يضطر المرضى والمصابون في المستشفى الإندونيسي بمحافظة شمال غزة الانتظار أوقاتاً طويلة للحصول على الخدمات الطبية وبشكل خاص الاستشارات الطبية بسبب العدد المحدود جداً من الطواقم الطبية البشرية العاملة، بعد قتل الاحتلال واعتقاله وترحيله للغالبية العظمى من هذه الطواقم في المستشفى والمستشفيات الأخرى في المنطقة خلال اجتياحاته المتكررة للمحافظة منذ بدء عدوانه على القطاع قبل عشرة شهور.
فأمام الركن المخصص لعلاج أمراض العظام والكسور وتجبيرها، يقف عشرات المرضى بانتظار دورهم للحصول على الخدمة الطبية لعدم وجود أكثر من طبيب واحد فقط، وسط امتعاض واستياء المرضى.
ووصف هؤلاء الحصول على الخدمات من العيادات الخارجية بالمستشفيات بالمهمة القاسية وتحتاج إلى وقت طويل، كما يقول المواطن محمود أبو سعدة والذي اضطر للانتظار أكثر من ساعتين لتشخيص حالة ابنته التي بيّن فيما بعد أنها تعاني من كسور في يدها اليسرى.
وفي معظم الأوقات يتدخل عاملون من أمن المستشفى لتنظيم المراجعين والمرضى الذين يتدافعون ويتزاحمون للحصول على الخدمة.
وأكثر العاملين في مستشفيات منطقة شمال غزة هم من المتطوعين وطلبة كليات الطب والتمريض والصيدلة والتخصصات الطبية الأخرى بعد أن دعتهم الجهات الطبية المختصة إلى الالتحاق بالعمل في المستشفيات لتغطية العجز الهائل في التخصصات الطبية والكوادر البشرية بعد أن قتل الاحتلال واعتقل وهجر معظم الطواقم.
وزاد ضعف إمكانات هذه الطواقم ومحدودية الطاقة الاستيعابية للمستشفيات وتدني جودة الخدمات الطبية من معاناة المواطنين المراجعين ويدفعهم إلى انتظار أعضاء الوفود الطبية الأجنبية خروجهم من غرف العمليات من أجل الحصول على الاستشارات الطبية لعدم ثقتهم بالكثير من المتطوعين.
ويضطر أعضاء وفود أجنبية وعربية تصل باستمرار للمساعدة في إجراء العمليات للمرضى والجرحى للعمل لساعات طويلة جداً من أجل التغلب على الأعداد الهائلة من المرضى التي تتدافع حتى أمام غرف مبيتهم داخل المستشفى للحصول على الخدمات الطبية، كما شاهدت "الأيام".
وعزا المواطن منير أبو خضرة إصراره على استشارة أحد أطباء القلب القادمين ضمن وفد طبي عربي وأجنبي إلى عدم وجود أخصائيين محليين في الشمال بعد نزوح جميع أطباء القلب المشهورين وذات الإمكانات العالية للجنوب.
وأوضح أنه وصل إلى المستشفى بعد سماعه بوصول وفد أجنبي إلى المستشفى لعرض حالته عليه.
ولا تقتصر معاناة المرضى على الكادر الطبي بل، أيضاً، على التخصصات الأخرى في المستشفيات، حيث يصطف طابور طويل من المرضى المنومين والمراجعين أمام غرفة الأشعة.
وينتظر المواطن أكثر من ساعة بحدها الأدنى حتى يحصل على الخدمة ويضطر إلى نقل الصورة من جهاز أخصائي الأشعة إلى جهازه الخليوي، ومن ثم عرضها على الطبيب المعالج لعدم توفر الإنترنت وآلية نقل الصورة مباشرة على جهاز الطبيب المعالج بعد تدمير الاحتلال كل مقومات التطور الطبي في المستشفيات.
ويفتقد المستشفى ومعظم مستشفيات محافظتي الشمال وغزة للكثير من أجهزة الأشعة الضرورية جداً والملحة بعد أن دمر الاحتلال جميع أجهزة الأشعة المهمة، وخاصة أجهزة الرنين المغناطيسي وأجهزة الأشعة المقطعية والتي لا يتوفر في المحافظتين إلا جهاز واحد فقط يوجد في مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" بمدينة غزة، ويعمل ليل نهار من أجل التغلب على الطلب الهائل، حيث تحول جميع المستشفيات والمراكز الطبية المرضى المحتاجين للتصوير المقطعي.
وتقدر الأوساط الطبية في غزة عدد أجهزة الأشعة التي دمرها الاحتلال خلال اجتياحاته واحتلاله للمستشفيات بأكثر من 150 جهازاً بينها نحو 15 جهازاً للأشعة المقطعية والرنين المغناطيسي.
ولم يكن الحال أفضل حالاً في مستشفى كمال عدوان الذي يتحمل العبء الأكبر في تقديم الخدمات الطبية للمرضى والمصابين في محافظة شمال غزة.
ويعكس الازدحام الشديد في ركن العيادات الخارجية وغرف المبيت الوضع القاسي والكارثي للمستشفى والضغط الهائل على الأطباء وخاصة أطباء الجراحة والذي لا يتجاوز عددهم خمسة أطباء.
ويضطر المستشفى أمام هذا الواقع القاسي إلى إخراج المرضى والمصابين قبل الوقت المخصص لاستشفائهم من أجل علاج حالات أكثر خطورة وصعوبة، كما يقول أحد الأطباء الذي أكد أنه يواصل الليل بالنهار في إجراء العمليات الجراحية لعدم وجود طواقم كافية.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف