رغم مرارة وقسوة الحرب على غزة، التي دخلت شهرها السابع على التوالي، وإيماناً منهم بأهمية تعليم الجيل الفلسطيني ليحلقوا في سماء العلم والإبداع، يواصل بعض معلمي قطاع غزة جهودهم بتفانٍ وإخلاص، متحدين الصعوبات التي تواجههم وأبرزها نقص الإمكانيات وعدم توفر فصول دراسية وأدوات تعليمية.
وتعطلت الحياة التعليمية المدرسية والجامعية، وتبدو العودة إليها ضبابية مع استمرار الحرب الضارية التي دمرت كل الجامعات والمعاهد المتوسطة، ومئات المدارس الحكومية والتابعة لـ"الأونروا"، والتي باتت مأوى للنازحين من سكان القطاع.
ختام أبو عوض، التي تقطن في مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى إحدى المعلمات التي حملت على عاتقها تعليم الأطفال بمنطقتها، متمنية أن يعيش الأطفال في سلام، وأن يمارسوا طفولتهم وبراءتهم بكل هدوء وحب.
وقالت أبو عوض إن مبادرتها الفردية تضم 130 طفلاً لتعليم الأطفال مجاناً داخل منزلها، بأبسط المقومات حيث عملت على تقسيم الأطفال إلى ثلاث مجموعات.
ومن بين البرامج التي تنفذها أبو عوض خلال العملية التعليمية أنشطة ترفيهية ومسابقات ثقافية وحلقات لتحفيظ القرآن، وتوزيع الألعاب.
ختام، التي عملت 15 عاماً معلمة في رياض الأطفال لم تكن هذه هي المبادرة الأولى لها، فقد أنشأت إبان جائحة "كورونا" قبل عامين روضة إلكترونية مجانية لتعليم الأطفال داخل منازلهم حيث كانت تخرج كل عام أكثر من 300 طفل.
وأشارت إلى الصعوبات التي تواجهها داخل منزلها، مثل نقص المستلزمات الدراسية من كتب وقرطاسية، ومحاولة توفير مقاعد وطاولات للدراسة من أولياء الأمور قدر المستطاع.
واعربت أبو عوض، عن سعادتها عند تنفيذ مبادرتها لأن هؤلاء الأطفال كلاً منهم له حكاية خاصة وأي نشاط ترفيهي يترك أثراً لديهم، ويخفف عنهم فمنهم فقد عائلته بأكملها ومنهم من فقد أخوته ومنهم من فقد بيته.
وأضافت "إصرار هؤلاء الأطفال وقوة عزيمتهم أسباب تدفعني يومياً للاستمرار في تعليم الأطفال، فما ذنب هؤلاء الأطفال بأن يحرموا من التعليم ويمارس عليهم سياسة التجهيل من قبل الاحتلال، فليس هناك شيء يستحق الحزن، الحياة متقلبة وعليك أن تقتنع أن الماضي مات والقادم قد كتب".
وأعربت عن أملها بأن تكون هناك جهات ومبادرات داعمة للأطفال لكي يستطيعوا أن يستمروا بالعملية التعليمية، من أجل استيعاب جميع الأطفال على مستوى منطقتها، والمساهمة في الاستمرار لكي نحقق آمال الشعب الفلسطيني في العلم والتميز، مضيفة: "الأمم تعرف بالعلم والتعليم".
من جهتها، أعربت والدة الطفل خليل الحاجة فاطمة، وهي أم لأربعة أطفال، وهو أحد الطلبة الذي سجل في المبادرة، عن سعادتها وشكرها لما تقوم به الناشطة أبو عوض من أنشطة لأبنائهم لتشجيعهم على الدراسة في ظل الحرب، وتفريغ الحالة النفسية لديهم من أصوات القصف والانفجارات.
وذكرت فاطمة أن أطفالها أصبحوا في البيت يطلبون أن يراجعوا دروسهم وإنجاز الواجبات البيتية التي تطلبها المعلمة ختام، وأصبحوا يعتمدون على أنفسهم ويستغلون أوقاتهم.
بدوره، أعرب الطفل محمود الحزقي (6 أعوام)، وهو أحد الأطفال الذي ينتمي للمبادرة، وهو الناجي الوحيد بعد مجزرة إسرائيلية ارتكبت بحق عائلته واستشهادهم جميعاً، عن أمله باستمرار هذه المبادرة والعودة للدراسة والتعليم وأن ينتهي كابوس الحرب.
وأكد الحزقي أن "الحرب قتلت الكثير من الأطفال وجعلتنا ننسى التعليم، واليوم نعيد ما نسيناه من العلم".
وفي حصيلة غير نهائية نشرتها وزارة التربية والتعليم مطلع الشهر الجاري، أوضحت أن عدد الطلبة الذين استُشهدوا في قطاع غزة منذ بداية العدوان وصل إلى أكثر من 5994، كما استشهد 266 معلماً وإدارياً وأصيب 973.
ولفتت إلى أن 286 مدرسة حكومية و65 تابعة لوكالة الغوث "الأونروا" تعرضت للقصف والتخريب، ما أدى إلى تعرض 111 منها لأضرار بالغة، و40 للتدمير بالكامل، كما تم استخدام 133 مدرسة حكومية كمراكز للإيواء في قطاع غزة.
وأكدت أن 620 ألف طالب في قطاع غزة ما زالوا محرومين من الالتحاق بمدارسهم منذ بدء العدوان، فيما يعاني معظم الطلبة صدمات نفسية، ويواجهون ظروفاً صحية صعبة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف