- تصنيف المقال : الصحة
- تاريخ المقال : 2023-04-12
وجدَتْ تورمًا صغيرًا في ثديها الأيسر. لم تكترث له، ولم تخبر أحدًا عنه، حتى أقرب المقربين إليها. مضت سنوات دون أن تذهب إلى الطبيب. أصيبت بإسهال شديد، وفقدان أكثر من 10 كيلوغرامات من وزنها، وأصبحت في حالة يرثى لها. أجبرها زوجها على مراجعة الطبيب، وبعد أن أجرت التحريات اللازمة تم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي النقيلي، الذي قضى عليها بعد 6 أشهر من اكتشافه نتيجة إهمالها وعدم ذهابها إلى الطبيب.
إن الذهاب إلى الطبيب أمر في غاية الأهمية من أجل إدارة الصحة وحل المشكلات التي تعكر صفوها، والحصول على أفضل رعاية مناسبة للتعافي منها، إلا أن الكثيرين من الناس يتجنبون أو يؤجلون الذهاب إلى الطبيب لأعذار معروفة وأخرى علمها عند الله.
من المسلَّم به أن هناك مشكلات صحية بسيطة كنزلات البرد، لا تحتاج عادة لزيارة الطبيب، ويمكن للرعاية المنزلية المناسبة أن تساعد على رحيلها، إلا أن الغالبية من الحالات الصحية تحتاج إلى ضرب موعد مع الطبيب بهدف كشف خفاياها، وبالتالي الحصول على الإرشادات العلاجية والوقائية المناسبة لها، ولكن وللأسف، فإن كثيرًا من الناس يرفضون الذهاب إلى مقدم الرعاية الصحية.
أهم 5 أسباب لعدم ذهاب الناس إلى الطبيب
لا شك في أن هناك العديد من الأسباب التي تجعل الكثيرين من الناس لا يذهبون إلى الطبيب، حتى ولو اشتبهوا أن الحالة قد تكون ضرورية. نستعرض هنا أهم 5 أسباب لعدم زيارة الطبيب:
1. لأنهم خائفون
قد يقاوم الناس الذهاب إلى الطبيب بدافع الخوف، الخوف من الأخبار السيئة، الخوف من الفحوصات غير المريحة والمرهقة، الخوف من الذهاب للمستشفيات، الخوف من إبر الحقن والتطعيمات، الخوف من الفحوصات المؤلمة، الخوف من التشخيص وأخطائه، والخوف من الأدوات التي يستعملها مقدم الرعاية، وإلى آخر ما هنالك من المخاوف. يعدّ الخوف السببَ الأول لانهيار العلاقة ما بين الطبيب والمريض.
2. لأنهم محرجون
هناك الكثير من الحالات الصحية التي يمكن أن تكون محرجة عند مناقشتها مع الطبيب لطلب العلاج، فكثير من الناس يشعرون بالحرج وعدم الارتياح عند طرح الطبيب أسئلة تتعلق بالتغوط مثلا، وغازات البطن، والأعضاء التناسلية، والنشاط الجنسي، ورائحة المهبل، وحكة الشرج، وحكة الفرج، ويظهر الحرج بشكل خاص عند زيارة طبيب لا يعرفونه، أو ربما التقوا به لأول مرة.
ويبلغ الحرج ذروته عندما يطلب الطبيب من مريضه خلع ملابسه لإجراء الفحص البدني ما يجعل المصاب يشعر بالضعف من هكذا موقف، وإذا كان الفحص يشمل الأعضاء الحساسة، مثل الثدي والبروستاتة والقضيب والمهبل، فكان الله في العون، لأن المريض يمكن أن يعدّ مثل هذه الفحوصات جائرة بحقه. وإذا صدف أن كان لدى المريض تاريخٌ بالعلاج بالصدمة فإنه سيتردد، وقد يحسب ألف حساب قبل الذهاب إلى مقدم الرعاية الصحية خشية إعادة تجربة الصدمة التي بقيت عالقة في الذاكرة.وفي بعض الأحيان، قد يشعر البعض بالحرج من طلب الرعاية الصحية خوفًا من مناقشة مسائل تتعلق بالصحة العقلية، لأن هناك من يعتقد أنه من المعيب التحدث عنها. وثمة أشخاص قد ينتابهم القلق والهلع حتى ولو بانت عليهم الأعراض، متوهمين أن الطبيب سينعتهم بأنهم "دراميون" أو "يعملون من الحبة قبة"، وأنه سيلقي على مسامعهم ما مفاده أن شكواهم هي من بنات أفكارهم.
3. لأنهم لا يفهمون الأخطار الصحية المحدقة بهم أو يجهلون فوائد الرعاية الوقائية
بشكل عام، إذا كان شخص ما يتمتع بصحة جيدة، خاصة إذا كان من معشر صغار السن، فقد لا يرى ضرورة استشارة الطبيب لسنوات أو ربما لعقود. ولكن مهلًا، فحتى ولو كنت، كما يقال في اللغة الدارجة "كالحصان" وتتمتع بصحة جيدة فإنه لا يجوز إهمال الزيارات الدورية للطبيب من أجل الرعاية الوقائية، لأنها حجر الزاوية للبقاء في صحة جيدة، كونها تؤمن صحة أفضل للجميع، مرضى وأصحاء، بغض النظر عن حالتهم الصحية.
هناك سوء فهم ولغط بين الناس حول معنى "الخطر أو الأخطار" فيما يتعلق بصحتهم، فبعض الأخطار واضحة وقابلة للتعديل مثل التدخين وزيادة الوزن والخمول البدني وتعاطي الكحول والتغذية وغيرها. في المقابل فإن هناك أخطارًا أخرى غير واضحة مثل تأثير العوامل الجينية والبيئية.
4. لأنهم يفتقرون إلى الدعم والموارد اللازمة
كثير من الناس يكافحون من أجل الوصول إلى الموارد، إما بسبب الفقر أو الإعاقة العقلية أو الجسدية أو غيرها، يتحاشون الذهاب إلى الطبيب بسبب تكاليف الرعاية الصحية المرتفعة، لدرجة أن هؤلاء يشعرون بالخجل والإحباط عند محاولتهم التواصل مع مقدمي تلك الرعاية خشية رفض منحهم إياها، لأنهم لا يملكون تأمينًا صحيًا، أو لاعتقادهم بأنهم سيعاملون بطريقة مختلفة نظرًا لأنهم يملكون تغطية صحية من قبل الدولة. وبالإضافة إلى ذلك، فهناك من لا يسعى للحصول على الرعاية الصحية لأنها تتطلب الدعم والمساعدة من الآخرين، وهذا ما لا يرغبون فيه كي لا يكونوا عبئًا على الغير. أيضًا، هناك من يتجنب الحصول على الرعاية الصحية الخاصة به بسبب التزامات تتعلق بالعمل والأسرة والمدرسة.
5. لأنهم، وبكل بساطة، ليس لديهم طبيب
قد تكون أنت أو صديقك أو أحد أفراد عائلتك متلهفين لرؤية الطبيب، ولكن وبكل بساطة، ليس لديكم طبيب، وغير متأكدين من مكانه، ولا عن كيفية العثور عليه بسبب العيش في مناطق ريفية نائية لا تتوفر فيها الرعاية الصحية، وما يزيد الطين بلة، إذا كانت هناك احتياجات صحية معقدة فإن الإرباك سيكون سيد الموقف عند محاولة تحديد نوع الرعاية الصحية المطلوبة.
ختامًا..
إذا كنت واحدًا من أولئك الذين لا يذهبون إلى الطبيب بحجة أنك لم تمرض أبدًا أو ليس هناك عوامل خطر، فإن زيارة الطبيب ضرورية حتى وإن كانت الصحة جيدة من أجل الحصول على الرعاية الوقائية. ليكن في علمك أن التراخي أو إهمال زيارة الطبيب قد يحمل في طياته مخاطر ومضاعفات لا يحمد عقباها بسبب الكشف المتأخر لمرض ما يجري في الكواليس، الأمر الذي يضع صحتك في مهب الريح، وربما يقود بك إلى الموت، من هنا فتذكر ثم تذكر، بأن صحتك لا تؤثر عليك فقط، بل تؤثر على زوجتك وأهلك وعائلتك، وحتى على رفاقك وأقاربك وأصدقائك.