يعيش سكان قطاع غزة تحت وقع العدوان الإسرائيلي المتصاعد لليوم الـ286 على التوالي، وما يرافقه من غارات، وقصف مدفعي على جميع أنحاء القطاع، خاصة رفح. وتسبب القصف المذكور في مفاقمة معاناة المواطنين والنازحين، الذين باتوا يعيشون ظروفاً عصيبة، ويُواجهون الموت يومياً.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان على غزة وتداعياته، منها مشهد تحت عنوان: "المجازر أبرز ملامح المرحلة الثالثة من الحرب"، ومشهد آخر يُوثق استشهاد 292 جريحاً بسبب إغلاق معبر رفح، وحظر السفر، ومشهد ثالث يرصد تدمير الاحتلال أكثر من 20 حديقة عامة في رفح.

المجازر أبرز ملامح المرحلة الثالثة
منذ مدة يتحدث الاحتلال عن التحول إلى ما سماه "المرحلة الثالثة من الحرب"، دون الحديث عن تفاصيلها، ومنذ أعلن قادة جيش الاحتلال الدخول فعلياً في تلك المرحلة، لاحظ الجميع تصاعد حدة المجازر، وتركيزاً أكبر على استهداف المناطق المكتظة بالنازحين، حتى في قلب المناطق التي ادعى الاحتلال أنها "إنسانية آمنة".
وقال المواطن أحمد عطية، إنه ظن بأن المرحلة الثالثة التي طالبت الإدارة الأميركية قادة الاحتلال بسرعة الانتقال إليها، ستكون أقل كثافة، وتشهد تراجعاً في أعداد الشهداء، الذين يسقطون يومياً، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً، فقد بدت تلك المرحلة أكثر دموية وعنفاً، وشهدت منذ بدايتها مجازر ربما تفوق ما ارتكب في بداية الحرب.
وأوضح عطية أنه وفي غضون أقل من 5 أيام "شاهدنا ما يزيد على 8 مجازر، إحداها استهدفت مسجداً يغص بالمصلين في مخيم الشاطئ، ومجزرتان استهدفتا مدرستين، ورابعة استهدفت شاحنة تقل نازحين، وخامسة استهدفت مخيماً مليئاً بخيام النازحين، وغيرها".
وبيّن أن المرحلة الثالثة تبدو مرحلة قتل المدنيين، ورفع عدد الشهداء، بالتزامن مع أخبار كاذبة تدعي مواصلة المفاوضات، وهذا يحمل خداعاً للعالم.
بينما قال المواطن سعيد طه، إن أكبر كذبة أطلقها الاحتلال وصدقها العالم هي مراحل الحرب على غزة، وكأن الاحتلال يريد أن يقول للعالم وللإسرائيليين، أنه حقق إنجازات، وينتقل من مرحلة إلى أخرى، لكن على أرض الواقع لا شيء يتغير، فالهجمات البرية والجوية والبحرية متواصلة ولا تتوقف، والمجازر تتصاعد.
وأكد طه أنه إذا كان هناك جديد على صعيد الحرب، فهو الاستهداف المباشر والمقصود للنازحين، وباستخدام قنابل فتاكة، تُحدث القتل والدمار على نطاق غير مسبوق.
وأشار إلى أن المرحلة الجديدة في الحرب بدت أكثر دموية وعنفاً، وظهر فيها بشكل جلي الأسلحة الأميركية الفتاكة، خاصة القنابل التي تزن طناً وربما أكثر، كما أن هذه المرحلة اتسمت بقتل أكبر وأوسع للأطفال، وملاحقة للنازحين أينما تواجدوا.
وذكر أن الجميع كانوا يأملون بأن الحرب ربما مع تقدم الوقت تتراجع، وتهدأ، لكن ما يحدث أنه كلما مضى وقت أطول على الحرب، زاد جيش الاحتلال دموية ووحشية، وتعمقت المجازر، وأصبح الضحايا يسقطون في كل مكان.
وكانت وكالة الغوث الدولية "الأونروا"، أكدت أن الاحتلال استهدف 5 مدارس تؤوي نازحين تابعة لها خلال 10 أيام فقط، رغم أن المؤسسة الأممية تُقدم إحداثيات مستمرة عن مواقع المدارس في قطاع غزة.

استشهاد 292 جريحاً بسبب إغلاق المعبر
ارتفع عدد الشهداء المتأثرين بجروحهم، والذين حرمتهم سلطات الاحتلال من السفر لتلقي العلاج في الخارج، بسبب إغلاق الاحتلال معبر رفح الحدودي، جنوب قطاع غزة، منذ 72 يوما، إلى 292 شهيداً، حيث كان هؤلاء من ضمن أعداد الجرحى الذين يجب أن يتلقوا العلاج في المستشفيات خارج قطاع غزة، لكنهم استشهدوا وهم ينتظرون فتح معبر رفح للسفر.
ومنذ إغلاق قوات الاحتلال معبر رفح حُرم أكثر من 3500 مريض وجريح من السفر لتلقي العلاج في المستشفيات خارج قطاع غزة، مع الإشارة إلى وجود 25 ألف طلب تحويلة مُسجلة لدى وزارة الصحة في غزة، تحت بند السفر لتلقي العلاج في الخارج، غير أن إغلاق الاحتلال معبر رفح يحرم هؤلاء من السفر للعلاج، ما يُشكّل خطراً على حياتهم، ويُهدد بقاءهم على قيد الحياة.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن المنظومة الصحية في غزة تُعاني أسوأ مراحلها في ظل خطة الاحتلال ونيته المُبيّتة بإسقاط المنظومة الصحية بالكامل، وإخراج جميع المستشفيات في قطاع غزة عن الخدمة، من خلال احتلالها، أو استهدافها وتدميرها، أو إحراقها وتفجيرها بشكل كامل، كما جرى مع مجمع الشفاء الطبي، ومجمع ناصر الطبي، ومستشفيات الرنتيسي، والنصر، والعيون، والإندونيسي، وكمال عدوان، والعودة، والقدس، وأبو يوسف النجار، والأوروبي، وغيرها من المستشفيات، التي أجبرها الاحتلال على الخروج من الخدمة الصحية، وأرغم طواقمها الطبية على مغادرتها، كما قتل الاحتلال منهم 500 كادر طبي، واعتقل حتى الآن 310 كوادر طبية في سجونه.
وأدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إخراج الاحتلال معبر رفح عن الخدمة، وحرمان أكثر من 25 ألف جريح ومريض من السفر لتلقي العلاج في الخارج، داعياً المؤسسات الدولية والحقوقية، إلى إدانة هذه الجريمة النكراء، التي تهدد حياة المرضى والجرحى.
واحتلت قوات الاحتلال معبر رفح في السابع من أيار الماضي، وعملت على تدمير مبانيه وصالاته، ورفعت العلم الإسرائيلي على مبانيه، وأعلنت إغلاقه بشكل كامل في وجه المسافرين والمساعدات.
ومنذ ذلك الوقت توقفت حركة السفر بشكل كامل من وإلى قطاع غزة، وعلق المرضى في القطاع، ولم يتمكن المسافرون من المغادرة، كما علق عشرات آلاف المواطنين في مصر.

تدمير حدائق عامة في رفح
يوماً بعد يوم يتسع حجم الدمار في محافظة رفح، ليطال مناطق جديدة، ومرافق مختلفة في المحافظة.
ولم تكن الحدائق العامة، التي كانت تمثل متنفساً للمواطنين، خاصة في فصل الصيف، بعيدة عن التدمير، إذ عاثت آلة الحرب الإسرائيلية فيها دماراً، وتسببت بتخريبها.
وأكد رئيس بلدية رفح أحمد الصوفي، أن قوات الاحتلال المتوغلة في أحياء ومناطق رفح، جرفت ودمرت ما يزيد على عشرين حديقة عامة في مختلف أحياء المدينة.
وقال الصوفي: "دمرت آليات الاحتلال وطائراته الحربية معظم الحدائق العامة في محافظة رفح وأبرزها الحديقة اليابانية، وحدائق الحي السعودي، والحديقة التي تتوسط حي undp والحديقة الشاطئية، والنادي البحري، غرب المدينة، وحديقة شارع بلال وسط المدينة، وحديقة هارون الرشيد جنوب المدينة.
وأوضح أن سياسة التعتيم وعزل رفح عن العالم الخارجي، تُسبب صعوبة بالغة في تحديد حجم الأضرار وحقيقة الجرائم، خاصة مع تواصل واتساع رقعة الدمار بشكل يومي.
وبيّن الصوفي أن قوات الاحتلال تنتهج سياسة الأرض المحروقة خلال عملياتها المستمرة؛ بهدف تخريب البنية التحتية، والمرافق العامة، وممتلكات المواطنين.
وأضاف: "طالت سياسة التخريب والتدمير الممنهج العديد من المرافق الخدماتية، إلا أن استمرار العمليات العسكرية ومنع طواقم الطوارئ من الوصول إلى معظم مناطق رفح، يحول دون القدرة على جمع البيانات الدقيقة، وكشف حجم جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال في رفح".
وجدد الصوفي دعوته للمنظمات الأممية والحقوقية، ومؤسسات المجتمع الدولي، من أجل الضغط الجاد لوقف جريمة الإبادة المستمرة في قطاع غزة.
ووفق مواطنين وصلوا إلى بعض أحياء محافظة رفح، فإن الاحتلال تعمد تدمير الشوارع المعبّدة، والجزر التي تقع وسط الطرقات العامة، واقتلع أشجار الظل في الحدائق وفي الطرقات، وعمل على تشويه الشكل الحضاري للمحافظة، من خلال تدمير نُصب تذكارية، وأحياء راقية، ومسح معالم المدينة.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية المحدثة يومياً، تغيّراً كبيراً في الشكل العمراني لمدينة رفح كل يوم، ما يدلل على استمرار عمليات التدمير واتساعها باستمرار.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف