شنت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية العنيفة ليلة أمس، استهدفت أكثر من موقع في مناطق متفرقة من قطاع غزة، بعد ساعات على إعلان إسرائيل أن أكثر من 30 صاروخاً أطلقت عصر أمس من جنوب لبنان باتّجاه المناطق الشمالية، في قصف أوقع جريحاً وأضراراً مادّية وأكّدت الدولة العبرية أنّها "نيران فلسطينية" وليست هجوماً مباشراً من حزب الله، فيما أُغلق المجال الجويّ، من حيفا شمالاً.
وسمع دوي انفجارات عنيفة شرق وغرب مدينة غزة، وكذلك شمال ووسط القطاع، إضافة لمحافظة خان يونس في الجنوب، كما شوهدت ألسنة اللهب والدخان الكثيف تتصاعد من عدة مواقع للمقاومة، وأراضٍ زراعية، بمنطقة حي الزيتون وشمال القطاع.
وشاركت دبابات وبطاريات مدفعية في القصف، إذ استهدفت بالقذائف عدداً من نقاط الرصد التابعة للمقاومة شرق القطاع، ما تسبب بتدميرها، دون أن يبلغ عن وقوع إصابات في الأرواح.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه بدأ هجوماً على قطاع غزة، في حين علق المحلل الإسرائيلي "هايلل روزين"، أن الجيش الإسرائيلي بدأ بشن أكبر هجوم على قطاع غزة، منذ عملية "حارس الأسوار"، في شهر أيار العام 2021.
وبلغ إجمالي المواقع التي تعرضت للقصف حتى منتصف الليلة الماضية نحو 9 أهداف في كافة أنحاء القطاع، بينما بدأت المستشفيات برفع حالة الطوارئ خشية وصول إصابات، وسط توقعات باستمرار الغارات والهجمات.
وأطلقت فصائل المقاومة عدداً من القذائف الصاروخية باتجاه بلدات ومدن إسرائيلية محاذية للقطاع، في إطار ردها على العدوان، وسط تهديدات بتصاعد القصف باتجاه الأهداف الإسرائيلية خلال الساعات المقبلة.
كما أطلق مقاومون قذائف صاروخية محمولة على الكتف من نوع "جو - أرض"، باتجاه الطائرات المُغيرة، حيث شوهدت القذائف تنطلق في الهواء في محاولة للحاق بالطائرات، التي غيرت ارتفاعاتها، وأصبحت تحلق على علو شاهق.

استنفار واسع
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال مساء أمس في مستهل اجتماع الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة في مقطع مصور قصير بثه مكتبه: "سنضرب أعداءنا وسيدفعون ثمن كل اعتداء".
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الكولونيل ريتشارد هيشت للصحافيين: "نعلم علم اليقين بأن هذه نيران فلسطينية. قد يكون من أطلقها حماس، وقد يكون الجهاد الإسلامي. ما زلنا نحاول التوصل إلى نتيجة نهائية بشأن هذه النقطة، لكنه لم يكن حزب الله".
وأضاف: "ننطلق من مبدأ أنّ حزب الله كان على الأرجح يعلم بأمر هذا القصف، وبأنّ لبنان يتحمّل قسماً من المسؤولية" عن إطلاق هذه الصواريخ.
وتابع "نحن نحقّق أيضاً في تورّط إيراني محتمل" في هذا الهجوم الصاروخي.
واشتعلت الجبهة الإسرائيلية - اللبنانية عصر أمس بشكل لم يسبق له مثيل منذ حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّ 34 صاروخاً أُطلقت من لبنان الخميس، اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية 25 منها وسقطت البقية في الأراضي الإسرائيلية.
وأتى هذا القصف في عيد الفصح اليهودي وغداة صدامات عنيفة دارت في المسجد الأقصى بالقدس الشرقية المحتلّة بين مصلّين فلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية وتوعّدت في أعقابها فصائل فلسطينية بشنّ هجمات انتقامية.
وبحسب منظمة الإسعاف الإسرائيلية "نجمة داود الحمراء"، فقد أصيب بالقصف شاب يبلغ 19 عاماً بشظيّة وإصابته ليست خطرة، بينما أصيبت امرأة في الستينيات بجروح طفيفة أثناء فرارها بحثاً عن ملاذ آمن.
كما أصيبت امرأة بحالة هلع نتيجة القصف، وفق المصدر نفسه.
وقالت المنظمة الطبية إنّها رفعت حالة التأهب في صفوفها واستدعت مسعفين من جميع أنحاء الدولة العبرية.
وفي بيروت، قالت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إنّ "مدفعية الاحتلال الإسرائيلي قصفت بعدد من القذائف الثقيلة أطراف بلدتي القليلة والمعلية في قضاء صور" في جنوب لبنان.
لكنّ متحدّثاً عسكرياً إسرائيلياً نفى ردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس ذلك، مؤكّداً أنّ الجيش الإسرائيلي "لم يردّ حتّى الآن" على مصادر النيران.
وإثر القصف الصاروخي على شمال الدولة العبرية، أعلن مكتب نتنياهو أنّ الأخير "يتلقّى تقارير محدّثة حول الوضع الأمني وسيقوم بإجراء تقييم مع رؤساء المؤسّسة الأمنية".
من جهته، قال المتحدث باسم وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنّه اطّلع على تفاصيل الأحداث الأمنية الأخيرة على الحدود الشمالية.
وأضاف المتحدّث إنّ غالانت "أعطى توجيهات أولية لرئيس هيئة أركان الجيش ولباقي أذرع المؤسسة الأمنية".
من جهته، أعلن الجيش اللبناني مساء الخميس أنّ وحداته عثرت على عدد من الصواريخ كانت معدّة للإطلاق في محيط بلدتين في جنوب البلاد.
وقال الجيش اللبناني في بيان إنه عثر "على منصات صواريخ وعدد من الصواريخ المعدّة للإطلاق في محيط بلدتي زبقين والقليلة" في قضاء صور، موضحاً أنه "يجري العمل على تفكيكها".
ونشر صوراً تظهر صواريخ ومنصات مثبتة بين أشجار زيتون.
من ناحيتها، حذّرت قوة الأمم المتّحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" من أنّ "الوضع الحالي خطير للغاية"، داعية إلى "ضبط النفس".
وقالت اليونيفيل في بيان إنّ رئيسها أرولدو لازارو "على اتّصال بالسلطات على جانبي الخط الأزرق" الذي يقوم مقام خط الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وفي قرية فسوطة شمال إسرائيل، رصد مراسل لوكالة فرانس برس بقايا صاروخ انفجر على الطريق.
وفي جنوب لبنان، قال أحد سكّان قرية القليلة لوكالة فرانس برس إنّه "سمع إطلاق أكثر من 15 صاروخاً عند أطراف القرية".
وندّدت بهذا التصعيد الأمم المتحدة وواشنطن وباريس.
وقال المتحدّث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل للصحافيين: "ندين إطلاق صواريخ من لبنان وغزة على إسرائيل"، مشدّداً على التزام الولايات المتحدة "الراسخ" بأمن إسرائيل.
وأضاف: "نقرّ بحقّ إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها ضدّ أيّ شكل من أشكال العدوان".
كذلك، ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بالقصف الصاروخي من جنوب لبنان.
وقال المتحدّث باسمه ستيفان دوجاريك للصحافيين: "ندين إطلاق الصواريخ العديدة من لبنان على شمال إسرائيل اليوم. ندعو جميع الأطراف إلى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس"، مشدداً على ضرورة "تجنب أي فعل أحادي الجانب قد يؤدي إلى تصعيد جديد للوضع".
وأتى القصف من جنوب لبنان بعيد تأكيد حزب الله الموالي لإيران دعمه لـ "كلّ الخطوات" التي ستتّخذها الفصائل الفلسطينية ضدّ إسرائيل ردّاً على أعمال العنف في الأقصى.
من جهته، أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي إدانة لبنان لعملية إطلاق الصواريخ من جنوبه، ورفض أي تصعيد عسكري ينطلق من أرضه واستخدام الأراضي اللبنانية في عمليات تتسبب بزعزعة الاستقرار.
وشدد على أن "لبنان يرفض مطلقاً أي تصعيد عسكري ينطلق من أرضه واستخدام الأراضي اللبنانية لتنفيذ عمليات تتسبب بزعزعة الاستقرار القائم".
وجدد تأكيد "التزام لبنان القرار الأممي 1701، والتنسيق الوطيد بين الجيش واليونيفيل"، لافتاً إلى أن "كل القوى الفاعلة في الجنوب أبلغت الحكومة إدانتها هذه العملية وشجبها لأي تصعيد، لا سيما في هذا الظرف الدقيق".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف