بدأ أعضاء البرلمان الإسرائيلي، أمس، مناقشات حول بند "المعقولية" ضمن خطة الحكومة "لإصلاح القضاء" تستمر حتى اليوم موعد التصويت النهائي، في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات خاصة أمام مبنى الكنيست، وتتسع فيه رقعة "التمرد" بصفوف ضباط وجنود الاحتياط.
فقد بدأت، أمس، مداولات الهيئة العامة للكنيست حول قانون إلغاء ذريعة عدم المعقولية ضمن خطة الحكومة "لإصلاح" القضاء، قبل التصويت عليه بالقراءتين الثانية والثالثة. ويتوقع أن تستمر هذه المداولات حتى ظهر اليوم، وعندها سيتم التصويت على التعديل.
من جانبه، قال زعيم المعارضة يائير لابيد في مستهل النقاشات: "نريد أن نواصل العيش في دولة يهودية وديمقراطية".
وأكد: "يجب أن نوقف هذا التشريع".
أما القيادي في المعارضة بيني غانتس، فدعا إلى وقف العملية التشريعية والتصويت.
وقال أمام البرلمان: "لا يزال بإمكاننا التوقف والتوصل إلى اتفاق حول بند المعقولية"، مضيفاً: "علينا أن نوقف كل شيء".
إذا تم إقرار بند "المعقولية" بالغالبية اليوم، فإن البند الرئيس الأول في خطة الإصلاح القضائي المقترح سيصبح قانوناً نافذاً. وتشمل التغييرات المقترحة الأخرى إعطاء الحكومة دوراً أكبر في تعيين القضاة، والحد من سلطة المستشارين القانونيين الملحقين بالوزارات الحكومية.
في ساعات صباح أمس الباكرة، تجمع مئات المتظاهرين عند حائط المبكى في القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
وشكل آخرون كانوا يحملون أعلاماً إسرائيلية سلسلة بشرية بعدة مواقع في القدس، بما في ذلك عند باب الخليل أو باب يافا، أحد المداخل الرئيسة للبلدة القديمة.
وفي شارع "كابلان"، الذي يعد مركز احتجاجات المعارضة في تل أبيب، تظاهر عشرات آلاف اليمينيين المناصرين لخطة التعديلات القضائية، وخطب بالمتظاهرين وزراء في حكومة نتنياهو، من بينهم ميري ريغيف وبتسلئيل سموتريتش، ودعوا لمواصلة التشريعات القضائية والتعامل بحزم مع رافضي الخدمة العسكرية احتجاجاً على إضعاف القضاء.
وأعلن أكثر من 951 عنصر احتياط نشطاً في شعبة الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي (أمان)، أمس، تعليق خدمتهم العسكرية، احتجاجاً على خطة إضعاف جهاز القضاء.
جاء ذلك في رسالة موقّعة من 1,855 عنصر احتياط في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من ضمنهم 951 ضابطاً وعنصراً نشطاً في الخدمة، موجهة إلى رئيس "أمان"، أهارون حاليفا.
وتستمر المحاولات للتوصل إلى تسوية بين الائتلاف والمعارضة حول مخطط لإصلاح جهاز القضاء، بما في ذلك مساعي الرئيس الإسرائيلي، إسحق هرتسوغ للوساطة، والعرض الذي قدمه رئيس الهستدروت، أرنون بار دافيد.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن هرتسوغ الذي عاد، أمس، من زيارة له استمرت لأيام في الولايات المتحدة الأميركية، توجه بعيد وصوله إلى مستشفى "شيبا" للاجتماع مع نتنياهو في محاولة لبحث فرص التسوية.
وجاء في بيان، صدر عن ديوان الرئاسة الإسرائيلية، أن هرتسوغ "وصل إلى إسرائيل بعد إنهاء زيارته الدبلوماسية للولايات المتحدة"، مضيفاً: إنه "يعمل مع فريقه، طوال الوقت وخلال زيارته، على استنفاد محاولات التفاوض للتوصل إلى اتفاق".
وذكرت تقارير إسرائيلية أن هرتسوغ اجتمع مع نتنياهو في المستشفى الذي يمكث فيه الأخير، وأكد له: "نحن في حالة طوارئ وطنية؛ يجب أن نتوصل إلى اتفاق".
في المقابل، يجتمع قادة أحزاب المعارضة في منزل لابيد، اليوم في محاولة لتنسيق المواقف، في أعقاب المبادرة التي طرحها رئيس الهستدروت، ورفضها الليكود وقادة الاحتجاجات على حد سواء، في حين اعتبر لابيد أنها "تشكل أساساً للحوار".
من جانبه، قال رئيس الهستدروت، بار دافيد، في بيان مقتضب صدر عنه حول الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية حول مخطط لإصلاح القضاء: إن "الفجوات ليست كبيرة. يمكن القيام بذلك. أنا على اتصال مستمر مع الرئيس هرتسوغ، ومكتب رئيس الحكومة، وقادة المعارضة وجميع الأطراف المعنية". وناشد الجميع أن "يفهموا حجم الحدث".
من جانبه، قال رئيس المحكمة العليا الإسرائيليّة السابق، القاضي أهارون باراك، خلال مشاركته في الاحتجاجات التي نظمت أمام المباني الحكومية في القدس رفضاً لخطة إضعاف القضاء: إن مشروع القانون الذي يهدف إلى إلغاء حجة عدم المعقولية "سيقوّض سيادة القانون، ويضر بالإدارة السليمة، ونقاء الأخلاق والحقوق الأساسية لكل فرد في إسرائيل".
وحذّر باراك من أن مشروع قانون تغيير تشكيلة لجنة اختيار القضاة وآلية عملها "سيكون نهاية الديمقراطية الإسرائيلية"، وقال: إنه "يعارض مشروع تعديل قانون أساس بشأن تقليص حجة عدم المعقولية"، مشدداً على أن الاقتراح "سيضر بشدة بالقيم الأساسية لإسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، ووصفه بـ"الكارثة القومية" التي ستحل بإسرائيل.
وأول من أمس، احتشد عشرات آلاف الإسرائيليين في تل أبيب، وقرب البرلمان في القدس؛ لتكثيف الاحتجاجات على مشروع قانون الإصلاح القضائي قبل التصويت النهائي، اليوم.
وتلقى الاحتجاجات دعماً من جميع الفئات السياسية والاجتماعية، من اليسار واليمين، ومن جماعات علمانية ودينية، ونشطاء سلام، واحتياطيين في الجيش، وكذلك من عمال في قطاعات أبرزها قطاع التكنولوجيا.
وشملت الاحتجاجات، أول من أمس، مدن بئر السبع وهرتسليا وكفر سابا، حسب مقاطع نشرها المنظمون.
في تل أبيب، المركز التجاري للبلاد، احتشد عشرات الآلاف مرددين شعارات مؤيدة للديمقراطية، وقرعوا الطبول في التجمع الأسبوعي التاسع والعشرين على التوالي.
وهتف عدد كبير من المحتجين شعارات أبرزها "الديمقراطية أو الثورة"، فيما ارتدى كثر منهم قمصاناً طبعت عليها كلمة "ديمقراطية"، وفق مراسل وكالة فرانس برس في المكان.
ومساء أول من أمس، وصل آلاف المتظاهرين إلى القدس، وبدؤوا بالتجمع قرب البرلمان والمحكمة العليا ومقر إقامة رئيس الوزراء.
وقدم المحتجون إلى القدس في مسيرة استغرقت أياماً عدة، بعدما انطلقت من تل أبيب الأسبوع الماضي.
ومساء أمس، قدّم هرتسوغ عرضاً جديداً للتسوية بين الائتلاف والمعارضة في محاولة لإنهاء الانقسام، بحسب ما أفاد موقع "واي نت" الإلكتروني.
وبحسب التقرير، فإن التسوية التي يعرضها هرتسوغ تتألف من شقَّين، الأول يُعنى بنص توافقي حول تقليص حجة عدم المعقولية وتطبيع "معيار المعقولية" على قرارات الحكومة، في حين يُعنى الشق الثاني بتعليق العملية التشريعية لسائر القوانين التي تدفع بها الحكومة ضمن خطة إضعاف القضاء.
وذكر "واي نت" أن التسوية التي عرضها هرتسوغ تأتي في إطار جولة المباحثات المكوكية التي يجريها مع الأطراف المعنية في الائتلاف المعارض، منذ عودته، أمس، من زيارة استمرت لأيام في الولايات المتحدة الأميركية، والتي بدأت بالاجتماع مع رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في مستشفى "شيبا"، حيث يمكث الأخير.
وأفاد التقرير بأن هرتسوغ اجتمع مع يائير لابيد، وعقد اجتماعاً مع نتنياهو، فيما يعتزم الاجتماع برئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس، في وقت لاحق، كما أنه يسعى للتوسط بعقد اجتماع بين وزير القضاء ياريف ليفين، وغانتس، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الجانبَين.
وبحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، فإن اقتراح التسوية بشأن معيار المعقولية مقبول على كبار قادة المعارضة، والعقبة الوحيدة هي مسألة تجميد التشريعات القضائية، حيث يرفض الليكود التجميد لأكثر من ثلاثة أشهر، فيما يطالب لابيد بتجميد التشريعات لمدة 15 شهراً.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف