- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2024-05-13
دخل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة يومه الـ219 على التوالي، مع تواصل القصف والغارات، واتساع رقعة المجازر، بينما وصلت المعاناة إلى ذروتها جراء تزايد أعداد النازحين في مناطق جنوب القطاع.
"الأيام" واصلت نقل مشاهد حية من قلب العدوان، منها مشهد بعنوان "وين بدنا نروح؟"، ومشهد آخر يرصد تصاعد العدوان على كافة أنحاء قطاع غزة، ومشهد ثالث تحت عنوان: "مخيمات النزوح ازدحام شديد وواقع سيئ"، ومشهد رابع يرصد تأثر حركة المبيعات بتراجع السيولة النقدية في القطاع المحاصر.
"وين بدنا نروح؟"
مع تصاعد العدوان على محافظة رفح، جنوب القطاع، واتساع رقعة النزوح والتهجير، بات النازحون يرددون السؤال الأبرز.. وين بدنا نروح؟.
ومع كثرة ترديد السؤال من قبل النازحين، أو ممن يستعدون للنزوح، بات هذا السؤال وسماً "هاشتاج"، اجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة "فيسبوك"، و"تويتر"، في محاولة لتسليط الضوء على معاناة النازحين، ممن لا يجدون مكاناً يتوجهون إليه.
وقال المواطن خليل سلامة، من سكان غرب رفح، إن منطقته لم تدخل بعد ضمن دائرة الإخلاء، لكن قذائف مدفعية وصلتها مؤخراً، ويشعر بأن دورهم قريب، وحتى الآن لا يعرف أين سيذهب.
وأوضح سلامة أنه توجّه إلى منطقة مواصي خان يونس، حيث يوجد عدد من أقربائه، في محاولة لإيجاد مكان يضع فيه خيمة، لكنه لم يجد، وهو في حيرة من أمره، ولا يعلم أين سيذهب، فلا يمتلك خيمة، ولا مكاناً يتوجه إليه، وعائلته كبيرة.
وأكد أنه سيبقى في منزله إلى أن تصدر أوامر إخلاء جديدة، حينها سيضطر إلى المغادرة، وسيتجه نحو مواصي خان يونس، ويجلس في أي مكان، فحياة وسلامة عائلته أهم شيء بالنسبة له.
وشارك مئات النشطاء في التغريد على وسم "# وين_بدنا_نروح"، حيث تجاوز عدد التغريدات في الساعات الأولى من انطلاق الوسم الـ10 آلاف تغريدة، وسط توقعات بتزايد النشر خلال الساعات والأيام المقبلة.
وذكر الناشط خالد حسونة، أن وضع الناس في رفح مُحزن، وسمع المواطنين وهم يغادرون منازلهم يرددون ذات العبارة "وين بدنا نروح"، معتبراً أن إيصال صوتهم لكل العالم واجب على كل ناشط ومواطن، فيجب أن تقف المجزرة والكارثة في رفح، فالأمور تعدت كل حدود.
وتمنى حسونة أن يحقق الوسم هدفه، وأن يكون أحد أدوات تحريك العالم، من أجل تزايد الضغط على الاحتلال لوقف جريمته في رفح.
تصاعد كبير في العدوان
شهدت الأيام الستة الماضية تصاعداً كبيراً في العدوان، بعد فترة من تراجع العمليات البرية، رافقها انسحاب من معظم مناطق قطاع غزة، فإضافة للعدوان البري والجوي على رفح، اجتاحت آليات الاحتلال حي الزيتون، ومناطق شرق مخيم البريج، ومخيم جباليا، ومناطق شرق محافظة خان يونس.
وترافق تقدم الدبابات في تلك المناطق مع قصف جوي ومدفعي عنيف، شمل مناطق واسعة في القطاع، إضافة إلى تصاعد في حدة المجازر المرتكبة في القطاع.
وأشار مواطنون إلى أن الاحتلال أعاد العدوان على قطاع غزة إلى مربعه الأول من حيث تصاعد المجازر، وتوسيع عمليات النزوح، وحشر المواطنين في مناطق ضيقة سيئة الخدمات، اصطلح الاحتلال على تسميتها "المناطق الإنسانية".
وبيّن المواطن بهاء عبد الله، من سكان مخيم رفح، أنه اعتقد أن انسحاب الاحتلال من القطاع قبل حوالى شهر بداية لنهاية العدوان، ولم يكن يعلم أنها مناورة، وتجهيز لموجة جديدة من القصف والاجتياحات البرية، التي بدأت من رفح وامتدت إلى مختلف المناطق، لافتاً إلى أن مشاهد النزوح وأصوات القصف العنيفة، تعيد للأذهان ذكريات الأشهر الأولى من العدوان.
وشدد على أن وضع المواطنين بائس في ظل تصاعد عمليات القصف والتهجير، والتهديد بتوسيع العدوان، وأنهم وصلوا إلى قمة التعب واليأس، ولم يعد هناك مكان صالح للعيش في قطاع غزة المحاصر.
وتزامنت الجولة الثانية من العدوان مع ضعف في قطاعات الخدمات، وانهيار القطاع الصحي، جراء شح الوقود، وخروج مزيد من المستشفيات عن الخدمة، إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتردي.
وحذرت وزارة الصحة من تبعات إغلاق المعابر، ومنع توريد المواد الطبية والوقود، وخروج الجرحى من القطاع، بالتزامن مع تصاعد العدوان، مؤكدة أن آلاف الجرحى والمرضى يواجهون واقعاً صحياً سيئاً.
ازدحام شديد وواقع سيئ
على مدار الأيام الماضية، شهدت مخيمات النزوح الجديدة في مناطق غرب محافظة خان يونس، توافد عدد كبير من النازحين، الفارين من القصف والغارات في محافظة رفح.
وبدت المخيمات المذكورة مكتظة عن آخرها بالمواطنين والنازحين، وسط شح كبير في الخيام، ما أجبر مواطنين على الإقامة في العراء، أو إقامة خيام بقطع من القماش والنايلون.
المواطن رائد عيسى، نزح من مدينة رفح متجهاً إلى مواصي خان يونس، بعد أن تلقى أمراً بالإخلاء من قبل الاحتلال، موضحاً أنه وصل إلى منطقة المواصي وكانت مكتظة بشكل غير مسبوق بالنازحين، والناس في الشوارع، وعلى الأرصفة، وفي الأراضي الزراعية.
وأكد أنه وبالكاد وجد متسعاً لإقامة خيمة صغيرة، بعد أن اشترى كمية من الخشب والنايلون، والقماش، وبدأ بمعاونة أبنائه بإقامة خيمته.
وأشار عيسى إلى أن الاكتظاظ في مخيمات النزوح لا يبشر بخير، ففي ظل نقص الخدمات، وشح المياه، ونفاد مواد التنظيف، بات النازحون على موعد مع موجات جديدة من الأوبئة والأمراض، قد تفتك بهم.
واشتكى نازحون من تراكم النفايات الصلبة بصورة كبيرة، خاصة في محيط جامعة الأقصى، ومحيط الكلية الجامعية غرب خان يونس، إضافة إلى شح كبير في المياه، ونقص في السلع الغذائية، وانتشار للبعوض والحشرات.
وطالب نازحون بضرورة إقامة مزيد من المخيمات، ونصب خيام جديدة لإيواء النازحين، خاصة في مناطق المواصي، وغرب خان يونس، مع تسوية أراضٍ جديدة في تلك المناطق التي شهدت دماراً واسعاً، لاستيعاب موجات النزوح المتواصلة من محافظة رفح ومحيطها.
وخلال الأيام الماضية وسّع الاحتلال دائرة النزوح من محافظة رفح، وطلب من سكان وسط محافظة رفح النزوح عن مساكنهم والتوجه إلى مناطق محافظة خان يونس، وهذا يعني أن حوالى 60% من مساحة رفح شملها الإخلاء حتى الآن، وقد شملت أوامر النزوح مناطق شديدة الاكتظاظ.
تراجع السيولة يؤثر على المبيعات
تأثرت الأسواق في قطاع غزة جراء حالة الفقر المتفاقمة في القطاع، وفقد السيولة النقدية، إذ شهدت الحركة الشرائية تراجعاً حاداً، وصف بأنه الأكبر منذ سنوات. وجهر باعة بالشكوى جراء تراجع المبيعات، وتكدست السلع على البسطات.
وقال الشاب خالد صلاح، الذي كان يعمل بائعاً للسكر والسميد، وسلع أخرى في منطقة سوق النجمة برفح، قبل نقل بسطته مؤخراً إلى مواصي خان يونس، بعد بدء اجتياح رفح، إنه ورغم انخفاض الأسعار بشكل ملحوظ مقارنة بالأشهر الماضية، إلا أن هناك تراجعاً في الحركة الشرائية، وانحساراً في الطلب.
وأرجع صلاح أسباب ذلك إلى عدة أمور، أهمها عدم وجود سيولة في أيدي المواطنين، إما جراء حالة الفقر وتوقف العمال عن أعمالهم، أو بسبب عجز معظم الموظفين عن سحب رواتبهم من البنوك، إضافة إلى سفر معظم الميسورين إلى الخارج، وهم من كانوا يمتلكون السيولة النقدية، والأهم من ذلك تكفل المواطنين بمصاريف كبيرة خلال نزوحهم من رفح، إما لدفعها كأجور نقل، أو لشراء خيمة يقيمون فيها.
ولفت صلاح إلى أن تحسّن وصول المساعدات، وتسليم الطرود الغذائية للمواطنين والنازحين، قبل اجتياح رفح، خلق حالة تشبّع بالسلع، وانعكس على المشتريات في السوق، موضحاً أنه يبيع حالياً أقل من ثلث ما كان يبيعه سابقاً.
من جهته، أكد البائع عمر الشاعر، أن هناك الكثير من التجار تعرضوا لخسائر كبيرة، وفقدوا أموالهم، فبعد انخفاض الأسعار، اشترى الكثير منهم كميات من السلع، على أمل ارتفاع السعر مجدداً وبيعها بأسعار عالية، لكن ما حدث أن الأسعار انخفضت أكثر وأكثر.
وتوقع الشاعر أن تشهد الأسواق مزيداً من الركود في المستقبل، فمسببات الركود ما زالت قوية، والوضع الاقتصادي والشرائي في غزة يسير نحو الأسوأ.