توعدت أوكرانيا، أمس، بـ"الردّ" على موسكو؛ بعد شنّها هجوماً ليلياً عنيفاً بالصواريخ على مدينة أوديسا الساحلية، أدى إلى مقتل شخصين وتضرر كاتدرائية تاريخية.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: إن أوكرانيا استعادت نحو 50 بالمئة من الأراضي التي استولت عليها روسيا، مضيفاً: إن الهجوم الأوكراني المضاد سيستمر عدة أشهر.
وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية، أمس: "استعادت أوكرانيا بالفعل نحو 50 بالمئة من الأراضي التي استولت عليها روسيا في البداية".
وتابع: "ما زلنا إلى حد ما في الأيام الأولى من الهجوم المضاد. الأمر صعب.. لن ينتهي خلال أسبوع أو أسبوعين. نظن أنه سيستمر عدة أشهر".
ونُقل عن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أواخر الشهر الماضي قوله: إن التقدم في مواجهة القوات الروسية "أبطأ مما هو منشود".
واستعادت أوكرانيا السيطرة على قرى في المناطق الجنوبية وأراض أخرى في محيط مدينة باخموت المدمرة في الشرق، لكنها لم تحقق نجاحاً كبيراً في مواجهة خطوط الدفاع الروسية الحصينة.
وعند سؤاله عما إذا كانت أوكرانيا ستحصل على طائرات مقاتلة أميركية (إف-16)، قال بلينكن: إنه يعتقد بأن كييف ستحصل عليها.
وأضاف: "ينصب التركيز على التأكد من أنهم عند حصولهم عليها (الطائرات)، يجب أن يكونوا مدربين جيداً، وقادرين على صيانتها واستخدامها بطريقة ذكية".
وسيبدأ تحالف مؤلف من 11 دولة تدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة طائرات (إف-16) المقاتلة في آب في الدنمارك، على أن يُقام مركز تدريب في رومانيا.
وقدر مسؤولون أميركيون أن تدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرات وتسليمها إلى كييف سيستغرقان 18 شهراً على الأقل.
وفي استكمال لضرباتها المكثّفة على أوديسا المطلة على البحر الأسود، شنّت روسيا ضربات صاروخية خلال اليومين الماضيين.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي: إنها جاءت "ضد مدن مسالمة وضد مبان سكنية وكاتدرائية"، مضيفاً: "سيكون هناك بالتأكيد ردّ انتقامي ضد الإرهابيين الروس من أجل أوديسا".
وأعلن وزير داخليته إيغور كليمنكو أن القصف أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 22 آخرين بينهم أربعة أطفال.
وأفادت القوات المسلحة الأوكرانية بأن روسيا أطلقت "19 صاروخاً من أنواع مختلفة" منها إسكندر وأونيكس وكاليبر، تمّ اعتراض تسعة منها.
وأشارت إلى أن الصواريخ التي لم تتمكن من التعامل معها تسببت "بأضرار في البنى التحتية المرفئية"، وأصابت "ستة أماكن للسكن على الأقل بينها مبانٍ لشقق"، وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي.
وأدى القصف على أوديسا إلى إلحاق أضرار بالغة بكاتدرائية أرثوذكسية تقع في الوسط التاريخي للمدينة، المدرج منذ كانون الثاني 2023 على لائحة "اليونيسكو" للتراث العالمي.
وتعرضت الكاتدرائية التي يعود تاريخ بنائها إلى 200 عام، لأضرار مثل انهيار جدران واحتراق أيقونات وتحطّم ثريات، وفق صحافي في فرانس برس.
وتناثر الحطام على الأرض، بينما حضر سكان للمساعدة في إزالة الركام.
وقال الكاهن المسؤول في الكاتدرائية الأب ميروسلاف لفرانس برس: "كل الزخرفات دمّرت عملياً. برج الجرس فقط لم يمسّ".
وأشار إلى أن "الموجة الصدمية الناتجة عن الانفجار كانت قوية إلى حد تضرر كل أبواب ونوافذ الكاتدرائية التي يبلغ طولها 95 متراً".
وقالت وزارة الخارجية الأوكرانية: "دمرت كاتدرائية التجلي الواقعة في الوسط التاريخي لأوديسا، الخاضعة لحماية اليونسكو. جريمة حرب لن تنسى ولن تغفر".
واعتبر معاون مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أوليكسي كوليبا، أن القصف محاولة "لمحو تاريخنا وتراثنا".
وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) أدانت، أول من أمس، "بشدة" الضربات الروسية على "عدد من المتاحف" والمباني التاريخية في وسط أوديسا، مؤكدة تعرضها لأضرار.
وأشار الحاكم الإقليمي أوليغ كيبر إلى أن الضربات أدت إلى تضرر 25 معلَماً في المدينة، متهّماً الجيش الروسي "بتوجيه صواريخه عمداً نحو الوسط التاريخي لأوديسا".
من جهتها، تشدد روسيا على أن ضرباتها تطال أهدافاً عسكرية. وأكد الجيش أن الضربات الأخيرة استهدفت "منشآت تم فيها الإعداد لهجمات إرهابية ضد روسيا باستخدام قوارب مسيّرة"، مشيراً إلى أنه "تم تدمير جميع الأهداف المحددة".
وتقع أوديسا على البحر الأسود، وتعد إستراتيجية للنقل البحري والإشراف العسكري على هذه البقعة المائية الحيوية. إلا أن المدينة تشهد منذ أيام زيادة في الاستهداف الروسي في أعقاب إعلان موسكو إنهاء العمل باتفاقية لتصدير الحبوب الأوكرانية، كان ميناء أوديسا منفذاً أساسياً فيها.
واتهمت أوكرانيا روسيا بتركيز ضرباتها على أوديسا للحؤول دون استئناف محتمل لصادرات الحبوب.
وأتت الضربات الليلية على أوديسا بعد ساعات من هجوم بطائرات مسيّرة استهدف القرم التي ضمتها روسيا في العام 2014، وأدى إلى انفجار مخزن ذخيرة وإجلاء سكان من المنطقة، ووقف حركة السكك الحديد في شبه الجزيرة.
وكثّفت القوات الأوكرانية بدورها من الهجمات على القرم والجسر الحيوي الذي يربطها بالبرّ الروسي، مذ بدأت مطلع حزيران هجوماً مضاداً لاستعادة أراضٍ تحتلها روسيا في شرق أوكرانيا وجنوبها. ورغم الدعم الغربي بالعتاد والتجهيزات العسكرية من مختلف صنوف الأسلحة، أكد مسؤولون في كييف وعواصم غربية أن الهجوم يمضي بوتيرة أبطأ مما كانوا يأملون.
ميدانياً، شهد أول من أمس، أيضاً، مقتل الصحافي الروسي في وكالة "ريا نوفوستي" روتيسلاف جورافليف جراء ضربة أوكرانية على منطقة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، حسبما أعلن الجيش الروسي.
ووصفت وزارة الخارجية الروسية مقتله بأنه "جريمة نكراء"، وحمّلت الغرب "المسؤولية" إلى جانب أوكرانيا، متوعدة بالرد على هذا الهجوم.
وتقع منطقة زابوريجيا إلى الشمال من أوديسا، وتضم محطة للطاقة النووية هي الأكبر في أوروبا، واحتلها الروس بعد بدء غزوهم في شباط 2022.
ونقلت وكالة "تاس" عن مسؤول عسكري، أن القوات الروسية صدّت "ثلاث هجمات للقوات المسلحة الأوكرانية باتجاه رابوتينو" في منطقة زابوريجيا.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف