- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2024-12-18
مضت 438 يوماً على العدوان الإسرائيلي المتواصل في قطاع غزة، ولا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تعيث دماراً وقتلاً في جميع مناطق القطاع، والحصار يفتك بالسكان، ويتزايد الضغط على المواطنين من سكان شمال القطاع، بهدف تهجيرهم.
"الأيام" تواصل نقل مشاهد جديدة من العدوان المُستمر، منها مشهد يرصد حصار النازحين في مواصي رفح، ومشهد آخر يوثق محاولات الاحتلال المُستمرة لطرد من تبقى من مواطنين بشمال القطاع، ويواصل ملاحقتهم من مدرسة لأخرى، ومشهد ثالث يُوثق مواصلة الاحتلال استهداف الصحافيين.
حصار مئات العائلات في مواصي رفح
للمرة الثانية في غضون أسبوع، تُهاجم قوات الاحتلال منطقة مواصي رفح، دون سابق إنذار، أو تحذير مُسبق، فقد فوجئ آلاف النازحين المقيمين في منطقة مواصي رفح، بتقدم رتل من الدبابات والجرافات بتغطية نارية كثيفة من برج آلي "رافعة"، مقام على الحدود المصرية "محور فيلادلفيا".
وتسبب إطلاق النار العشوائي والمُركز، الذي استهدف مواطنين حاولوا النزوح عن المنطقة، في سقوط شهداء وجرحى بينهم، وشيوع أجواء من الخوف.
كما أكد الدفاع المدني ورود عشرات الاتصالات من عائلات تعرضت للحصار في منطقة مواصي رفح، وهناك عائلات حُوصرت في الخيام، ولا تستطيع المغادرة.
وحذر الدفاع المدني وجهات أخرى من خطورة التحرك على شارع الرشيد بدءاً من مفترق "فش فريش"، الذي يقع ضممن نطاق مواصي خان يونس، وحتى منطقة "البردويل" جنوباً في مواصي رفح.
وقال المواطن أيمن صالح: إن ابنته وأطفالها محاصرون في مواصي رفح، ولا يستطيعون التحرك، فثمة دبابة إسرائيلية متوقفة منذ ساعات على شارع الرشيد، وتطلق النار تجاه أي شخص تراه، كما أن برج الرافعة يطلق النار بشكل مستمر.
وأكد صالح، وكان متوقفاً قرب مفترق "فش فريش"، أنه طلب من ابنته وأطفالها البقاء في الخيمة وعدم التحرك، والارتماء أرضاً إذا لزم الأمر، لأن أي تحرك قد يُشكل خطراً على حياتهم.
وأوضح أن ابنته وعائلتها تعرضوا للحصار للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، ويعتقد أن الاحتلال سيواصل التوغل في المنطقة المذكورة في الأيام المقبلة، لذلك سيقوم بإجلائها وعائلتها، ونقل خيمتهم بعد انسحاب الاحتلال من المنطقة، آملاً أن تُكتب السلامة لها ولأطفالها.
في حين أكد المواطن بلال طه أنه يقيم وعائلته قرب "مفترق فش فريش"، ورغم أنه يبعد أكثر من 2200 متر عن موقع التوغل الحالي في مواصي رفح، إلا أن الرصاص الطائش يصل، منذ صباح أمس، إلى المنطقة ويرتطم بالخيام ويصيب النازحين، وهناك حالة خوف كبيرة في صفوف سكان المنطقة.
وأوضح طه أن الاحتلال توغل قبل عدة أيام في المنطقة المذكورة، ودمر وأحرق الخيام، وأصاب وقتل العديد من النازحين. وأمس، أعاد التوغل، معتقداً أن ما يحدث ربما يكون تمهيداً لاحتلال مواصي رفح، في محاولة لحصار النازحين في مواصي خان يونس.
الاحتلال يُطارد النازحين من مدرسة لأخرى
يُواصل جيش الاحتلال تضييق الخناق على من تبقى من مواطنين في مناطق شمال القطاع، لا سيما بلدتَي بيت لاهيا وبيت حانون، ويضغط عليهم بشتى الطرق، بهدف دفعهم للنزوح باتجاه الجنوب.
وكثف الاحتلال، خلال الأسبوعين الماضي والحالي، استهداف مراكز الإيواء التي دفع النازحين من أجل التوجه إليها، بينما يُحاصرها، ويُجبر المتواجدين على النزوح عنها، باتجاه الجنوب.
وفي محاولة لإفشال مخطط الاحتلال، والبقاء في مناطق شمال القطاع، يواصل النازحون التنقل من مكان لآخر، ويفرون من مدرسة لمدرسة، لكن الاحتلال يُواصل مطاردتهم، ويضيق الخناق عليهم كل يوم.
ووفق محمود بصل الناطق باسم الدفاع المدني في قطاع غزة، فإن الاحتلال يُلاحق النازحين من مدرسة لأخرى، وقتل خلال 24 ساعة فقط 50 نازحاً في مناطق شمال القطاع، بعد أن استهدف وقصف 4 مدارس.
وأكد بصل أن الاحتلال يستهدف النازحين في مراكز الإيواء بأسلحة حارقة وفتاكة، أدت في أكثر من مدرسة إلى تفحم الجثامين، وتسببت في تقطيع الجُثث على نحو مُروع.
وشدد بصل على ضرورة وصول خبراء أسلحة، ومؤسسات حقوقية، للتحقق من نوعية الأسلحة التي يستخدمها الاحتلال في قصف مراكز النزوح، وسط شكوك كبيرة بأن الاحتلال يستخدم أسلحة محرمة دولياً، وربما قنابل تحوي على مادة اليورانيوم، فأثر هذه الأسلحة لم نشهده من قبل.
بينما أكد نازحون أُجبروا على مغادرة بلدة بيت حانون، ووصلوا مؤخراً إلى مدينة غزة، أن الاحتلال كثف في الآونة الأخيرة استهداف مراكز الإيواء، وضغط على المواطنين في بلدات ومخيمات شمال القطاع، بكل الطرق والوسائل الممكنة، بهدف إجبارهم على النزوح.
وأكدوا أنه بعد استخدام سلاح التجويع، والمجازر، بات الاحتلال يعمل على محاصرة النازحين في مراكز إيواء، ثم قصفها، واقتحامها، ويعتقل أغلب الرجال منها، ثم يُجبر من تبقى من نازحين فيها على الخروج، والسير في شوارع يُسيطر عليها الاحتلال، توصلهم لمدينة غزة، إذ يُجبروا على العبور من خلال "حاجز الإدارة المدنية"، وهو حاجز يُشبه إلى حد بعيد حاجز "نتساريم".
ووفق مصادر مُتعددة، يتواجد في شمال قطاع غزة حالياً نحو 60 ألف مواطن فقط، إذ أجبرت المجازر والضغط، والتجويع، عشرات الآلاف على النزوح جنوباً.
استمرار استهداف الصحافيين
يُواصل الاحتلال استهداف الصحافيين في قطاع غزة، وقد تصاعدت تلك الاستهدافات خلال الأيام الماضية، حيث اغتال الاحتلال أربعة من الصحافيين، في غضون أيام معدودة.
وقتلت قوات الاحتلال الصحافي أحمد اللوح مصور قناة "الجزيرة" الفضائية، وقبله بيوم واحد فقط استشهد الصحافي محمد بعلوشة، مراسل قناة "المشهد"، جراء استهدافه من قبل طائرات الاحتلال غرب مدينة غزة، وقبل أيام استشهدت الصحافية إيمان الشنطي وعدد من أطفالها، جراء قصف منزل العائلة في مدينة غزة، وتبعه استهداف مباشر لمنزل الصحافي محمد القريناوي، ويعمل في وكالة "سند الأنباء"، ما تسبب باستشهاده برفقة عدد من أفراد عائلته.
وحوّل جموع الصحافيين جنازة الشهيد اللوح إلى ما يشبه التظاهرة، التي نددوا من خلالها بتصاعد استهدافهم، بهدف منع وصول الحقيقة للعالم.
وأكد صحافيون أن الاحتلال اعتمد منذ بداية العدوان طريقتين من أجل حجب جرائمه، ومنع وصول الحقيقة للعالم، الطريقة الأولى الاستهداف المباشر للصحافيين، إذ قتلت قوات الاحتلال 196 صحافياً منذ بداية الحرب على غزة حتى الآن. أما الطريقة الثانية، فتتمثل بمنع كامل للصحافيين العرب والأجانب من دخول غزة، كما منع وصول معدات للصحافيين، ودمر مقرات مؤسسات صحافية في القطاع.
ودعا المكتب الإعلامي الحكومي كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحافيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة، محملاً الاحتلال والإدارة الأميركية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجريمة النَّكراء الوحشية.
وطالب المكتب الإعلامي، المجتمع الدولي، والمنظمات الدولية، والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحافي والإعلامي في كل دول العالم، إلى إدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة، وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة.
كما طالب بممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف جريمة قتل واغتيال الصحافيين، في حين اعتبرت العديد من المؤسسات الدولية والأممية، من بينها الاتحاد الدولي للصحافيين، قتل الصحافيين في غزة أنه جرائم حرب تتطلب محاسبة مقترفيها.