بعد مرور 194 يوماً من العدوان المستمر على القطاع، يواصل الاحتلال تكثيف وتعميق هجماته، ويُمعن في مفاقمة معاناة المواطنين، مستخدماً أساليب حربية ونفسية متنوعة.
"الأيام" تواصل نقل مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد يرصد قلق العائلات في قطاع غزة على أبنائها الأسرى، ومشهد آخر يوثق استخدام الاحتلال للطائرات المُسيرة الصغيرة، كسلاح نفسي جديد ضد المواطنين، ومشهد ثالث بعنوان "محيط وادي غزة .. مواقع وتجهيزات كبيرة لجيش الاحتلال"، ومشهد رابع وأخير يرصد استمرار الاحتلال تقييد دخول المساعدات الإنسانية للقطاع.

عائلات قلقة على مصير أبنائها الأسرى
صادف، أمس، السابع عشر من نيسان، يوم الأسير الفلسطيني، وقد مرت المناسبة هذا العام في ظل ظروف عصيبة، وتضاعف عدد الأسرى في سجون الاحتلال، وتعرضهم للتنكيل والقتل المتعمد.
ويعيش ذوو المعتقلين في قطاع غزة حالة قلق كبيرة على مصير أبنائهم، مع غياب أي معلومات عنهم، ونقل روايات صادمة من أسرى أفرج عنهم حديثاً، حول ما يتعرض له معتقلو قطاع غزة من ضرب وإهانة وتنكيل.
"الأيام"، شاهدت عدداً من المعتقلين المفرج عنهم في حالة صحية ونفسية سيئة للغاية، فكان أحدهم بلا قدم، بعد أن بترت ساقه في المعتقل، وآخر بلا أسنان، جراء تعرضه للضرب المبرح، ما تسبب بتكسير أسنانه الأمامية بالكامل، وثالث كان كلما مر شخص من جانبه وضع يديه على وجهه وهو في حالة رعب، جراء تكرار تعرضه للضرب في المعتقل.
وقال المواطن أحمد النجار، إن أكثر من شهرين ونصف الشهر مرت على اعتقال شقيقه من منزله شرق محافظة خان يونس، وحتى الآن لا يوجد أي معلومات عنه، وكل ما تعرفه العائلة أنهم شاهدوه بعد تقييد يديه من الخلف يُزج في ناقلة جند.
وأكد النجار أنهم كلما سمعوا عن الإفراج عن معتقلين جدد، توجهوا إلى معبر كرم أبو سالم، لكن حتى الآن شقيقه لم يفرج عنه، وهم قلقون عليه وعلى أقارب وجيران آخرين جرى اعتقالهم.

الطائرات المسيرة سلاح نفسي
باتت الطائرات المُسيرة الصغيرة ذات المراوح الست "كواد كابتر"، من الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال في حربه ضد المواطنين في قطاع غزة.
فهذا السلاح الذي يُستخدم لأول مرة في حروب الاحتلال ضد القطاع، بات متعدد الاستخدام والمهام، فبالإضافة لمهام الرصد والتصوير والمراقبة، وضعت عليه أسلحة رشاشة وأسلحة قنص، ويستخدم لقتل المواطنين، إضافة لاستخدام تلك الطائرات من قبل الاحتلال في إشعال حرائق في المنازل، عبر إلقائها مواد مشتعلة.
لكن الاحتلال استخدم هذه الطائرات في حربه النفسية، ضد المواطنين، وأيضاً بهدف خداعهم، للإيقاع بهم، إذ جرى تركيب مكبرات للصوت على تلك الطائرات تطلق أصواتاً مختلفة، تهدف لدفع المواطنين للخروج من منازلهم، من أجل قتلهم.
وقال مواطنون من سكان مخيم النصيرات، الذي يتعرض لعدوان مستمر منذ أكثر من أسبوع، إنهم فوجئوا بسماع أصوات بكاء وصراخ أطفال، وبعضهم همّ بالفعل للخروج من المنزل، ظناً بأن ثمة أطفالاً ضلوا الطريق، أو تاهوا عن ذويهم، لكن بعد التدقيق، اتضح أن مصدر الصوت هي طائرات مسيرة إسرائيلية، إذ تحمل مكبرات صوت عليها تسجيلات لأصوات الأطفال.
وأكدوا أنه ولأول مرة يسمعون مثل هذه الأصوات، وهذا شيء خطير، سيتطلب منهم مستقبلاً عدم الانجرار خلف ما يسمعونه.
في حين قال المواطن يوسف عبد الحميد، وهو نازح من ذات المخيم، إنه كان يسمع في الليل أصوات دبابات قريبة، وإطلاق نار، فيشعر أن الآليات باتت قرب منزله، ما يثير خوفه، ورعب أفراد عائلته، ليكتشف لاحقاً أنها أصوات مُسجلة، يتم بثها عبر الطائرات المُسيرة.
وأوضح أن الاحتلال يستخدم كل أسلحته لإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالمواطنين، ولا يتوانى عن الضغط عليهم بكافة الوسائل.

تجهيزات مكثفة لجيش الاحتلال بمحيط وادي غزة
بعد مرور أكثر من ستة أشهر على السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المنطقة الممتدة ما بين قرية المغراقة وسط القطاع، ومدينة غزة، بطول يزيد على 11 كيلومتراً وعرض يصل على 2.5 كيلومتر، يواصل الاحتلال إقامة تجهيزات بصورة مكثفة في تلك المنطقة.
واشتملت التجهيزات على جلب كرفانات لمبيت الجنود والضباط، ووضع أسلاك شائكة في محيط المواقع، ونشر أبراج مراقبة مرتفعة، وكذلك أبراج إرسال للاتصالات.
كما سوى الاحتلال الأرض على كامل مساحة ما كان يسمى سابقاً "مستوطنة نتساريم"، الواقعة جنوب مدينة غزة، والتي انسحب الاحتلال منها العام 2005.
ونشرت وسائل إعلام عبرية عبارات خطها جنود على جدران إسمنتية تحيط بالمواقع المذكورة، إذ تقول تلك العبارات، "أهلا بكم في مستوطنة نتساريم".
وأكد شهود عيان أن ما يحدث في تلك المنطقة من تجهيزات كبيرة، ربما يشير لنية الاحتلال البقاء فيها لفترات طويلة قادمة، ولا يوحي بأن انسحاباً قريباً سيكون هناك.
وأكد المواطن محمد عصفور، ونزح مؤخراً من مدينة غزة، إنه شاهد موقعاً عسكرياً كبيراً ممتداً على مساحات واسعة، وشاهد أبراج مراقبة، وتحصينات كبيرة، كما شاهد جرافات عسكرية إسرائيلية تعمل بداخل الموقع، ما قد يشير إلى أنه يتم إنشاء تحصينات، وربما غرف تحت الأرض.
وأكد عصفور أن الموقع ومن قبله الشارع الذي يمتد من منطقة جحر الديك شرقاً وحتى شاطئ البحر غرباً، فصل مناطق غزة وشمال القطاع بالكامل عن مناطق الوسط والجنوب.
وأكد أنه شاهد أيضاً إنشاء ممرات، وغرف تفتيش، وحواجز، يتم إعدادها وتجهيزها لتفتيش النازحين، والتدقيق في هوايتهم، قبل السماح لهم بالمرور، وربما إعدام أو اعتقال بعضهم.

الاحتلال يواصل تقييد دخول المساعدات
يواصل الاحتلال تقييد دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، للشهر السابع على التوالي، على الرغم من تعهد إسرائيل لأميركا بإدخال 500 شاحنة مساعدات يومياً، وفتح معبر بيت حانون "إيريز"، لإدخال المساعدات لشمال القطاع، لكن هذا لم يحدث مطلقاً.
وقال المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، إن الاحتلال يواصل عرقلة إدخال الإمدادات الإنسانية الأساسية إلى قطاع غزة، ويستهدف عمليات توزيعها، ويمنع وصولها إلى محافظتي غزة والشمال، بما ينذر بتفاقم وتعميق حالة المجاعة المنتشرة في هاتين المحافظتين على وجه الخصوص، اللتين يتواجد فيهما ما لا يقل عن 300 ألف نسمة وفق تقديرات الأمم المتحدة.
وأكد "الأورومتوسطي" أن محدودية وصول المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء غزة، وخاصة في مناطق شمال القطاع، ومنع التسليم العاجل للسلع الغذائية المنقذة للحياة، يفاقمان على نحو سريع وخطير المستويات الكارثية لانعدام الأمن الغذائي التي يواجهها السكان هناك، والذين يواجهون خطر الموت من الجوع بالفعل، لا سيما ما يتعلق بزيادة عدد الأطفال الذين يعانون من الجوع وسوء التغذية الحاد والأمراض المقترنة بها، حيث وصل عدد الأطفال الذين ماتوا بسبب الجوع وسوء التغذية إلى 28 طفلاً.
وقال "الأورومتوسطي"، إن إسرائيل تتحدث منذ أسابيع عبر الإعلام عن إحداث تغييرات على مستويات إدخال المساعدات لقطاع غزة، بما في ذلك الاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية، وما أبلغته لمنسق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لكن دون أن يجد ذلك أي تنفيذ حقيقي، حيث لم يطرأ أي تغيير حقيقي على زيادة أعداد الشاحنات التي سمح بدخولها إلى القطاع، وبخاصة إلى مدينة غزة والشمال، كما لم يتم حتى الآن تشغيل حاجز (إيريز/بيت حانون) شمال غزة، أو استخدام ميناء أسدود لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بعكس ما تم تداوله في وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وقال "الأورومتوسطي"، إنه لا يزال هناك وزراء في الحكومة الإسرائيلية يعلنون صراحة ضرورة استخدام التجويع والمساعدات، كأداة ضغط وابتزاز وسلاح في الهجمات العسكرية المستمرة للشهر السابع على التوالي، والتي بدأت بإعلان إسرائيلي رسمي بقطع الطعام والماء عن سكان القطاع.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف