطقة استراتيجية بجوار مستوطنة "عير دافيد" في سلوان".
وأضاف: "نحن نتحدث عن منزل كبير مقام على قطعة أرض كبيرة ولمستوطنة "عير دافيد" مطامع كبيرة في هذه الأرض لتوسعة المستوطنة ولهذا السبب لم يدخروا جهداً ولا مالاً ولا محامين ولا عتاداً من أجل الاستيلاء على المنزل".
ولفت إلى أن المعركة القانونية بدأت في أواخر الثمانينيات عندما قام ما يسمى حارس أملاك الغائبين بالإعلان عن موسى سمرين، المالك الأصلي للأرض والمنزل، أنه غائب وإثر ذلك قام ما يسمى حارس أملاك الغائبين بتسجيل العقار باسم ما تسمى شركة التطوير الإسرائيلية.
شركة التطوير الإسرائيلية أبرمت لاحقاً صفقة تبادل أراضٍ مع شركة هيمنوتا الاستيطانية التابعة للصندوق القومي اليهودي وبموجبها حصلت شركة التطوير على أرض في منطقة كفر قرع وأم الفحم بالمثلث وبالمقابل حصلت هيمنوتا على قطعة الأرض التي تسكن فيها عائلة سمرين.
وقال دحلة: في أول قضية أقيمت ضد عائلة سمرين لإخلائها من المنزل العام 1991، تبين أن موسى سمرين لم يكن غائباً وأن إعلانه كغائب كان مبنياً على خطأ لأن موسى عاش ومات في القدس وكان يحمل الهوية المقدسية وبالتالي فإن الإعلان عنه كغائب كان مجافياً للحقيقة وهدفه السيطرة على العقار، وبعد أن استمعت المحكمة إلى الشهادات بهذا الخصوص ورأت المستندات قالت إنه يجب إلغاء هذا الإعلان وهذا وحده كان يكفي في حينه لرد دعوى الإخلاء ضد عائلة سمرين".
واستدرك: "ولكن حارس أملاك الغائبين وشركة هيمنوتا لم يكتفوا بهذا القدر وعاد حارس أملاك الغائبين وقال إن موسى كان بالفعل يحمل الهوية المقدسية ولم يكن غائبا ولكنه توفي العام 1983 وبوفاته فإن أولاده الذين يسكنون خارج الوطن وتحديداً في الأرض هم غائبون وبالتالي أعلن أنه يصدر شهادة معدلة بموجبها أعلن عن العقار لغائبين وسيبقى تحت تصرفه وسينقله إلى شركة هيمنوتا".
وأضاف: "استمروا مرة أخرى بإجراءات إخلاء عائلة سمرين من المنزل، والتي قدمت بدورها عدة إثباتات بما في ذلك أن المرحوم محمد سمرين، والذي هو حفيد أخ موسى، كان يعيش مع موسى في المنزل منذ طفولته وكان يرعى الحاج موسى ويبدد وحدته ورافقه محمد منذ طفولته وإلى أن تزوج وأنجب أولاده في المنزل وعاشوا جميعاً مع موسى كعائلة واحدة، وبالتالي اقتنعت المحكمة في حينه بأن موسى سمرين، المالك الحقيقي والأصلي للعقار، أعطى محمد وزوجته وأولاده وأفراد عائلته الإذن والحق بالسكن في هذا المنزل طوال حياتهم، استناداً إلى هذا أصدرت المحكمة قراراً في حينه ردت بموجبه دعوى الإخلاء الأولى ضد عائلة سمرين".
وتابع دحلة: "لاحقاً كانت هناك دعاوى بشأن الملكية بين عائلة سمرين وبين شركة هيمنوتا وحاولت العائلة أن تستعيد الملكية كاملة في العقار وليس فقط الحق بالسكن فيه ولكن هذه الدعوى لم تنجح في حينه في المحكمة المركزية وبعد أن فشلت هذه المحاولة عادت شركة هيمنوتا وأقامت العام 2005 دعوى ضد محمد سمرين وزوجته أمل ولاحقاً ضد أولاده لإخلائهم من المنزل ومطالبتهم بدفع مبلغ 2 مليون شيكل بدل استعمال المنزل".
وأشار دحلة إلى أن "محكمة الصلح الإسرائيلية أصدرت بداية قراراً غيابياً ضد عائلة سمرين بإخلائهم وتدفيعهم المبلغ المذكور وقد توجهت العائلة في حينها إلينا وقمنا في حينه بتقديم طلب لإلغاء القرار الغيابي ضد العائلة وبالفعل فقد نجحنا بإلغائه بعد عدة سنوات من صدوره".
وقال: "بعد ذلك استمرت الإجراءات في محكمة الصلح والتي قررت في نهاية المطاف أنه صحيح أن موسى أعطى إذن سكن لمحمد بالعقار ولكن هذا الإذن بموت محمد قد نفد ولم يعد ساري المفعول ولا يمكن توريثه لورثة محمد وبالتالي أمرت محكمة الصلح بإخلاء العائلة من المنزل وقالت إنهم طالما هم موجودون في المنزل عليهم دفع بدل استعمال للفترة التي تواجدوا خلالها في المنزل منذ تاريخ وفاة محمد فصاعداً".
وأضاف: "قام مكتبنا ومكتب المحامي وسيم دكور بتقديم استئناف إلى المحكمة المركزية على هذا القرار والتي رفضت الاستئناف وصادقت على قرار محكمة الصلح وقررت أن على العائلة إخلاء المنزل وبعد ذلك قدم مكتبنا ومكتب المحامي دكور طلب إذن استئناف إلى المحكمة العليا والتي بعد مداولات طويلة طلبت من المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية أن يقدم رأيه للمحكمة وهو قدم رأيا مستفيضا في القضية والتي للأسف دعمت المستوطنين في كل ادعاءاتهم وهذا زاد من تخوفنا وتخوف العائلة من صدور قرار من العليا وهي آخر درجات التقاضي يوافق على قرار الإخلاء".
ولكنه تابع: "ولكن اليوم (أمس) صدر قرار المحكمة بهيئة من 3 قضاة قرروا جميعهم انه يجب قبول الاستئناف على قرار المحكمة المركزية وقرار محكمة الصلح وإلغاء هذه القرارات والمصادقة على حق استعمال عائلة سمرين للعقار وذلك بناء على إعطاء موسى لمحمد في حياة كليهما الحق بالاستعمال وهو ما قالت المحكمة إنه حق أعطاه موسى لمحمد ولزوجته وأولاد محمد الذين كانوا يعيشون مع محمد في العقار في حينه وبالتالي لا يمكن إخلاء ورثة محمد".
وأشار إلى أن المحكمة العليا ألغت قرارات محكمتي الصلح والمركزية والغرامات التي فرضت على العائلة كبدل استعمال والمصاريف القضائية والزمت شركة هيمنوتا بدفع رسوم قضائية وأتعاب محاماة لصالح عائلة سمرين في الاستئناف الذي قدمناه إلى المحكمة العليا.
وقال دحلة: "هذا عمليا يثبت عائلة سمرين في العقار على الأقل عشرات السنين القادمة طالما أن زوجة محمد وأولاده على قيد الحياة فلهم الحق باستعمال العقار ولا يمكن لشركة هيمنوتا ولا لجمعية العاد الاستيطانية إخلاؤهم أو مضايقتهم قانونيا أو محاولة إخراجهم من العقار وهذا بطبيعة الحال إفشال لمخطط جمعية العاد الاستيطانية".
وقالت "عير عميم": "لمدة 32 عاماً، خاضت العائلة معركة قانونية ضد إخلائها قسرياً من منزلها في وادي حلوة بسلوان".
وأضافت: "تتشابك قصة عائلة سمرين مع أسوأ السياسات الإسرائيلية لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على حوض البلدة القديمة ومحو الوجود والسردية والهوية الفلسطينية من هذه المنطقة".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف