يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لليوم الـ165 على التوالي، مع اشتداد الحصار، وتفاقم المعاناة والجوع، واستمرار النزوح القسري للعائلات، بالتزامن مع تصاعد المجازر الإسرائيلية.
"الأيام" نقلت مشاهد من العدوان والمعاناة، منها مشهد يرصد تفاقم معاناة النازحين مجدداً جراء الأمطار والرياح، ومشهد آخر يوثق استمرار النزوح القسري للمواطنين للشهر السادس على التوالي، ومشهد ثالث تحت عنوان: "شبح الحرب والحصار يخيّم على أسواق رمضان في القطاع"، ومشهد رابع يوثق حال العائلات في قطاع غزة، التي باتت تعيش على "التكايا" الخيرية للطعام.

الأمطار والرياح تفاقم معاناة النازحين
تفاقمت معاناة النازحين المقيمين في خيام ومراكز إيواء مجدداً بعد هطول أمطار غزيرة، رافقها هبوب رياح قوية.
وفوجئ النازحون في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، بهطول غزير للأمطار في ساعة مبكرة من فجر أمس، رافقته هبّات قوية من الرياح، ما تسبب في غرق الخيام، واقتلاع بعضها، وأجبر الآلاف منهم على النوم في العراء.
وسارع نازحون إلى اصطحاب عائلاتهم، والتوجه إلى خيام جيرانهم، أو إلى أماكن أخرى، لحمايتهم من الرياح والأمطار.
وقال المواطن مصطفى سلطان، إنه وعائلته يعانون مع كل موجة أمطار، فخيمته البالية المصنوعة من قطع القماش والنايلون لا تصمد في مثل هذه الأجواء، وسرعان ما تنهار وتدخل المياه على أبنائه.
وأوضح أنه توجه وعائلته ليختبئ من الأمطار تحت سقف مستشفى حمد، الذي ما زال قيد البناء غرب رفح، وقد تعرضوا للبرد الشديد، وبدأت علامات المرض تظهر على أطفاله.
وأكد أنه مازال ينتظر سكون العاصفة، وهدوء الرياح، ليعيد إقامة خيمته وترميمها، واستبدال النايلون والقماش الممزق.
من جهتها، قالت المواطنة ليلى عرفات، إنها اضطرت وعائلتها لترك الخيمة في جنح الظلام، بعد أن تسربت مياه الأمطار إليها، وتوجهت إلى خيمة لجيرانها برفقة أطفالها، وهذا الأمر يتكرر مع كل موجة أمطار.
وأشارت عرفات إلى أن الخيام الجيدة التي يتم توزيعها كمساعدات قوية ومتماسكة، وتقي من الأمطار، لكن الخيام البالية كحال خيمتها، لا تقاوم الأمطار، وسرعان ما تدخلها المياه، مطالبة الجهات الخيرية بتسليم جميع النازحين خياماً جيدة، ووقف بيعها في السوق السوداء بأسعار خيالية، فتلك الخيام جاءت ليتم توزيعها على النازحين، وليس لتباع.
وأوضحت أن حال النازحين مبكٍ مع كل موجة أمطار، ففي المخيم يفر الناس من خيامهم، ويبحثون عن أي ملجأ يقيهم وأطفالهم من الأمطار.

النزوح القسري يتواصل
رغم مرور 165 يوماً على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن السكان والنازحين لم ينعموا بالاستقرار حتى في خيامهم، إذ يواصل الاحتلال إجبارهم على النزوح والتنقل داخل القطاع، مع استمرار العدوان والهجمات المفاجئة.
وآخر معاناة النزوح كانت من مناطق غرب مدينة غزة، ومستشفى الشفاء، والمدرسة الأميركية المجاورة، إذ اقتحم الاحتلال تلك المناطق مؤخراً بصورة مباغتة، واعتقل عشرات الرجال، وأجبر النساء والأطفال على النزوح باتجاه الجنوب، كما وزع الاحتلال منشورات على سكان حيّ الرمال، وطلب منهم النزوح قسراً عن منازلهم، بادعاء أنها منطقة قتال خطيرة.
ولم يسلم المواطنون في جنوب ووسط القطاع من الإجبار على النزوح القسري، إذ يتم بين الفينة والأخرى اقتحام بعض المناطق، وإجبار الناس على الفرار من منازلهم للنجاة بأرواحهم، ويسقط منهم شهداء وجرحى، وهم يحاولون الخروج، كما حدث مؤخراً في محيط أبراج حمد، شمال محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وذكرت المواطنة أم محمود الشافعي، التي نزحت من مناطق غرب غزة، ووصلت إلى جنوب القطاع المحاصر، إنها منذ بداية الحرب لم تشعر بالاستقرار، وتتنقل بين منطقة وأخرى داخل مدينة غزة، حتى عادت إلى منزلها غرب المدينة قبل أكثر من شهر، وظنت أنها ستبقى فيه بعد انسحاب الاحتلال من معظم مناطق مدينة غزة، حتى فوجئت بالهجوم الإسرائيلي الأخير على غرب المدينة، وأُجبرت قسراً على النزوح، بعد اعتقال زوجها وابنها، اللذين لا تعلم عن مصيرهما أي شيء.
بينما أكد نازحون أن الاحتلال يتعامل معهم "كحجارة الشطرنج"، ويواصل إجبارهم على التنقل من منطقة إلى أخرى، دون مراعاة لما يعانونه.

شبح الحرب والحصار يخيّم على الأسواق
خيّم شبح الحرب والحصار على الأسواق في قطاع غزة خلال شهر رمضان، إذ بدت خالية من السلع والبضائع، التي عادة ما تُعرض في مثل هذا الوقت من كل عام.
وعلى غير العادة، اختفت بسطات الحلوى، والفواكه، والتمور، والقطايف، وكذلك تراجعت كميات الخضار المعروضة، بينما عانت الأسواق من شح غير مسبوق في اللحوم، والأسماك، وارتفاع حاد على أسعار السلع المتوفرة.
وبدا المواطنون من رواد الأسواق في حالة من الحيرة، ولا يعلمون ماذا يشترون، خاصة أن السلع الشحيحة باتت أسعارها عالية.
وقال المواطن خليل هاشم، إن الأسواق في رمضان الحالي تعد الأسوأ، فأبناؤه طلبوا منه القطايف، وتوجه إلى السوق، ولم يجد سوى بسطات قليلة تقوم بإعدادها، واشترى كيلوغراماً، وحتى أصبحت جاهزة، وقدمها لأبنائه كلفته 150 شيكلاً، في حين كان نفس الطبق من الحلوى لا تزيد كلفته على 15 شيكلاً في السنوات الماضية.
وأشار إلى أن ثمن حزمة الجرجير الصغيرة وصل إلى 5 شواكل، بعد أن كانت الثلاث حزم تباع في السنوات الماضية مقابل شيكل واحد فقط.
وبيّن أن أكثر من 95% من السلع الرمضانية مفقودة من السوق، والأخيرة تغص بالمعلبات، وبعض السلع التي سئم الناس من أكلها.
في حين، قال المواطن ياسر رفعت، إنه يتوجه للسوق يومياً على أمل أن يحظى بفرصة لشراء الدجاج أو اللحم، لكنه ورغم مرور 9 أيام على بدء رمضان لم يحظ بتلك الفرصة حتى الآن، مبيناً أن كميات الدجاج المحدودة التي تصل السوق تنفد بسرعة.
وأكد أن سفرة رمضان التي كانت عامرة بما لذ وطاب من الطعام والحلوى، باتت الآن لا تحوي سوى طبق أو اثنين، غالباً ما تكون من المعلبات، وأن أبناءه لا يكفون عن طلب الطعام والحلوى، وهو عاجز عن تلبية مطالبهم.

عائلات في رفح تعيش على "التكايا"
مع اقتراب رفع آذان المغرب، يبدأ الآلاف من الفتية والأطفال والسيدات، وكذلك الرجال، بالتوجه إلى أماكن عقد "التكايا" الرمضانية، للحصول على الطعام المجاني، الذي بات مصدر آلاف العائلات شبه الوحيد، لسد جوعهم في رمضان.
فثمة عشرات المطابخ الخيرية تنتشر في محافظتي رفح، ووسط القطاع، معظمها مدعومة من جهات خيرية ومؤسسات إغاثية، إذ تُعد تلك المطابخ كميات كبيرة من الطعام، يتم توزيعه مجاناً، مثل الفاصولياء، والبازيلاء، والمعكرونة، والعدس، وغيرها من الأصناف.
الطفلة مريم حمدان، التي كانت تقف في طابور طويل برفقة شقيقها أمام أحد المطابخ الخيرية غرب رفح، منتظرة دورها، للحصول على كمية من الأرز المخلوط بالخضراوات المعلبة، أكدت أن عائلتها تنتظر عودتها، فهي وشقيقها يجلبون لهم الطعام من "التكايا" يومياً، فوالدتها التي تقطن في خيمة لا تطهو أي طعام، لعدم امتلاكها موقداً، أو حتى أي طعام.
وبينت أنها عندما تعود من "التكية"، يضعون ما جلبته على سفرة واحدة، ثم يتناولونه جميعاً، أما وجبة السحور، فهي في الغالب معلبات، من تلك المتوفرة في الخيمة.
أما المواطن فؤاد صيام، فأكد أنه لم يعد لديه أي مال، وحتى لو توفر لديه لا يستطيع شراء السلع بأسعارها الحالية في السوق، لذلك باتت "تكايا" الطعام هي مصدر الغذاء الوحيد له وللعائلة، لدرجة أنه أصبح يرسل اثنين من أبنائه إلى مطبخين مجانيين مختلفين يومياً، كي يحضرا وجبتي طعام، واحدة للسحور والأخرى للإفطار، بينما يطارد أبناؤه صهاريج المياه المجانية التي تصل إلى بعض المناطق، لتعبئة "جالون" مياه شرب، موضحاً أنه لولا هذه المطابخ، والمياه التي توزع مجاناً وبعض الطرود التي تصل، لمات مع أبنائه جوعاً.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف