- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2024-09-05
داخل إحدى الغرف الصفية في مدرسة إيواء بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تذاكر النازحة الشابة ريهام أبو الخير محاضراتها الجامعية "عن بعد" عبر حاسوب محمول، وسط ضجيج الأطفال والنساء اللواتي يجلسن حولها.
أبو الخير، التي تدرس تخصص طب الأسنان بجامعة الأزهر، تأخرت في سنواتها الدراسية جراء استمرار حرب الإبادة على القطاع منذ 7 تشرين الأول الماضي.
وما زالت أبو الخير عالقة في عامها الدراسي الثالث، إذ إنها لولا اندلاع الحرب كانت ستبدأ سنتها الرابعة.
وتعتبر أبو الخير واحدة من آلاف طلبة الجامعات والمدارس الذين تعثرت دراستهم جراء استمرار الحرب للعام الثاني.
ووفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء، لم يتمكن نحو 80 ألفا و568 من طلبة الجامعات والكليات بغزة، من الالتحاق بمؤسساتهم التعليمية، فيما افتتح، مؤخرا، عدد قليل من جامعات غزة الدراسة إلكترونيا ولمساقات محدودة.
كما لم يستطع نحو 620 ألف طالب الانتظام في مدارسهم بغزة، بحسب وزارة التربية والتعليم، فيما يصف بعضهم مصيرهم بـ"المجهول"، جراء الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع.
ومنذ بدء الحرب، وجد مواطنون في المؤسسات التعليمية كالمدارس والجامعات والكليات ملاذا أخيرا لهم للنزوح إليه هربا من حمم الغارات الإسرائيلية.
واليوم، تكتظ عشرات المدارس ومقرات مؤسسات تعليمية بآلاف النازحين الذين يعيشون ظروفا معيشية وصحية كارثية فاقمها شح الإمدادات الأساسية خاصة المياه والغذاء.
ويتخوف الطلبة من تأخر أعوامهم الدراسية بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية، بفعل اكتظاظ المدارس بالنازحين.
المدرسة.. منزلنا الأول
قالت الطالبة أبو الخير، إن المدرسة تحولت خلال أشهر الحرب إلى منزلهم "الأول"، بعدما دمر الجيش الإسرائيلي بيتهم في مخيم البريج وسط قطاع غزة.
وأضافت، "كانت لدينا حياة ومنزل، لكن مع مطلع العام 2024 دمر الجيش منزلنا وأصبحت هذه المدرسة بيتنا الأول، وليس الثاني كما علّمونا خلال سنوات الدراسة".
وأوضحت أنها فقدت كتبها الجامعية وكل ما يتعلق بحياتها السابقة جراء قصف منزلهم بشكل كامل.
وتابعت، "من المفترض، اليوم، أن أنهي عامي الدراسي الثالث في الجامعة وأبدأ بالرابع، لكن بسبب الحرب ما زالت عالقة في السنة الثالثة".
ظروف غير مناسبة
وعن الدراسة داخل مركز الإيواء، تشتكي أبو الخير هذه الظروف قائلة، "الأجواء هنا غير مناسبة للدراسة".
وإلى جانب أجواء الحرب والتوتر الناجم عنها، تكمل أبو الخير مسيرتها التعليمية وسط ضجيج الأطفال والنساء ممن يعيشون معها داخل غرفة "الصف".
وكانت مؤسسات حقوقية ونسوية قد قالت، إن النساء يفقدن خصوصيتهن في مراكز الإيواء ما يضاعف معاناتهن جراء الحروب.
وتحاول أبو الخير التأقلم مع هذه الظروف من أجل الحصول على درجات عالية في تخصصها، مضيفة، "يجب أن نحافظ على التعليم ونستمر فيه من أجل محاربة محاولات التجهيل".
وعلى الرغم من ضعف الإمكانات المتاحة لاستكمال تعلمها عن بعد (عبر الإنترنت)، تسعى أبو الخير بشتى الطرق إلى الحفاظ على دروسها وتحصيلها العلمي.
وقالت، "نمر بظروف صعبة، في إحدى المرات وخلال تقديمي لأحد الاختبارات لم يتوفر لدي شبكة إنترنت، فتنقلت من مدينة إلى أخرى واضطررت للجلوس في الشارع من أجل حلّ الاختبار".
حماية الأطفال من التجهيل
وتطرقت أبو الخير في حديثها لأهمية حماية الأطفال من حالة التجهيل التي تسعى إسرائيل لتكريسها في القطاع من خلال تدمير المدارس والجامعات والكليات وتحويل المتبقي منها لأماكن نزوح.
وأضافت بالخصوص، "من المفترض أن نستمر (نحن الطلاب) في التعلم من أي مكان لاستكمال ما بدأناه لحماية العملية التعليمية".
وأشارت إلى أن الجيل الجديد لم يتمكن من دخول الصف الأول الابتدائي بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية.
وذكرت أن هناك محاولات داخل مركز الإيواء الذي يقيمون داخله لتعليم الطلاب ما درسوه سابقا في محاولات لمنع نسيانه.
وطالبت بوقف الحرب للعودة إلى الحياة السابقة (قبل 7 أكتوبر)، لافتة إلى أن الحياة التي ستلي الحرب بحاجة إلى تخطيط لمعرفة "أين سيعيشون وأين سيذهبون".
المدارس .. مراكز إيواء
من جانبها، تقول سهير أبو الخير، إن حياتهم أصبحت بشكل كامل داخل مدرسة النزوح بعدما دمر الجيش الإسرائيلي منزلهم.
وأوضحت أن تحويل المدارس إلى مراكز إيواء أثر على الطلاب الذين حرموا من مقاعدهم الدراسية.
وتابعت، "الطلاب يشعرون بالحزن الشديد جراء تحويل مدارسهم لمراكز إيواء، ما حرمهم من ممارسة حياتهم كما بقية أطفال المنطقة (الذين يبدؤون عامهم الدراسي بعد أيام)".
وأعربت عن حزنها لحال الطلاب الذين تعثرت دراستهم بفعل الحرب، قائلة، "لم يتقدموا في حياتهم التعليمية (...) العمر يضيع منهم (بلا جدوى)".
ودعت إلى ضرورة وقف الحرب وعودة الحياة إلى ما قبل 7 أكتوبر الماضي، متابعة، "نريد أن تتحسن الحياة".