مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وترصد أبرز القصص التي تُوثق المعاناة الإنسانية، وتُظهر مآسي المواطنين ومعاناتهم المتفاقمة، خاصة في ظل تصاعد العدوان على محافظة رفح، وحي الزيتون، وشمال القطاع.
ومن أبرز المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام" مشهد يوثق تحول أحياء وبلدات في رفح "لأماكن للقتل"، ومشهد آخر يوثق تحويل مستشفى ولادة لاستقبال وعلاج الجرحى، ومشهد ثالث يسلط الضوء على حياة المواطنين والنازحين في خان يونس وسط الركام الملوث، ومشهد رابع بعنوان "رغم الحرب.. مواطنون يواصلون رعاية حيواناتهم وطيورهم".

مناطق للقتل في رفح
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على محافظة رفح جنوب قطاع غزة، بات الكثير من المناطق بمثابة "أماكن للقتل"، أغلب من يصلونها لا يخرجون منها سالمين.
ومن بين تلك المناطق، أحياء السلام، والبرازيل، والجنينة، وأحياء خربة العدس، وتبة زارع، وبلدة الشوكة.
وشهدت تلك المناطق العديد من عمليات الاغتيال والقتل لشبان ومواطنين وجدوا فيها، إذ شهد حي السلام في يومين ست هجمات من طائرات إسرائيلية مُسيرة، استهدفت مواطنين يسيرون على أرجلهم، أو يستقلون دراجات نارية.
وقال المواطن أحمد الشاعر، إن عدداً من أقاربه استشهدوا داخل حي السلام، إما خلال نزوحهم عن منازلهم، أو خلال محاولتهم العودة للمنازل لجلب بعض الاحتياجات الضرورية منها.
وقال الشاعر إن طائرات إسرائيلية مُسيرة تحلق في الأجواء على مدار الساعة، ولا تتوانى عن استهداف كل ما هو متحرك في المنطقة، وكأن الاحتلال يريد أن يوصل رسالة للناس، بأن من يقترب من المناطق التي أمر بإخلائها معرض للموت.
في حين قال المواطن أحمد عابدين، إنه نجا من الموت بأعجوبة، فبعد يومين على نزوحه عن منزله، نسي أخذ كمية من أدوية الضغط والسكري لوالدته المُسنة، إضافة لحاجيات مهمة للعائلة، فقرر العودة للمنزل لجلبها، مبيناً أنه فوجئ بالشوارع خالية تماماً من المواطنين، رغم ذلك غامر ووصل إلى منزله، وجلب ما يحتاج من أغراض.
وبيّن أنه وبينما كان في طريق العودة، لاحقته طائرة مُسيرة صغيرة من نوع "كواد كابتر"، وأطلقت النار عليه، والرصاصات ارتطمت بجدار بجانبه، ما دفعه للفرار، ثم الدخول في زقاق، فوجد باب منزل مفتوحاً فلجأ إليه لبعض الوقت، حتى غادرت الطائرة، وأكمل طريقه جرياً إلى أن غادر المنطقة كلياً.
وأضاف إن مناطق شرق رفح أصبحت شديدة الخطورة، والعائدون إليها معرضون للموت.

تحويل مستشفى ولادة لاستقبال وعلاج الجرحى
مع توسيع عمليات الإخلاء الإسرائيلية، التي شملت سابقاً مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار برفح، حتى حافة مستشفى الكويت التخصصي، فقدت محافظة رفح معظم قدراتها الصحية، وبات الوضع كارثياً في المحافظة، والجرحى لا يجدون مكاناً لعلاجهم.
وقد أجبر هذا الأمر إدارة مستشفى الهلال الإماراتي، الكائن في حي تل السلطان بمحافظة رفح، والمخصص لحالات النساء والولادة، لإلغاء بعض الأقسام، وتحويل جزء منه للتعامل مع الإصابات التي تصله، بعد دعمه بأطقم طبية متخصصة، ونقل جزء من المعدات إليه.
وأعلنت إدارة المستشفى أنها بادرت لتحويل أقسامها لمستشفى ميداني لاستقبال الحالات المرضية والجرحى، عقب توقف الخدمة الطبية في المشافي والمراكز الصحية شرق رفح ووسطها.
وناشد المستشفى الطواقم الطبية، والتمريضية، والإدارية، بالتوجه لدعم الكادر الطبي، مع تأكيدها على استمرار تقديم خدمة النساء والولادة، وكذلك خدمة رعاية الأطفال الخُدج.
وأكد أطباء أن تحويل جزء من المستشفى لاستقبال الجرحى هو خطوة طارئة، في ظل الوضع الراهن، ومحاولة لإيجاد مكان لاستقبال الجرحى، في ظل تصاعد العدوان، وتعميق مناطق الإخلاء غرباً، التي طالت حتى الآن مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، ومركز الرعاية الأولية المركزي وسط رفح، ومركز صحي العودة، ومستوصف "فاطمة الزهراء، ومراكز طبية خالصة، من بينها مركز رفح التشخيصي، ومركز الجُرح الفلسطيني، وبات الإخلاء على حافة المستشفى الكويتي التخصصي.
وأوضح الأطباء أنه ورغم وجود الكثير من الإشكاليات، وعدم كفاءة المستشفى الإماراتي للتعامل مع الإصابات، كونه مخصصاً لحالات الولادة، إلا أنهم يجتهدون للتغلب على كل العقبات، وتذليل الصعاب، لتقديم الخدمات الصحية الطارئة للجرحى والمرضى.

مواطنون يعيشون وسط تلوث كبير
أجبر الاحتلال عدداً كبيراً من المواطنين والنازحين على التوجه إلى مناطق غرب محافظة خان يونس، بعد تحديدها "مناطق خدمات إنسانية"، ووجد المواطنون أنفسهم مجبرين على العيش وسط أكوام هائلة من الركام الملوثة بالشظايا ومخلفات القنابل.
واشتكى مواطنون من الأجواء الملوثة التي يعيشون فيها، فالغبار يتصاعد مع كل هبة هواء، ومخلفات القذائف تنتشر في كل شارع وزقاق، بينما باتت الحركة في الشوارع وبين المنازل صعبة، بل مستحيلة في الكثير من الأحيان.
ويقول المواطن حسن عوض وهو من سكان محافظة خان يونس، إنه كان يقيم في رفح منذ عدة أشهر، ومنزله الكائن غرب خان يونس تعرض لأضرار كبيرة، وأصبح غير صالح للسكن، لكنه وبعد اجتياح رفح، وجد نفسه مضطراً للعودة إليه، فقام بتنظيف غرفة هي الأفضل في المنزل، وأقام وعائلته فيها.
وبيّن أنه يعيش وسط بيئة شديدة التلوث، فالركام في كل مكان، والجدران ملوثة بغبار القصف، والشوارع كلها حفر، وأينما وضع يده وجد غباراً، لدرجة أن خروجه من البيت والسير في بعض الشوارع كفيل باتساخ ملابسه.
في حين قال المواطن ياسر صلاح، إنه عاد ووضع خيمة على أنقاض منزله في معسكر خان يونس، وهو يعيش وسط جبال وأكوام من الركام.
وأكد أنه يعلم أن المنطقة التي يقيم فيها ملوثة، وغير صالحة للعيش، لكنه لا يجد مكاناً يمكن الإقامة فيه، فمناطق غرب خان يونس مكتظة بالكامل، والناس لا يجدون موطئ قدم.
وأكد أن البلدية والجهات الخدماتية مُقصرة، فكان يجب عليهم تخفيف الركام، وفتح الشوارع، ومحاولة إيجاد مناطق فارغة ونظيفة ليضع الناس فيها خيامهم.

رغم الحرب.. مواطنون يواصلون رعاية حيواناتهم وطيورهم
على الرغم من ظروف الحرب القاهرة، ونزوح أكثر من 1.8 مليون عن منازلهم، ويعيش أغلبهم في خيام ومراكز إيواء، إلا أن آلاف المواطنين رفضوا التخلي عن حيواناتهم الأليفة وطيورهم، وواصلوا رعايتها والاهتمام بها.
ولم يكن الاهتمام بالطيور والحيوانات أمراً هيناً، خاصة مع ظروف الحياة القاسية، واختفاء الأعلاف من الأسواق، وارتفاع أسعارها، لكنّ الكثيرين رفضوا رغم كل ذلك التخلي عما يربونه من طيور وحيوانات.
المواطن محمود شمالي، نازح من محافظة رفح، ويعيش في خيمة غرب مدينة خان يونس، رفض التخلي عن قطته الأليفة وأولادها وقد وضعها في الخيمة، ويواصل الاعتناء بها، وتوفير الأعلاف لها.
وأكد أن القطة التي جلبها صغيرة، وعاشت في منزلهم برفح عامين كاملين، ويشعر بأنها أصبحت أحد أفراد العائلة، ونزحت معهم، وشاركتهم خيمتهم ومعاناتهم.
وأكد أنه يواجه صعوبة شديدة في توفير الطعام لها، في ظل فقد الأعلاف، إذ يضطر أحياناً لشراء المعلبات لإطعامها وأبنائها، ويأمل بأن يعود وأفراد أسرته والقطط معهم إلى منزلهم قريباً.
في حين أكد المواطن ياسر هاشم، أنه رفض التخلي عن طيوره، رغم شح الأعلاف الخاصة بها، وعمل على مدار الأشهر الماضية لتوفير بدائل للأعلاف، واشترى الذرة، والشوفان، ووفر الخضراوات، حتى تبقى الطيور على قيد الحياة، وقد اشترى لها الأعلاف بعد توفرها جزئياً لفترة قصية بأسعار عالية جداً.
وأكد أنه يقضي وقتاً طويلاً بجانب الطيور، يعرضها للشمس ويعتني بها، ومهما بلغت شدة الحرب والنزوح لن يتخلى عنها مطلقاً، وقد شاهد نماذج كثيرة لمواطنين ونازحين، رفضوا التخلي عن طيورهم ودواجنهم.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف