يرتجف الطفل إحسان أبو خاطر (13 عاماً) من شدة البرد، وهو يبحث مع والديه عن ملابس شتوية ثقيلة في سوق دير البلح، وسط قطاع غزة، لشرائها.
يفتقر الطفل كما غيره من الأطفال، بل عموم النازحين، للملابس الثقيلة والأحذية التي تحميهم من شدة البرد في فصل الشتاء، الذي يمر للمرة الثانية خلال العدوان الإسرائيلي المستمر منذ السابع من تشرين الأول 2023.
وكان هؤلاء النازحون تركوا كافة ملابسهم واحتياجاتهم في منازلهم التي دمّرها جيش الاحتلال في مدينة غزة وشمالها.
"مليش جاكيت وأجيت عشان اشتري بس مفيش والموجود غالي كتير"، قال الطفل إحسان، الذي بدا عليه البرد الشديد محاولاً الاحتماء خلف والده.
وأضاف: "بالليل بتغطى بالحرامات وبالنهار بعرفش أيش البس وبضطر أطلع على باب الخيمة وأنا ملفوف بالحرام".
وتفتقر أسواق قطاع غزة للملبوسات والأحذية منذ عدة شهور، ويضطر النازحون لاستخدام ملابس لا تتناسب مع أحجام أجسامهم.
"في الصيف كنا نلبس أي شي من أواعينا، وكنا نمشي بدون حذاء بس بالشتا فش امكانية الواحد بدو أواعي كتير عشان يدفى"، قالت الطفلة هناء (عشرة أعوام) التي ارتدت سترة ثقيلة لا تناسب جسدها النحيل عندما توجهت لجلب المياه لأسرتها النازحة في منطقة النخيل، غرب دير البلح.
وقالت والدتها "أم محمد" (37 عاماً) إنها ذهبت لشراء ملابس لطفلتها وباقي أطفالها، لكنها لم تجد سوى قطع ملبوسات ثقيلة وصل أدنى أسعارها إلى 250 شيكلاً.
واعتبرت الوالدة التي نزحت وأسرتها من مدينة غزة، أن مثل هذه الملابس تكاد تكون نادرة في السوق وبأسعار مرتفعة جداً.
لم تعد معاناة النازحين في الشتاء تقتصر على تلف خيامهم أو غرقها أو عدم ملاءمتها لبرد الشتاء فقط، بل ضاعفت أزمة نقص الملبوسات والأحذية في الأسواق وقلة المساعدات العينية للنازحين من هذه المعاناة.
"تخيل أن تشاهد خيمتك تغرق بالمياه من جهة ولا يجد أطفالك أي شي يلبسونه للشعور بالدفء من جهة ثانية" بهذه العبارة اختصر النازح "أبو مالك" (42 عاماً) ما يواجهه النازحون في فصل الشتاء الحالي. وقال: "طبعا لا نبحث عن شراء ملبوسات جديدة لعدم توفرها أو ارتفاع ثمن المتوفر منها بل نتجه للبحث عن احتياجات أطفالنا في سوق الملابس القديمة، وهو ما يعرف بالبالة".
وأوضح أن هذا النوع أيضاً نادر جداً وبأثمان مرتفعة لا نستطيع شراءها.
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أصدر بياناً حول منع الاحتلال إدخال الأغطية والملابس والأحذية، رغم دخول موسم البرد والشتاء وتردي الظروف الإنسانية دون أي مبرر أو ضرورة عسكرية، حسب القانون الدولي.
واعتبر ان إسرائيل تتعمد فرض ظروف معيشية قاسية تؤدي إلى هلاك المواطنين الفعلي، وهي ضمن أركان جريمة الإبادة، مشيراً إلى أن ما أدخلته قوات الاحتلال من هذا النوع من الاحتياج لسكان القطاع قدر بنحو 0,001% فقط.
وقال المرصد إن آلاف المواطنين في غزة تركوا بلا ملابس كافية تحميهم من البرد الشديد، ما يعرضهم لأمراض شديدة وفتاكة، فضلاً عن منع الأدوات اللازمة لمواجهة البرد كالمدافئ والأغطية والخيام و"الشوادر"، مطالباً المجتمع الدولي بضرورة التدخل.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف