نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه الـ184 على التوالي، ورصدت أبرز القصص التي توثق المعاناة الإنسانية، وتُظهر مآسي المواطنين ومعاناتهم المتفاقمة.
ومن أبرز المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد بعنوان: "الفيروس الصامت يواصل الانتشار في غزة"، ومشهد آخر جاء تحت عنوان: "الخيام توابيت تفتك بقاطنيها"، ومشهد ثالث يرصد الارتفاع الكبير على أسعار السجائر المستوردة، والبدائل الخطيرة، ومشهد رابع حمل عنوان: "الحرب تسحق الأطفال في غزة".

الفيروس الصامت يواصل الانتشار
يواصل مرض التهاب الكبد الوبائي، أو كما يسمى محلياً "الفيروس الصامت"، انتشاره وتغلغله في صفوف المواطنين، خاصة النازحين، متسبباً بإصابات جديدة بشكل يومي.
ويعاني الآلاف جراء إصابتهم بهذا الفيروس، الذي انتشر خلال العدوان، ويقوى تأثيره على الأطفال، الذين يشعرون بأعراض منها ارتفاع في درجات الحرارة، وإعياء، واصفرار الوجه والجلد والعينين.
وفي قطاع غزة نحو 700 ألف مواطن يعانون من أمراض معدية نتيجة النزوح، بينهم حوالى 10 آلاف مصاب بالتهاب الكبد الوبائي الفيروسي، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
ووفقاً لأطباء وأخصائيين، فلم يعد التهاب الكبد الوبائي خاصة من النوع "A"، مجرد مرض عابر في قطاع غزة، بل تحول إلى وباء ينتشر ويستشري بسرعة، ويصيب المئات أسبوعياً، خاصة داخل مخيمات الإيواء، التي تفتقد للحد الأدنى من الخدمات.
ويرى مختصون أن السبب الرئيسي للإصابة بمرض الكبد الوبائي هو سوء التغذية، والحمّام المشترك، وكذلك شرب مياه غير نظيفة، وانتشار برك المجاري في محيط مخيمات النزوح، إضافة إلى انتشار النفايات الصلبة.
قال الطبيب إبراهيم منصور، من مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار في رفح، إن آلاف الحالات باتت مصنّفة بأنها مُصابة بمرض الكبد الوبائي (A) في رفح جنوب قطاع غزة، خاصة بين الأطفال والأعمار من 12 حتى 17 عاماً.
وقلّل منصور من خطورة مرض الكبد الوبائي (A) رغم انتشاره الواسع بين النازحين في قطاع غزة، عكس الكبد الوبائي (C) الذي يشكل خطورة أكثر على صحة الإنسان.
وأرجعت وزارة الصحة أسباب انتشار الأمراض والأوبئة، إلى الاكتظاظ وهشاشة المأوى، وعدم توافر الأطعمة والمشروبات المناسبة، والرعاية الطبية المطلوبة.
وحذر مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، من مغبة انهيار النظام الصحي في قطاع غزة المحاصر، مشيراً إلى وجود 10 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي من أصل 36.
وأكد أن المرضى يعانون من مشاكل صحية، وسوء تغذية، ومرض الكبد الوبائي بسبب ما خلفته الحرب الإسرائيلية على القطاع.
من جهتهم، أشار أطباء إلى أن مستشفيات قطاع غزة غير قادرة على التعامل مع المصابين، بسبب نقص العلاج والمستلزمات الطبية، في ظل الحرب المدمرة لكل القطاعات الحياتية.

الخيام توابيت تفتك بقاطنيها
تحوّلت الخيام إلى ما يشبه التوابيت التي تفتك بقاطنيها، وتزيد معاناتهم، وتنشر الأمراض بينهم.
وتزايدت شكوى سكان الخيام خلال الأيام الماضية، مع بدء ارتفاع درجات الحرارة نهاراً، وسطوع الشمس فترات طويلة، إذ تُصبح الخيمة في النهار شديدة الحرارة، يستحيل على الأشخاص البقاء فيها، ثم تنخفض درجات الحرارة داخل الخيمة على نحو كبير في الليل، لتصبح باردة، وباردة جداً.
وذكر المواطن أحمد جمعة أنه يضطر إلى مغادرة خيمته في ساعة مبكرة من الصباح، بعد طلوع الشمس مباشرة، فنحو 15 دقيقة من غمر أشعة الشمس للخيمة، كفيلة بأن تجعلها ملتهبة، ولا يقوى أحد على البقاء فيها.
وبيّن أنهم يقضون يومهم كاملاً خارج الخيمة، تارة يجلسون في ظلها، وتارة في الهواء الطلق، ولا يعودون إليها إلا قبيل أذان المغرب، وأن البعض باتوا يضعون قماشاً فوق الخيمة، ويحدثون فيها فتحات جديدة، في محاولة لتخفيف وطأة الحر داخلها، لكن دون فائدة، موضحاً أن الفترة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على قاطني الخيام، مع اقتراب فصل الصيف.
بدورها، قالت الناشطة والإعلامية ابتهال شراب، التي تقيم في مخيم للنازحين بحيّ البرازيل جنوب مدينة رفح، إن حياة الخيمة قاسية وصعبة، وتفقد الناس الكثير من آدميتهم، وتجعلهم في وضع صحي ونفسي سيئ، مبينة أنها كانت تظن أن حياة الخيمة صعبة فقط في فصل الشتاء، وباقي الفصول الأمر سيكون أفضل، لكنها اكتشفت أن فصل الصيف أصعب، وأن المعاناة ستزيد.
وأوضحت أن فارق درجات الحرارة الكبير بين النهار والليل، وسوء التهوية داخل الخيام، وتكدسها بالأشخاص، انعكس سلباً على الصحة العامة، خاصة صحة الأطفال، الذين باتوا يعانون أمراضاً معوية، وتنفسية، وتحولت بشرتهم إلى اللون الأسود، وهم معرضون للإصابة بضربات الشمس، وأمراض جلدية أخطرها سرطان الجلد، جراء كثرة التعرض لأشعة الشمس، خاصة في الأسابيع والأشهر المقبلة.

أسعار السجائر تحلّق عالياً
سجلت أسعار السجائر مستويات قياسية جديدة، إذ وصل ثمن العلبة ذات الـ20 سيجارة إلى أكثر من 400 شيكل، بينما زاد ثمن السيجارة الواحدة على 25 شيكلاً. وتسبب الغلاء المذكور في خلق حالة من الاستياء في صفوف المدخنين، واصفين الغلاء الحالي بالأكبر على الإطلاق.
وأمام هذه الأسعار انقسم المدخنون إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الأول هم مدخنون أقلعوا عن التدخين تماماً، بعد عجزهم عن شراء السجائر بتلك الأسعار، ومنهم الشاب بسام جابر، الذي أكد أنه حاول في السابق أكثر من مرة الإقلاع عن التدخين لكنه فشل، وقد استغل غلاء الأسعار، ونجح هذه المرة، متمنياً أن يحذو الجميع حذوه.
أما القسم الثاني فهم مدخنون واصلوا شراء أسعار السجائر في ظل الأسعار الحالية، مع خفض عدد السجائر التي يدخنونها يومياً، إذ قال المواطن يحيى شعبان، إنه فشل في الإقلاع عن التدخين، ويعتقد أن السيجارة هي التي تساعده على خفض التوتر في ظل الحرب، لكنه قلل عدد السجائر التي يستهلكها يومياً إلى 3 فقط بدلاً من 15 في السابق، ويشعل السيجارة على مرتين، إذ يدخن نصفها، ثم يطفئها ويعود لاحقاً لتدخين الجزء الآخر.
بينما لجأ الجزء الثالث من المدخنين إلى شراء السجائر الشامية "لف"، وهي نوع رديء لم يكن أحد يشتريه في السابق سوى القليل، لكن ثمن السيجارة تجاوز 8 شواكل، ويخلّف تدخينه أضراراً صحية كبيرة، منها السعال، وضيق التنفس.
ومنع الاحتلال دخول السجائر بجميع أنواعها إلى قطاع غزة من خلال المعابر، منذ بدء العدوان، وما يصل حالياً كميات محدودة جداً مع بعض المسافرين القادمين للقطاع.

الحرب تسحق الأطفال
كان تأثير الحرب على الأطفال في قطاع غزة شديداً وكارثياً، إذ سحقت تلك الحرب جميع الأطفال ممن يزيد عددهم على مليون طفل، فمن لم يصبه الرصاص والصواريخ، أصابه الجوع والحرمان، وفتكت به الآثار والتبعات النفسية للحرب، أو أرهقه النزوح وحياة الخيام.
وحسب آخر الإحصاءات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، ومؤسسات أخرى، فإنه ومنذ بداية الحرب قتل الاحتلال أكثر من 14 ألف طفل، وأصيب أكثر من 22 ألف آخرين، كما أن هنالك 17,000 طفل فقدوا أحد الأبوين أو أكثر، أو أشخاصا من عائلتهم. ووفق المنظمات الأممية والحقوقية، فإن كل يوم يمر يفقد 10 أطفال أرجلهم.
كما رصدت مؤسسات أممية وصحية وفاة العشرات من الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف، خاصة في مناطق شمال القطاع.
وفيما يخص حقوق الأطفال، فهم محرومون من الدراسة والتوجه للمدارس منذ السابع من تشرين الأول الماضي، وهناك أكثر من 50 مدرسة دمرت تماماً، بينها عدة مدارس تابعة لوكالة الغوث "الأونروا".
وأكد المفوض العام لـ"الأونروا"، فيليب لازاريني، أن جميع الأطفال بحاجة إلى دعم في مجال الصحة العقلية والنفسية.
بينما وصف المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" جيمس إلدر، ما يحدث في قطاع غزة بأنه أصبح "حرباً ضد الأطفال"، مؤكداً أن القطاع "لم يعد مكانا مناسبا للأطفال" في الوقت الحالي، وأن الأطفال في غزة "يتعرضون للكثير من الضغوط النفسية"، وأن السبيل الوحيد لعلاجهم هو "تحقيق وقف إطلاق النار".
وقال: "سيستمر الأطفال في غزة في العيش بمنطقة حرب إلى أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار..".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف