تنشب بين فترة وأخرى ومكان وآخر في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، مشادات كلامية بين العائدين إلى ركام منازلهم، في محاولة لتحديد أماكنها، وأصول إقامتها قبل أن تقوم قوات الاحتلال بتدميرها بشكل كامل جماعي.
وقال المواطن أحمد الفيومي (45 عاماً): "وصلت قبل عدة أيام ووجدت الجيران قد أقاموا خياماً مؤقتة فوق ركام منزلي، ولم أستطع حينها تحديد تفاصيل المنطقة".
وأضاف: "اجتهدت أنا وأحد هؤلاء الجيران في تحديد مكان منزلي بسبب قيام الاحتلال ببعثرة الركام في كل مكان، ما ضيّع معالم المربع السكني بالكامل".
"لا يقل التشرد صعوبة عن النزوح إن لم يزد قسوة وألماً"، هكذا وصف المواطن محمود ظاهر (56 عاماً) حاله وهو يتشاجر مع أحد الجيران، الذي عاد للتو للبحث عن مكان منزله وسط أكوام الركام شرق مخيم جباليا.
وقال: "كان منزلي هنا، والدليل أن نافذة غرفتي كانت تطل على مئذنة الجامع المتهاوية على الأرض"، مشيراً إلى أن معالم بيته غائبة تماماً ولا يوجد سوى أكوام ركام.
وقامت جرافات وآليات الاحتلال عقب قصفها لهذه المنازل بدائية الصنع، بتجريفها وإزاحة الركام في أماكن جانبية، لشق طرق وتمكين آلياتها من المرور فوق الركام.
وأوضح ظاهر أنه اكتشف من بين الركام وجود علامات تدل على وجود منزله، لكن هذه العلامات تناثرت في كل مكان بمسافة مئات الأمتار، ولم يعد يستطيع تحديد مكان منزله.
من جهته، افتقد المواطن أبو سالم عليان (62 عاماً) أي فرصة لإقامة خيمة لأسر أبنائه وأحفاده، ووقف عاجزاً أمام ركام المنزل وهو يشعر بحيرة كبيرة.
وقال: استشهد اثنان من أبنائي في خان يونس أثناء النزوح وعند العودة إلى المخيم لا أحد يستطيع مساعدتي في تحديد مكان منزلنا الذي تدمر بالكامل"، مؤكداً أنه لا يقوى على الشجار والمشادات الكلامية مع الجيران عند تحديد مكان المنزل.
وأشار إلى أنه لم يكن يتوقع أن يكون الدمار بهذا الشكل في المخيم والمناطق المجاورة له، وهو ما يجعله يفكر في العودة إلى النزوح مرة أخرى، طالما بقي دون خيمة أو حتى مكان لنصبها بسبب هذا الركام".
ويعتبر المواطن جهاد شبير (40 عاماً) من المحظوظين لأنه وجد بقايا منزل يمكن تحديد معالمه.
وبقليل من الأقمشة المهترئة استطاع شبير أن يهيئ غرفة تعلوها كومة من الركام، وتلاصقها أكوام أخرى كي يستطيع منح أطفاله مكاناً للسكن.
وقال: "لم تكن تهيئة ركام بناية مكونة من ثلاث طوابق أمراً هيناً أو سهلاً، فأكوام الركام عالية الارتفاع ولا يمكن التعامل معها بأدوات بسيطة"، مبيناً أنه استطاع تهيئة مساحة لم تزد على 40 متراً مربعاً على شكل مستطيل، ولفها بـ"شوادر" بلاستيكية وألواح خشبية، واعتبرها مسكنه الجديد مع أفراد أسرته الخمسة.
كما شرع مواطنون، في محاولة صعبة وشبه مستحيلة، بنصب خيام صغيرة لإيواء أبنائهم فيها.
وقال المواطن إبراهيم أبو سيف (33 عاماً) إنه نصب خيمة صغيرة بالقرب من الركام في منطقة سكناه وسط مخيم جباليا، بعدما استعان بآلية جرف "كباش" مارة بطريق الصدفة لكي تزيل الركام عن مساحة لم تزد على 20 متراً مربعاً.
وأضاف:" أقمت خيمتي وبعدها بدأ بعض الجيران بالادعاء أن المكان يعود لهم، وأن بيتي ليس هنا، وهو ما خلق مشادات كلامية".

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف