- تصنيف المقال : دراسات
- تاريخ المقال : 2016-01-06
"أطفال النطف المهربة ثورة انسانية فى وجه السجان "دراسة صادرة عن مركز الأسرى للدراسات للباحث الاسير المحرر : رأفت حمدونة
نص الدراسة:
" سفراء الحرية ، أطفال النطف المهربة ، الإنجاب من داخل السجون " ، جميعها مسميات تدل على أحدث معركة انسانية مستجدة لصناعة الحياة ، حكاية بدأت بفكرة ، وانتهت بحقيقة رغم كل قيود الاحتلال ، معركة اعتمدت على حرب الأدمغة بين الأسرى والسجان ، قوامها التطلع للحياة بعين متفائلة ، وأبطالها أناس مظلومين عزَّل امتلكوا سلاح الإرادة والصمودس والأمل بالمستقبل ، يفكرون ويخططون ويبتكرون ويبدعون ، فى وجه إدارة ظلامية تألقت فى صناعة الموت ، ورغم كل الممارسات والقيود والوسائل الأمنية أخفقت فى كسر إرادة الأسرى وحرمانهم من حقوقهم الأساسية " بالإنجاب وتحقيق غريزة الأبوة مثل باقى البشر .
ظاهرة تهريب النطف برزت فى أوساط الأسرى الفلسطينيون المتزوجون ، ومن أمضوا فترات طويلة ، ومن ذوى الأحكام العالية، ممن حرموا تكوين أسر وإنجاب ذرية بسبب قيام الاحتلال الصهيوني باختطافهم واعتقالهم من بين أهلهم وذويهم وزوجاتهم ، وتشير الاحصائيات أنّ 30- 40% من الأسرى فى السجون من هم متزوجون ، هذا يعني يعنى أن العقوبة ستكون مضاعفة مرات بحقه وبحق وزوجته بالاضافة لعائلته ، وبهذا سيقع العقاب على ما ليس له أى جانب فى الفعل ، وخاصة على الزوجة التى تشعر بالوحدة بسبب غياب الزوج لسنين طويلة ، ولأنه الحق الفلسطيني والتحدي لهذا السجان قرر عدد من الأسرى القيام بتهريب نطفهم خارج السجن عبر طرق وأساليب لا تخطر على بال بشر ، من أجل الحصول على ذرية ، وتكوين أسر وبناء حياة عائلية رغم الغياب القصرى عن المجتمع[1] .
فى هذه الدراسة سيتناول الباحث قضية غريبة عجيبة ، كانت حلماً وأصبحت خاطراً ثم احتمالاً ، وأضحت بإرادة وإصرار حقيقةً لا خيالاً ، وسيتطرق الباحث إلى بدايات الفكرة ، وتطورها ، وأسبابها ، وشروطها ، وآثارها على مجمل قضية الأسرى على المستوى الاجتماعى والإعلامى والحقوقى ، وفى فضح انتهاكات دولة الإحتلال وممارساتها العنصرية ، وردود فعل إدارة السجون وأجهزة الأمن الإسرائيلى بالتعامل معهم ومع أطفالهم اللذين أنجبوا وهم خلف القضبان .
أولاً ، جذور الفكرة وإرهاصاتها :
إنجاب الأطفال للإنسان شيئاً فطرياً ، فلا يكاد يوجد من لا يحب أن يكون له أبناء ، كونهم زينة الحياة الدنيا ، فقد تجد من يبذل أعز ماله من أجل الحصول على طفل لكى يتحقق له شعور الأبوة ، وهذا الشعور يشترك فيه الذكر والأنثى ، الغنى والفقير ، والحر والأسير ، وإذا كان هذا الشعور متحققاً للإنسان الذى ينعم بالحرية ، والذى بإمكانه أن يتزوج ، ويعيش حياته الطبيعية ، فكيف بالأسير الذى لا يلتقى بأهله على فترات بعيدة وغير منتظمة إلا من خلف الأسلاك والقضبان [2] ؟ ومن هنا بدأت الحكاية والتفكير والنقاش المعمق للقضية وعلى فترات طويلة مكثت ما يقارب من العقدين من الزمن
وبرزت ثلاثة اشكاليات أساسية لتحقيق هذه الأمنية وهى :
أ – الجانب الشرعي :
تخطى الأسرى فى السجون معضلة الفتوى الشرعية من خلال إجازة المجامع الفقهية لعملية التلقيح الصناعى بين الأزواج فى حالة الضرورة ، فهى مباحة فى حالة العجز عن الإنجاب بالشكل الطبيعى ، فى حال رغبة الزوجين فى التناسل وإنجاب الذرية ، لأن التناسل مصلحة مشروعة لهما[3] ، وحصل الأسرى على فتوى شرعية لجواز الانجاب من داخل السجون عن طريق الزراعة من الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ المرحوم حامد البيتاوي[4] ، ومن دائرة الإفتاء بفلسطين وعلى رأسها الشيخ عكرمة صبرى ، وأجازها كلاً من د.عماد حمتو أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة فلسطين وأحد علماء الأزهر الشريف بفلسطين[5] ، والشيخ د. سميح حجاج المفتي والمحاضر بجامعة فلسطين بغزة [6]، والشيخ عبد الباري خلة رئيس لجنة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشئون الدينية بقطاع غزة وجميعهم أكدوا " أن الإنجاب فطرة بشرية محببة للإنسان ، لقوله تعالى: " الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا "[7] ، ولأن حفظ النسل من مقاصد الزواج ومقاصد الشريعة ، فلا بد للإنسان أن يحافظ عليها بالطرق والوسائل الشرعية ، فإذا كان المكلف يستطيع الإنجاب بالطريقة العادية التقليدية وهو اللقاء الجنسي بين الزوجين فلا يجوز التلقيح الصناعي وغيره من الطرق المعاصرة ، أما إن كان هناك ضرورة كالمشاكل التي تواجه أحد الزوجين ويكون العلاج لها الزراعة فلا بأس من ذلك بشروط وضوابط خاصة ، ومن حق الأسير الحرية وطلب الولد فإذا حرم الحرية فلا يحرم الولد ، فالولد قرة عين أبويه وعليه فلا بأس من التلقيح الصناعي الحاصل بين الأسير وزوجته عن طريق تهريب النطفة ولكن بشروط دقيقة منها:
1. الدقة في نقل النطفة وعدم نقل أكثر من نطفة للشخص الناقل تجنبا لشبهة التبديل.
2. التأكد من نقل العينة من الأسير وحقنها في زوجته فقط.
3. إشهاد الأسير على النطفة التي أخرجها منه.
4. أن يكون الناقل ثقة.
5. إعلام أهل الزوج وأهل الزوجة بذلك.
6. إعلام الجهات الشرعية والقضائية والرسمية والقانونية بتلك العملية.
بهذه الضوابط يجوز التلقيح ولا حرج به ، وهو نوع من الثورة والتمرد على المحتل وتحدى له [8].
ب- الجانب الإجتماعى :
برزت الكثير من التحديات والنقاشات لدى الأسرى فى أعقاب الكثير من التساؤلات على المستوى الإجتماعى ، بسبب عدم وعى المجتمع لهذا الخيار كونه غير مسبوق قد يعرض الزوجة للحرج ، وهنالك تخوفات كبيرة من عدم تصديق واستيعاب هذه التجربة فى حال حملها خلال اعتقال زوجها منذ سنوات طويلة ، وقد يكون هنالك استقصاد للمس بها من قبل المخابرات الإسرائيلية التى تحارب الظاهرة بلا أخلاق من خلال التشكيك ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعة المغرضة عن طريق المتساقطين ، وتلقفها من بعض الحاقدين ومن ثم المس بكرامة وشرف المرأة وكذلك الأسير والمقربين .
لذلك بحث الأسرى عن الحاضنة الإجتماعية التى تحميه وعائلته على كل المستويات ، بدايةً من قناعة الزوجة بالفكرة كونها الشريك الأساسى فى القضية لتحمل العبء ، ووكونها أكثر الجهات تحدياً أمام المجتمع للشروع بهذه الفكرة وتحقيقها ، ومن ثم قناعة المقربين من الوالدين كرعاة أساسيين وشاهدين على تنفيذ المهمة ورعايتها ، وقناعة العائلة والحى والمجتمع لتبنى هذه القضية كنوع من التحد للسجان .
ولحل هذه المعضلة الإجتماعية اقترح بعض الأسرى حلولاً تتمحور ب :
1- تناول فكرة تهريب النطف والزراعة لزوجة الأسير عبر وسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة والالكترونية ، والفضائيات الفلسطينية والعربية ، ولربما كان الأسبق فى هذا الاتجاه فيلم " انتزاع " الذى عرض فى العام 2009 ، والذى جسد فكرة تهريب النطف من داخل السجون إلى خارجها قبل نجاح أول نطفة فى العام 2012 .
2- أن تقوم وزارة الأوقاف بتعميم الفكرة عبر الخطباء فى المساجد لإثارة الموضوع بشكل مكثف .
3- أن تقوم المؤسسات العاملة فى مجال الأسرى بتوزيع نشرات وعقد ورش العمل بوجود أهالى الأسرى لاستيعاب الفكرة[9] .
ج- الجانب الأمني :
فكر الأسرى بحلول للإنجاب من داخل السجون ، وفق القوانين الدولية ، وما هو متعارف عليه فى سجون عربية ، وما هو متاح ومعمول به من نظام فى السجون الإسرائيلية ، ودرس الأسرى هذه الحالة بتمعن فى فترة مبكرة ما قبل الشروع بتهريب النطف ، وكانت البدايات بمناقشة الخلوة الشرعية داخل السجن ، على أساس الإجتماع بين الزوجين فى غرفة خاصة معدة داخل السجن يتم اللقاء فيها بين الزوجين لفترة معلومة فى أوقات محددة بحيث يتم نقل الزوجة من خارج السجن إلى داخله فتلتقى بزوجها فى الغرفة المخصصة بحيث تحدث المعاشرة بينهما ، وهذه الغرفة تكون تحت الإدارة المسؤولة عن السجن ، والمعروفة فى السجون الإسرائيلية ، وبخاصة لدى الأسرى الجنائيين اليهود باسم
( חדר אהבה_ حيدر أهافا أى غرفة الحب )[10] .
وكثيرة هى المدارس لدى علماء الإجتماع فى أوربا والعالم التى تؤكد على الآثار الايجابية لاجتماع الأزواج فى السجون كوسيلة تأهيلية وإصلاحية[11] ، ومنذ أكثر من قرن تعاملت به بعض السجون الأمريكية فى ولاية ميسيسبى (Mississippi) فى العام 1900 مع الأسرى السود اللذين اشتغلوا فى الحقول أثناء وجودهم فى السجن [12]، وكذلك فى ولاية أوريجون وكاليفورنيا ، وعمل بنظام الخلوة فى السجن فى الكثير من دول العالم ، كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والآسيوية وأمريكا الجنوبية ودول أفريقيا [13]، ودعا لهذه الفكرة علماء اجتماع كثر أمثال : " كولومبس هوبر ، وأوجين زيمانز ، وروث شونل كافان ، وجوزيف بالوج وغيرهم [14]" ، وعلى المستوى العربى كانت المملكة العربية السعودية أول من طبقت " الخلوة الشرعية " فى سجونها فى العام 1978، وتلتها في ذلك الخصوص كل من الكويت واليمن وقطر والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى ، وأصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية بختم شعار وزارة العدل أكد فيها المفتي د. علي جمعة : " بالجواز الشرعى لاختلاء المسجون بزوجته، والزوجة المسجونة بزوجها لممارسة الحقوق الشرعية الخاصة بالزوجين [15].
أما على صعيد السجون الإسرائيلية فأول من طرح فكرة " الخلوة الشرعية " مع الزوجة للنقاش الأسير المحرر جبر وشاح خلال اعتقاله فى العام 1993 فى سجن نفحة ، وتم تناول الفكرة من جميع جوانبها ، وكتب فى ذلك مقالاً لازال يحتفظ به خطياً حتى بعد الإفراج عنه ضمن إفراجات اتفاقية أوسلو ، معللاً الأمر بالأحكام الجنونية والجائرة والصارخة بالمؤبدات لمرات لمدى الحياة ، وتطرق لحق الزوجة بالإنجاب ، كونها تنتظر زوجها لسنوات طوال دون ونيس فى الحياة ، بالإضافة لضغط المجتمع عليها لطلب الطلاق بسبب انسداد أفق الافراج عن الأسرى ، وحتى لا تقهر فى حال تم الإفراج عن الزوج وهى فى سن اليأس إذا ما طلب الذرية لاجئاً لتحقيق أمنيته للزواج بأخرى[16].
ولكن الأسير وشاح ورفاقه فى السجن رفضوا الفكرة ، لأسباب أمنية أهمها :
1- عدم أخلاقية العدو الاسرائيلى ، الذى لا يتوانى من فضح الخلوة بالصوت والصورة .
2- التخوفات الأمنية من استغلال تلك الصور كابتزاز وضغط على الأسير وزوجته واستخدامها كوسيلة إسقاطهما أمنياً وأخلاقياً .
3- الفارق بين الدول التى تحبس رعاياها وتعمل على تأهيلهم وإصلاحهم ليكونوا عناصر ايجابية فى المجتمع بعد تحررهم ، وبين العدو الصهيونى الذى يسعى بشتى الأساليب لتحطيم بنية الأسير ونفسيته ، وتحويله عبء على مجتمعه .
4- الحذر من جانب الأسرى فى كل ما يتعلق بالحماية له ولذويه .
5- عدم قبول تلك الفكرة من جانب زوجات الأسرى وعائلاتهم لانتمائهم لمجتمع متدين ومحافظ ، وعدم تشجيعها وتبنيها وطنياً واجتماعياً [17].
ثانياً ، عنصرية اسرائيلية باتجاه الأسرى العرب :
عارضت دولة الاحتلال فكرة الإنجاب للأسرى الفلسطينيين والعرب بكل الوسائل " بالخلوة الشرعية والنطف المهربة والحرية المؤقتة والاجتماع بالأهل لساعات ثم العودة " وعملت على محاربتها بكل الطرق ، ، واتضح هذا الرفض فى أعقاب عقد قران عميد الأسرى العرب الشهيد سمير القنطار على فتاة فلسطينية من مدينة حيفا المحتلة خلال الإعتقال ، وذلك فى العام 1993 ، والذى أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإسرائيلية ، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء ورئيس دولة اسرائيل الأسبق شمعون بيرس بالتصريح اعلامياً " ذرية سمير القنطار لن ترى النور ما دمت على قيد الحياة " [18]
، وقد بررت مديرة مصلحة السجون أوريت أوداتو " אורית אדאטו " رفض الانجاب للأسرى الفلسطينيين السياسيين عبر مقابلة متلفزة على إحدى القنوات الاسرائيلية بالبعد الأمنى ، تخوفاً من تهريب أدوات ممنوعة للأسرى من خلال الخلوة .
ويعتقد الباحث بصحة قرار الأسرى الفلسطينيين برفض فكرة الإنجاب عن طريق " الخلوة الشرعية " فى سجون المحتل ، فى حين يؤكد على عنصرية الاحتلال فى التعاطى معهم بشعار دنىء " أن الإرهابى سينجب ارهابياً مثله " فى حين سمحت للارهابى اليهودى المصنف سجين أمنى " إيغال عمير- יגאל עמיר " قاتل رئيس الوزراء الاسرائيلى الأسبق إسحاق ربين فى العام 1995، مع العلم أنه يقضي عقوبة المؤبد ، وبعد الخوض بإضرابات عن الطعام ، ومحاولته تهريب النطف تحت المعطف ، توجه لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية وجلب له محاميه المدعو شموئيل دافيد كاسبر الموافقة الرسمية له " بالخلوة الزوجية " كباقى الأسرى اليهود ، وتمكن بذلك من انجاب طفل [19].
الأمر نفسه تكرر مع الإرهابى المتطرف الأسير المصنف أمنياً عامى بوبر " עמי פופר " الذى قتل فيما عرف بالأحد الأسود فى 20-5-1990 " ببندقية من طراز أم 16 " سبعة من العمال الفلسطينيين من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة ، وأصاب أحد عشر آخرين بجراح مختلفة بمنطقة “ريشون لتسيون” قرب تل أبيب ، ومع هذا سمحت له إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية بالزواج الرسمى فى العام 1993م ، وأنجب طفله البكر فى العام 1995 م ، وطفلين آخرين من بعده [20].
وما يدلل على العنصرية والتمييز لدى دولة الاحتلال قضية الأسير الفلسطينى " وليد دقة " مواليد 1961م من سكان باقة الغربيّة في المثلث الشمالي بفلسطين المحتلة عام 48 ، والمعتقل منذ العام 1986، والمحكوم عليه بالسجن المؤبّد مدى الحياة ( ولا زال معتقلاً حتى تاريخ الدراسة 2015 ) ، والذى عقد قرانه على ناشطة حقوقية في العام 1999، والتى رفضت المحكمة المركزية فى الناصرة التماساً قدمه مركز "عدالة" عن طريق المحاميّة عبير بكر فى 27 تموز 2008 السماح له بإنجاب طفل ، كحلم لم يفارق هاجسه بتحقيق الأبوة ، والذى كتب عنه العديد من القصص القصيرة والخواطر، ، كون الوقت لا يعمل لصالحه ، ولأن تحريره لا يبدو في الأفق ، وهو وزوجته يأخذان بالتقدم بالسن ، وادعت المحاميّة أنّ سلب حق الأسير " دقة " في إنجاب الأطفال يشكل مسًا خطيرًا في حقوقه الدستوريّة، كحقه في ممارسة حياة عائليّة وحقه في الكرامة وفي مضي فترة محكوميته بشكل لائق وإنساني لا يستند على مبدأ النقمة ، وإنّ أي تأخير في السماح للأسير بتحقيق حقه في إنجاب الأطفال سيسبب له ضررًا أبديًا [21] ، والنتيجة التى كانت برفض الالتماس دليل واضح على التمييز بين السجناء العرب واليهود لصالح اليهود في الحقوق ، على الرغم من تشابه الفعل على اختلاف القضية لصالح الفلسطينى كمقاوم للمحتل مقابل إرهاب استيطانى مناقض للانسانية وللاتفاقيات والمواثيق الدولية .
ثالثاً ، الإنجاب عن طريق النطف المهربة : فى أعقاب القيود والممنوعات الإسرائيلية ، والتخوفات الأمنية لخيار " الخلوة الشرعية " ، والمحاربة الإسرائيلية لأى خيارات بإخراج النطف والتلقيح الصناعى بطرق رسمية ، بدأ الأسرى يفكرون بطرق إبداعية بديلة لتحقيق الإنجاب كحق انسانى ، فبرزت فكرة الانجاب عن طريق " النطف المخزنة " من قبل الأسير عباس السيد مواليد 1966 ، من طولكرم ، والمحكوم بالمؤبد 36 مرة ، كونه خزًن عينات قبل اعتقاله فى العام 1997م فى أحد المراكز المتخصصة بهدف الإنجاب عن طريق زراعة الأجنة ، ولقد اقترح على زوجته أثناء الاعتقال استخدام العينة المودعة فى المركز الطبى ، ورغم عدم تقبلها للأمر فى بداية الأمر إلا أنها عاودت التفكير وقررت الإقدام على التجربة رغم ما قد تسببه من حرج اجتماعى ، معتبرةً أنها تؤدى رسالة انسانية [22] ، ومن ثم بدأت فكرة تهريب النطف من السجون ، فى ظل التطور العلمى وتوفير الشروط المطلوبة " من إجازة شرعية ، وتفهم عائلى واحتضان اجتماعى ، وحماية أمنية وأخلاقية وضوابط من كل الجوانب ، والجديد فى الأمر أن النقاش المعمق للقضية داخل السجن وخارجه حظى بنسبة تأييد مشجعة .
فقد أجرى الباحث الأسير إياد أبو فنون قبل تحرره من الأسر فى العام 2011م خلال كتابة رسالته بعنوان " زواج الأسير وطلاقه والمستجدات فى ذلك " استطلاعاً فى قسم 3 بسجن هداريم ، الذى يضم عينة تقدر ب ( 120 ) أسير من ذوى الأحكام العالية من معظم الفصائل الوطنية والإسلامية ، وشارك فى الاستطلاع 84% ، وامتنع 16 % وأشارت النتائج إلى أن 65% من المتزوجين ممن لم ينجبوا قبل الاعتقال يفكرون بالإنجاب وهم داخله [23].
ويمكن إرجاع أول محاولات تهريب النطف إلى العام 2002 [24]، والتى لم تنجح لعدة أسباب :
أ- قلة خبرة الأسرى فى امكانيات الحفاظ على حياة الحيوانات المنوية وتوصيلها للخارج.
ب- الفرق الكبير فى التقدم العلمى فى موضوع التلقيح الصناعى والزراعة ما بين أول محاولة تهريب لم تنجح فى العام 2002 ، وأول عملية ناجحة فى العام 2012 .
ت- اهتمام أهالى الأسرى وتهيئة الظروف المسبقة لها فى العام 2002 لم يكن بنفس المستوى فى العام 2012 .
ث- التنسيق المسبق مع المستشفيات وتلقى الإرشادات الطبية والتحضير للعمليات فى العام 2012 لم يتوفر بنفس المستوى سابقاً .
وفيما يتعلق ببعض عوامل النجاح يقول الأسير المحرر أكرم سلامة والذى تواجد مع الأسرى المرضى خلال اعتقاله " لم تتوافر الأنابيب الحافظة للنطف المهربة فى السجون ، حينها كنت فى مستشفى " مراج " بسجن الرملة ، كنت أطلبها فى يومى الجمعة والسبت من الممرضين لعدم وجود طاقم الإدارة فى تلك الأيام ، وبعثتها للأسير روحى مشتهى الذى لم تنجح محاولته لربما لأسباب لها علاقة بظروف الزيارات ، وبعثتها لأسرى آخرين عن طريق أسرى نزلوا المستشفى ، كانت تلك الأنابيب مهمة لنجاح التجربة ، وأوصى الأطباء لضمان حياتها أن توضع فى أنبوب غير مستخدم وآمن ونظيف ، وأن توضع الأنابيب فى كيس أسود غير شفاف على أن يتم إغلاق الأنبوب بإحكام ، وأن تصل النطف للمختبر مباشرة بعد الزيارة بدون تأجيل ، ويتم التأكيد على أن لا يحمل أحد الزائرين نطف لشخص آخر ، وإن كانت المسألة ضرورية بسبب منع أهل الأسير الآخر من الزيارات ألا يحمل إلا أنبوب واحد لزائر واحد فقط لضمان عدم اختلاط العينات [25].
وعن طرق التهريب التى تم الإعلان عنها وكشفها من قبل الإحتلال ، أنها كانت عن طريق هدايا الأسرى لذويهم يوم الزيارات ، وذلك بوضع النطف مكان نواة التمر ، أو داخل حبات الشوكلاتة والحلويات ، وطرق لا زالت غير مكتشفة ولم يتم الإعلان عنها بَعْد لاستمرار نجاح الظاهرة .
– أول سفير حرية من السجون :
من غير الصدفة بوازع الاهتمام والمتابعة ، كان الباحث أول من نشر خبر أول نطفة مهربة خرجت من السجون الإسرائيلية نقلاً عن الأسير المحرر طارق عز الدين فى 4/8/2012 دون ذكر لاسم صاحبها ، وكان ذلك على وكالة معاً الإخبارية كخبر رئيسى فى اتصال بينه وبين رئيس تحرير الوكالة د. ناصر اللحام الذى تعامل مع الخبر بكل جدية ومسئولية معتبراً القضية ثورة انسانية أولى من نوعها على مستوى حركات التحرر العالمية ، وكان الخبر تحت عنوان " أسير فلسطيني ينقل حيوانه المنوي خارج السجن " [26] ، وقد انتشر الخبر إعلامياً على المستوى الفلسطينى والعربى والدولى بصورة سريعة جداً وملفتة للإنتباه ، ولاستكمال المتابعة فى 6/8/2012 تم الإفصاح من قبل الباحث عن هوية صاحب النطفة المهربة وهو الأسير عمار عبد الرحمن الزبن من سكان رأس العين قضاء مدينة نابلس والمحكوم بـ (27 مؤبداً و25 عاماً ) ، وكان قد أمضى حينها 15 عام متواصلة في السجون ، والذى كان أباً لابنتين قبل الاعتقال وهن" بشائر النصر و بيسان " [27]، وقد رزق بالطفل " مهند " كأول سفير للحرية فى 13 /8/ 2012 ، والطفل " صلاح الدين " بعد عامين بنفس الطريقة فى 4 سبتمبر 2014.
الدكتور سالم أبو خيزران مدير مركز "رزان" للتلقيح الصناعي والمشرف على تلقيح النطف المهربة للأسرى وصف التحصيرات بالقول : لم نقدم على عمليات الزراعة حتى تهيأت الظروف الاجتماعية ، وبعد الحصول على فتوى دينية رسمية ، واحتضان مجتمعى ، وكانت بمباركة من الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات عدد كبير من المؤسسات والقيادات الفلسطينية الوطنية والإسلامية ، وبدعم من كوادر الحركة الوطنية الأسيرة فى السجون ، وحينما طلبت زوجة الأسير عمار الزبن من المركز القيام بهذه العملية فى العام 2006 ، لم نوافق على الأمر ، وأجلنا الموضوع حتى تأخذ الموافقة من الجميع ، وتهيئ كافة الظروف والأجواء الإجتماعية والعائلية والمؤسساتية وتمهد للأمر ، وقمنا بهذه العملية بعد قناعتنا باستكمال كل تلك المتطلبات فى العام 2012 أى بعد 6 سنوات من الطلب [28].
وبهذا تحول الأسير عمار الزبن وطفله الأول مهند عنوناً لمرحلة جديدة ، وأساساً لبداية انطلاقة نوعية ، نحو تعميم التجربة والانتقال من الإنتصار الفردى إلى الإنتصارات الجماعية ، وانتزاع لحق سلبته إدارة السجون الإسرائيلية ، وأقرته المواثيق الدولية وكفلته الشريعة الاسلامية ، انتصار هو الأول ، شجع الآخرين ومهد الطريق وشكل عنواناً لمعركة جديدة ضد الإحتلال والسجان ، فانتشرت ثقافة القبول بالتخصيب ، وغدت ظاهرة توشك أن تعم السجون ، فمن الأسرى من سجل نجاحات مماثلة ، ومنهم من تنظر زوجته استكمال فترة الحمل لتضع مولودها ، ومن الزوجات من ينتظرن إتمام التحضيرات الطبية لإجراء عملية التلقيح ، لكن ثقافة تهريب النطف ، انتشرت وسوف تنتشر أكثر ، وسوف تلاقى تأييداً واسعاً فيما بعد ، من رجال الدين والسياسة وأطراف الحركة الأسيرة قاطبة ، ولقد تكررت التجربة من بعد ، حتى غدت ظاهرة لافتة وثورة من أجل الحياة[29] ، ولقد سجل التاريخ أن أول عملية تهريب من السجون كان بطلها الأسير عمار الزبن ، وأول سفير للحرية ابنه " مهند " ، فى حين كان الطفل " محمد كريم " ابن الأسير سائد صلاح ، من مدينة جنين ، والمحكوم 27 عاماً ، هو آخر سفراء الحرية وفق تاريخ الدراسة حتى نهاية 2015 ، وهو الطفل السابع والأربعون من سفراء الحرية منذ بدء عمليات تهريب النطف من داخل سجون الاحتلال [30]، ولا زالت محاولات الأسرى مستمرة ، والظاهرة فى إزدياد بسبب الدعم والمساندة لها من كل الاتجاهات .
وحقيقة الأمر أن السجون لم تشهد منذ بداية الاحتلال هذا التطور الفائق في مقدرة الأسرى على تهريب النطف المنوية وإنجاب الأطفال كما شهدته الأعوام القليلة الماضية، وان هذا الانجاز الإنساني أعطى قوة معنوية ونفسية للأسير وعائلته وجدد أملهم بالحرية " [31] .
ويرى الباحث أن أطفال النطف منحت الزوجة ثقة الاستمرار بالحياة الزوجية مع زوجها الأسير ، وجنبتها قهر زواج زوجها بعد الإفراج عنه بحثاً عن الانجاب ، وخففت الضغوط الاجتماعية عليها للبقاء على عهد التواصل مع زوجها رغم الأحكام العالية ، وقضت توق الأسير لغريزة الإنجاب الذى حاول الاحتلال من خلال الاعتقال قطع النسل .
رابعاً ، مواجهة الإحتلال لهذه لظاهرة النطف المهربة :
من الطبيعى أن تشكل ظاهرة تهريب النطف قلقاً كبيراً للاحتلال الذى يحاول قتل كل معنى للحياة فى لدى الأسير الفلسطينى ، فهو لم يتقبل تربية عصفور أنقذه الأسرى من الموت لحظة وقوعه من عشه بعد أيام من فقسه ، وقتل عدد من القطط المولودة حديثاً كون أمها وضعتها فى زنزانة أسيرة معزولة لشعورها بدفء وحنان معتقلة استأنست بها لشعورها بالرأفة ، وألقى بنبتة كان أحد الأسرى قد غرسها شوقاً لرؤية غصن أخضر ، فمن الطبيعى أن لا يستوعب انجاب طفل وتربيته وزيارته لوالده بعد انتصار كبير لارادة الأسرى على كل أنظمة السجان ومخططاته واحتياطاته الأمنية .
فكانت أولى ردات الفعل الإسرائيلية على لسان الناطقة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية المسؤولة عن احتجاز الأسرى الفلسطينيين السياسيين " سيفان فايتسمان " التى قالت : " إن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية على علم بتهريب النطف من جانب الأسرى ومحاولاتهم ، وأننا سنضع حد لهذه الظاهرة ، ولقد تم تشكيل لجنة تحقيق للموضوع ، وحسب النتائج سنصدر التعليمات الجديدة التى ستقلل بشكل كبير من الأدوات والطرق التي تهرب فيها الحيوانات المنوية " .
وبينت فايتسمان أن إدارة مصلحة السجون اكتشفت وسائل وتهريب الطرق ، وبينت أن لجنة التحقيق الجديدة أصدرت تعليمات لن تعرض للإعلام لأنه في حال كشفها سيحاول الأسرى الفلسطينيون الالتفاف عليها[32].
وفى أعقاب تشكيل لجنة التحقيق قامت إدارة مصلحة السجون بعدة خطوات مثل " التفتيش الدقيق للأسرى ، والهدايا ، والملابس التى يخرجها بهدف تبديلها عبر الأهل فى يوم الزيارات ، وكذلك تفتيش الأطفال الصغار اللذين يتم إدخالهم لدقائق فى نهاية الزيارات ، ومن يضبط أثناء تهريب النطف يتم عزله فى الزنازين لمدة أسبوعين وقد يمنع من الزيارات لما يقارب من الشهرين ، وأحياناً يتم نقله إلى سجن آخر بعد غرامة تقدر ب 150 دولار أمريكى حتى 1300 دولار كما حدث مع الأسير عبد الكريم الريماوى [33] .
ولعل أقسى أنواع العقاب منع دولة الاحتلال منح هؤلاء الأطفال بطاقة هوية فلسطينية، كما ترفض الاعتراف بشهادات الميلاد وأرقام الهويات التي تخرجها وزارة الداخلية الفلسطينية، كما تمنعهم من زيارة آبائهم في السجن للمضايقة على المعتقلين وتعقيد تواصلهم مع الخارج لكون هذه الإجراءات غير قانونية [34].
و لعل أكثر ما لفت انتباه الباحث للتدليل على تخبط دولة الاحتلال فى التعامل مع الظاهرة منع الطفل مجد من زيارة والده فى السجن رغم وصوله لبوابة غرفة الزيارات التى تبعد أقدام قليلة عن بنك جلوس والده فيها ، وروت أم الطفل زوجة الأسير عبد الكريم الريماوى صاحب ثانى نطفة مهربة ، من قرية بيت ريما، المحكوم بالسجن 25 عاما ، تجربة منعها من الزيارات بعد الانجاب بالقول : " ذهبت لسجن نفحة بعد أسبوعين من ولادة " مجد " لزيارة زوجى حتى يراه ويفرح به ، وحينما نادوا على رأوه بين ذراعى ، فسألني الجندي : طفل من هذا ؟ أجبته : طفل عبد الكريم ، فرد عليّ قائلاً : مستحيل، أنا أعلم أن عبد الكريم مسجون لدينا منذ 12 عاماً وليست لديه سوى ابنة ، فكيف يمكن أن ينجب طفلاً وهو في الأسر؟ فبدأ الجنود بالتوافد إلى الساحة ، وراح كلّ جنديّ يقترب من الطفل ويكشف الغطاء عنه ليتأكد من أن الماثل بين يديها طفل وليس لعبة ، وتضيف : أن ابن الأسبوعين شكّل صاعقة لجنود مصلحة سجون الإسرائيلية ، حينها قرروا منعى من الزيارة ، شعرت بفرحة عارمة عندما رأيت خوف الجنود الاسرائيليين وارتباكهم بسبب وجود مجد في السجن ، لم أبك رغم كل الاجراءات التي مورست بحقنا، وإنما شعرت بالفخر، بأنني استطعت أن أحصل على أبسط حقوقي كزوجة أسير، وأن أنجب طفلاً وأرى عائلتي تكبر ، وشعرت بفخرٍ أكبر عندما رأيت تعابير وجوه السجانين تدلّ على الهزيمة "[35] ، مع التأكيد أن هناك عدد من الأسرى من تمكَّنوا لاحقاً من لقاء أطفالهم كان منهم الأسير عمار الزبن .
فى نهاية الدراسة يجزم الباحث والأسرى والمتابعون " أن عملية تهريب النطف تعد إنجازاً وطنياً وإنسانياً وحقوقياً كبيراً ، وتعتبر وسيلة نضالية جديدة للأسرى بحثاً عن الحياة والأمل والحرية ، وهى خطوة للتغلب على قيود السجّان، وكسرت شوكة أحكامه المؤبدة ، فإنجاب الأطفال حق مشروع لكل إنسان على وجه الأرض، والأسرى انتزعوا هذا الحق رغم أنف الاحتلال مسارعةً لقطار الحياة بالأمل والإرادة في معركة البقاء والوجود [36].
رئيس هيئة الأسرى والمحررين عيسى قراقع يعتبر أن عملية تهريب النطف تمثل إنجازاً كبيراً وتحدياً للظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون الفلسطينيون، فإنجاب الأطفال عن طريق التخصيب أقوى رسالة حياة على جوهر الأسرى اللذين يتطلعون إلى المستقبل والحرية[37] ، ووصف ظاهرة النطف المهربة بثورة التحدي الإنساني، واختراقاً لكل أشكال العزل والظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها الأسرى بالسجون ، ورسالة حياة عميقة للعالم تقول : " بأننا نحب الحياة ولا نريد سوى أن نعيش كبشر لنا أطفال وبيت وعائلة ، وهذا هو هدفنا الإنساني والوطني والنضالي، وأضاف : أن الأسير اثبت انه إنسان له الحق في الحياة والحرية، ردا على كل أشكال التعسف الإسرائيلية التي تسعى إلى تجريده من إنسانيته وتشويه صورته، حيث يرى الأسير في طفله القادم نبض حياة متجددة في الوقت الذي تقوم به إسرائيل بقتل واعتقال الأطفال الفلسطينيين، وهي رسالة أخلاقية من الأسرى بامتياز "[38].
ومن النتائج الايجابية لظاهرة تهريب النطف أنها سلطت الضوء على القضايا الإنسانية للأسرى بشكل كبير في العالم، وأظهرت العنصرية التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون القابعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي[39] ، ويرى الباحث أن سفراء الحرية ، أبناء النطف المهربة حملوا رسائل عدة للعالم ، رسالة مطالبة لتجريم سياسات الاحتلال التى تتعامل مع آبائهم بكل تلك الوحشية من الأحكام الردعية الخيالية ، واعتقالهم فى ظروف غير آدمية وغير انسانية ، وعلى العنصرية وسياسة التمييز فى السجون ما بين اليهودى والفلسطينى فى كافة التعاملات والحقوق والممارسة ، وأن الاحتلال يحرم آباءهم من حقوقهم الأساسية وعلى رأسها حق الإنجاب والتعليم والعلاج والتواصل مع الأهل عبر الزيارات المنتظمة ، وانهاء العزل الانفرادى والأحكام الإدارية بدون لائحة اتهام وبملفات سرية ، ويحملوا ملف الأسرى بكل مكوناته وانتهاكات الإحتلال بحقهم للمؤسسات الحقوقية والانسانية المحلية والعربية والدولية .
نص الدراسة:
" سفراء الحرية ، أطفال النطف المهربة ، الإنجاب من داخل السجون " ، جميعها مسميات تدل على أحدث معركة انسانية مستجدة لصناعة الحياة ، حكاية بدأت بفكرة ، وانتهت بحقيقة رغم كل قيود الاحتلال ، معركة اعتمدت على حرب الأدمغة بين الأسرى والسجان ، قوامها التطلع للحياة بعين متفائلة ، وأبطالها أناس مظلومين عزَّل امتلكوا سلاح الإرادة والصمودس والأمل بالمستقبل ، يفكرون ويخططون ويبتكرون ويبدعون ، فى وجه إدارة ظلامية تألقت فى صناعة الموت ، ورغم كل الممارسات والقيود والوسائل الأمنية أخفقت فى كسر إرادة الأسرى وحرمانهم من حقوقهم الأساسية " بالإنجاب وتحقيق غريزة الأبوة مثل باقى البشر .
ظاهرة تهريب النطف برزت فى أوساط الأسرى الفلسطينيون المتزوجون ، ومن أمضوا فترات طويلة ، ومن ذوى الأحكام العالية، ممن حرموا تكوين أسر وإنجاب ذرية بسبب قيام الاحتلال الصهيوني باختطافهم واعتقالهم من بين أهلهم وذويهم وزوجاتهم ، وتشير الاحصائيات أنّ 30- 40% من الأسرى فى السجون من هم متزوجون ، هذا يعني يعنى أن العقوبة ستكون مضاعفة مرات بحقه وبحق وزوجته بالاضافة لعائلته ، وبهذا سيقع العقاب على ما ليس له أى جانب فى الفعل ، وخاصة على الزوجة التى تشعر بالوحدة بسبب غياب الزوج لسنين طويلة ، ولأنه الحق الفلسطيني والتحدي لهذا السجان قرر عدد من الأسرى القيام بتهريب نطفهم خارج السجن عبر طرق وأساليب لا تخطر على بال بشر ، من أجل الحصول على ذرية ، وتكوين أسر وبناء حياة عائلية رغم الغياب القصرى عن المجتمع[1] .
فى هذه الدراسة سيتناول الباحث قضية غريبة عجيبة ، كانت حلماً وأصبحت خاطراً ثم احتمالاً ، وأضحت بإرادة وإصرار حقيقةً لا خيالاً ، وسيتطرق الباحث إلى بدايات الفكرة ، وتطورها ، وأسبابها ، وشروطها ، وآثارها على مجمل قضية الأسرى على المستوى الاجتماعى والإعلامى والحقوقى ، وفى فضح انتهاكات دولة الإحتلال وممارساتها العنصرية ، وردود فعل إدارة السجون وأجهزة الأمن الإسرائيلى بالتعامل معهم ومع أطفالهم اللذين أنجبوا وهم خلف القضبان .
أولاً ، جذور الفكرة وإرهاصاتها :
إنجاب الأطفال للإنسان شيئاً فطرياً ، فلا يكاد يوجد من لا يحب أن يكون له أبناء ، كونهم زينة الحياة الدنيا ، فقد تجد من يبذل أعز ماله من أجل الحصول على طفل لكى يتحقق له شعور الأبوة ، وهذا الشعور يشترك فيه الذكر والأنثى ، الغنى والفقير ، والحر والأسير ، وإذا كان هذا الشعور متحققاً للإنسان الذى ينعم بالحرية ، والذى بإمكانه أن يتزوج ، ويعيش حياته الطبيعية ، فكيف بالأسير الذى لا يلتقى بأهله على فترات بعيدة وغير منتظمة إلا من خلف الأسلاك والقضبان [2] ؟ ومن هنا بدأت الحكاية والتفكير والنقاش المعمق للقضية وعلى فترات طويلة مكثت ما يقارب من العقدين من الزمن
وبرزت ثلاثة اشكاليات أساسية لتحقيق هذه الأمنية وهى :
أ – الجانب الشرعي :
تخطى الأسرى فى السجون معضلة الفتوى الشرعية من خلال إجازة المجامع الفقهية لعملية التلقيح الصناعى بين الأزواج فى حالة الضرورة ، فهى مباحة فى حالة العجز عن الإنجاب بالشكل الطبيعى ، فى حال رغبة الزوجين فى التناسل وإنجاب الذرية ، لأن التناسل مصلحة مشروعة لهما[3] ، وحصل الأسرى على فتوى شرعية لجواز الانجاب من داخل السجون عن طريق الزراعة من الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ المرحوم حامد البيتاوي[4] ، ومن دائرة الإفتاء بفلسطين وعلى رأسها الشيخ عكرمة صبرى ، وأجازها كلاً من د.عماد حمتو أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة فلسطين وأحد علماء الأزهر الشريف بفلسطين[5] ، والشيخ د. سميح حجاج المفتي والمحاضر بجامعة فلسطين بغزة [6]، والشيخ عبد الباري خلة رئيس لجنة الإفتاء في وزارة الأوقاف والشئون الدينية بقطاع غزة وجميعهم أكدوا " أن الإنجاب فطرة بشرية محببة للإنسان ، لقوله تعالى: " الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا "[7] ، ولأن حفظ النسل من مقاصد الزواج ومقاصد الشريعة ، فلا بد للإنسان أن يحافظ عليها بالطرق والوسائل الشرعية ، فإذا كان المكلف يستطيع الإنجاب بالطريقة العادية التقليدية وهو اللقاء الجنسي بين الزوجين فلا يجوز التلقيح الصناعي وغيره من الطرق المعاصرة ، أما إن كان هناك ضرورة كالمشاكل التي تواجه أحد الزوجين ويكون العلاج لها الزراعة فلا بأس من ذلك بشروط وضوابط خاصة ، ومن حق الأسير الحرية وطلب الولد فإذا حرم الحرية فلا يحرم الولد ، فالولد قرة عين أبويه وعليه فلا بأس من التلقيح الصناعي الحاصل بين الأسير وزوجته عن طريق تهريب النطفة ولكن بشروط دقيقة منها:
1. الدقة في نقل النطفة وعدم نقل أكثر من نطفة للشخص الناقل تجنبا لشبهة التبديل.
2. التأكد من نقل العينة من الأسير وحقنها في زوجته فقط.
3. إشهاد الأسير على النطفة التي أخرجها منه.
4. أن يكون الناقل ثقة.
5. إعلام أهل الزوج وأهل الزوجة بذلك.
6. إعلام الجهات الشرعية والقضائية والرسمية والقانونية بتلك العملية.
بهذه الضوابط يجوز التلقيح ولا حرج به ، وهو نوع من الثورة والتمرد على المحتل وتحدى له [8].
ب- الجانب الإجتماعى :
برزت الكثير من التحديات والنقاشات لدى الأسرى فى أعقاب الكثير من التساؤلات على المستوى الإجتماعى ، بسبب عدم وعى المجتمع لهذا الخيار كونه غير مسبوق قد يعرض الزوجة للحرج ، وهنالك تخوفات كبيرة من عدم تصديق واستيعاب هذه التجربة فى حال حملها خلال اعتقال زوجها منذ سنوات طويلة ، وقد يكون هنالك استقصاد للمس بها من قبل المخابرات الإسرائيلية التى تحارب الظاهرة بلا أخلاق من خلال التشكيك ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعة المغرضة عن طريق المتساقطين ، وتلقفها من بعض الحاقدين ومن ثم المس بكرامة وشرف المرأة وكذلك الأسير والمقربين .
لذلك بحث الأسرى عن الحاضنة الإجتماعية التى تحميه وعائلته على كل المستويات ، بدايةً من قناعة الزوجة بالفكرة كونها الشريك الأساسى فى القضية لتحمل العبء ، ووكونها أكثر الجهات تحدياً أمام المجتمع للشروع بهذه الفكرة وتحقيقها ، ومن ثم قناعة المقربين من الوالدين كرعاة أساسيين وشاهدين على تنفيذ المهمة ورعايتها ، وقناعة العائلة والحى والمجتمع لتبنى هذه القضية كنوع من التحد للسجان .
ولحل هذه المعضلة الإجتماعية اقترح بعض الأسرى حلولاً تتمحور ب :
1- تناول فكرة تهريب النطف والزراعة لزوجة الأسير عبر وسائل الإعلام المشاهدة والمقروءة والمسموعة والالكترونية ، والفضائيات الفلسطينية والعربية ، ولربما كان الأسبق فى هذا الاتجاه فيلم " انتزاع " الذى عرض فى العام 2009 ، والذى جسد فكرة تهريب النطف من داخل السجون إلى خارجها قبل نجاح أول نطفة فى العام 2012 .
2- أن تقوم وزارة الأوقاف بتعميم الفكرة عبر الخطباء فى المساجد لإثارة الموضوع بشكل مكثف .
3- أن تقوم المؤسسات العاملة فى مجال الأسرى بتوزيع نشرات وعقد ورش العمل بوجود أهالى الأسرى لاستيعاب الفكرة[9] .
ج- الجانب الأمني :
فكر الأسرى بحلول للإنجاب من داخل السجون ، وفق القوانين الدولية ، وما هو متعارف عليه فى سجون عربية ، وما هو متاح ومعمول به من نظام فى السجون الإسرائيلية ، ودرس الأسرى هذه الحالة بتمعن فى فترة مبكرة ما قبل الشروع بتهريب النطف ، وكانت البدايات بمناقشة الخلوة الشرعية داخل السجن ، على أساس الإجتماع بين الزوجين فى غرفة خاصة معدة داخل السجن يتم اللقاء فيها بين الزوجين لفترة معلومة فى أوقات محددة بحيث يتم نقل الزوجة من خارج السجن إلى داخله فتلتقى بزوجها فى الغرفة المخصصة بحيث تحدث المعاشرة بينهما ، وهذه الغرفة تكون تحت الإدارة المسؤولة عن السجن ، والمعروفة فى السجون الإسرائيلية ، وبخاصة لدى الأسرى الجنائيين اليهود باسم
( חדר אהבה_ حيدر أهافا أى غرفة الحب )[10] .
وكثيرة هى المدارس لدى علماء الإجتماع فى أوربا والعالم التى تؤكد على الآثار الايجابية لاجتماع الأزواج فى السجون كوسيلة تأهيلية وإصلاحية[11] ، ومنذ أكثر من قرن تعاملت به بعض السجون الأمريكية فى ولاية ميسيسبى (Mississippi) فى العام 1900 مع الأسرى السود اللذين اشتغلوا فى الحقول أثناء وجودهم فى السجن [12]، وكذلك فى ولاية أوريجون وكاليفورنيا ، وعمل بنظام الخلوة فى السجن فى الكثير من دول العالم ، كالولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية والآسيوية وأمريكا الجنوبية ودول أفريقيا [13]، ودعا لهذه الفكرة علماء اجتماع كثر أمثال : " كولومبس هوبر ، وأوجين زيمانز ، وروث شونل كافان ، وجوزيف بالوج وغيرهم [14]" ، وعلى المستوى العربى كانت المملكة العربية السعودية أول من طبقت " الخلوة الشرعية " فى سجونها فى العام 1978، وتلتها في ذلك الخصوص كل من الكويت واليمن وقطر والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى ، وأصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رسمية بختم شعار وزارة العدل أكد فيها المفتي د. علي جمعة : " بالجواز الشرعى لاختلاء المسجون بزوجته، والزوجة المسجونة بزوجها لممارسة الحقوق الشرعية الخاصة بالزوجين [15].
أما على صعيد السجون الإسرائيلية فأول من طرح فكرة " الخلوة الشرعية " مع الزوجة للنقاش الأسير المحرر جبر وشاح خلال اعتقاله فى العام 1993 فى سجن نفحة ، وتم تناول الفكرة من جميع جوانبها ، وكتب فى ذلك مقالاً لازال يحتفظ به خطياً حتى بعد الإفراج عنه ضمن إفراجات اتفاقية أوسلو ، معللاً الأمر بالأحكام الجنونية والجائرة والصارخة بالمؤبدات لمرات لمدى الحياة ، وتطرق لحق الزوجة بالإنجاب ، كونها تنتظر زوجها لسنوات طوال دون ونيس فى الحياة ، بالإضافة لضغط المجتمع عليها لطلب الطلاق بسبب انسداد أفق الافراج عن الأسرى ، وحتى لا تقهر فى حال تم الإفراج عن الزوج وهى فى سن اليأس إذا ما طلب الذرية لاجئاً لتحقيق أمنيته للزواج بأخرى[16].
ولكن الأسير وشاح ورفاقه فى السجن رفضوا الفكرة ، لأسباب أمنية أهمها :
1- عدم أخلاقية العدو الاسرائيلى ، الذى لا يتوانى من فضح الخلوة بالصوت والصورة .
2- التخوفات الأمنية من استغلال تلك الصور كابتزاز وضغط على الأسير وزوجته واستخدامها كوسيلة إسقاطهما أمنياً وأخلاقياً .
3- الفارق بين الدول التى تحبس رعاياها وتعمل على تأهيلهم وإصلاحهم ليكونوا عناصر ايجابية فى المجتمع بعد تحررهم ، وبين العدو الصهيونى الذى يسعى بشتى الأساليب لتحطيم بنية الأسير ونفسيته ، وتحويله عبء على مجتمعه .
4- الحذر من جانب الأسرى فى كل ما يتعلق بالحماية له ولذويه .
5- عدم قبول تلك الفكرة من جانب زوجات الأسرى وعائلاتهم لانتمائهم لمجتمع متدين ومحافظ ، وعدم تشجيعها وتبنيها وطنياً واجتماعياً [17].
ثانياً ، عنصرية اسرائيلية باتجاه الأسرى العرب :
عارضت دولة الاحتلال فكرة الإنجاب للأسرى الفلسطينيين والعرب بكل الوسائل " بالخلوة الشرعية والنطف المهربة والحرية المؤقتة والاجتماع بالأهل لساعات ثم العودة " وعملت على محاربتها بكل الطرق ، ، واتضح هذا الرفض فى أعقاب عقد قران عميد الأسرى العرب الشهيد سمير القنطار على فتاة فلسطينية من مدينة حيفا المحتلة خلال الإعتقال ، وذلك فى العام 1993 ، والذى أثار ضجة كبيرة في الأوساط الإسرائيلية ، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء ورئيس دولة اسرائيل الأسبق شمعون بيرس بالتصريح اعلامياً " ذرية سمير القنطار لن ترى النور ما دمت على قيد الحياة " [18]
، وقد بررت مديرة مصلحة السجون أوريت أوداتو " אורית אדאטו " رفض الانجاب للأسرى الفلسطينيين السياسيين عبر مقابلة متلفزة على إحدى القنوات الاسرائيلية بالبعد الأمنى ، تخوفاً من تهريب أدوات ممنوعة للأسرى من خلال الخلوة .
ويعتقد الباحث بصحة قرار الأسرى الفلسطينيين برفض فكرة الإنجاب عن طريق " الخلوة الشرعية " فى سجون المحتل ، فى حين يؤكد على عنصرية الاحتلال فى التعاطى معهم بشعار دنىء " أن الإرهابى سينجب ارهابياً مثله " فى حين سمحت للارهابى اليهودى المصنف سجين أمنى " إيغال عمير- יגאל עמיר " قاتل رئيس الوزراء الاسرائيلى الأسبق إسحاق ربين فى العام 1995، مع العلم أنه يقضي عقوبة المؤبد ، وبعد الخوض بإضرابات عن الطعام ، ومحاولته تهريب النطف تحت المعطف ، توجه لمحكمة العدل العليا الإسرائيلية وجلب له محاميه المدعو شموئيل دافيد كاسبر الموافقة الرسمية له " بالخلوة الزوجية " كباقى الأسرى اليهود ، وتمكن بذلك من انجاب طفل [19].
الأمر نفسه تكرر مع الإرهابى المتطرف الأسير المصنف أمنياً عامى بوبر " עמי פופר " الذى قتل فيما عرف بالأحد الأسود فى 20-5-1990 " ببندقية من طراز أم 16 " سبعة من العمال الفلسطينيين من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة ، وأصاب أحد عشر آخرين بجراح مختلفة بمنطقة “ريشون لتسيون” قرب تل أبيب ، ومع هذا سمحت له إدارة مصلحة السجون الاسرائيلية بالزواج الرسمى فى العام 1993م ، وأنجب طفله البكر فى العام 1995 م ، وطفلين آخرين من بعده [20].
وما يدلل على العنصرية والتمييز لدى دولة الاحتلال قضية الأسير الفلسطينى " وليد دقة " مواليد 1961م من سكان باقة الغربيّة في المثلث الشمالي بفلسطين المحتلة عام 48 ، والمعتقل منذ العام 1986، والمحكوم عليه بالسجن المؤبّد مدى الحياة ( ولا زال معتقلاً حتى تاريخ الدراسة 2015 ) ، والذى عقد قرانه على ناشطة حقوقية في العام 1999، والتى رفضت المحكمة المركزية فى الناصرة التماساً قدمه مركز "عدالة" عن طريق المحاميّة عبير بكر فى 27 تموز 2008 السماح له بإنجاب طفل ، كحلم لم يفارق هاجسه بتحقيق الأبوة ، والذى كتب عنه العديد من القصص القصيرة والخواطر، ، كون الوقت لا يعمل لصالحه ، ولأن تحريره لا يبدو في الأفق ، وهو وزوجته يأخذان بالتقدم بالسن ، وادعت المحاميّة أنّ سلب حق الأسير " دقة " في إنجاب الأطفال يشكل مسًا خطيرًا في حقوقه الدستوريّة، كحقه في ممارسة حياة عائليّة وحقه في الكرامة وفي مضي فترة محكوميته بشكل لائق وإنساني لا يستند على مبدأ النقمة ، وإنّ أي تأخير في السماح للأسير بتحقيق حقه في إنجاب الأطفال سيسبب له ضررًا أبديًا [21] ، والنتيجة التى كانت برفض الالتماس دليل واضح على التمييز بين السجناء العرب واليهود لصالح اليهود في الحقوق ، على الرغم من تشابه الفعل على اختلاف القضية لصالح الفلسطينى كمقاوم للمحتل مقابل إرهاب استيطانى مناقض للانسانية وللاتفاقيات والمواثيق الدولية .
ثالثاً ، الإنجاب عن طريق النطف المهربة : فى أعقاب القيود والممنوعات الإسرائيلية ، والتخوفات الأمنية لخيار " الخلوة الشرعية " ، والمحاربة الإسرائيلية لأى خيارات بإخراج النطف والتلقيح الصناعى بطرق رسمية ، بدأ الأسرى يفكرون بطرق إبداعية بديلة لتحقيق الإنجاب كحق انسانى ، فبرزت فكرة الانجاب عن طريق " النطف المخزنة " من قبل الأسير عباس السيد مواليد 1966 ، من طولكرم ، والمحكوم بالمؤبد 36 مرة ، كونه خزًن عينات قبل اعتقاله فى العام 1997م فى أحد المراكز المتخصصة بهدف الإنجاب عن طريق زراعة الأجنة ، ولقد اقترح على زوجته أثناء الاعتقال استخدام العينة المودعة فى المركز الطبى ، ورغم عدم تقبلها للأمر فى بداية الأمر إلا أنها عاودت التفكير وقررت الإقدام على التجربة رغم ما قد تسببه من حرج اجتماعى ، معتبرةً أنها تؤدى رسالة انسانية [22] ، ومن ثم بدأت فكرة تهريب النطف من السجون ، فى ظل التطور العلمى وتوفير الشروط المطلوبة " من إجازة شرعية ، وتفهم عائلى واحتضان اجتماعى ، وحماية أمنية وأخلاقية وضوابط من كل الجوانب ، والجديد فى الأمر أن النقاش المعمق للقضية داخل السجن وخارجه حظى بنسبة تأييد مشجعة .
فقد أجرى الباحث الأسير إياد أبو فنون قبل تحرره من الأسر فى العام 2011م خلال كتابة رسالته بعنوان " زواج الأسير وطلاقه والمستجدات فى ذلك " استطلاعاً فى قسم 3 بسجن هداريم ، الذى يضم عينة تقدر ب ( 120 ) أسير من ذوى الأحكام العالية من معظم الفصائل الوطنية والإسلامية ، وشارك فى الاستطلاع 84% ، وامتنع 16 % وأشارت النتائج إلى أن 65% من المتزوجين ممن لم ينجبوا قبل الاعتقال يفكرون بالإنجاب وهم داخله [23].
ويمكن إرجاع أول محاولات تهريب النطف إلى العام 2002 [24]، والتى لم تنجح لعدة أسباب :
أ- قلة خبرة الأسرى فى امكانيات الحفاظ على حياة الحيوانات المنوية وتوصيلها للخارج.
ب- الفرق الكبير فى التقدم العلمى فى موضوع التلقيح الصناعى والزراعة ما بين أول محاولة تهريب لم تنجح فى العام 2002 ، وأول عملية ناجحة فى العام 2012 .
ت- اهتمام أهالى الأسرى وتهيئة الظروف المسبقة لها فى العام 2002 لم يكن بنفس المستوى فى العام 2012 .
ث- التنسيق المسبق مع المستشفيات وتلقى الإرشادات الطبية والتحضير للعمليات فى العام 2012 لم يتوفر بنفس المستوى سابقاً .
وفيما يتعلق ببعض عوامل النجاح يقول الأسير المحرر أكرم سلامة والذى تواجد مع الأسرى المرضى خلال اعتقاله " لم تتوافر الأنابيب الحافظة للنطف المهربة فى السجون ، حينها كنت فى مستشفى " مراج " بسجن الرملة ، كنت أطلبها فى يومى الجمعة والسبت من الممرضين لعدم وجود طاقم الإدارة فى تلك الأيام ، وبعثتها للأسير روحى مشتهى الذى لم تنجح محاولته لربما لأسباب لها علاقة بظروف الزيارات ، وبعثتها لأسرى آخرين عن طريق أسرى نزلوا المستشفى ، كانت تلك الأنابيب مهمة لنجاح التجربة ، وأوصى الأطباء لضمان حياتها أن توضع فى أنبوب غير مستخدم وآمن ونظيف ، وأن توضع الأنابيب فى كيس أسود غير شفاف على أن يتم إغلاق الأنبوب بإحكام ، وأن تصل النطف للمختبر مباشرة بعد الزيارة بدون تأجيل ، ويتم التأكيد على أن لا يحمل أحد الزائرين نطف لشخص آخر ، وإن كانت المسألة ضرورية بسبب منع أهل الأسير الآخر من الزيارات ألا يحمل إلا أنبوب واحد لزائر واحد فقط لضمان عدم اختلاط العينات [25].
وعن طرق التهريب التى تم الإعلان عنها وكشفها من قبل الإحتلال ، أنها كانت عن طريق هدايا الأسرى لذويهم يوم الزيارات ، وذلك بوضع النطف مكان نواة التمر ، أو داخل حبات الشوكلاتة والحلويات ، وطرق لا زالت غير مكتشفة ولم يتم الإعلان عنها بَعْد لاستمرار نجاح الظاهرة .
– أول سفير حرية من السجون :
من غير الصدفة بوازع الاهتمام والمتابعة ، كان الباحث أول من نشر خبر أول نطفة مهربة خرجت من السجون الإسرائيلية نقلاً عن الأسير المحرر طارق عز الدين فى 4/8/2012 دون ذكر لاسم صاحبها ، وكان ذلك على وكالة معاً الإخبارية كخبر رئيسى فى اتصال بينه وبين رئيس تحرير الوكالة د. ناصر اللحام الذى تعامل مع الخبر بكل جدية ومسئولية معتبراً القضية ثورة انسانية أولى من نوعها على مستوى حركات التحرر العالمية ، وكان الخبر تحت عنوان " أسير فلسطيني ينقل حيوانه المنوي خارج السجن " [26] ، وقد انتشر الخبر إعلامياً على المستوى الفلسطينى والعربى والدولى بصورة سريعة جداً وملفتة للإنتباه ، ولاستكمال المتابعة فى 6/8/2012 تم الإفصاح من قبل الباحث عن هوية صاحب النطفة المهربة وهو الأسير عمار عبد الرحمن الزبن من سكان رأس العين قضاء مدينة نابلس والمحكوم بـ (27 مؤبداً و25 عاماً ) ، وكان قد أمضى حينها 15 عام متواصلة في السجون ، والذى كان أباً لابنتين قبل الاعتقال وهن" بشائر النصر و بيسان " [27]، وقد رزق بالطفل " مهند " كأول سفير للحرية فى 13 /8/ 2012 ، والطفل " صلاح الدين " بعد عامين بنفس الطريقة فى 4 سبتمبر 2014.
الدكتور سالم أبو خيزران مدير مركز "رزان" للتلقيح الصناعي والمشرف على تلقيح النطف المهربة للأسرى وصف التحصيرات بالقول : لم نقدم على عمليات الزراعة حتى تهيأت الظروف الاجتماعية ، وبعد الحصول على فتوى دينية رسمية ، واحتضان مجتمعى ، وكانت بمباركة من الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات عدد كبير من المؤسسات والقيادات الفلسطينية الوطنية والإسلامية ، وبدعم من كوادر الحركة الوطنية الأسيرة فى السجون ، وحينما طلبت زوجة الأسير عمار الزبن من المركز القيام بهذه العملية فى العام 2006 ، لم نوافق على الأمر ، وأجلنا الموضوع حتى تأخذ الموافقة من الجميع ، وتهيئ كافة الظروف والأجواء الإجتماعية والعائلية والمؤسساتية وتمهد للأمر ، وقمنا بهذه العملية بعد قناعتنا باستكمال كل تلك المتطلبات فى العام 2012 أى بعد 6 سنوات من الطلب [28].
وبهذا تحول الأسير عمار الزبن وطفله الأول مهند عنوناً لمرحلة جديدة ، وأساساً لبداية انطلاقة نوعية ، نحو تعميم التجربة والانتقال من الإنتصار الفردى إلى الإنتصارات الجماعية ، وانتزاع لحق سلبته إدارة السجون الإسرائيلية ، وأقرته المواثيق الدولية وكفلته الشريعة الاسلامية ، انتصار هو الأول ، شجع الآخرين ومهد الطريق وشكل عنواناً لمعركة جديدة ضد الإحتلال والسجان ، فانتشرت ثقافة القبول بالتخصيب ، وغدت ظاهرة توشك أن تعم السجون ، فمن الأسرى من سجل نجاحات مماثلة ، ومنهم من تنظر زوجته استكمال فترة الحمل لتضع مولودها ، ومن الزوجات من ينتظرن إتمام التحضيرات الطبية لإجراء عملية التلقيح ، لكن ثقافة تهريب النطف ، انتشرت وسوف تنتشر أكثر ، وسوف تلاقى تأييداً واسعاً فيما بعد ، من رجال الدين والسياسة وأطراف الحركة الأسيرة قاطبة ، ولقد تكررت التجربة من بعد ، حتى غدت ظاهرة لافتة وثورة من أجل الحياة[29] ، ولقد سجل التاريخ أن أول عملية تهريب من السجون كان بطلها الأسير عمار الزبن ، وأول سفير للحرية ابنه " مهند " ، فى حين كان الطفل " محمد كريم " ابن الأسير سائد صلاح ، من مدينة جنين ، والمحكوم 27 عاماً ، هو آخر سفراء الحرية وفق تاريخ الدراسة حتى نهاية 2015 ، وهو الطفل السابع والأربعون من سفراء الحرية منذ بدء عمليات تهريب النطف من داخل سجون الاحتلال [30]، ولا زالت محاولات الأسرى مستمرة ، والظاهرة فى إزدياد بسبب الدعم والمساندة لها من كل الاتجاهات .
وحقيقة الأمر أن السجون لم تشهد منذ بداية الاحتلال هذا التطور الفائق في مقدرة الأسرى على تهريب النطف المنوية وإنجاب الأطفال كما شهدته الأعوام القليلة الماضية، وان هذا الانجاز الإنساني أعطى قوة معنوية ونفسية للأسير وعائلته وجدد أملهم بالحرية " [31] .
ويرى الباحث أن أطفال النطف منحت الزوجة ثقة الاستمرار بالحياة الزوجية مع زوجها الأسير ، وجنبتها قهر زواج زوجها بعد الإفراج عنه بحثاً عن الانجاب ، وخففت الضغوط الاجتماعية عليها للبقاء على عهد التواصل مع زوجها رغم الأحكام العالية ، وقضت توق الأسير لغريزة الإنجاب الذى حاول الاحتلال من خلال الاعتقال قطع النسل .
رابعاً ، مواجهة الإحتلال لهذه لظاهرة النطف المهربة :
من الطبيعى أن تشكل ظاهرة تهريب النطف قلقاً كبيراً للاحتلال الذى يحاول قتل كل معنى للحياة فى لدى الأسير الفلسطينى ، فهو لم يتقبل تربية عصفور أنقذه الأسرى من الموت لحظة وقوعه من عشه بعد أيام من فقسه ، وقتل عدد من القطط المولودة حديثاً كون أمها وضعتها فى زنزانة أسيرة معزولة لشعورها بدفء وحنان معتقلة استأنست بها لشعورها بالرأفة ، وألقى بنبتة كان أحد الأسرى قد غرسها شوقاً لرؤية غصن أخضر ، فمن الطبيعى أن لا يستوعب انجاب طفل وتربيته وزيارته لوالده بعد انتصار كبير لارادة الأسرى على كل أنظمة السجان ومخططاته واحتياطاته الأمنية .
فكانت أولى ردات الفعل الإسرائيلية على لسان الناطقة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية المسؤولة عن احتجاز الأسرى الفلسطينيين السياسيين " سيفان فايتسمان " التى قالت : " إن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية على علم بتهريب النطف من جانب الأسرى ومحاولاتهم ، وأننا سنضع حد لهذه الظاهرة ، ولقد تم تشكيل لجنة تحقيق للموضوع ، وحسب النتائج سنصدر التعليمات الجديدة التى ستقلل بشكل كبير من الأدوات والطرق التي تهرب فيها الحيوانات المنوية " .
وبينت فايتسمان أن إدارة مصلحة السجون اكتشفت وسائل وتهريب الطرق ، وبينت أن لجنة التحقيق الجديدة أصدرت تعليمات لن تعرض للإعلام لأنه في حال كشفها سيحاول الأسرى الفلسطينيون الالتفاف عليها[32].
وفى أعقاب تشكيل لجنة التحقيق قامت إدارة مصلحة السجون بعدة خطوات مثل " التفتيش الدقيق للأسرى ، والهدايا ، والملابس التى يخرجها بهدف تبديلها عبر الأهل فى يوم الزيارات ، وكذلك تفتيش الأطفال الصغار اللذين يتم إدخالهم لدقائق فى نهاية الزيارات ، ومن يضبط أثناء تهريب النطف يتم عزله فى الزنازين لمدة أسبوعين وقد يمنع من الزيارات لما يقارب من الشهرين ، وأحياناً يتم نقله إلى سجن آخر بعد غرامة تقدر ب 150 دولار أمريكى حتى 1300 دولار كما حدث مع الأسير عبد الكريم الريماوى [33] .
ولعل أقسى أنواع العقاب منع دولة الاحتلال منح هؤلاء الأطفال بطاقة هوية فلسطينية، كما ترفض الاعتراف بشهادات الميلاد وأرقام الهويات التي تخرجها وزارة الداخلية الفلسطينية، كما تمنعهم من زيارة آبائهم في السجن للمضايقة على المعتقلين وتعقيد تواصلهم مع الخارج لكون هذه الإجراءات غير قانونية [34].
و لعل أكثر ما لفت انتباه الباحث للتدليل على تخبط دولة الاحتلال فى التعامل مع الظاهرة منع الطفل مجد من زيارة والده فى السجن رغم وصوله لبوابة غرفة الزيارات التى تبعد أقدام قليلة عن بنك جلوس والده فيها ، وروت أم الطفل زوجة الأسير عبد الكريم الريماوى صاحب ثانى نطفة مهربة ، من قرية بيت ريما، المحكوم بالسجن 25 عاما ، تجربة منعها من الزيارات بعد الانجاب بالقول : " ذهبت لسجن نفحة بعد أسبوعين من ولادة " مجد " لزيارة زوجى حتى يراه ويفرح به ، وحينما نادوا على رأوه بين ذراعى ، فسألني الجندي : طفل من هذا ؟ أجبته : طفل عبد الكريم ، فرد عليّ قائلاً : مستحيل، أنا أعلم أن عبد الكريم مسجون لدينا منذ 12 عاماً وليست لديه سوى ابنة ، فكيف يمكن أن ينجب طفلاً وهو في الأسر؟ فبدأ الجنود بالتوافد إلى الساحة ، وراح كلّ جنديّ يقترب من الطفل ويكشف الغطاء عنه ليتأكد من أن الماثل بين يديها طفل وليس لعبة ، وتضيف : أن ابن الأسبوعين شكّل صاعقة لجنود مصلحة سجون الإسرائيلية ، حينها قرروا منعى من الزيارة ، شعرت بفرحة عارمة عندما رأيت خوف الجنود الاسرائيليين وارتباكهم بسبب وجود مجد في السجن ، لم أبك رغم كل الاجراءات التي مورست بحقنا، وإنما شعرت بالفخر، بأنني استطعت أن أحصل على أبسط حقوقي كزوجة أسير، وأن أنجب طفلاً وأرى عائلتي تكبر ، وشعرت بفخرٍ أكبر عندما رأيت تعابير وجوه السجانين تدلّ على الهزيمة "[35] ، مع التأكيد أن هناك عدد من الأسرى من تمكَّنوا لاحقاً من لقاء أطفالهم كان منهم الأسير عمار الزبن .
فى نهاية الدراسة يجزم الباحث والأسرى والمتابعون " أن عملية تهريب النطف تعد إنجازاً وطنياً وإنسانياً وحقوقياً كبيراً ، وتعتبر وسيلة نضالية جديدة للأسرى بحثاً عن الحياة والأمل والحرية ، وهى خطوة للتغلب على قيود السجّان، وكسرت شوكة أحكامه المؤبدة ، فإنجاب الأطفال حق مشروع لكل إنسان على وجه الأرض، والأسرى انتزعوا هذا الحق رغم أنف الاحتلال مسارعةً لقطار الحياة بالأمل والإرادة في معركة البقاء والوجود [36].
رئيس هيئة الأسرى والمحررين عيسى قراقع يعتبر أن عملية تهريب النطف تمثل إنجازاً كبيراً وتحدياً للظروف القاسية التي يعيشها المعتقلون الفلسطينيون، فإنجاب الأطفال عن طريق التخصيب أقوى رسالة حياة على جوهر الأسرى اللذين يتطلعون إلى المستقبل والحرية[37] ، ووصف ظاهرة النطف المهربة بثورة التحدي الإنساني، واختراقاً لكل أشكال العزل والظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها الأسرى بالسجون ، ورسالة حياة عميقة للعالم تقول : " بأننا نحب الحياة ولا نريد سوى أن نعيش كبشر لنا أطفال وبيت وعائلة ، وهذا هو هدفنا الإنساني والوطني والنضالي، وأضاف : أن الأسير اثبت انه إنسان له الحق في الحياة والحرية، ردا على كل أشكال التعسف الإسرائيلية التي تسعى إلى تجريده من إنسانيته وتشويه صورته، حيث يرى الأسير في طفله القادم نبض حياة متجددة في الوقت الذي تقوم به إسرائيل بقتل واعتقال الأطفال الفلسطينيين، وهي رسالة أخلاقية من الأسرى بامتياز "[38].
ومن النتائج الايجابية لظاهرة تهريب النطف أنها سلطت الضوء على القضايا الإنسانية للأسرى بشكل كبير في العالم، وأظهرت العنصرية التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون القابعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي[39] ، ويرى الباحث أن سفراء الحرية ، أبناء النطف المهربة حملوا رسائل عدة للعالم ، رسالة مطالبة لتجريم سياسات الاحتلال التى تتعامل مع آبائهم بكل تلك الوحشية من الأحكام الردعية الخيالية ، واعتقالهم فى ظروف غير آدمية وغير انسانية ، وعلى العنصرية وسياسة التمييز فى السجون ما بين اليهودى والفلسطينى فى كافة التعاملات والحقوق والممارسة ، وأن الاحتلال يحرم آباءهم من حقوقهم الأساسية وعلى رأسها حق الإنجاب والتعليم والعلاج والتواصل مع الأهل عبر الزيارات المنتظمة ، وانهاء العزل الانفرادى والأحكام الإدارية بدون لائحة اتهام وبملفات سرية ، ويحملوا ملف الأسرى بكل مكوناته وانتهاكات الإحتلال بحقهم للمؤسسات الحقوقية والانسانية المحلية والعربية والدولية .