
- تصنيف المقال : شؤون عربية ودولية
- تاريخ المقال : 2016-01-03
شنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بينامين بنتنياهو، مساء السبت، هجومًا عنيفًا على الفلسطينيين في داخل الخّط الأخضر، وقال: انتظر من جميع النواب العرب، الجميع بدون استثناء، أنْ يدينوا الجريمة، التي وقعت في تل أبيب، أوّل من أمس الجمعة، ملمحًا إلى أنّ عدم الإدانة والاستنكار يمثلان دعمًا وتشجيعًا لهذه الأعمال. وأقر رئيس الوزراء الإسرائيليّ بوجود جيوب لا يطبق فيها القانون ويسود فيها التحريض الإسلامي والجريمة، وتطلق فيها باستمرار نيران الأسلحة في مناسبات مثل الأفراح.
وأضاف: ولّى هذا الزمن. وأعلن نتانياهو، الممسك بمقاليد السلطة منذ 2009 أنّه وضع خطة لزيادة الإجراءات القمعية في الوسط العربي بصورة جذرية. وأضاف: لا يمكن القول أنا إسرائيلي في الحقوق وفلسطيني في الواجبات. من يريد أنْ يكون إسرائيليًا عليه أنْ يكون كذلك في الاتجاهين، والواجب الأول هو الرضوخ لقوانين هذا البلد، على حدّ تعبيره.
في السياق عبنه، درج رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأسبق، المُجرم المطلوب حتى اليوم للعدالة في بريطانيا، درج على استخدام الجملة التاليّة للتملّص من التوقيع على اتفاقيّات مع الدول المُجاورة: العرب هم نفس العرب، والبحر هو نفس البحر، ويبدو أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ الحاليّ، بنيامين نتنياهو، تلقّن الدرس جيّدًا، وأمس السبت وصل إلى موقع العملية في تل أبيب، وألقى خطاب الكراهية والحقد والعنصريّة ضدّ فلسطينيي الداخل، دون أنْ ينسى قياداتهم، من أعضاء الكنيست، الذين كانوا قد اجتمعوا معه، قبل عدّة أشهر. وبرأي المُحلل، يوسي فارتر، من صحيفة (هآرتس) ذكّر القرّاء أنّه في العام 1994 بعد أنّ وقعت عملية في شارع ديزينكوف بتل أبيب وصل رئيس المعارضة آنذاك نتنياهو إلى الموقع واتهّم رئيس الوزراء الإسرائيليّ في تلك الفترة، إسحاق رابين، بالمسؤولية عن العملية الاستشهاديّة، بالإضافة إلى الرئيس الفلسطينيّ الشهيد ياسر عرفات.
وشدّدّ المُحلل على أنّ العديد من الصفات اكتسبها نتنياهو خلال 10 سنوات حكمه، ولكنّه من إحدى الميّزام لم يتمكّن من التخلّص: التعميم، نشر وتأجيج الكراهية والحقد، زرع الخوف في قلوب وعقول الإسرائيليين والتحريض على فلسطينيي الداخل، لافتًا إلى أنّ نتنياهو ينقّض على كلّ فرصةٍ، تراجيديا، مأساة إنسانيّة، لكي يجرف الدعم السياسيّ، ولكي يضمن الحصول على الأصوات في الجولة المُقبلة، على حدّ تعبير المُحلل، الذي شدّدّ على أنّ أقوال نتنياهو في موقع العملية كان نتنياهو في أسوأ حالاته، لا يستوعب، لا يهدئ، وليس زعيمًا، إنمّا سياسيّ صغير. وتابع فارتر قائلاً إنّ جميع أقواله، التي نقلتها شبكات التلفزة الإسرائيليّة، ببثٍ حيٍّ ومُباشرٍ، خُصصت لهجومٍ فظٍ ومُعيبٍ، والتي تقترب قاب قوسين أوْ أدنى من العنصريّة، ضدّ العرب في إسرائيل، مُشيرًا إلى أنّ نتنياهو دمغ جمهورًا كاملاً كمُخلٍ بالنظام والأمن والآمان، وأنّ هذا الجمهور العربيّ برمّته يحمل السلاح تمامًا مثل “الإرهابيين” الفلسطينيين، وأضاف: لن تكون هنا دولتين، دولة قانون لليهود ودولة لا يوجد فيها قانون للعرب.
وتساءل المُحلل: مَنْ منع نتنياهو من مُعالجة ظاهرة الأسلحة غير المرخصة في صفوف فلسطينيي الداخل؟ مَنْ منعه من رصد الأموال للقضاء على هذه الظاهرة؟ وأضاف المُحلل الإسرائيليّ: هل قام نتنياهو بعد الجريمة الإرهابيّة، التي قُتل فيها ثلاثة من أفراد عائلة دوابشة في قرية دوما بالضفّة الغربيّة المُحتلّة، هل قام بتحديد برنامج كاملٍ وشاملٍ لـ”تطهير” الأسلحة من المُستوطنات التي تُنتج وتُخرج المشاكل؟
وأضاف المُحلل في صحيفة (هآرتس) قائلاً إنّ الهجوم الأرعن من قبل نتنياهو على جميع العرب في إسرائيل، كان هجومًا سافرًا وبدون خجلٍ أوْ وجلٍ، وهو بخطابه وصل إلى الدرك الأسفل، وكأنّ كلّ الوسيط العربيّ في إسرائيل، منذ تنفيذ عملية تل أبيب يقوم بالاحتفال والاحتفاء بعملية تل أبيب، ويُطالب بتنفيذ عمليات أخرى مثلها، قال فارتر.
ولفت المُحلل إلى أنّه على مدار أكثر من مائة يومٍ فشل نتنياهو وحكومته بوقف الانتفاضة الثالثة في القدس وفي الضفّة الغربيّة، مُشدّدًا على أنّ منفذّي العمليات كانوا من القدس والضفّة، في حين حافظ الفلسطينيون داخل ما يُطلق عليه بالخّط الأخضر على السكوت، ولم يُشاركوا في العمليات الفدائيّة. وقال فارتر أيضًا إنّه حتى قرار نتنياهو بإخراج الحركة الإسلاميّة عن القانون مرّ بهدوءٍ، وبالتالي، تساءل، ماذا كانت الحاجة لكي يقوم نتنياهو بإلقاء خطابٍ من هذا القبيل ليلة أمس السبت؟
وأجاب إنّها نفس الحاجة كما في العام 1994، إذْ أنّ الإرضاء والتهدئة، هما ليستا من ميّزاته، على حدّ قول المُحلل فارتر. وأردف فارتر قائلاً إنّ نتنياهو بدا أمس في تل أبيب وكأنّه طيرًا يُغرّد خارج السرب، فهذا المدينة المعروفة بنوعٍ من التعايش واحترام الآخر، استصعبت استيعاب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيليّ. وخلُص المُحلل إلى القول إنّه بعد مرور 110 أيّام من اندلاع الانتفاضة الثالثة ما زال المُواطنون في إسرائيل يعيشون في حالةٍ من الذعر والهلع، لأنّ “سيّد الأمن” نتنياهو لم يتمكّن من إخماد الحريق الذي يزداد اشتعالاً، على حدّ وصفه.