استشهد ثمانية مواطنين يوم أمس خلال اجتياح غير مسبوق منذ عقدين نفذه جيش الاحتلال في مخيم جنين، بمشاركة أكثر من ألف جندي و450 آلية ومركبة عسكرية في الغزو الذي بدأ فجراً وتخلله قصف جوي بطائرات مسيّرة، وتدمير منهجي للبنية التحتية في المخيم.
فقد أعلنت وزارة الصحة في بيان أن "حصيلة شهداء جنين ارتفعت إلى 8 شهداء، مشيرة إلى أن الشهداء هم: سميح فراس أبو الوفا (21 عاماً)، وأوس هاني حنون (19 عاماً)، وحسام أبو ذيبة (18 عاماً)، ونور الدين حسام مرشود (16 عاماً)، ومحمد مهند شامي (23 عاماً)، وأحمد العامر (21 عاماً)، وعلي هاني الغول (17 عاماً)، ومجدي عرعراوي (17 عاماً).
وأشارت إلى أن 80 آخرين أصيبوا بجروح بينهم 17 بجروح خطيرة، جراء عدوان الاحتلال المتواصل على مدينة جنين ومخيمها.
وكانت قوات الاحتلال، قد بدأت عدوانها على مدينة جنين ومخيمها، بقصف منزل وسط مخيم جنين، ما أسفر عن استشهاد الشاب أبو الوفا وإصابة آخرين بجروح مختلفة.
وفي أعقاب عملية القصف، اقتحمت قوات كبيرة من جيش الاحتلال ترافقها جرافات مدرعة، مدينة جنين من عدة محاور، وحاصرت مخيم جنين، وقطعت الطرق التي تربط بين المدينة والمخيم، واستولت على عدد من المنازل والبنايات المطلة عليه، ونشرت قناصتها فوق أسطحها، وقطعت التيار الكهربائي عن أجزاء كبيرة من المخيم.
وقال شهود عيان، إن قوات الاحتلال حاصرت المخيم من مختلف الجهات ومنعت مركبات الإسعاف من دخوله لنقل المصابين لتلقي العلاج، كما تعمدت جرافاتها إلحاق أضرار جسيمة بممتلكات المواطنين وتدمير العديد من المركبات وتجريف طرق رئيسة مؤدية إلى المخيم، وأخرى فرعية في محيطه، ما أعاق وصول مركبات الإسعاف إلى بعض المنازل لإخلاء المصابين.
واستهدفت طائرة مسيرة بصاروخ، محيط مسرح الحرية في مخيم جنين، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين العُزل بجروح.
وأكدت مصادر طبية أنه جرى إخلاء عائلة كاملة عقب استهداف منزل في محيط مسرح الحرية، وإصابة أحد أطفالها بشظايا.
وقال مدير مسرح الحرية مصطفى شتا، إن قوات الاحتلال استهدفت محيط مسرح الحرية في مخيم جنين، بصاروخ عبر طائرة مسيرة، خلال تواجد عدد من العائلات التي وجدت فيه ملاذاً آمناً، عقب إخلاء منازلها واللجوء إليه.
وجرفت قوات الاحتلال تذكار الشهداء بالقرب من مدخل المسرح، وسط انتشار كثيف للقناصة في محيطه، ومنع الأهالي من التحرك.
وقصفت عمارة سكنية تعود للمواطن أبو إياد الصباغ في المخيم بصاروخين، وتم إخلاؤها من ساكنيها بالكامل.
وأفاد صاحب البناية التي تتكون من ثلاثة طوابق وتحتوي على 6 شقق سكنية، بأن القصف تسبب بتدمير الطابق الثالث بالكامل.
من جهته، قال المواطن بدر الغول: "شاهدتُ جرافات تدخل وتدمر منازل وبداخلها سكانها".
بدورها، قالت بلدية جنين إنه مع تقدم العملية العسكرية الإسرائيلية، قامت جرافات مدرعة بتجريف الطرق في المخيم ما أدى إلى قطع إمدادات المياه في المدينة. وقال سكان إن الجنود يقتحمون المنازل عبر الجدران ليعبروا من منزل لمنزل.
وقال أحد المصابين وهو يعالج من جروحه بالمستشفى إنه ليس هناك مكان آمن في المخيم وتساءل عن ذنب المخيم وسكانه في هذا الدمار الذي أضاف إنه شمل تجريف الطرق والهدم.
وأطلقت قوات الاحتلال الرصاص صوب المواطنين أمام الطوارئ في مستشفى ابن سينا، واستخدمت المواطنين دروعاً بشرية في منطقة طلعة الغُبَّز في المخيم.
واستهدفت الطواقم الصحافية خلال تغطيتها للعدوان، وأطلقت النار على مراسل التلفزيون العربي عميد شحادة، والمصور ربيع منير، ما تسبب باحتراق الكاميرا وجهاز البث.
وقال شحادة: "طواقم الهلال الأحمر أخرجتنا من المخيم بمركبة إسعاف بعد استهدافنا بالرصاص الحي من قناصة جيش الاحتلال، ومحاصرتنا داخل منزل لأكثر من ساعتين".
وحاصرت قوات الاحتلال مسجد الأنصار في المخيم.
وذكرت مصادر متعددة أن جرافة عسكرية نفذت عملية تجريف حول المسجد وأطلقت الرصاص بكثافة، وطالبت عبر مكبرات الصوت مواطنين داخله بتسليم أنفسهم، وسط اندلاع مواجهات عنيفة وتحليق مكثف لطائرات "الاستطلاع" الإسرائيلية.
ومنعت قوات الاحتلال مركبة إسعاف من نقل امرأة حامل للمستشفى.
وأشار محمود السعدي، مدير الإسعاف في الهلال الأحمر في جنين إلى إن جنود الاحتلال المتمركزين على مدخل المخيم منعوا مركبة إسعاف من نقل امرأة حامل لمستشفى جنين من أجل وضع مولودها، وأن جيباً عسكرياً صدم مركبة الإسعاف.
وأكد أنّ العدوان يتمّ من الجو والبرّ. وأضاف: "قُصفت منازل ومواقع عدّة... الدخان يتصاعد من كلّ مكان".
وأشار إلى أن قوات الاحتلال منعت طواقم الإسعاف من إخلاء الجرحى وتعرضت لمضايقات خلال العدوان لافتاً إلى أنها اعترضت طريق مركبات الإسعاف، وأشهرت السلاح نحو الطواقم.
ونوه بأن طواقم الإسعاف أخلت عدداً من المصابين الذين استطاعت الوصول إليهم، مؤكداً أنه تم استدعاء طواقم الإسعاف من محافظات أخرى.
واحتجزت قوات الاحتلال عشرات المواطنين وحققت معهم ميدانياً واعتقلت العديدين بينهم جريحان.
وأكدت جمعية الهلال الأحمر أن قوات الاحتلال أطلقت النار على ثلاثة شبان في حي البساتين، بمدينة جنين، واعتقلت اثنين منهم عقب منع طواقم الإسعاف من الوصول إليهما، مشيرة إلى أن طواقمها نقلت الشاب الثالث إلى مستشفى ابن سينا، مصاباً بعدة رصاصات.
من جهته، قال اللفتنانت كولونيل ريتشارد هيشت، المتحدث باسم جيش الاحتلال للصحافيين: "نتخذ إجراءات" ضد أشخاص محددين.
وتابع: "نحن نركز على البنية التحتية داخل المخيم. (العملية) يمكن أن تستمر ساعات، أو أياماً. بمجرد أن نحقق ما نحتاج إلى تحقيقه، سنخرج من هناك".
وأضاف: "هناك أيضاً نهج بأن ينتهي كون المخيم ملاذاً آمناً للإرهاب لمن ينفذون هجمات في جميع أنحاء الضفة الغربية ضد الاسرائيليين، ويهرعون عائدين للاختباء داخل المخيم. لن يكون هناك ملاذ آمن لهؤلاء الإرهابيين وهذا هو سبب تحركنا".
وقال إن العملية "تشارك فيها النخبة من كل القوات الإسرائيلية، وتجري اعتقالات وما زال العدد غير معروف".
وذكر الجيش في وقت سابق أنّ قوّاته قصفت "مركز عمليّات مشتركة" بذريعة أنّه يشكّل مركز قيادة "كتيبة جنين" التي أعلن شبان من انتماءات مختلفة تشكيلها في 2021 بهدف "مقاومة الاحتلال".
وقال الجيش إنّ العمليّة استهدفت موقعاً "للمراقبة والاستطلاع"، فضلاً عن منشأة لتخزين الأسلحة ومخبأ لمَن زعم أنّهم مُسلّحون نفّذوا هجمات على أهداف إسرائيليّة خلال الأشهر الأخيرة.
من جهته قال يوآف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي: "نتخذ نهجاً استباقياً وحاسماً. من يؤذي مواطني إسرائيل، سيدفع ثمناً باهظاً. ... نحن نراقب عن كثب تصرفات أعدائنا ومستعدون لكل سيناريو".
وذكر بيان للجيش أن "جندياً أصيب بجروح طفيفة بشظايا قنبلة يدوية تابعة للجيش الإسرائيلي خلال عملية جنين وتم نقله إلى المستشفى".
من جهتها، قالت كتائب القسام التابعة لحركة حماس في مخيم جنين في بيان: "مجاهدونا من كافة الفصائل الفلسطينية يواجهون جيش الاحتلال في أزقة مخيم جنين محدثين فيهم الإصابات المباشرة".
وأكدت سرايا القدس - كتيبة جنين التابعة للجهاد الإسلامي "رداً على العدوان المستمر، وضمن معركة بأس جنين نفذ مجاهدونا منذ الصباح عدداً من الضربات النوعية في صفوف قوات وآليات الاحتلال".
وأعلنت مجموعة "عرين الأسود" من نابلس القريبة أن مجموعة من مقاتليها تشارك في القتال داخل مخيم جنين.
ووصف عضو إقليم حركة فتح في محافظة جنين محمود حواشين الأوضاع في مخيم جنين بأنها "كارثية".
وقال لفرانس برس وهو يتفقد الجرحى في مستشفى ابن سينا: "هذه معركة غير متكافئة بين قوات عسكرية هائلة وبين شعب أعزل لا يملك سوى إرادته".
وتابع حواشين وهو من مخيم جنين: "باغت الجيش سكان جنين بمسيِّراته واستهدف البنية التحتية من ماء وكهرباء وسيارات. معظم الذين استشهدوا مدنيون وليسوا من المقاومة".
وقال: "لسنا عشاق دم، نحن عشاق الحرية".
وتردد دوي إطلاق النار وانفجارات في أنحاء المدينة لعدة ساعات بعد الهجوم فيما حلقت طائرات مسيرة على ارتفاع منخفض، وقالت كتيبة جنين إنها تخوض اشتباكات مع القوات الإسرائيلية وأسقطت طائرة مسيرة.
ووصف سائق سيارة إسعاف فلسطيني ما يجري في مخيم اللاجئين بأنه "حرب حقيقية". وأضاف إن ضربات من الجو تستهدف المخيم وتدخل للمنطقة حوالى خمس إلى سبع عربات إسعاف في كل مرة وتعود محملة بالمصابين.
وقالت بلدية جنين إنه مع تقدم العملية العسكرية الإسرائيلية، قامت جرافات مدرعة بتجريف الطرق في المخيم ما أدى إلى قطع إمدادات المياه في المدينة. وقال سكان إن الجنود يقتحمون المنازل عبر الجدران ليعبروا من منزل لمنزل.
وخلال ساعات الصباح شوهدت ست طائرات مسيرة على الأقل تحلق فوق المدينة والمخيم المكتظ بالسكان الذي يضم حوالى 14 ألف نسمة في أقل من نصف كيلومتر مربع.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف