- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2024-05-29
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بوتيرة أكثر عنفاً، لليوم الـ235 على التوالي، مع تعميق الهجوم البري على رفح، واشتداد الحصار، وزيادة المعاناة.
"الأيام" رصدت مشاهد من العدوان والمعاناة في قطاع غزة، منها مشهد يرصد فرار النازحين من مخيمات الإيواء؛ خوفاً من مجازر إسرائيلية جديدة، ومشهد آخر يوثق استهداف الاحتلال 10 مخيمات ومراكز نزوح خلال ساعات، ومشهد ثالث يرصد خروج مستشفى الكويت التخصصي في رفح عن الخدمة، ومشهد رابع تحت عنوان: "قذائف المدفعية.. صفير يسبق الموت والدمار".
نازحون يفرّون من المخيمات
عمّت حالة من الخوف والهلع صفوف النازحين المقيمين في مخيمات ومراكز النزوح بمختلف مناطق قطاع غزة، خاصة شمال محافظة رفح، وفي مواصي خان يونس.
وبدأت عائلات بتفكيك خيامها والنزوح مرة أخرى، باتجاه مناطق جديدة في محاولة للحصول على الأمن المفقود، خاصة بعد سلسلة المجازر التي استهدفت مراكز ومخيمات الإيواء، وكان آخرها مخيم النازحين في منطقة "البركسات"، شمال محافظة رفح.
وقال النازح خالد سلطان، إنه وعائلته نجوا من الموت من مجزرة "البركسات"، وطوال الليل يلح أبناؤه وزوجته عليه بمغادرة المنطقة، لخوفهم الشديد من استمرار الوجود فيها.
وبيّن سلطان أنه فكك خيمته، واستأجر دراجة "توك توك"، ويستعد للرحيل عن المنطقة بالكامل، ولا يعرف أين سيذهب، المهم أن يبتعد عن المنطقة التي تعرضت للهجوم، وإن كان يفضل إقامة خيمته في منطقة قليلة الزحام بالخيام، لاعتقاده أن الاحتلال بات يركّز بشكل أساسي على استهداف المخيمات المزدحمة، لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.
من جهته، قال النازح خليل عبد القادر الذي يقيم في منطقة "البركسات"، إن عشرات العائلات التي نجت من المجزرة بدأت بالفرار من المنطقة، فالخوف ورائحة الدماء، ومشهد الخيام المحترقة، كلها عوامل تدفع الناس إلى مغادرة هذه المنطقة.
وأكد عبد القادر أن مجزرة الاحتلال في منطقة "البركسات"، نزعت آخر قدر من الأمان من قلوب النازحين، وجعلتهم يثقون بأن الاحتلال كاذب ومخادع، يرسلهم إلى مناطق يدعي أنها إنسانية آمنة، ثم يلاحقهم بالصواريخ، ويفتت أجسادهم.
وأشار إلى أن أغلب المواطنين تحركوا من خيامهم ولا يعلمون أين يتوجهون، ولا في أي منطقة يمكن أن يقيمون، فهم نزحوا بدافع الفرار من الموت، لكن الموت ما زال يلاحقهم.
استهداف 10 مخيمات ومراكز نزوح
كثف الاحتلال هجماته وغاراته الجوية على مخيمات النازحين في قطاع غزة بصفة عامة، ومحافظة رفح على وجه الخصوص، ما تسبب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن جيش الاحتلال ركّز هجماته، خلال الساعات القليلة الماضية، على مخيمات النزوح، إذ قصفت طائراته ودباباته أكثر من 10 مراكز، بعضها تابعة لوكالة الغوث "الأونروا".
وذكر المكتب الإعلامي أن الهجمات على مراكز الإيواء تركزت على مناطق جباليا، والنصيرات، ورفح، وغزة، حيث يوجد في تلك المراكز عشرات الآلاف من النازحين المدنيين، خاصة النساء والأطفال.
وأشار إلى أن أكبر هذه المجازر تلك التي استهدفت منطقة "البركسات"، شمال محافظة رفح، حيث جرى استهداف مخيم "البركسات" بنحو "200 رطل من المتفجرات"، وهي كمية كبيرة مقارنة بطبيعة المخيم المليء بالخيام، وهذا دليل دامغ على نية الاحتلال المسبقة ارتكاب مجازر بحق المدنيين.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي أن جيش الاحتلال كان سبق وحدد هذه المناطق على أنها آمنة، وطالب المواطنين والنازحين بالتوجه إليها، وعندما لجأ المواطنون إلى تلك المناطق وتكدسوا فيها بصورة كبيرة، قام بقصفها وارتكب فيها المجازر.
وحسب المكتب الإعلامي فإن حصيلة المجازر التي استهدفت مخيمات ومراكز للنزوح ارتفع خلال 24 ساعة فقط إلى 190 شهيداً، ومئات الجرحى.
وأوضح أن المواطنين ما زالوا يقعون تحت جرائم الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال كل يوم وكل ساعة، متحدياً قرارات المحكمة الجنائية الدولية، ومتسلحاً بموقف الإدارة الأميركية الداعم لهذه الجرائم، والمساند لإسرائيل في جرائمها داخل غزة.
خروج المستشفى الكويتي عن الخدمة
اضطرت إدارة المستشفى الكويتي التخصصي الواقع وسط محافظة رفح، إلى إخراجه عن الخدمة تماماً، ونقل الطاقم الطبي وبعض المعدات، إلى مستشفى ميداني غرب رفح.
وجاء إخراج المستشفى الكويتي نظراً لوقوعه ضمن دائرة الإخلاء، وتكرار تعرضه للقصف والغارات، وكان آخرها غارة استهدفت مجموعة من العاملين فيه، أول من أمس، ما تسبب باستشهاد اثنين منهم، وجرح 5 آخرين.
وقال رئيس مجلس إدارة المستشفى الكويتي صهيب الهمص، إن المستشفى خرج عن الخدمة، ليلحق بمستشفى الشهيد أبو يوسف النجار، ومركز صحي العودة، ومراكز صحية أخرى في رفح.
وبيّن الهمص أن خروج المستشفى عن الخدمة كان جراء تعمّد الاحتلال تكرار استهدافه خلال شهر أيار الجاري عدة مرات، وما يشكله ذلك من خطر على المرضى والجرحى والأطقم الطبية، لافتاً إلى أن العمل سيتم من داخل مستشفى ميداني غرب رفح.
وأنذر الاحتلال المستشفى الكويتي بالإخلاء، وهدد بقصفه في شهر تشرين الثاني الماضي، أي بداية العدوان، لكن الطاقم رفض أوامر الإخلاء حينها، واستمر العمل في المستشفى، قبل أن يتم إدراج المستشفى ضمن دائرة الإخلاء قبل أسبوعين، واستهدافه بشكل متكرر من قبل الطائرات والمدفعية.
وبخروج المستشفى الكويتي، تكون جميع المستشفيات وعيادات الرعاية الأولية في رفح خرجت عن الخدمة، باستثناء مستشفى تل السلطان للولادة، وعيادة الرعاية الأولية الحكومية، وعيادة تابعة لوكالة الغوث "الأونروا".
قذائف المدفعية.. صفير يسبق الموت والدمار
اعتمد الاحتلال منذ بدء غزو مدينة رفح على سلاح المدفعية بشكل كبير، وأطلقت دباباته ومدفعيته آلاف القذائف على كافة أنحاء المحافظة.
وصنف المواطنون قذائف المدفعية بأنها السلاح الأكثر رعباً وفتكاً في معركة رفح، كونه سلاحاً "أعمى"، يتم إطلاقه بشكل عشوائي على المناطق المأهولة وغير المأهولة.
وبات صفير القذائف الذي يُسمع قبل سقوطها بثوانٍ، من أكثر الأصوات رعباً، كونه يسبق الموت والدمار الذي تحدثه القذائف الفتاكة.
وقال المواطن إبراهيم ماضي، إنه بقي في منزله عشرة أيام بعد صدور أوامر الإخلاء، لاعتقاده أن منزله الواقع وسط رفح ربما يكون آمناً، لكنه اضطر في نهاية المطاف للنزوح وعائلته، بسبب قذائف المدفعية، التي كانت تنهمر على المنطقة بصورة مكثفة.
وأضاف ماضي: ما إن يحل الليل حتى تبدأ القذائف بالتساقط، يسمع صوت صفيرها في الهواء، ثم انفجارها وتناثر الشظايا في كل الاتجاهات.
وأكد أن قصف الطيران رغم قوته إلا أنه أهون من المدفعية، فهو يحدث عدة مرات يومياً، أما القذائف فهي لا تتوقف عن التساقط خاصة خلال الليل.
وأشار إلى أنه وبعد نزوحه إلى خيمة شقيقه في منطقة مواصي خان يونس، كان أبناؤه جالسين في الخيمة، وسمعوا صوت صافرة يلهو بها طفل صغير، فسارعوا جميعاً للارتماء أرضاً، ووضعوا أيديهم في آذانهم، ظناً منهم أنها قذيفة كتلك التي كانوا يسمعون صوتها وهم في المنزل.
بينما قال المواطن عبد الرحمن موسى، إن صوت صفير القذائف وهي في الهواء مرعب، لدرجة أنه يحبس الأنفاس، فقد ارتبط هذا الصفير بالموت والرعب والدمار.
وأوضح موسى أنه نزح وجيرانه من منطقة مخيم الشعوت بسبب القذائف، حتى قبل صدور أوامر إخلاء لتلك المنطقة، فلا يمكن لأي شخص البقاء في المنزل وهو يسمع أصوات القذائف تتساقط من حوله، وتسبب الموت والدمار.
ولفت إلى أن شظية من إحدى القذائف سقطت في بيته، وقد تفحصها فوجدها صناعة أميركية، وهذا دليل على أن إسرائيل تقتل أهالي غزة بسلاح أميركي، وأنه لولا الدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل، لما تمكنت من تنفيذ جرائمها في غزة بهذا الشكل.