
- تصنيف المقال : شؤون فلسطينية
- تاريخ المقال : 2025-07-09
يتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة دون توقف، وتتصاعد فصول المعاناة، مع تشديد الحصار، وتصاعد الهجمات، خاصة على محافظتَي غزة وخان يونس.
"الأيام" رصدت مشاهد جديدة من العدوان وتبعاته، ونقلت مشهداً يرصد تسارع المجازر الإسرائيلية في القطاع، ومشهداً آخر يرصد الأضرار الصحية الناجمة عن الإكثار من تناول البقوليات، ومشهداً ثالثاً يُسلط الضوء على النقص الحاد في أدوية المضادات الحيوية بالقطاع، وتأثيرات ذلك على المرضى والجرحى.
مجازر متسارعة
شهدت الأيام الماضية تصاعداً كبيراً في العدوان الإسرائيلي على القطاع، لا سيما الغارات الجوية، التي باتت تُشن على مدار الساعة، وتستهدف منازل، وخياماً، ومخازن، ومركبات، واستراحات، ومارة، ومراكز إيواء.
وتركزت الغارات الجوية في الأيام الماضية على مدينة غزة، التي حصلت على النصيب الأكبر منها، تليها محافظة خان يونس، ثم محافظة وسط قطاع غزة.
وتزامنت الغارات المذكورة مع توسع في العدوان البري، واستمرار إصدار أوامر نزوح جديدة، خاصة في مناطق خان يونس وغزة.
وتسببت الغارات المتلاحقة في إشاعة أجواء من الخوف والهلع في صفوف المواطنين، وأفقدت العائلات النازحة والمقيمة الأمان، كما أدت إلى إرباك المنظومة الطبية المنهارة في قطاع غزة، حيث ما زال عدد محدود من المستشفيات يعمل ضمن إمكانات محدودة.
وجراء الغارات بات مواطنون، خاصة في مدينة غزة، يتجنبون التحرك في الشوارع، كون المُسيّرات تستهدف المارة، والتجمعات بشكل متواصل.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن الاحتلال ارتكب 59 مجزرة خلال الـ100 ساعة فقط "منذ نهاية الأسبوع الماضي ومطلع الأسبوع الجاري"، راح ضحيتها 288 شهيداً بينهم 99 شهيداً استهدفهم جيش الاحتلال قرب مصائد الموت، وما تسمى "مراكز توزيع المساعدات الأميركية.
وأكد المكتب الإعلامي أن قوات الاحتلال تعمّدت ارتكاب هذه المجازر التي وصفها بالوحشية من خلال قصف مراكز الإيواء والنزوح المكتظة بعشرات آلاف النازحين، وقصف الاستراحات العامة، وكذلك منازل ومربعات سكنية، عدا المجازر اليومية التي تُرتكب قرب مراكز توزيع المساعدات، مع تركيز الاحتلال على قصف خيام النازحين في مواصي خان يونس، وقتل وحرق النساء والأطفال وهم نائمون.
وأكد المكتب الإعلامي أن غالبية الشهداء هم من الأطفال والنساء والمُسنين، وكلهم من المدنيين العُزّل، ما يعكس تعمّد الاحتلال استهداف الفئات الأكثر ضعفاً، لإلحاق أكبر قدر ممكن من القتل والإبادة والضرر.
في حين أكد أطباء يعملون بمشافٍ في قطاع غزة أن الاحتلال يستخدم في القصف أسلحة وقنابل مُحرمة دولية، تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة، وغالبية الإصابات التي تصل المستشفيات تكون خطيرة، وهناك حالات بتر، وحروق شديدة، وبعض أجساد الشهداء تصل أشلاء ممزقة.
البقوليات تتسبب بمشاكل صحية
باتت البقوليات بمختلف أنواعها طعاماً شبه وحيد للمواطنين في القطاع، حيث يتم توزيعها في مراكز المساعدات الأميركية، وبعضها يُباع في الأسواق.
لكن تناول البقوليات على فترات طويلة، وبأكثر من وجبة كل يوم، تسبب بمشاكل ومتاعب صحية لدى الكثير من المواطنين.
ويقول المواطن عبد الله حمد: إن طعامهم الوحيد هو البقوليات في الوجبات الثلاث، ففي الصباح يتناولون "الدقة"، وهي مصنوعة من العدس الأحمر، وعلى وجبة الغذاء يأكلون فاصولياء، أو بازيلاء معلبة، أو عدساً، وفي العشاء يشترون الفلافل المصنوع من الحمص والبازيلاء الجافة.
وأكد أن أغلب أفراد عائلته يعانون من مشاكل صحية بسبب البقوليات، فزوجته تُعاني من تهيج شديد في القولون "القولون العصبي"، وكلما أكلت بقوليات ازدادت متاعبها، وشعرت بأعراض مثل المغص، والانتفاخ، وغيرها.
أما هو فُيعاني من نوبات نقرس حادة، تتسبب بآلام شديدة في إصبع قدمه، جراء ارتفاع بعض الأحماض في الدم، بينما يُعاني أحد أبنائه الصغار من حساسية البقوليات، وقد ظهر عنده هذا المرض قبل نحو شهر، بعد الإفراط في تناول البقوليات بمختلف أنواعها.
وأكد أنه يُحاول جاهداً التنويع في الطعام، لكن هذا لا يبدو سهلاً، فالخضراوات شحيحة، وأسعارها عالية جداً، ولا يوجد أي نوع من اللحوم، أو الألبان، أو الأجبان، ولا حتى الفواكه.
وأشار إلى أنه يخشى من آثار صحية أكثر سوءاً في المستقبل، جراء الاستمرار في تناول البقوليات.
ورغم أهميتها، حذرت دراسات طبية من مخاطر الإفراط في تناول البقوليات، حيث يتسبب تناولها بكثرة في ظهور مجموعة من الأمراض والأعراض غير المحببة، فقد تُؤثر البقوليات على الجهاز الهضمي بسبب احتوائها على الألياف التي قد تسبب الغازات عند تناولها بكميات كبيرة وبشكل مفاجئ.
كما تُسبب البقوليات الحساسية، والتي تظهر على شكل طفح جلدي، والصفير، وجفاف الحلق، بالإضافة لأنها تتسبب في ارتفاع مستوى السكر في الدم، فهي تحتوي على جزء كبير من الكربوهيدرات، لذلك يجدر بمرضى السكري الانتباه إلى نظامهم الغذائي تحديداً عند تضمين البقوليات فيه.
نقص في المضادات الحيوية
يُعاني القطاع من نقص حاد وشديد في الأدوية بشكل عام، والمضادات الحيوية على وجه الخصوص، لا سيما تلك التي يتم صرفها للمرضى والجرحى بعد إجراء العمليات الجراحية، للحيلولة دون التهاب الجروح، وللمساعدة في سرعة التئامها.
ودق العديد من المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع ناقوس الخطر مؤخراً، خاصة المستشفى الكويتي الميداني، وهو واحد من أهم المستشفيات الميدانية التي تقدم خدمات علاجية، من بينها عمليات جراحية للمرضى والجرحى.
وأكد المستشفى المذكور أنه يعاني من نقص حاد في مختلف أنواع الأدوية، خاصة المضادات الحيوية، وهذا يُهدد صحة وسلامة المرضى والجرحى.
من جهته، أكد مدير عام وزارة الصحة في غزة، الدكتور منير البرش، أن القطاع يعاني من نقص حاد في المضادات الحيوية اللازمة لعلاج مختلف الأمراض، خاصة داء التهاب السحايا، الذي انتشر في القطاع مؤخراً، محذراً من تداعيات صحية كارثية نتيجة ذلك.
وأكد البرش أن الاحتلال يتعمد ارتكاب إبادة جماعية وعمليات تطهير عرقي في القطاع، ومنع وصول الأدوية والعلاجات الطبية أحد وسائل هذه الإبادة.
وأشار إلى أن 16 مستشفى فقط تعمل بشكل جزئي في القطاع، في ظل الانهيار المتواصل للمنظومة الصحية، محذراً من أن أكثر من 80 ألف مريض يواجهون مخاطر جدية نتيجة النقص الحاد في الأدوية.
وأكد جرحى ومرضى، وذووهم، أنهم يواجهون مشكلة في توفير العلاج لأبنائهم، خاصة أن بعض المستشفيات باتت تكتب الأدوية وتطلب من ذوي المريض توفيرها من الخارج، وأن كثيراً من الصيدليات في القطاع فارغة من الأدوية، وما هو متوفر أسعاره عالية، وربما يكون منتهي الصلاحية، أو أدوية سبق وسُرقت من شاحنات مساعدات.
بينما سبق وحذرت منظمة "أطباء بلا حدود" الدولية من النقص الحاد في أدوية التخدير والمضادات الحيوية للأطفال في القطاع، جراء استمرار الاحتلال منع إدخال المستلزمات الطبية وإغلاق المعابر.
وأكدت المنظمة الدولية أنه لم يدخل أي نوع من المساعدات إلى القطاع منذ مدة طويلة، وأن فرقها بدأت ترشيد استخدام الأدوية.
وطالبت المنظمة سلطات الاحتلال بضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة على نطاق واسع.