- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2024-03-28
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ173 على التوالي، ويستمر الاحتلال في مذابحه وجرائمه دون توقف، بينما تتعمق الأزمات في القطاع.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من قلب العدوان والحصار في قطاع غزة، أبرزها مشهد تحت عنوان: "المدفعية.. سلاح أعمى يحصد الأرواح يومياً"، ومشهد آخر ينقل ما وثقه مركز حقوقي حول إعدام الاحتلال لأطفال غرب غزة، ومشهد ثالث يرصد حال الأسواق في القطاع، بعد توفر السلع وحدوث انخفاض على الأسعار، ومشهد رابع وأخير تحت عنوان: "آلاف القنابل غير المنفجرة تشكّل خطراً على المواطنين".
المدفعية سلاح القتل الأعمى
يعدّ سلاح المدفعية أحد أهم أسلحة الاحتلال في حربه المستمرة على قطاع غزة، خاصة خلال العدوان البري الذي استهدف مناطق واسعة داخل القطاع.
وأفرط الاحتلال في استخدام سلاح المدفعية ضد المدنيين، وأحيائهم ومنازلهم، متسبباً بارتكاب مئات المجازر، وقتل الآلاف، وزيادة حالات النزوح.
ووفق شهود عيان، فإن الاحتلال يعتمد تنفيذ ما يسمى "سياسة الأرض المحروقة"، قبل بدء التوغل البري في أية منطقة، إذ تبدأ الطائرات بشن غارات وأحزمة نارية بصورة مكثفة، ثم تشن المدفعية الإسرائيلية عمليات قصف موسع وعنيف، وتستهدف المنازل والشوارع، والأحياء، فتقتل الناس في منازلهم، وتلاحق النازحين الفارين في الشوارع والأزقة.
وأشار مواطنون وجهات إنقاذ محلية، إلى أن المناطق التي تعرضت للقصف المدفعي وقع فيها مئات الشهداء والجرحى، ولم تستطع فرق الإنقاذ، في أغلب المرات، الوصول إلى تلك المناطق، وبعض المواقع وصلتها بعد أيام وأسابيع من القصف، وانتشلت جثامين متحللة، وكان بعض الشهداء عبارة عن أشلاء، جراء قوة القذائف المستخدمة.
وقال المواطن أحمد أبو شمالة، وقد حوصر في منزله غرب مدينة خان يونس، جنوب القطاع، بعد مهاجمة الدبابات بشكل مفاجئ للمنطقة، إنه عاش أياماً صعبة، حيث كانت قذائف المدفعية تُطلق على مدار الساعة باتجاه المنطقة، وشاهد الموت بعينيه، لكنه بعد أيام قرر النزوح رغم الخطر، مؤكداً أنه وخلال رحلة النزوح، شاهد الأهوال؛ جثامين في الطرقات، وفي المنازل، وجدراناً مدمرة، وشوارع بها حفر، لافتاً إلى أن القذائف المذكورة تتسبب بدمار واسع، وتقطع جثامين الشهداء.
بينما ارتكبت قوات الاحتلال عشرات المجازر في مدارس، ومراكز إيواء في القطاع، جراء استهدافها بقذائف المدفعية، كما حدث في مدينة غزة، ومحافظة خان يونس.
وأكد أطباء يعملون في المستشفيات الحكومية، أن أغلب الشهداء ممن يصلون إلى المستشفيات، خاصة من مناطق التوغل، هم ضحايا القصف المدفعي العشوائي، وأغلبهم يعانون إصابات معقدة وصعبة، وهناك حالات بتر.
وبيّن أطباء أن قذائف المدفعية تصدر شظايا متعددة الأحجام، تحدث لدى إصابة الشخص تهتكاً شديداً جداً في الأنسجة، وحالات بتر، وينتج عنها نزيف حاد جداً، جراء قطع الأوردة والشرايين، قد يؤدي إلى الوفاة.
إعدام أطفال غرب غزة
وثّق مركز حقوقي، قيام قوات الاحتلال بإعدام أطفال خلال عدوانه المتواصل على مناطق غرب مدينة غزة، لاسيما مجمع الشفاء الطبي.
وذكر المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، أن فرقه وثقت إفادات بإعدام جيش الاحتلال 13 طفلاً في مستشفى الشفاء ومحيطه بمدينة غزة، خلال أسبوع واحد.
وقال المرصد: "تلقينا إفادات وشهادات متطابقة، بشأن جرائم إعدام وقتل بحق أطفال، تتراوح أعمارهم بين 4 و16 سنة"، مبيناً أنه جرى توثيق إعدام قوات الاحتلال الطفلين علي إسلام صلوحة (9 سنوات) وسعيد محمد شيخة (6 سنوات) بدم بارد، أمام أعين عائلتيهما وسكان المنطقة، بعد استهدافهما بالرصاص الحيّ بشكل متعمد.
ولفت إلى أن بعض الأطفال قُتلوا أثناء محاصرتهم من جيش الاحتلال مع عوائلهم داخل منازلهم، وآخرين خلال محاولتهم النزوح في مسارات حددها لهم الجيش مسبقاً، بعد أن أجبرهم على النزوح من منازلهم وأماكن سكنهم.
وأوضح المرصد أن حالات الإعدام الموثقة تمثل انتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، وبما يشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية قائمة بحد ذاتها، وتأتي في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، منذ ستة أشهر.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال ارتكب ولا يزال، جرائم مروّعة بشكل منهجي خلال عملياته العسكرية منذ أكثر من أسبوع داخل مستشفى الشفاء ومحيطه، بما في ذلك عمليات قتل عمد، وإعدام خارج نطاق القانون والقضاء ضد المدنيين الفلسطينيين.
انخفاض طفيف على أسعار السلع
طرأ تحسّن على كميات وأسعار السلع المتوفرة في مناطق وسط وجنوب قطاع غزة، بعد دخول عدد كبير من شاحنات البضائع التي كانت محتجزة على معبري رفح وكرم أبو سالم.
وأكد مصدر مطلع لـ"الأيام"، أن عشرات الشاحنات المملوكة لتجار وتنقل كميات من البضائع التجارية "مواد غذائية"، دخلت القطاع خلال الأيام الماضية، وهذا انعكس إيجاباً على كميات السلع، وأسعارها.
وشوهدت كميات من السكر تصل الأسواق، وتُعرض على البسطات، وكذلك زاد عرض زيت الطعام، والبقوليات، بينما شهدت الأسواق عرضاً أكبر للدجاج واللحوم المجمدة، التي كانت شبه مختفية في الفترات الماضية.
وقال المواطن أحمد جودة، إنه قبل أسبوع توجه إلى السوق وكانت السلع شحيحة، والأسعار مرتفعة جداً، لكنه توجه إلى السوق قبل يومين فوجد الوضع مختلفاً، فالدواجن واللحوم المجمدة متوفرة، والزيت، والأرز، والسكر أصبحت موجودة بشكل أفضل، والأسعار انخفضت بشكل ملحوظ، لكنها لم تعد إلى ما كانت عليه قبل الحرب.
ونوّه إلى أن المشكلة هي أنه لا يوجد استقرار في عمل المعابر، بمعنى أن الوضع قد يتغير في أية لحظة، فالشروع بعملية برية في رفح سيعني إغلاق المعابر، وعودة السلع للاختفاء والأسعار للارتفاع، كما أن عدم وجود ثلاجات تحفظ السلع، يؤدي الى إحجام المواطنين عن شراء السلع بكميات كبيرة، عدا مشكلة الفقر التي تؤثر على المشتريات.
وأرجع تجار انخفاض أسعار السلع إلى سببين رئيسيين؛ الأول زيادة العرض على الكثير من أنواع السلع، والثاني فقد السيولة النقدية من قطاع غزة، وعدم وجود أموال لدى المواطنين، بسبب ارتفاع نسب البطالة، وتوقف أغلب المصارف عن العمل.
وذكر البائع رامي جبريل، أن المواطنين بعد ستة أشهر من العدوان فقدوا ما كان معهم من مال، والوضع أصبح صعباً، ولم يعد باستطاعة أغلب المواطنين شراء السلع من السوق، لذلك هناك حالة ركود، وتراجع في الحركة الشرائية.
آلاف القنابل غير المنفجرة
باتت القنابل غير المنفجرة، تشكل تحدياً كبيراً، وخطراً على المواطنين في جميع أنحاء قطاع غزة، مع تزايد أعدادها، وانتشارها على مساحات واسعة من القطاع.
فلم يعد يخلو شارع أو حي من صواريخ وقذائف وقنابل من مخلفات الحرب، بعضها كاملة، وأخرى أجزاء من صواريخ، وجميعها بمثابة قنابل موقوتة، تهدد حياة المواطنين.
وقال مواطنون إن تلك القنابل يتركز وجودها في المناطق التي تعرضت للاجتياح البري، لاسيما شرق القطاع، وشماله، ومدينة غزة، وكذلك خان يونس، وبعضها موجود في بنايات كان يتواجد فيها جنود الاحتلال.
وذكر المواطن محمد بركات، أن الحرب قد تنتهي في أي وقت، لكن خطر هذه القنابل سيستمر لأسابيع وربما أشهر، وبعضها قد تنفجر عند محاولة تحريكها، أو نتيجة أي عوامل خارجية.
وشدد على أهمية تنظيف قطاع غزة من هذه المخلفات، وإبعادها في أسرع وقت ممكن، وقبل ذلك، يجب إطلاق حملة توعية، توضح للمواطنين كيفية التعامل معها، ما يسهم في تجنب مخاطرها.
ويحاول المواطنون تجنب لمس أو تحريك تلك القنابل، بل وإخلاء مناطق سقطت فيها، خاصة أن بعضها كبيرة، تزن مئات الكيلوغرامات.
وقدّرت منظمة "هانديكاب إنترناشونال" غير الحكومية أن هناك 3 آلاف قنبلة على الأقل، من أصل 45 ألفاً أطلقتها إسرائيل على قطاع غزة بين 7 تشرين الأول ومنتصف كانون الثاني الماضي، لم تنفجر، وفق تحذيرات مسؤول في المنظمة.
وقال نائب مدير العمليات الدولية في المنظمة، جان بيار ديلومييه "ثمة 3 آلاف قنبلة من بين هذه القنابل الـ45 ألفاً، لم تنفجر، وستشكل تلك، في الواقع، خطراً إضافياً لاسيما بالنسبة للمدنيين عند العودة في الوقت الذي يتعيّن فيه نشر المساعدات الإنسانية".