مضى 201 يوم على العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، وما زالت فصول الحرب متصاعدة في القطاع، تحصد يومياً عشرات الأرواح البريئة، بينما تدمّر آلة الحرب الإسرائيلية كل شيء في غزة المحاصرة.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة من العدوان، منها مشهد تحت عنوان: "اجتياح رفح.. نكبة جديدة تنتظر 1.4 مليون مواطن"، ومشهد آخر يوثق معاناة سكان الخيام في ظل الأجواء الحارة، ومشهد ثالث يرصد إنشاء دكتور صيدلاني صيدلية في خيمة، داخل مخيم نزوح، ومشهد رابع جاء تحت عنوان: مكتبة العطار.. 5000 عنوان مهددة ومالكها يناشد بنقلها".

نكبة جديدة تنتظر 1.4 مليون مواطن
بينما يتحدث الاحتلال عن اجتياح وشيك لمحافظة رفح، وتعبر معظم دول العالم عن رفضها للخطوة، يعيش أكثر من 1.4 مليون مواطن ونازح في المحافظة، وضعاً مأساوياً، وظروفاً عصيبة، وسط مخاوف من تبعات العدوان المرتقب.
فمع اكتظاظ المحافظة بالمواطنين والنازحين، وعدم وجود مكان يمكن استيعاب هذا العدد الكبير من الناس، اعتبر مواطنون أن اجتياح مدينة رفح يعتبر بمثابة قرار بإعدام أكثر من 1.4 مليون مواطن، فمن لا يمت بالرصاص والقذائف، قد يلقى حتفه جوعاً أو مرضاً، في مخيمات نزوح لا يمكن أن تستوعب العدد الكبير من المواطنين.
وقال المواطن باسم فرج، وهو نازح من محافظة خان يونس، ويقيم عند أقارب غرب مدينة رفح، إن الاحتلال مصمم على استكمال فصول جريمته، وتعميق الإبادة الجماعية، عبر تجهيزه لاجتياح مدينة رفح، بحيث سيحدث الفصل الأصعب من المأساة، فإما يكون اجتياحاً مفاجئاً، وبالتالي عدد شهداء وجرحى بعشرات الآلاف، أو إجبار الناس على النزوح باتجاه أماكن ضيقة ومحصورة لن تستوعبهم، وبالتالي الموت جوعاً وعطشاً، وبالأمراض.
وأكد فرج أن المواطنين في رفح سواء أكانوا نازحين أم مقيمين، لا يوجد على لسانهم سوى كلمة واحدة "وين بدنا نروح"، فمحافظة خان يونس مدمرة بالكامل، ومحافظة وسط قطاع غزة مكتظة، ولا يوجد مكان يمكن أن يذهب الناس إليه، إلا إذا كان الاحتلال يخطط إلى دفع الناس نحو الحدود المصرية، ويريد إفراغ رفح ونقل سكانها إلى سيناء، وهذا خيار غير مستبعد.
من جهته، قال المواطن أحمد سالم، إن الوضع صعب، واجتياح المدينة كارثة بل نكبة جديدة ستحل بالمواطنين، فما حدث في قطاع غزة من مجازر منذ بدء العدوان سيكون في ناحية، وما سيحدث في رفح بعد اجتياحها سيكون في ناحية أخرى.
وأشار إلى أن ما يحزنه أن موقف الدول العربية والعالم من اجتياح رفح ضعيف، ولا يزيد عن رفض واستنكار، متمنياً لو كانت هناك مواقف أكثر قوة، تمنع إسرائيل من هذه الخطوة الدموية.
ولجأ إلى محافظة رفح، التي يقطنها 250 ألف نسمة، أكثر من مليون مواطن، فروا من مختلف أماكن قطاع غزة إلى المحافظة الصغيرة طلباً للأمان.
وكان المرصد "الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، قال، إن مئات آلاف الفلسطينيين الذين نزحوا إلى رفح أقصى جنوب قطاع غزة، لا يجدون مكاناً آخر يلجؤون إليه، هرباً من هجوم عسكري إسرائيلي وشيك في المدينة، مؤكداً أنّ التهديدات الإسرائيلية المتواصلة باجتياح رفح تمثل "إبادة ومذبحة أخرى" يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين هناك.

الأجواء الحارة تزيد معاناة قاطني الخيام
تسببت الأجواء الحارة التي سادت، أمس، إذ قاربت درجات الحرارة 40 مئوية، في زيادة معاناة النازحين، خاصة من قاطني الخيام.
وأكد نازحون لـ"الأيام" أن خيامهم تحولت إلى ما يشبه كتلة ملتهبة، ولم يستطع أحد منهم البقاء فيها، خاصة خلال ساعات النهار، إذ امتصت الخيام حرارة الجو.
وبيّن المواطن أحمد فياض، أحد النازحين من خان يونس ويقيم في خيمة بمحافظة رفح، أن الخيام صعبة في الشتاء والصيف، وعند الثامنة صباحاً خرج الجميع منها، يبحثون عن منطقة أبرد.
وذكر أنه اصطحب أبناءه وتوجه بهم إلى شاطئ البحر، وينوي البقاء هناك حتى مغيب الشمس، على أن يبحث عن مكان آخر يتوجه إليه في اليوم التالي، المهم أن يبقى بعيداً عن الخيمة في ظل هذه الأجواء.
بينما قال المواطن عبد الله فارس، ويقيم هو الآخر في خيمة، إن بقاءهم في خيام سيتسبب بمعاناة مضاعفة، فكل هذا الحر وهذه المعاناة وفصل الصيف لم يبدأ بعد، ما يعني أن أياماً وأسابيع قاسية بانتظارهم.
ولفت إلى أنه اكتشف أن الخيمة أسوأ مكان يمكن العيش فيه، فهي لا تصلح للحياة في الصيف، ولا في الشتاء، وقاطنوها يعانون على مدار العام.
وأشار إلى أن الأطفال سيعانون أمراضاً كثيرة بسبب هذه المعاناة، وغياب الكهرباء، داعياً الجهات المعنية إلى التفكير بحلول خلاقة، تعمل على تخفيف معاناة المواطنين قدر الإمكان.
وشدد على ضرورة أن يتم تشكيل فرق من المتطوعين في كل مخيم، تعمل على معالجة مشاكل المواطنين قدر المستطاع، وتحاول توفير الخدمات الأساسية، عبر التواصل مع الجهات المعنية.

صيدلية في خيمة
لم تمنع حالة النزوح، وتدمير صيدلية الدكتور أحمد حلس في مدينة غزة، من إعادة فتح الصيدلية مرة أخرى، في خيمة على شاطئ بحر مدينة دير البلح، وسط القطاع.
الدكتور حلس نزح سابقاً مع عائلته باتجاه وسط القطاع، وأقام في خيمة داخل مخيم نزوح على شاطئ البحر، وقرر أن يُحوّل الخيمة التي يقيم فيها وعائلته إلى صيدلية صغيرة، ليعود ويعمل في مهنته التي تركها لستة أشهر.
وذكر أنه قام بتهيئة بعض الأرفف، واشترى كمية من الأدوية، وعرضها، ويحاول من خلال الصيدلية الجديدة، إيجاد مصدر دخل، وإشغال وقت فراغه الطويل، وكذلك خدمة النازحين المقيمين حوله، حيث يوفر لهم الأدوية التي يحتاجونها، خاصة في ظل استمرار انتشار الأوبئة والأمراض في صفوف النازحين.
وبيّن أن تحويل الخيمة إلى صيدلية ليس سهلاً، لكنه أضطر لذلك، بعد أن وجد حياة النزوح ستطول، ويجب أن يمارس عملاً يعيل به أسرته.
ونوه إلى أن الحصار، وتدمير مصانع الأدوية في قطاع غزة، جعل الدواء بشكل عام شحيحاً، وأغلب الناس تتوجه للعيادات المجانية للحصول على الدواء المجاني، وهذا أهم المعيقات التي تواجهه في الوقت الحالي.
وأشار إلى أنه وبعد انتهاء العمل كل يوم، ينام وعائلته في الخيمة، ثم يعود في الصباح ويحولها إلى صيدلية، وهكذا.

مكتبة العطار مهددة
لم يكن هيناً على المواطن السبعيني حسني العطار، الذي قضى حياته يبحث عن الكتب والعناوين النادرة في مختلف صنوف العلم، أن يناشد من أجل نقل مكتبته، وتأمينها في مكان آمن، حتى لا تتعرض للحرق أو التدمير.
العطار يقطن في مخيم رفح، ويمتلك مكتبة من أكثر المكتبات ندرة في قطاع غزة، بل في فلسطين، تضم كتباً قيمة لا تقدر بثمن، وعناوين نادرة في مختلف صنوف العلم، دفعه خوفه الشديد من اجتياح رفح، واحتمال تعرض مكتبته للتدمير، للمناشدة من أجل المساعدة في نقلها.
"لأن الاحتلال يكره العلم ويحاربه، ولا يتوانى عن تدمير أي دور للعلم والمعرفة والثقافة تخص الشعب الفلسطيني، أردت نقل مكتبتي إلى مكان آمن"، بهذه الكلمات بدأ العطار حديثه، مستعرضاً مخاوفه على المكتبة التي يقضي وسطها ساعات طويلة كل يوم.
وأكد العطار أن المكتبة تضم ما يزيد على 7000 كتاب، وقضى أكثر من 55 عاماً وهو يجمعها، ولها مكانة عظيمة عند الكثير من الباحثين والمفكرين والأدباء، وقد استعان بها العشرات من الباحثين في السنوات والعقود الماضية، لإنجاز رسائلهم العلمية.
وأوضح أن المكتبة لها مردود نفسي وعلمي كبير عليه، فمن خلالها استطاع أن يكتب ويؤلف ما يزيد على 100 كتاب، وكون من خلال قراءة الكتب فيها محصلة ثقافية كبيرة، وقد تحول خوفه على المكتبة إلى هاجس يقلقه ليلاً ونهاراً.
وتابع العطار وهو يبكي، "أتمنى أن يتم إخراج الكتب إلى خارج قطاع غزة، فللأسف هذه هي الطريقة الوحيدة للحفاظ عليها".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف