بالكاد تجاوزت لبنى العموري (50 عاما) من مخيم جنين، صدمة استشهاد ابنها البكر جميل (24 عاما) مؤسس كتيبة جنين التابعة لـ"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، لكن حزنها يزيد أكثر في كل يوم يمر من دون أن يتحدد مكان ومصير جثمانه أو تلقي نظرة الوداع عليه، بسبب استمرار احتجازه، أسوة بعشرات الشهداء الآخرين في ثلاجات ومقابر "شهداء الأرقام".
ووفق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء المحتجزة والكشف عن مصير المفقودين، فإن سلطات الاحتلال تواصل احتجاز جثامين 398 شهيدا، منهم 256 شهيدا في مقابر "شهداء الأرقام"، و142 شهيدا منذ عودة سياسة الاحتجاز في العام 2015، بينهم 14 طفلا وخمس شهيدات.
وارتقى الشهيد العموري في العاشر من حزيران العام 2021، خلال كمين نصبته القوات الإسرائيلية الخاصة استشهد خلاله اثنان من ضباط جهاز الاستخبارات العسكرية، واختطفت قوات الاحتلال جثمانه ولا تزال تحتجزه في مكان مجهول شأنه في ذلك شأن جثامين الشهداء المحتجزة في ثلاجات أو مقابر "شهداء الأرقام" بلا شواهد أو توثيق أو مراعاة للدفن اللائق والكريم.
تقول العموري، "عندما استشهد جميل، فقدت كل شيء جميل في حياتي، واحتسبته عند الله شهيدا، وعندما طالبنا بتسليم جثمانه، رفض الاحتلال ذلك، فأبقى جرحنا يتعمق في كل يوم ولحظة، وأصبح أملنا أن يكون له قبر نزوره فيه، ونعرف أنه مدفون فيه".
وتنتهج سلطات الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الشهداء منذ بدايات الاحتلال الأولى في العام 1967، معظمهم داخل مقابر أرقام توضع عليها لوحات معدنية تحمل أرقاما مختلفة، ومحاطة بأسلاك شائكة وأبواب مقيدة، ويستبدل الاحتلال تلك الأرقام بشواهد القبور، في سياسة تحرم عائلات الشهداء من وداعهم ومواراة جثامينهم الثرى.
وتمضي والدة الشهيد العموري، "حرمنا الاحتلال من إلقاء نظرة الوداع على جثمان جميل، ويرفض تسليمه، ليصبح رقما في تعداد الشهداء الأسرى".
وتابعت، "غادر جميل المنزل نهار الخميس التاسع من حزيران العام 2021 للمشاركة في حفل زفاف صديقه، ومع تأخر ساعات الليل لم نعلم مكان وجوده، حتى تفاجأنا عند الثانية من فجر يوم الجمعة التالي باتصال على هاتف والده المحمول من جهاز الارتباط الفلسطيني يخبرنا أن جميل استشهد في شارع الناصرة بمدينة جنين".
ومرت ساعات الفجر ثقيلة على عائلة الشهيد العموري دون أن تتأكد بشكل قاطع من خبر استشهاد ابنها ومعرفة مصيره، وكانت الفاجعة أن الاحتلال احتجز جثمانه ورفض تسليمه لذويه.
ووفق أبو علاء العموري وهو عم الشهيد جميل، فإن ابن شقيقه الذي يصغره سنا أسير محرر من سجون الاحتلال، واستشهد برصاص قوة إسرائيلية خاصة في مدينة جنين، بعد أن لاحقته وأطلقت النيران صوبه، ليرتقي شهيدا إلى جانب ضابطين من جهاز الاستخبارات العسكرية، أثناء محاولتهما صد القوة، فيما أصيب صديقه وسام أبو زيد الذي كان يرافقه في فرح صديقهما بالرصاص، واعتقلته قوات الاحتلال رغم إصابته الحرجة.
ومضى العموري، "حتى اللحظة، لا نعلم مصير الشهيد جميل، وكل ما نعرفه أن الاحتلال قتله واحتجز جثمانه، دون أن يسمح لنا بمعرفة مكان جثمانه أو استلامه لإلقاء نظرة الوداع عليه، ومنذ اليوم الأول لتلقينا نبأ استشهاده تواصلنا مع المؤسسات الوطنية والحقوقية والإنسانية، لمتابعة الأمر، ولن يهدأ لنا بال حتى نعرف مصير ابننا الشهيد ونتسلم جثمانه وندفنه في مقابر المسلمين في مسقط رأسه، لأن احتجاز جثمانه يضاعف حجم الحزن والأوجاع في قلوبنا".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف