على مدى 18 عاماً من الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة، شكت قطاعات حيوية وخدماتية أساسية تكراراً من النقص الحاد في المعدات الأساسية وتهالك مركبات الإنقاذ، محذرة من آثار سلبية لذلك أثناء الكوارث والحروب.
وظهرت هذه الأزمة بصورتها الخطيرة خلال الحرب الإسرائيلية المدمرة والمتواصلة على غزة منذ 7 تشرين الأول 2023، حيث تعجز الطواقم التابعة لمؤسسات "الدفاع المدني والبلديات والإسعاف والطوارئ" عن أداء مهامها الإنسانية بما يتناسب مع حجم الكوارث التي يخلّفها القصف الإسرائيلي للمباني والأحياء السكنية.
وما فاقم حالة العجز هذه الاستهداف الإسرائيلي المتعمّد لطواقم ومركبات الإنقاذ، ومقرات الدفاع المدني، والمستشفيات وما يقع داخلها من مركبات الإسعاف، حيث تم استهدف 131 سيارة إسعاف منذ بداية الحرب، حسب بيانات رسمية.
تحاول هذه القطاعات الحيوية والضرورية في وقت الحرب تجاوز الأزمة، عبر إجراء صيانة دورية لمركباتها وآلياتها التي تعتبر بمثابة "الإنعاش المؤقت لها".
كما تعمل تلك الطواقم على إنقاذ المصابين وانتشال جثامين الشهداء من تحت كميات كبيرة من الركام بأدوات بدائية وإمكانات ضعيفة جداً، وسط احتمال استشهاد المصابين في حال تأخر الطواقم عن الوصول إليهم.
وما يضاعف صعوبات عملهم الشح الحاد في توفر الوقود اللازم لعمل المركبات، حيث يخرج بين الفينة والأخرى عدد منها عن العمل نتيجة ذلك.
كما يلقي توقف بعض هذه المركبات عن العمل بظلاله السلبية على الواقع الصحي والبيئي في قطاع غزة، مسبباً أمراضاً وأوبئة مختلفة.
وأعلن جهاز الدفاع المدني في غزة خروج أكثر من 60 بالمئة من معداته ومركباته عن الخدمة؛ بسبب استمرار الحرب والاستهداف الإسرائيلي لها، وعدم توفر قطع الغيار لصيانة المتعطل والمتهالك منها.
ولأكثر من مرة طالب الدفاع المدني الأمم المتحدة "بضرورة العمل على إلزام وكالة الأونروا بتوفير كميات الوقود لتشغيل مركبات الإطفاء والإنقاذ والإسعاف والتدخل السريع".
وذكر مدير جهاز الدفاع المدني بالمحافظة الوسطى، رامي العايدي، أن "صيانة المركبات أصبحت صعبة في ظل الظروف الحالية؛ بسبب نقص قطع الغيار والمستلزمات والمعدات حتى تتم إعادة هذه المركبات والآليات إلى الخدمة من جديد".
وقال: "مركبات الدفاع المدني تعمل بشكل متواصل وعلى مدار الساعة منذ بداية الحرب، حيث خرجت 3 آلاف مرة حتى الآن لتنفيذ مهام إنسانية، وهو ما يعادل ساعات العمل الطبيعي على مدى 25 عاماً".
وأوضح العايدي أن هذه المركبات باتت "ضعيفة للغاية حيث تحتاج جميعها إلى استبدال بأخرى جديدة، نظراً لقدمها وحالتها السيئة".
وأشار إلى أن الحصار الإسرائيلي المشدد منذ صيف 2007 حال دون "إدخال مركبات جديدة للدفاع المدني، ما دفع باتجاه إجراء صيانة دورية ومكثفة لهذه المركبات، واستبدال العديد من قطع الغيار".
وطالب المؤسسات والمنظمات الدولية والأممية بضرورة "إدخال مركبات الإنقاذ وإعادة تأهيل السيارات الموجودة لتتمكن من العمل في الميدان، خاصة مع استمرار الحرب الإسرائيلية".
وفيما يتعلق بالمركبات التابعة لبلدية غزة، قال المتحدث باسمها حسني مهنا: "إن الاحتلال دمّر 126 آلية ومركبة تابعة لنا مختلفة الأحجام منذ بداية الحرب، وهو ما يعادل 80 بالمئة من إجمالي الآليات والمركبات".
وأضاف: "الآليات والمركبات المتبقية متهالكة وقديمة، ما يفاقم الكارثة التي تعيشها المدينة في مجالات الصحة والبيئة، وفتح الطرق، وخدمات المياه والصرف الصحي".
وبيّن مهنا أن عمليات الصيانة الدائمة لهذه "الآليات والمركبات ترهق كاهل البلدية، في ظل النقص الحاد بالمعدات وقطع الغيار".
وتابع: "نقص المعدات يفاقم كارثية الأوضاع في المدينة وتكدس النفايات، كما يتسبب بنقص حاد وكبير في المياه، وتسرب المياه العادمة للشوارع، وتشكيل برك تتجمع فيها مياه الأمطار".
ولفت إلى أن "حجم الأعباء كبير جداً بفعل العدوان والدمار الذي لحق بالمدينة وبالمرافق والآليات"، مشيراً إلى عدم توفر أي إمكانات لدى البلدية من أجل مواجهة الكارثة الكبيرة أو الاستجابة لخدمات الطوارئ المختلفة.
ونوّه إلى أن استمرار هذه الأزمة من شأنه مفاقمة الأوضاع الصحية لدى السكان والنازحين، خاصة فيما يتعلق بـ"انتشار الأمراض والأوبئة"، محذراً من بروز أزمات جديدة في حال لم تتم معالجة هذه الأزمة بشكل فوري.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف