- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2024-11-28
تواصل "الأيام" نقل مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه الـ418 على التوالي، حيث رصدت استمرار الجرائم الإسرائيلية، والحصار والتجويع، وتداعيات المنخفض الجوي الأخير على النازحين.
ومن بين المشاهد التي رصدتها "الأيام"، مشهد تحت عنوان "شاطئ البحر شاهد على مأساة النازحين"، ومشهد آخر يرصد معاناة النازحين خاصة من سكان الخيام، جراء تدني درجات الحرارة، خاصة خلال ساعات الليل، ومشهد ثالث يُسلّط الضوء على حملة التدمير الإسرائيلية الواسعة والمتواصلة، التي تستهدف حي الجنينة شرق محافظة رفح.
الشاطئ شاهد على مأساة النازحين
مع بدء انحسار المنخفض الجوي، وعودة أمواج البحر إلى الهدوء من جديد، وتراجع المد البحري، تكشفت مأساة النازحين أكثر، إذ مازالت مئات الخيام التي دمرتها الأمواج عالقة تحت الرمال، يظهر منها بقايا أعمدة خشبية، بينما يبحث مواطنون عن حاجياتهم التي سحبتها الأمواج، في حين يواصل آخرون تفكيك خيامهم، في محاولة لنقلها إلى مكان بعيد.
وقال النازح إسماعيل يوسف، إن خيمته تعرضت للغرق بشكل كلي بعد أقل من دقيقة من خروجه وعائلته منها، حيث غرق الصف الأمامي من الخيام، الذي يبعد عن خيمته 7 أمتار، حينها أدرك أن الأمواج بدأت رحلة مد، وأنها ستصل إلى مناطق أبعد، فطلب من عائلته الخروج من الخيمة على عجل، وأخدوا معهم حقائب فيها الهواتف النقالة، والأوراق الثبوتية، وما كان يخشاه حدث، إذ اندفعت الأمواج العاتية باتجاه الخيمة، وأغرقتها، ودمرتها بالكامل.
وأشار إلى أنه لم يتوقع أن تُحدث قوة الأمواج كل هذا الدمار، ففي الصباح عاد إلى خيمته، فوجد الأمواج سحبت فراش وأغطية العائلة، والجزء الغربي من الخيمة.
وبيّن أنه بعد بحث عثر على فرشتين على بعد 500 متر قذفتها الأمواج، وباقي حاجياته مفقودة، لافتاً إلى أنه ينوي مغادرة المكان، لكنه لا يمتلك لا خيمة، ولا فراشا، ولا أي شيء، فقد خسر كل ما يمتلك بسبب الأمواج.
من جهته، قال المواطن حسن عايش، إن خيمته تضررت بشكل كبير بسبب المد البحري، ولحُسن حظه فإن الأمواج القوية دفعت رمال الشاطئ ودفنت خيمته، وهذا يعد أقل ضرراً، فغيره سحب البحر خيامهم.
وذكر أنه عاد إلى خيمته وحفر في الأرض، وبدأ باستخراج ما بقي من مقتنياته، وبعض حاجياته المدفونة، ويستعد للانتقال الى مكان آخر، حيث وجد مُتسعاً في محيط منطقة "بئر 19"، بمواصي خان يونس، وهي منطقة نائية، لا توجد فيها مصادر مياه عدا القليل، لكنه اضطر للتوجه إليها.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أكد أنه وعلى مدار يومين تلفت قرابة 10 آلاف خيمة، حيث جرفتها مياه البحر بعد امتداد الأمواج، بسبب دخول المنخفض الجوي.
البرد ينخر عظام النازحين
عانى النازحون خلال الساعات والأيام الماضية من تدني درجات الحرارة، والرياح الباردة التي هبت خاصة خلال ساعات الليل. وتسبب البرد الشديد في تأزم أوضاع النازحين، وزيادة معاناتهم، وإصابة الآلاف منهم بأمراض ومتاعب صحية.
وقال المواطن خالد ياسين، إن تدني درجات الحرارة في مناطق المواصي الملاصقة للبحر انعكس عليه وأفراد عائلته بالسلب، خاصة في ظل نقص الأغطية، وشح الملابس الشتوية.
وبيّن أنه يحاول قدر الإمكان إغلاق خيمته، واشترى "نايلون" لحمايتها من المطر، لكنه فشل في منع تدفق الهواء البارد إلى داخل الخيمة ليلاً.
وأوضح أنه لجأ إلى جمع أبنائه في الأغطية، ففي السابق كان لكل فرد غطاء واحد، أما الآن فينام كل اثنين الى جانب بعضهما ويضع عليهما غطاءين، بحيث ينام الصبية الى جانب بعضهم، والبنات إلى جانب بعضهن، لكن رغم ذلك مازالوا يشعرون بالبرد الشديد.
وأكد أنه بحاجة ماسة إلى أغطية، وملابس شتوية، وفي منزله الذي علم أنه جرى تدميره في رفح، كان يتواجد الكثير من الملابس والأغطية، وندم أشد الندم على أنه لم يأخذها معه حين نزح من غزة.
بدوره، قال المواطن محمود بربخ، إن ثلاثة من أبنائه أصيبوا بنزلات برد حادة، بعدما تعرضوا للبرد الشديد خلال اليومين الماضيين.
وأشار إلى أن الخيمة مكان غير صالح للعيش في فصل الشتاء، وفي ساعات الليل تصبح عبارة عن مكان شديد البرودة، وفي ظل نقص الأغطية سيكون الأمر كارثياً.
وشدد على ضرورة تحرك الجهات الإغاثية لحماية النازحين من البرد والأمطار، وتبعات ذلك، فالأمراض بدأت تتفشى بشكل أكبر، والمعاناة تزداد.
ولفت بربخ إلى أنه توجه لشراء ملابس شتوية لأبنائه ففوجئ بالأسعار الفلكية في الأسواق، وهذا عبء إضافي عليه وعلى أرباب الأسر، التي تعاني ضيق الحال.
ويوجد في مناطق المواصي عشرات آلاف الخيام، معظمها بالية لا تقي من الأمطار أو البرد، ومع تعمق فصل الشتاء ستزداد معاناة النازحين، وسط مخاوف من حدوث وفيات في صفوف المواطنين، خاصة الأطفال، والمُسنين، ومن ذوي المناعة المُنخفضة.
وكانت مؤسسات إغاثية أكدت أن عشرات الشاحنات المحملة بالأغطية والفراش تقف منذ أشهر في الجانب الآخر من معابر غزة، ومازال الاحتلال يرفض إدخالها.
تدمير حي الجنينة
قارب العدوان الإسرائيلي المتواصل على محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، من إنهاء شهره السابع، ومازال القصف والتدمير والتجريف يتصاعد في معظم أحياء ومخيمات المحافظة.
ومنذ نحو شهرين، انتقل ثقل العمليات البرية إلى حي الجنينة، وهو واحد من أحياء رفح الراقية، ذي الواجهات المعمارية الحديثة، والبنايات متعددة الطبقات.
وبدأ جيش الاحتلال بتدمير الحي من ناحيته الجنوبية، وتحديداً محيط "مول العرب"، ومنطقة "دير ياسين"، ومحيط "مجدي يونس"، قبل أن تنتقل عمليات التدمير إلى شارع "الجامعة"، ومفترق "أبو طه"، وصولاً إلى حي التنور المجاور، وحتى مستشفى الشهيد أبو يوسف النجار.
واستخدم الاحتلال في تدمير الحي كل ما لديه من وسائل مُتاحة، بدءاً بالقصف الجوي، مروراً بـ"الروبوتات"، و"الملالات" والحاويات المليئة بالمتفجرات، وليس انتهاءً باستخدام جرافات "D9"، أميركية الصنع، ذات القدرات التدميرية العالية.
ووفق مصادر محلية وشهود عيان، فإن الدمار في حي الجنينة كان كبيراً، خاصة في شارع الجامعة، ومحيط مستشفى النجار، حيث انهارت بنايات، وتضررت أخرى، وجرى تجريف شوارع.
واستطاع بعض المواطنين الوصول إلى مناطق طالها الدمار، ونشروا صوراً جديدة من داخل حي الجنينة، تُبين حجم الدمار الهائل فيه.
وقال المواطن أحمد عرفات من سكان الحي، إنه يُتابع الصور التي تخرج من الحي، وكذلك صور الأقمار الصناعية، ويُلاحظ أن رقعة الدمار تكبر يوماً بعد آخر، وكأن الاحتلال يسير وفق خطة ممنهجة لتدمير كامل الحي.
وأوضح عرفات أن ما يحدث حالياً في حي الجنينة مُشابه تماماً لما حدث في السابق في أحياء أخرى برفح، مثل السلام، والبرازيل، وتل السلطان.
ولم يقتصر التدمير في حي الجنبية وباقي أحياء رفح على هدم المنازل، إذ دمر الاحتلال جميع مرافق البنية التحتية، بما في ذلك شبكات الكهرباء والهاتف، وخطوط المياه والصرف الصحي، واقتلع طبقة الإسفلت، وفجّر حتى خزانات المياه.
وذكر عرفات أنه يتوقع أن يُكمل الاحتلال تدمير حي الجنينة ثم ينتقل إلى أحياء أخرى، ربما خربة العدس، أو مصبح، أو حتى الشوكة الجنوبية.
وأعلنت وسائل إعلام عبرية في وقت سابق، أن جيش الاحتلال استعان بشركات تدمير مدنية متخصصة، لإكمال عملية تدمير محافظة رفح، وتحويلها إلى منطقة غير صالحة للعيش.