- الكاتب/ة : سمدار بيري
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2015-12-20
خمس سنوات، منذ قضية سفينة مرمرة، جلدنا الرئيس التركي طيب اردوغان بلا حساب. فقد شجع على اطلاق "سفن التعويض" الى غزة، فرش بساطات حمراء لقيادة حماس التي فرت من سوريا، اوقف المشتريات العسكرية من اسرائيل، منع الطلعات الجوية العملياتية لسلاح الجو في سماء تركيا، اوقف التنسيق الاستخباري (ضرر كبير)، هدد بمحاكمة ضباط وجنود كانوا مشاركين في قضية الاسطول وخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين أنقرة وتل أبيب. كما أنه لم يفوت اي فرصة ليفتح علينا فما كبيرا.
خطوة إثر خطوة في التدهور – وكله موثق. وبينما كان اردوغان يعربد، نشب "الربيع" واجتاح العالم العربي. وعندما سقط الحكام، اصبح اردوغان نجم الشوارع من شمال افريقيا حتى الخليج الفارسي. وقد نجحت الحماسة ضد اسرائيل، ووعد اردوغان الجماهير الغاضبة في تركيا "بصفر مشاكل مع الجيران".
اما الان فهو يتلوى. فالفريق في الجانب التركي والذي يعمل على صياغة اتفاق المصالحة بين أنقرة والقدس يحافظ على اهتمام اعلامي متدنٍ. فلاردوغان توجد مشكلة: كيف يفصل بين الجوهر والاجندة، كيف يعرض المصالحة مع اسرائيل دون أن يخرج منها بصورة الفاشل المنتظم. كيف يسوق اعادة السفراء، الغاء الدعاوى ضد ضباط الجيش واغلاق مكاتب حماس في اسطنبول، دون أن يتمكن من الامساك بالميكروفونات كما يطيب له ويتباهى برفع الحصار عن غزة.
ينبغي الانتباه الى الموضوع الاقتصادي: حتى في الاجواء المعادية، لم ينخفض حجم التجارة بين تركيا واسرائيل بل العكس: فقد تضاعف الى 5.6 مليار دولار في السنة. والسفن تنقل البضائع وتتوقف في اسرائيل، تنتقل الى الاردن وتحمل البضائع على شاحنات الى العراق. بضائع اسرائيلية تباع بلا مشاكل في الاسواق التركية، والطلب على المعرفة التكنولوجية والخبراء الزراعيين الاسرائيليين يسجل ارتفاعا متواصلا. في هذا الشأن فان اردوغان ورئيس حكومته داوداوغلو اللذين اقسما على "انزال اسرائيل على ركبتيها" غيرا القرص. ومن "صفر مشاكل" الى شعار "ما هو خير للاتراك".
عندما يكون اتفاق المصالحة جاهزا للتوقيع، ستكون لاردوغان مشكلة تسويق. فهو الذي سيتعين عليه أن يبيعه للحزب الحاكم الاسلامي الذي رفعه الى منصب الرئيس ولم يحقق له في الانتخابات للبرلمان الاغلبية لتغيير الدستور. هو الذي يتعين عليه ان يجد تفسيرا مقنعا اذا ما اصر نتنياهو على اجراء احتفال توقيع مغطى اعلاميا، لاظهار التحول. كما أنه يعرف بان اسرائيل عرفت كيف تمسك به في لحظات الضعف.
شروط اردوغان للمصالحة لم تتغير منذ قضية مرمرة: ان يعتذر نتنياهو عن القتل والاصابة للمواطنين الاتراك (نتنياهو "اعرب عن أسفه" فقط)، ان تدفع اسرائيل لعائلات القتلى والجرحى (اسرائيل وجدت صيغة التفافية، لاقامة صندوق تعويضات) وان يرفع الحصار عن غزة (اسرائيل اعلنت ان هذا ليس حصارا كاملا، وان المساعدة الانسانية تمر، وان مواطني القطاع يحصلون على تصاريح خروج "حسب الحاجة").
غير أنه في الشهر الاخير تلقى اردوغان ضربتين اقتصاديتين: بسبب اسقاط الطائرة الروسية الغي مشروع نقل الغاز الطبيعي من روسيا، ومليونا سائح خططوا لقضاء نهاية السنة الميلادية على شواطىء انطاليا وفي اسواق اسطنبول ينتقلون الى مكان آخر. ومع أن اتفاق المصالحة يفتح صفقة غاز طبيعي مع اسرائيل، الا ان اردوغان يحتاج بالمقابل الى ان يعد بطرد صلاح العاروري وعصبة حماس ويوقف الاجراءات القانونية ضد قادة سلاح الجو والبحر وضد رئيس شعبة الاستخبارات الاسبق عاموس يدلين.
الاعلام الخاضع للرقابة في تركيا تجاوز في نهاية الاسبوع احتمالات المصالحة مع اسرائيل. والمذيعون في استديوهات التلفزيون وجدوا صعوبة في اخفاء الشماتة من اردوغان، ولكنهم اتخذوا جانب الحذر من الا يلقوا بهم الى السجن باثر غضبه. وصحيح حتى يوم امس فان اردوغان يعاند بانه "لا يوجد (حاليا؟) صفقة مع اسرائيل".