ارتقى الأسير خضر عدنان (44 عاما) من بلدة عرابة جنوب جنين، فجر أمس، شهيدا بعد أن لفظ أنفاسه الأخيرة داخل زنزانة كان محتجزا داخلها في سجن "الرملة"، بعد إضراب مفتوح عن الطعام استمر 86 يوما متواصلة، وهو السادس الذي يخوضه للمطالبة بتحرره من الأسر.
وأصر الشهيد عدنان على الاستمرار في خوض إضرابه المفتوح وهو يطالب بالحرية التي كان ينالها دوما بعد كل إضراب، لكنها عاندته هذه المرة حتى أعلن استشهاده داخل زنزانة في سجن "الرملة" كان محتجزا بداخلها رغم خطورة حالته الصحية، بعد أن ترك يصارع الموت في ظل تدهور أوضاعه الصحية منذ فترة طويلة.
وعمت محافظات الوطن، أمس، حالة من الحزن والغضب، ونفذ إضراب عام في الضفة ونظمت مسيرات ووقفات في مواقع عدة حمّلت الاحتلال المسؤولية المباشرة والكاملة عن الجريمة.
وزعمت مصلحة سجون الاحتلال، أن الشهيد عدنان رفض الخضوع لفحوص طبية وتلقي العلاج الطبي، ووجد، فجرا، وهو في زنزانته مغمى عليه دون حراك، ما استدعى نقله إلى مستشفى مدني حيث تم الإعلان عن وفاته.
واتهم محامي عدنان، جميل الخطيب، إسرائيل بالمسؤولية عن استشهاد عدنان بفعل سياسة الإهمال الطبي المتعمد.
وقال الخطيب: "بعد اليوم السادس والثلاثين من اعتقال عدنان، طالبنا بنقله إلى مستشفى مدني حتى تتم متابعته بشكل أفضل، لكن الطلب قوبل بتعنت ورفض من سلطات السجون الإسرائيلية".
وأضاف: "بعد العثور عليه داخل زنزانته الباردة وهو مغمى عليه، تم نقله إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية المدنية، ليعلن هناك عن استشهاده، بعد أن واجه سياسة إهمال طبي متعمد، وعملية إعدام بطيء مارستها بحقه سلطات الاحتلال ابتداء من المستوى السياسي وصولا إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية وإدارة السجون، والتي نفذت قرار الإعدام".
ورغم طول فترة الإضراب، وتردي الوضع الصحي للأسير عدنان، خاصة خلال الأسبوع الأخير من إضرابه، فقد الكثير من وزنه، وأصبح يتقيأ دما، ويعاني من حالات إغماء متكررة، وبات لا يقدر على الحركة، ورفضت محاكم الاحتلال، بإيعاز من الأجهزة الأمنية، إطلاق سراحه، خلال جلسات استئناف عدة عقدت له، مؤخرا، دون حضور محاميه وعائلته.
وعلى مدار أيام الإضراب التي خاضها، بدءا من زنازين أحد السجون، حتى بعد نقله، مؤخرا، إلى عيادة سجن "الرملة" والتي تفتقر للكثير من المعدات الطبية، ولا تصلح للتعامل مع حالة أسير مريض ومضرب، رفضت سلطات الاحتلال السماح لعائلته بزيارته، حيث تمكنت زوجته من رؤيته فقط عبر شاشة "الفيديو كونفرنس" خلال جلسات المحاكم التي عقدت له، يوم الأحد الماضي، فيما رفض الاحتلال نقله إلى مستشفى مدني، وهو ما دفع عائلته والمؤسسات التي تتابع ملف الأسرى، إلى التحذير من خطر استشهاده في أي لحظة.

تصريحات زوجة الشهيد
وقالت رندة موسى زوجة الشهيد عدنان: إن الشهادة كانت أقصى ما تمناه زوجها، وإن المضي إليها كان قراره منذ البداية. وأضافت: "نحن كعائلته خسرناه، وهناك من خذل وتجابن ولم يفعل شيئا لنصرته في إضرابه الذي خاضه من أجل الحرية".
وأضافت موسى للصحافيين داخل وأمام منزلها في بلدة عرابة: "لدي تسعة أطفال، ومن أصغرهم لأكبرهم لن نسامح أحدا كان بوسعه رفع الظلم عن الشيخ خضر ولم يفعل".
وأكدت الزوجة، أنها لن تفتح بيت عزاء لاستقبال المعزين بزوجها، وقالت: "لن نتقبل التعازي حتى يكبر أبنائي ويأخذوا ثأر والدهم، وعلى الاحتلال أن يحفظ جيدا وجوه أبنائي وأسماءهم، لأننا لن نقف مكتوفي الأيدي".
وتحدثت، عن اللحظات الأخيرة في حياة زوجها الشهيد حيث قالت: إن حالته الصحية تدهورت على نحو كبير، الأحد الماضي، وهو ما دفعه لتوجيه رسالة قاسية، قال فيها: "أنا أستشهد..أنا أموت".
وفي أعقاب استشهاده، أقدمت إدارة سجون الاحتلال على نقل جثمان الشهيد إلى معهد الطب العدلي في "أبو كبير"، في وقت أفاد المتحدث باسم الهيئة حسن عبد ربه بأن نقل جثمان الشهيد عدنان إلى معهد الطب العدلي في "أبو كبير"، لا يعني تشريحه.


ردود فعل غاضبة
وفور ورود الأنباء باستشهاد الأسير، عمّ الإضراب الشامل محافظات الوطن، حداداً على روحه.
وأعلنت القوى الوطنية الإضراب في مختلف مناحي الحياة، في قطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، استنكارا لجريمة اغتيال الأسير خضر عدنان، وحمّلت حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة.
وحمّل حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهاد عدنان في سجون الاحتلال، نتيجة الإهمال والاعتقال القسري.
بدوره، أكد رئيس الوزراء محمد إشتية، أن الاحتلال وإدارة سجونه نفذوا جريمة اغتيال متعمدة بحق الأسير عدنان، برفض طلب الإفراج عنه، وإهماله طبيا وإبقائه في زنزانته رغم خطورة وضعه الصحي.
من جهته، شدد نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول، على أن جريمة اغتيال الشهيد عدنان تضاف إلى سجل جرائم الاحتلال التي لن تسقط بالتقادم.
بدورها، دعت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للوقوف على ظروف استشهاد عدنان الذي أكدت أن الاحتلال منع زيارته من محاميه وأهله منذ عدة أيام، في إجراء كان بمثابة مقدمة لقتله.
وفي وقت لاحق، عمت المسيرات الشعبية مختلف المحافظات تنديدا بالجريمة،
فقد انطلقت في بلدة عرابة جنوب جنين، مسقط رأس الشهيد، مسيرة حاشدة وغاضبة بمشاركة مؤسسات وفعاليات وقوى المحافظة، وندد المشاركون فيها بالجريمة البشعة وبقتل الشهيد عدنان بدم بارد، مطالبين العالم أجمع بالتحرك الفوري لوقف جرائم الاحتلال.
وردد المشاركون في المسيرة الهتافات الداعية إلى الوحدة الوطنية، ورفعوا الأعلام الفلسطينية وصور الشهيد، وحملوا أبناءه: علي، وعبد الرحمن، وحمزة، على الأكتاف.
وفي مدينة بيت لحم، شارك العشرات في وقفة منددة باغتيال الأسير خضر عدنان رفعوا خلالها صور الشهيد ولافتات منددة بالجريمة النكراء.
بينما نددت الفعاليات الرسمية والوطنية في محافظة نابلس، بجريمة إعدام الأسير عدنان، وذلك خلال وقفة جماهيرية على دوار الشهداء وسط مدينة نابلس.
وجابت شوارع مدينة رام الله، مسيرة شعبية استنكاراً لجريمة إعدام الأسير عدنان يتقدمها عدد من ذوي الشهداء وأسرى محررون، إلى جانب مسؤولي مؤسسات الأسرى وممثلي القوى الوطنية والنقابات المهنية.
كما نظمت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، والقوى الوطنية والسياسية، ولجنة أهالي الأسرى، وقفة رفضا وتنديدا بجريمة الاغتيال على دوار ابن رشد وسط مدينة الخليل
بينما شارك عشرات المواطنين في طولكرم في مسيرة غضب تنديدا باستشهاد الأسير عدنان، ردد المشاركون فيها التكبيرات والهتافات الوطنية المنددة بجرائم الاحتلال.
وفي مدينة غزة، شارك المئات في وقفة أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر تنديدا بجريمة اغتيال الأسير عدنان، ورفع المشاركون صور الأسرى، ولافتات تطالب بمحاكمة قادة الاحتلال على هذه الجريمة وتحويل ملف الأسرى إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وبارتقاء الأسير خضر عدنان، يرتفع عدد شهداء الحركة الأسيرة إلى 236 شهيدا، منذ العام 1967، منهم (75) نتيجة لجريمة الإهمال الطبي المتعمد (القتل البطيء).

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف