لم يعد مستغرباً أن تشاهد رجلاً أو امرأة أو طفلاً يسير حافي القدمين في الشوارع وبين أزقة الخيام؛ نظراً لقلة أو ندرة الأحذية في قطاع غزة، وقد تستطيع مشاهدة الغالبية من النازحين لا يرتدون سوى أشكال مهترئة من القماش، تبدو على هيئة أشباه ملابس لكلا الجنسين.
فالشاب رمضان حلاوة (35 عاماً) من خان يونس، جنوب قطاع غزة، يسير يومياً عدة كيلومترات وهو يبيع الخبز والمعجنات حافي القدمين، حسب ما قاله لـ"الأيام".
وأشار، وهو متعب من كثرة السير، إلى أن حذاءه الوحيد أصبح بالياً ولم يعد صالحاً للاستخدام، ولا يستطيع شراء حذاء جديد بعدما أنفق الكثير لترميمه خلال الفترة الماضية.
وتوجد كمية قليلة جداً من الأحذية الجلدية الجديدة في قطاع غزة، لكن ثمن الحذاء الواحد وصل إلى 350 شيكلاً لا لسبب سوى أن الكمية قليلة جداً، وقد تكون نادرة مما تمكن بعض التجار من تهريبه إلى القطاع، حيث تمنع إسرائيل إدخال الأحذية والملبوسات إلى قطاع غزة رغم حاجة السكان إليها منذ عدة أشهر.
وأوضح حلاوة أنه لن يشتري حذاء بهذا الثمن الباهظ، الذي لم يكن يتعدى 15 شيكلاً أو أكثر بقليل قبل العدوان على غزة، مشيراً إلى أنه يشعر بألم شديد في قدميه في نهاية كل نهار من كثرة السير حافياً.
وبيّن أن زوجته تمتنع عن الخروج من خيمتها في مواصي خان يونس لعدم وجود حذاء خاص بها، لافتاً إلى أنها قد تضطر إلى استعارة حذاء جارتها عند اللزوم.
وذكر حلاوة أن أحد أبنائه يمتلك حذاءً بلاستيكياً يستخدمه باقي الأبناء في قضاء احتياجات ومتطلبات الأسرة فقط.
لم يكن قطاع الأحذية وحده الذي يشهد أزمة، فقطاع الملبوسات يعاني أزمة أكثر تأثيراً، فمحال بيع البالة "الملابس القديمة" لم تعد تكفي لحاجة النازحين من الملابس رغم رداءتها وعدم ملاءمتها.
كما خلت أرفف محال الملبوسات الجديدة من البضاعة إلا من ملبوسات لا تلائم سوى حفلات الأعراس المفقودة في قطاع غزة.
وقال النازح محمد زين الدين، في الأربعينيات من عمره: إنه لم يعد مستهجناً أن يرتدي النازحون ملابس غير مناسبة لأجسادهم، وألا يجدوا غايتهم من الملبوسات المناسبة التي اختفت من الأسواق.
ولفت إلى أنه يواجه صعوبة في شراء ملبوسات خاصة به في فصل الصيف، لأنه كان قد نزح من منزله في فصل الشتاء، مشيراً إلى أن تبدل المواسم سيضاعف معاناته.
وتوقع زين الدين أن قدوم الشتاء وهو في النزوح، سيكون صاعقاً ليس بالنسبة له فقط بل لكل النازحين.
وقالت المواطنة "أم نضال": إنها لا تجد ملابس لكساء أبنائها ولا تجد لنفسها ما يناسبها لترتديه، مبينة أنها كانت تشتري ملابس قديمة ومهترئة لكنها لم تعد تجد هذا النوع من الملابس، وأنها تحاول ستر أجساد أبنائها بما يتاح من ملابس، مهما كانت قديمة وغير ملائمة.
وفي هذا المجال ينشط خياطون، كانوا قد وجدوا لأنفسهم مساحات ضيقة على الأرصفة، في مجال تحويل الملابس وترميمها، مستخدمين عجلات الدراجات الهوائية بديلاً عن التيار الكهربائي المقطوع عن قطاع غزة منذ بداية العدوان في تشرين الأول الماضي.
وقال نادر مهنا أحد هؤلاء الخياطين، إنه يمضي وقتاً طويلاً في تلبية احتياجات النازحين بمجال تحويل الملابس، وجميعها ملابس مهترئة وقديمة، مشيراً إلى أنه يجهد نفسه في ذلك، لكنه يتفهم حاجة النازحين الماسّة لذلك.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف