يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ181 على التوالي، وتتصاعد فصول المعاناة، خاصة مع استمرار العدوان البري وتوسيعه، وتكرار الهجمات المفاجئة.
"الأيام" نقلت مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد يرصد مخاوف المواطنين من الطائرات المُسيّرة ليلاً، ومشهد آخر تحت عنوان "الجفاف رحمة للنازحين"، ومشهد ثالث يرصد الارتفاع الكبير على تعرفة المواصلات في قطاع غزة، ومشهد رابع بعنوان: "الفقر ينهش المواطنين في غزة".

المُسيّرات في الليل تفرض حظر تجوال
ما إن ينتهي المواطنون من أداء صلاة التراويح في المساجد، حتى يشرعوا بالعودة إلى بيوتهم، ويلتزموها حتى الصباح، خوفاً من تحليق الطائرات المُسيّرة خاصة من نوع "كواد كابتر".
وقال شهود عيان إن جميع مناطق قطاع غزة تشهد في ساعات الليل تحليقاً مكثفاً للطائرات المُسيرة، خاصة الصغيرة منها، إذ تشاهد تحلق فوق الشوارع، وتقف بعضها على نوافذ المنازل، وأخرى تتواجد بكثافة في محيط المستشفيات.
وأكد مواطنون أن بعض هذه الطائرات تُطلق النار، وأخرى تطلق كتلاً مشتعلة على منازل بهدف إحراقها، وبعض الطائرات تحلق بغرض التجسس وجمع المعلومات.
وأشار المواطن محمود قاسم، إلى أن الطائرات المُسيرة تحلق في كل مكان برفح خلال الليل، بعضها كبيرة تحلق على ارتفاعات متوسطة وعالية، وأخرى صغيرة تكاد تلامس الأرض في تحليقها.
ولفت إلى أنه شاهد من نافذة المنزل طائرة مسيّرة صغيرة تحمل جسماً يتدلى بحبل قرب مستشفى النجار، فشعر بخوف، قبل أن يسمع صوت طلقات نارية لا يعرف مصدرها.
في حين أكد المواطن حسام عوض أن الليل في رفح وباقي مناطق قطاع غزة أصبح مرعباً، فقد شاهد طائرات صغيرة تهبط على سطح جيرانه، وأخرى تحاول الوقوف على نوافذ بعض المنازل، وشعر بصوت مراوح بعض الطائرات فوق سطح منزله.
وبيّن أن مدينة رفح تشهد في الوقت الحالي أكثف عمليات تحليق للطائرات منذ بدء العدوان، فالمُسيّرات متعددة الأشكال والأحجام لا تغادر سماء المدينة، لا في الليل ولا النهار، وإن كانت عمليات التحليق في الليل أكبر وأعمق.

الجفاف رحمة للنازحين
لأول مرة منذ عقود طويلة، يمرّ موسم مطري جاف على قطاع غزة، دون أن يخلّف ذلك حزناً أو خسارة لسكان القطاع ومزارعيه.
فيوشك الموسم المطري الحالي على الرحيل، مسجلاً أدنى هطولات مطرية منذ سنوات طويلة، خاصة في مناطق جنوب القطاع، وتحديداً رفح، التي لجأ إليها أكثر من 1.2 مليون نازح، يقيم غالبيتهم في خيام.
وكما أن المطر كان رحمة للعباد سابقاً، فقد جاء انحباسه هذا العام رحمة، إذ أكد نازحون أن الهطولات المطرية على رفح كانت محدودة وقليلة، ولم تتواصل كما السنوات الماضية، وهذا أمر جيد أسهم في تخفيف معاناتهم وعائلاتهم، فلو كان الموسم الحالي مطيراً كما العامين الماضيين، لعانوا الأمرّين.
وقالت المواطنة أم يوسف عيد، وهي نازحة من شمال قطاع غزة، وتقيم في خيمة بمعسكر النازحين في منطقة "الطيارة"، غرب رفح، إنها منذ نزحت عن منزلها نهاية شهر تشرين الثاني الماضي وهي تخشى الأمطار وتبعاتها.
وأوضحت أن الطقس هذا الشتاء في مجمله كان جافاً رغم برودته، وموجات الأمطار التي وصلت كانت محدودة وساعات الهطول قصيرة، لم تدم في كل مرة سوى ساعات محدودة.
وبينت أن الطقس في رفح، وهي أقرب مدن القطاع لصحراء سيناء، مختلف عن مناطق شمال القطاع، ففي رفح تهب عواصف رملية، وأمطار محدودة، مشيرة إلى أنها عندما كانت تتحدث مع أقاربها ممن مازالوا يقيمون في مناطق شمال القطاع، كانت الأمطار تهطل هناك بغزارة، فيما كانت أجواء رفح صافية وجافة.
من جهته، قال المزارع أحمد عاشور، إنه ولأول مرة في حياته لم يحزن لانحباس الأمطار، وجفاف الموسم، فهو وغيره من المزارعين لم يزرعوا أراضيهم بالمحاصيل، والأهم من ذلك أن الأمطار في حال هطلت كانت ستزيد من معاناة النازحين، وانحباسها جاء رحمة للناس.

ارتفاع كبير على تعرفة المواصلات
شهدت تعرفة المواصلات ارتفاعاً كبيراً خلال الفترة الماضية، وصل إلى نحو 400%، وأحياناً أكثر من ذلك بكثير، في حال نقل العفش والأثاث من منطقة إلى أخرى.
وقال المواطن خالد عرفات، إنه وقبل العدوان كانت تعرفة المواصلات الداخلية في محافظة رفح تتراوح بين 1 و2 شيكل، لكنها بعد العدوان أصبحت 2 شيكل، ثم 3، ثم 5.
ونوه إلى أنه وإضافة إلى ارتفاعها هناك شح كبير في المركبات، والمواطنون يستقلون شاحنات مكشوفة، وعربات تستخدم في نقل الدواب، مبيناً أنه حتى يتوجه من حي تل السلطان إلى مركز المدينة بات يحتاج إلى دفع 10 شواكل، ما بات يضطره للمشي، أو ركوب عربة "كارو" مقابل مبلغ أقل.
أما المواطن هشام سالم، فقال إنه اضطر إلى دفع مبلغ 700 شيكل لنقل فراش وأغطية وبعض الحاجيات من شرق محافظة رفح باتجاه بلدة الزوايدة وسط القطاع، وهو مبلغ أعلى بست مرات على الأقل من قيمة التعرفة الحقيقية للمواصلات.
وأكد مواطنون أن قطاع المواصلات أصبح منفلتاً، ولا يوجد أي تعرفة ثابتة أو معروفة للمواصلات، وكل سائق يطلب من الركاب مبالغ مختلفة، وفي أغلبها تفوق التسعيرة الحقيقية بأضعاف كثيرة، مطالبين بضبط هذا القطاع، ومنع الاستغلال، والتأكد من سلامة المركبات التي تعمل في قطاع غزة.
وبرر سائقون سبب رفع تعرفة المواصلات إلى الارتفاع الكبير في ثمن الوقود، إذ يباع لتر السولار في السوق السوداء بين 35 و40 شيكلاً، بعد أن كان ثمنه أقل من 7 شواكل، في حين يبلغ ثمن لتر زيت الطعام الذي يستخدم كوقود نحو 10 شواكل بعد انخفاضه، عدا اختفاء البنزين، وصعوبة الحصول على بديله غاز الطهي.

الفقر ينهش المواطنين في غزة
تعمقت معدلات الفقر بشكل غير مسبوق في قطاع غزة، بعد مرور 181 يوماً على بدء العدوان، وفقد مئات الآلاف من العمال، والمزارعين، والصيادين، والحرفيين أعمالهم.
وتحوّل غالبية سكان القطاع إلى فقراء، يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الغذائية، و"تكايا" الطعام، في ظل عدم تمكنهم من شراء السلع المعروضة في الأسواق.
وقال المواطن أحمد جراد، إنه كان يعمل في مطعم، وفقد عمله منذ اليوم الأول من العدوان، ومنذ ذلك الوقت لم يدخل جيبه شيكل واحد، وما كان لديه من مال صرفه، وبات يعيش حياة بائسة ينتظر طرداً يأتيه من تلك الجهة، ويطارد مساعدات تصل إلى هذه المنطقة أو تلك.
وبيّن جراد أنه لم يعش في حياته وضعاً أسوأ من الذي يعيشه الآن، فحياته وحياة أسرته كلها قائمة على المعلبات، و"تكايا" الطعام، وبات لا يغادر خيمته التي يقيم فيها غرب رفح، بعد نزوحه من مدينة غزة.
ونوّه إلى أنه حاول العثور على عمل، ـوقد عمل لفترة وجيزة حارساً لأحد مخازن المساعدات، مقابل كمية يتم منحه إياها كل يوم، لكن عمله لم يدم طويلاً بسبب نقل المخزن إلى مكان آخر.
في حين ذكر المواطن عماد بشير، أن فئة العمال والمزارعين سُحقت خلال الحرب، فهم منذ ستة أشهر يعيشون في فقر وعوز، وحتى المساعدة التي كان يتلقاها من الخارج من بعض الأقرباء لم تعد تصل بسبب ظروف الحصار المالي، وهو يعيش كغيره على ما يتسلمه من مساعدات.
ولفت إلى أنه بات يشعر نفسه كمتسول، يبحث عن مراكز توزيع الطرود، والأشخاص الذين يعملون في مجال العمل الخيري، ليوفر القوت لأبنائه، ولا يعلم ما ستحمله الأيام المقبلة له ولعائلته، في ظل تهديدات الاحتلال باجتياح رفح، ما قد يجبرهم على النزوح مجدداً باتجاه مناطق لا يعرفها.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف