دخل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، أمس، يومه الـ200 على التوالي، مع تواصل القصف والغارات، واتساع رقعة المجازر، بينما وصلت المعاناة ذروتها جراء الحصار والنزوح، وانتشار الأمراض.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد حية من قلب العدوان والأزمات الإنسانية التي تفتك بقطاع غزة، منها مشهد تحت عنوان: "200 يوم على حرب الإبادة في غزة"، ومشهد آخر حمل عنوان: "الحزن يسكن عائلات الشهداء الأربعة"، ومشهد ثالث بعنوان: "السفر من غزة حلم لا يمتلكه سوى الأثرياء"، ومشهد رابع يوثق تدمير قوات الاحتلال أكبر مصنع للأدوية في قطاع غزة.

200 يوم على حرب الإبادة
مرّ 200 يوم على حرب الإبادة في قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال خلالها جرائم وفظائع كبيرة.
"الأيام" تستعرض في سياق السطور الآتية أحدث الإحصاءات والأرقام التي عرضها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، حتى يوم أمس، مشيراً إلى أن الاحتلال ارتكب خلال العدوان 3,025 مجزرة ضد العائلات، راح ضحيتها 34.183 شهيداً، بينما بلغ عدد الشهداء مع المفقودين 41.183 مواطناً.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي فإن من بين الشهداء 14.778 طفلاً، بينما استشهد 30 طفلاً بسبب المجاعة. كما بلغ عدد السيدات اللواتي استشهدن منذ بدء العدوان 9752 شهيدة، دون احتساب المفقودات، بينما استشهد 485 من الطواقم الطبية، و67 شهيداً من الدفاع المدني، إضافة إلى استشهاد 140 صحافياً.
ووفق بيانات المكتب، فقد وصل عدد جرحى العدوان حتى ساعات ظهر أمس إلى 77.143 مصاباً، بينما هناك نحو 7000 مفقود تحت ركام المنازل المدمرة.
وهناك 17 ألف طفل يعيشون حالياً دون والديهم، أو من دون أحدهما.
وهناك 11 ألف جريح بحاجة إلى السفر لإجراء عمليات في الخارج، و10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة إلى علاج، ونحو مليون شخص مصابون بأمراض معدية بسبب النزوح، و8000 مصاب بالتهاب الكبد الوبائي، و60 ألف سيدة حامل معرضة للخطر لعدم توافر الرعاية الطبية، وهناك نحو 350 ألفاً مصابون بأمراض مزمنة معرضون للخطر بسبب عدم إدخال الأدوية.
وخلال الحرب المستمرة اعتقلت قوات الاحتلال أكثر من 5000 مواطن، بينهم 310 من الأطقم الطبية، و20 صحافياً.
ودمرت قوات الاحتلال خلال عدوانها على غزة 181 مقراً حكومياً، و103 مدارس وجامعات بشكل كلي، و309 مدارس وجامعات دمرها الاحتلال بشكل جزئي، إضافة إلى تدمير 239 مسجداً بشكل كلي، و317 مسجداً دمرت بشكل جزئي، وتدمير ثلاث كنائس.
وفيما يخص الوحدات السكنية فقد دمر الاحتلال، خلال حربه على غزة، 86 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، و294 ألف وحدة سكنية دمرت بشكل جزئي، وأصبحت غير صالحة للسكن. وألقى الاحتلال 75,000 طن من المتفجرات الاحتلال على غزة.
وفيما يخص المنظومة الصحية، فقد أخرج الاحتلال 32 مستشفى عن الخدمة، ودمّر 53 مركزاً صحياً وأخرجها عن الخدمة، واستهدف 160 مؤسسة صحية، ودمّر 126 سيارة إسعاف، إضافة إلى تدمير 206 مواقع أثرية في القطاع.

الحزن يسكن عائلات الشهداء الأربعة
من الصعب أن تفقد العائلات أبناءها، لكن الأصعب أن يُشاهد الأهل أبناءهم وهم يستشهدون واحداً تلو الآخر، وتبث مشاهد قتلهم بدم بارد على شاشات التلفزة، ويشاهدها الأهل كل يوم.
هذا ما حدث مع عائلتي البيوك والنجار، من سكان محافظة خان يونس، بعد استشهاد أربعة من أبنائهم، جراء استهدافهم من طائرة إسرائيلية مُسيّرة، خلال عودتهم إلى منازلهم بعد انسحاب جيش الاحتلال من منطقة السكة جنوب محافظة خان يونس، إذ بثت قناة الجزيرة الفضائية، مقطع الفيديو الشهير، الذي يوثق استهداف الأربعة في ثلاث غارات، نفذتها طائرة مُسيّرة، ما تسبب باستشهادهم، رغم أنهم كانوا عزلاً من السلاح.
وقال محمد البيوك، والد الشهيد عطا، أحد ضحايا الجريمة، إنهم كانوا عائدين إلى بيوتهم، ويسيرون في الشارع، لكن الطائرات استهدفتهم في أول غارة، فاستشهد كل من سعد صالح النجار، ويزيد محمد البيوك، ثم لاحقتهم الطائرات فاستشهد عطا البيوك، بينما حاول أحمد صالح النجار الابتعاد عن المنطقة، وسار بصعوبة رغم إصابته في ساقه، لكن الطائرة أبت أن تترك أي ناجٍ من المجموعة، وفق محمد، فلاحقته حتى استهدفته بصاروخ ثالث، فسقط شهيداً ليلتحق بباقي رفاقه.
وأكد محمد البيوك أن ابنه كان بمثابة ذراعه اليمنى، يساعده في عمله ويبيع معه الدجاج في سوق محافظة خان يونس، وكان مدنياً أعزل، جرى قتله بدم بارد، على مرأى ومسمع كل العالم، بينما قالت والدة الشهيدين سعد وأحمد، إن ابنها سعد كان يعمل حلاقاً، وأحمد يعمل في جمعية خيرية، وذهبا إلى المنزل لتفقده، بعد انسحاب الاحتلال من المنطقة، حيث جرى استهدافهما وقتلهما بدم بارد، ودون أي مبرر.
وأكد ذوو الشهداء أنهم يشاهدون مقطع الفيديو كل يوم، وكلما شاهدوه شعروا بالحزن والقهر، وتساءلوا لماذا تم قتلهم؟.

السفر حلم لا يمتلكه سوى الأثرياء
مع دخول الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة شهرها السابع، وتفاقم الأوضاع المعيشية للمواطنين والنازحين، وحياة الخوف والرعب التي يعيشونها بشكل يومي، بات السفر والخروج من قطاع غزة حلماً يراود الكثيرين، في محاولة لإيجاد ظروف حياة أفضل، وأكثر أمناً.
لكن تحقيق هذا الحلم لا يبدو سهلاً، مع التكلفة المالية الباهظة للسفر، وتكاليف الإقامة العالية للعائلات في مصر أو غيرها من البلدان.
وتبلغ تكلفة سفر المواطن البالغ في قطاع غزة 5000 دولار أميركي وأحياناً 6500 للمتعجلين، عبر شركة سياحية متخصصة في السفر على طريق معبر رفح، بينما تصل التكلفة إلى نصف المبلغ للأطفال، ما يعني أن عائلة متوسطة تحتاج إلى ما بين 20 و30 ألف دولار من أجل السماح لها باجتياز معبر رفح فقط، عدا مصاريف الإقامة في الخارج.
وذكر المواطن ياسر هلال أنه وبعد نزوحه من غزة، وعيشه حياة بائسة في الخيمة، كان يرغب بالسفر برفقة عائلته البالغ عددها 6 أشخاص، لكنه اكتشف أن الأمر بحاجة إلى 25 ألف دولار، إضافة إلى مبلغ لا يقل على 1200 دولار مصاريف إقامة في مصر، وهذا يفوق إمكاناته بكثير.
وأشار إلى أنه مضطر للبقاء في غزة، والنظر للناس المقتدرة وهي تغادر بحسرة، لعل الظروف تتحسن وتقف الحرب، أو تصبح هناك سهولة أكبر على موضوع السفر، فيتمكن من المغادرة.
بينما قال المواطن عبد الله أحمد، إنه استطاع الاقتراض وبيع مركبته، والتسجيل للسفر في الشركة المذكورة، ودفع مبلغ 20 ألف دولار ليسافر وأفراد أسرته، لكنه مازال ينتظر منذ أسبوعين صدور اسمه في كشوف السفر التي تصدر بشكل يومي، وحتى الآن لم يصدر، آملاً أن يتمكن من المغادرة في أسرع وقت.
وبيّن أحمد أن شقيقه سافر منذ شهرين، ويرغب في اللحاق به، وأوصاه باستئجار شقة بسعر مناسب، ويخطط للبقاء هناك، حتى تنتهي الحرب، ويُسمح لسكان شمال قطاع غزة بالعودة، حينها فقط سيعود للقطاع من جديد.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، ومعبر رفح مغلق أمام المسافرين العاديين، ولا يوجد سبيل لمغادرة القطاع، إلا عبر "التنسيقات المصرية المدفوعة".

تدمير أكبر مصنع للأدوية
يواصل الاحتلال استهدافه الممنهج للمنظومة الصحية في قطاع غزة، والتي بدأها باستهداف المستشفيات والمراكز الصحية، وإخراجها عن الخدمة، ومروراً باستهداف الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف.
لكن الاحتلال لم يكتفِ بكل ما سبق، فقد استهدف مؤخراً أكبر مصنع للأدوية في قطاع غزة، الموجود في مدينة دير البلح "حي صلاح الدين"، وسط القطاع، وذلك بعد قصفه بشكل مباشر من قبل الطيران الحربي أثناء التوغل للمنطقة الشرقية من دير البلح.
وبينت بلدية دير البلح أن هذا الاستهداف المتعمد من الاحتلال للمنظومة الصحية، يأتي في سياق السياسة الإسرائيلية لتفريغ قطاع غزة، وجعله غير صالح للحياة، واستكمالاً لحلقات التدمير الممنهج لكل القطاعات التي من شأنها أن تعزز الوجود الفلسطيني على الأرض.
وأكدت مصادر متعددة، أن المصنع المذكور، وهو متوقف منذ بدء العدوان، تعرض للدمار الكلي، بما في ذلك ماكينات، ومعدات، ومواد تستخدم في تصنيع الأدوية، كما تعرضت المنطقة التي تحيط بالمصنع لدمار كبير، بشكل يصعّب عملية إعادة إصلاحه وتأهيله.
وتعمّد الاحتلال في عدوانه المستمر على قطاع غزة، تدمير المصانع، والمنشآت، والمباني الخدماتية، وقطاعات الزراعة، والإنتاج الحيواني، ما جعل قطاع غزة يعتمد بالكامل على الاستيراد في جميع مناحي الحياة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف