يتواصل العدوان الإسرائيلي بصورة مكثفة على كافة أنحاء القطاع المُحاصر، وتتصاعد المجازر وعمليات القتل والتدمير، لا سيما شرق مدينة غزة.
"الأيام"، تواصل نقل مشاهد جديدة من قلب العدوان والمأساة، منها مشهد يرصد حصار حي الزيتون بالنار، ومشهد آخر بعنوان "سرقة حيوانات غزة"، ومشهد ثالث يرصد استغلال الاحتلال لأزمة المياه التي صنعها، لقتل العطشى.

حي الزيتون محاصر بالنار

انتقلت ذروة العمليات الجوية والبرية الإسرائيلية المُستمرة شرق وجنوب مدينة غزة، إلى حي الزيتون، وهو أحد أهم وأكبر أحياء المدينة، ويعد بمثابة بوابتها الجنوبية، ويضم عشرات الورش والمصانع، ويتميز بأنه حي شديد الكثافة السكانية.
ومنذ أكثر من أسبوع، يتعرض الحي لكثافة نارية غير مسبوقة، إذ تشن الطائرات عشرات الغارات الجوية تجاهه بشكل يومي، كما يتعرض لقصف مدفعي عنيف، ومناورات من الدبابات التي تتقدم باتجاه أجزاء من الحي وتتراجع.
ويومياً يتم تسجيل عشرات الضحايا ما بين شهيد وجريح، جراء الغارات والقصف المدفعي على الحي، حيث تستهدف طائرات الاحتلال ومدفعيته منازل ومراكز إيواء، ومارة في الشوارع، بينما تتم محاصرة الحي بالطائرات.
واللافت خلال جولة التصعيد الحالية على الحي، أن غالبية سكانه يرفضون بشكل قاطع النزوح عن منازلهم، حتى في ظل الخطر الشديد، واستمرار القصف، نظراً لأن المناطق التي يطالبهم الاحتلال بالتوجه إليها، تشهد مجازر وقصفاً لا يقل خطورة عما يحدث في حي الزيتون.
وأكد مواطنون أن الاحتلال يتعمد إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية في صفوفهم، عبر قصف المنازل المأهولة، واستهداف المارة في الشوارع، موضحين أن طائرات مُسيّرة صغيرة، تُطبق سيطرتها الجوية على الحي، وتحدد المنازل المأهولة بالسكان، لتأتي الطائرات الحربية وتقصفها، كما تُشارك المُسيّرات المذكورة بإطلاق النار بشكل مباشر على المواطنين.
وفي آخر تصريح للدفاع المدني في قطاع غزة، فإن ثمة عدداً كبيراً من المفقودين تحت الركام في حي الزيتون، جراء استمرار قصف المنازل، وإن فرق الدفاع المدني باتت لا تستطيع تلبية أي نداء استغاثة من حي الزيتون بسبب محاصرته تماماً بالنيران.
وقال المواطن أحمد منصور، وله أقرباء يقطنون الحي: إنه بات واضحاً أن الاحتلال يعمل حالياً على إفراغ مناطق شرق وجنوب مدينة غزة من المواطنين، وقد تشهد الفترة المقبلة نقل مركز التدمير إلى حي الزيتون، كما يحدث حالياً في العديد من المناطق خاصة حيَّي التفاح والشجاعية.
وأكد أن غالبية سكان الحي يتمسكون بمنازلهم في الوقت الحالي، ويرفضون تركها، وكلهم أمل بأن يتم إقرار تهدئة جديدة في الفترة المقبلة، تقيهم النزوح والتدمير.

سرقة حيوانات غزة

لم يكتف الاحتلال بالمجازر والتهجير وتدمير المنازل، إذ لا يزال جنوده يعيثون فساداً وخراباً في القطاع، ويواصلون سرقة أملاك المواطنين وحاجياتهم.
ومن أبرز السرقات التي شاعت في القطاع مؤخراً، سرقة الحيوانات المملوكة لمواطنين خاصة الحمير، بحجة أنه تتم معاملتها بشكل قاس في غزة، وحتى لا يتم استخدامها لاحقاً في عمليات إعادة الإعمار.
واشتكى العديد من المواطنين من سرقة حيواناتهم، خاصة في شرق القطاع وشماله، إذ أخذها الجنود، ونقلوها إلى داخل الخط الأخضر.
ويقول المواطن عبد الله النجار: إنه اضطر قبل عدة أسابيع للفرار من مناطق شرق خان يونس، بعد تعرضها لقصف جوي وتقدم مفاجئ للدبابات، وترك الكثير من الحاجيات خلفه، ومن بينها حماره الذي يعتاش منه، حيث يستخدمه كوسيلة مواصلات ينقل المواطنين بوساطتها.
وأوضح أنه غامر بحياته وعاد إلى منزله في اليوم التالي، خشية أن ينفق الحمار بسبب الجوع والعطش، مبيناً أنه وجد الحظيرة كما هي ولم يجد الحمار، وحين تفحص المكان شاهد آثار أحذية عادة ما يرتديها جنود الاحتلال، إضافة لآثار جنازير وعجلات آليات إسرائيلية قرب منزله، وهو واثق بأن حيوانه جرت سرقته من قبل جيش الاحتلال.
وأكد أن الحيوان الذي تمت سرقته سبق واشتراه مقابل 40 ألف شيكل، وأكثر من ثلثي ثمنه اقترضه من أقارب وأصدقاء، على أمل أن يسدد الديون من دخله، لكنه الآن في ورطة، وغير قادر على إطعام عائلته، أو سداد ديونه.
وكانت قناة "كان" الإسرائيلية أوردت خبراً مفاده بأن الجيش الإسرائيلي نقل مئات الحمير من غزة إلى داخل إسرائيل، وإلى مزرعة لجمعية اسمها "لنبدأ من جديد"، تديرها إسرائيلية مهتمة بموضوع الحمير.
ووفق القناة، فإن الجمعية قامت بترحيل جزء من الحمير إلى فرنسا، حيث توجد في فرنسا مساحات واسعة يمكن للحمير العيش فيها، وهناك نية لنقل جزء منها إلى بلجيكا.
وزعمت القائمة على الجمعية لقناة "كان"، أن الوضع النفسي والجسماني صعب للحمير، وأنها كانت تعيش حياة عبودية في غزة تنقل الرمل والبلوك، وبعد الحرب تنقل الأثاث والمواطنين.
وقالت: "لن نسمح بدخول حمير إلى قطاع غزة، وسنعمل على إخراج ما تبقى منها في غزة كي لا تُستغل في عمليات إعادة إعمار غزة.

الاحتلال يستغل أزمة المياه لقتل العطشى

شهد القطاع من شماله حتى جنوبه أزمة مياه خانقة، خاصة مخيمات النازحين، التي يُعاني قاطنوها حالة عطش شديدة، نظراً لشح المياه الصالحة للشرب، التي تصلهم.
ووفق العديد من المصادر، فإن السبب الأهم في أزمة المياه الحالية، هو شح الوقود اللازم لتشغيل مضخات المياه ومحطات التحلية، ما جعل إنتاج المياه في الحد الأدنى.
وأعلنت غالبية بلديات القطاع عن توقف محطات ضخ وتحلية المياه على العمل بسبب شح الوقود، محذرة من كوارث كبيرة جراء هذه الأزمة.
ويومياً تُشاهد طوابير طويلة من المواطنين حول شاحنات تحمل صهاريج مياه، أو يقفون أمام نقاط لتوزيع المياه، حيث يتوافد المواطنون للحصول على القليل من الماء الصالح للشرب.
ويبدو أن الاحتلال استغل الحالة المذكورة التي تسبب بها، من خلال تعمد استهداف تجمعات المواطنين حول نقاط توزيع المياه، خاصة وسط وجنوب وشمال القطاع، كما حدث مؤخراً في مخيم النصيرات، حيث جرى استهداف عشرات المواطنين ممن تجمعوا حول نقطة توزيع مياه، ما تسبب بسقوط عشرات الشهداء والجرحى، وقبلها حادثة مماثلة في حي الرمال بمدينة غزة.
وقال المواطن أشرف عوض: إن النازحين يعانون نقصاً حاداً وشديداً في مياه الشرب، ففي السابق كانت تصل شاحنات تحمل صهاريج إلى المخيمات بمعدل شاحنة واحدة كل 48 ساعة، وهذا كان يكفي لسد احتياجات المواطنين من مياه الشرب، لكن حالياً باتت الشاحنات المذكورة لا تصل، وما يصل منها بشكل متباعد قليل، يحدث حوله ازدحام شديد، وتنفد المياه من الصهاريج قبل أن يتمكن غالبية المواطنين من الحصول على شيء.
وأوضح أن غالبية المخيمات باتت تعتمد على مبادرات فردية محدودة يقوم بها مُحسنون ومبادرون، يشترون كميات قليلة من الماء لسد ولو جزء من احتياجات المواطنين، والنقص بات على أشده.
بينما قال المواطن ياسر شاهين: إنه بات يضطر لشرب مياه مستخرجة من آبار زراعية، وهي غير مُراقبة، ولم تخضع لعمليات تعقيم، معتقداً أن شرب هذه المياه هو السبب الرئيس في انتشار الأمراض المعوية والجلدية، مؤكداً أنه بات يخشى حدوث أوبئة وأمراض بسبب شرب النازحين مياهاً غير نظيفة.
ووفق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن الاحتلال استهدف (112) مصدراً لتعبئة المياه العذبة، حيث ارتكب مجازر بحق مئات المدنيين في طوابير تعبئة المياه، معظمهم من الأطفال الذين كانوا يسعون للحصول على ماء للشرب، وكان آخرها مجزرة المخيم الجديد شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، حيث قتل الاحتلال خلالها 12 مواطناً، بينهم 8 أطفال.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف