قضى المواطن أحمد أبو طير ليلته قبل الماضية يقظاً في حراسة أطفاله الذين افترشوا رمال الشاطئ، والتحفوا السماء، عقب نزوحهم من خيمتهم في بلدة خزاعة جراء أوامر الاحتلال الجديدة بإخلاء المناطق الشرقية لمدنية خان يونس، جنوب قطاع غزة.
لم يجد أفراد هذه الأسرة مكاناً يؤويهم سوى مساحة صغيرة على رمال شاطئ القرارة وسط قطاع غزة، ولم يسعفهم الوقت لإنشاء خيمة جديدة بدل التي تركوها خلفهم، وهربوا تحت نيران وشظايا مدافع الاحتلال.
وقال أبو طير، في الأربعينيات من عمره، الذي بحث لأبنائه عن "جالون" مياه ليشربوها صباح اليوم التالي، إنه غادر خيمته تحت وقع القصف الذي أدى إلى استشهاد وجرح المئات من المواطنين قبل مغادرتهم بلداتهم، وأثناء نزوحهم باتجاه الغرب، مبيناً أنه نجا وأسرته من الموت بأعجوبة، وأعرب عن حزنه الشديد من مشاهدة عشرات الجثث والجرحى الذين كانوا يصابون بشظايا قذائف المدفعية، ويسقطون في الطرق والشوارع، بينما كان يحمل طفليه ويجري بأقصى سرعة.
واكتظت مناطق الخيام ومراكز النزوح المقامة عشوائياً في منطقة "المواصي" غرب خان يونس، عقب نزوح عشرات الآلاف من البلدات الشرقية، وعلى طول طريق صلاح الدين.
وأضاف أبو طير في حديث لـ"الأيام": "لم نجد مكاناً نأوي إليه عند وصولنا في ساعات المساء، وقضينا الليلة بالقرب من مياه البحر، وخفت أن نغط في النوم فتغرقنا هذه المياه". وتابع: "صوت البحر أفضل بكثير من صوت القصف والمدافع".
وتشبه حالة المواطن أبو طير حالة المئات من العائلات التي سكنت عند الشاطئ، بسبب عدم وجود مناطق خالية يمكن لهؤلاء أن يقيموا فيها خياماً.
عائلة المواطن يوسف مهاوش المكونة من عشرة أفراد لاذت بالقرب من كومة حجارة ملقاة عند رمال الشاطئ، وفي مكان ملاصق لميناء خان يونس.
وقال رب العائلة: "لم نجد مكاناً أفضل من ذلك، فقد نزحنا دون أن نصطحب اي اثاث او خيمة، وكان لا بد من مغادرة بني سهيلا على عجل بسبب شدة القصف".
وأوضح: "حاولنا اللجوء إلى أحد الأقارب فرفض وجودنا في خيمته بسبب ضيق المكان"، مشيراً إلى أن إيجاد مساحة للجوء لا تزيد على عشرة أمتار مربعة يعد أمراً صعبا.
"لم يعد النزوح وحده هو المعاناة من الحرب فقط، بل إعادة النزوح مرات ومرات، وفي المرة الأخيرة لم نجد مكاناً ننزح إليه"، هكذا وصفت المسنة رتيبة قديح التي جلست على كومة من الرمل، في ظل ركام منزل مدمر عند شاطئ بحر خان يونس، وهي تنتظر حضور أحد أبنائها لنقلها إلى خيمة جديدة، وقالت: "راحوا يبحثوا عن مكان فاضي نبني فيه خيمة جديدة، والله تعبنا من كتر النزوح".
بدت المسنة قديح متعبة من رحلة نزوح استمرت أكثر من عشر ساعات، حسب قولها، وصارت تأمل بأن تجد أي مكان تأوي إليه لكي ترتاح من شقاء الحر والنزوح معاً.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف