دخل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، يومه الـ209 على التوالي، مع تواصل القصف والغارات، واتساع رقعة المجازر، بينما وصلت المعاناة إلى ذروتها جراء الحصار والجوع، وانتشار الأمراض.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد حية من قلب العدوان، منها مشهد يرصد استمرار الاحتلال في تقييد دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، ومشهد آخر يوثق بذل الجهات الصحية جهوداً كبيرة لإعادة تشغيل مشافي خان يونس التي خرجت عن الخدمة، ومشهد ثالث تحت عنوان: "البحث عن المفقودين باستخدام المطرقة والإزميل!".

مساعدات بكميات شحيحة
للشهر السابع على التوالي، يواصل الاحتلال تقييد دخول المساعدات الإنسانية الى قطاع غزة بصورة كبيرة، إذ بلغ عدد شاحنات المساعدات التي دخلت إلى القطاع خلال شهر نيسان الماضي 4887 شاحنة مساعدات، بواقع 1166 شاحنة من معبر رفح، و3721 شاحنة من معبر كرم أبو سالم، فيما لم يدخل إلى شمال قطاع غزة سوى 419 شاحنة من إجمالي هذه الشاحنات.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن هذا يعني أن متوسط شاحنات المساعدات اليومية بلغ 163 شاحنة، وهذا العدد هو أقل بكثير من احتياج سكان القطاع، لاسيما شمال غزة، وهو يتنافى مع التصريحات الأميركية والمزاعم الإسرائيلية التي تتحدث عن زيادة شاحنات المساعدات، وإدخال 300-400 شاحنة مساعدات يومياً.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي أنه ورغم وجود زيادة محدودة في أعداد الشاحنات التي وصلت إلى القطاع يومياً خلال النصف الثاني من الشهر الماضي، إلا أن العدد الإجمالي للشاحنات لم يتغير بنسبة كبيرة، بسبب توقف المعابر عن العمل عدة أيام خلال الشهر الماضي لدواعٍ مختلفة؛ ما يعني أن الاحتلال لا يزال يحافظ على ذات الوتيرة تقريباً، ويسعى إلى إيهام العالم بتغير واقع إدخال المساعدات.
ونشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تفاصيل حول الشاحنات التي تدخل القطاع، إذ تمثل شاحنات المساعدات التي وصلت شمال القطاع نحو 8% فقط من إجمالي هذه الشاحنات، رغم أن مناطق الشمال هي الأشد حاجة، والأكثر تعرضاً لأزمة الأمن الغذائي، ويوجد فيها 700 ألف مواطن، ولا تلبي هذه الكمية المتواضعة احتياجاتهم الغذائية والحياتية المختلفة، ما يستدعي العمل على زيادة أعداد شاحنات المساعدات الواردة لشمال غزة، ورفع نسبتها من إجمالي الشاحنات.
ودعا المكتب الإعلامي إلى فتح دائم لكافة المعابر الواصلة إلى قطاع غزة، وتسهيل وصول المساعدات، بما لا يقل عن 1000 شاحنة يومياً، لتجاوز آثار أزمة الغذاء التي تعصف بالسكان في وسط وجنوب القطاع، وإنهاء المجاعة وانعدام مؤشرات الأمن الغذائي في شمال القطاع.
كما ندد المكتب بممارسات الاحتلال بالتضييق على عمل المؤسسات الإغاثية، واستهداف طواقمها ومنعها من العمل، والتحكم بكميات الغذاء التي تصل للقطاع، لتبقى دون تحقيق مستويات الأمن الغذائي لهم، مؤكداً أن هذه الممارسات هي جرائم تستوجب المحاسبة، وتتعارض مع التدابير التي أصدرتها محكمة العدل الدولية، وقرار مجلس الأمن الدولي بالخصوص، والحديث الأميركي المتواصل عن ضرورة زيادة أعداد شاحنات المساعدات.
وطالب بدور أكثر فاعلية لوكالة الغوث الدولية "الأونروا"، ومنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، كبرنامج الغذاء العالمي، ورفع يد الاحتلال عن هذه المنظمات، وإنهاء كل أشكال التضييق عليها وإتاحة المجال لممارسة عملها.

جهود لإعادة تشغيل مستشفيات خان يونس

تواصل وزارة الصحة والجهات الصحية الأخرى جهودها في محاولة لإعادة تشغيل مستشفيات محافظة خان يونس، التي خرجت عن الخدمة قسراً، بسبب العدوان الإسرائيلي على المحافظة.
وشهد مستشفيا ناصر، والأمل جهوداً مكثفة على مدار الأيام الماضية، تخللها تنظيف الأقسام من آثار القصف، وتجهيزها، وصيانة شبكات الكهرباء، وجلب أسرّة جديدة، لإعادة تشغيل بعض الأقسام في المستشفى.
ونجحت جمعية الهلال الأحمر بإعادة تشغيل عدد من أقسام مستشفى الأمل التابع لها غرب محافظة خان يونس، بعد عمل وجهد استمر عدة أسابيع.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر عن تمكنها من إعادة تشغيل أقسام الاستقبال والطوارئ، والولادة، وهي أهم أقسام المستشفى.
وذكر المتحدث باسم جمعية الهلال الأحمر في القطاع، رائد النمس، أن هناك جهوداً كبيرة تبذل حالياً لإعادة تشغيل أقسام إضافية في المستشفى، آملاً بأن تنجح تلك الجهود، نظراً لأهمية عمل المستشفى في مثل هذه الظروف العصيبة.
وأشار النمس إلى أن المستشفى تعرض لضرر كبير، وبعض أقسامه تعرضت للحرق والتدمير، رغم ذلك فإن الجهود مستمرة.
بينما يشهد مجمع ناصر الطبي عملاً دؤوباً ومتواصلاً، خاصة بعد تلقيه دعماً من إحدى الدول العربية، لإعادة تشغيل بعض الأقسام.
وأوضحت مصادر متعددة أن الدمار في المجمع خلال الاجتياح الثاني كان كبيراً وواسعاً، وشمل إحراق أقسام، وتدمير معدات طبية، وتخريباً متعمداً لأجهزة الطاقة الشمسية، وكذلك تدمير غرف مبيت المرضى، وتجريف الساحات والأرضيات والممرات الخارجية للمجمع.
وتعرض مجمع ناصر للتدمير خلال الاجتياح الإسرائيلي الأول في شهر شباط، وأعيد ترميمه، وكان على وشك العودة إلى العمل، قبل أن تنفذ قوات الاحتلال اجتياحاً آخر، وتعيد الدمار فيه من جديد.

طرق بدائية للبحث عن الجثامين
بعد نحو 209 أيام على العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، فقدت أطقم الدفاع المدني في القطاع الكثير من معداتها، واستشهد وجرح عدد كبير من طواقمها، ودمرت مقراتها، وهذا انعكس بشكل جلي على قدرة الطواقم على انتشال الجثامين العالقة تحت الركام، وأجبر العناصر على استخدام أدوات بدائية، أبرزها المطرقة والإزميل.
فيومياً يشاهد عناصر الدفاع المدني، يعاونهم شبان متطوعون يتواجدون فوق ركام بيوت مقصوفة، يكسرون الخرسانة والكتل الإسمنتية، في محاولة للوصول إلى عالقين تحتها.
ورغم شح الإمكانات، نجحت فرق الإنقاذ في انتشال آلاف الشهداء من تحت الأنقاض، ومازالت تعمل في مختلف المواقع، للوصول إلى مفقودين.
وقضت فرق الإنقاذ 8 أيام متواصلة، وهي تعمل في ساحات مستشفى ناصر، بحثاً عن شهداء جرى دفنهم في مقابر جماعية، وكان العمل يسير بأدوات بسيطة، مثل الجاروف، وجرافة صغيرة بالكاد تعمل في ظل شح الوقود، ووعورة الأرض.
ووفق المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة، فإن هناك أكثر من 10 آلاف مفقود ما زالوا تحت أنقاض مئات البنايات المدمرة، وهم غير مدرجين في إحصائية الشهداء التي تصدر عن وزارة الصحة، بسبب عدم تسجيل وصول الجثامين للمستشفيات، وبالتالي يتجاوز عدد الشهداء الفعلي أكثر من 44 ألفاً.
وتلقت المديرية العامة للدفاع المدني العديد من النداءات من الأهالي وفرق شبابية متطوعة، لمساندة جهود ومبادرات فردية في محاولات استخراج جثامين الشهداء في عدد من المنازل والبنايات السكنية التي مضى على تدميرها عدة أشهر؛ من أجل إكرام الشهداء بدفنهم، بدلاً من بقاء جثامينهم تحت الأنقاض.
وجاء في بيان صادر عن المديرية العامة للدفاع المدني في غزة: "لم يكن أمامنا سوى الاستجابة لهذه المبادرات، انطلاقاً من الشعور بالمسؤولية الوطنية والإنسانية، ووقوفاً إلى جانب أبناء شعبنا وإسناداً لهم".
وشرعت طواقم الدفاع المدني بمحافظة شمال غزة بهذه المهام، بمساندة الأهالي، والفرق المتطوعة، بما يتوفر من أدوات يدوية بسيطة، ورغم ما تعرضت وتتعرض له الطواقم من تناقص في الكادر البشري، وشحّ في الإمكانات والمعدات، وانعدام تام للآليات الثقيلة اللازمة لهذا الغرض، تمكنت من انتشال عدد من جثامين الشهداء وقد تحللت بشكل كامل.
وأوضح البيان أنه في ظل عدم توفر المعدات الثقيلة كالبواقر والحفارات، ستبقى هذه الجهود غير كافية، ولا تسد الحد الأدنى من الاحتياجات اللازمة لانتشال جثامين آلاف الشهداء، وأن العمل بهذه الآلية البدائية سيستغرق عامين إلى ثلاثة أعوام، لانتشال جميع الجثامين، خاصة أن مسؤولين أمميين قدّروا بأن قصف الاحتلال خلّف ما لا يقل عن 37 مليون طن من الأنقاض والركام في جميع محافظات قطاع غزة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف