- الكاتب/ة : يوسي بيلين
- تصنيف المقال : بالعبري
- تاريخ المقال : 2016-01-19
أصل عائلته من قرية حمامة، التي اصبحت حاليا أشكولانيت، ومنها طردت العائلة في 1948. أبواه وجدا ملجأ في مخيم اللاجئين خانيونس في قطاع غزة، وهو ولد هناك، في 1961، لابوين شيخين، السادس في عدد الاولاد. ووجد الاب صعوبة في اعالة العائلة الواسعة، وخرج للعمل كعامل بناء في السعودية. وكان محمد يوسف دحلان لم يلتقِ أباه الا عندما عاد هذا الى القطاع. وكان في حينه فتى ابن 17، ملك الشارع، زعيم الشبيبة ونشيط حركة فتح المحظورة حسب القانون الاسرائيلي.
بعد سنة من ذلك كان من مؤسسي "صقور فتح"، وفي سنوات 1981 – 1986، حظي بدخول السجن الاسرائيلي 11 مرة بسبب انتمائه لهذه الحركة. في الفترات التي وجد نفسه فيها خارج جدران السجن تمكن من انهاء دراسته الجامعية بالدرجة الاولى في ادارة الاعمال في الجامعة الاسلامية في غزة. في السجن تعلم العبرية بنشاط شديد. وفي لاحق الزمن شرح فقال: "سجنكم بنانا. كان هذا جامعة لنشطاء الارهاب. مدرسة الايديولوجيا لـ م.ت.ف ".
في بداية الانتفاضة الاولى كان مشاركا نشطا جدا فيها. وفي 1977 أبعد الى الاردن. وكان هذا الابعاد "ناجعا" مثل معظم الابعادات الاخرى. فهو لم يبقَ في الاردن، وسارع من هناك الى مركز م.ت.ف في تونس، كان نشيطا في تخطيط العمليات في قطاع غزة وأحبه جدا الزعيم، ياسر عرفات، بسبب ذكائه، افكاره وقدرته على التنفيذ، حتى عن بعد. ولاح له مستقبل واعد.
في أعقاب اتفاق اوسلو عاد دحلان الى غزة، وعينه عرفات رئيسا لجهاز الامن الوقائي. فأقام قوة من نحو عشرين الف رجل أمن، منع أعمال ارهاب غير قليلة ضد اسرائيل، اصبح العدو اللدود لحماس واقام علاقات وثيقة مع جهاز الامن الاسرائيلي، مع سياسيين اسرائيليين ومع رجال أعمال من اسرائيل.
أصبح حبيب الاسرائيليين، حبيب الادارة الامريكية، صديق قريب لمحمد رشيد، رجل الاموال المشكوك فيه لعرفات، المقرب من مارتين شلاف، الثري اليهودي الاسترالي، ورجل سر بعض السياسيين الاسرائيليين غير المتوقعين (هكذا جاء الي في العام 2000 كي اسمح بالعفو عن آريه درعي، ووعدني، في ذات الفرصة بان أفيغدور ليبرمان هو رجل سلام، وانه محظور على معسكر السلام الاسرائيلي أن يفوته). وفي كامب ديفيد، في تموز 2000، كان يعتبر، من محادثيه الاسرائيليين، بانه الجهة الاكثر براغماتية واعتدالا.
عندما بدأت الانتفاضة الثانية كان دحلان بين القلائل الذين وقفوا ضدها علنا في المعسكر الفلسطيني، ووجد نفسه الى جانب محمود عباس في مواجهة عرفات. وبذل جهودا كي يمنع العمليات (وان كان اطلق ادعاء عن أنه شجع عملية "الباص الدموي" في غزة). واتهم دحلان عرفات بالمحافظة المتعفنة وبالسماح بالفساد، وطالبه باجراء اصلاحات ادارية ومكافحة الفساد.
غير انه هو ايضا اتهم بالفساد (مثل الادعاء بانه وضع في جيبه 40 في المئة من مداخيل الضريبة في معبر كارني)، بحجم مليون شيكل في الشهر، وهذه اتهامات تعززت كلما ابتعد عن عرفات. والى جانب ذلك – تقرب من عباس، واصبح تحت رعايته الاقرب.
في نيسان 2003، عندما فرض على عرفات تعيين عباس كرئيس للوزراء، عاد دحلان ايضا الى الساحة السياسية وعينه ولي نعمته في منصب وزير الداخلية، رغم تحفظ عرفات من ذلك. بعد بضعة اشهر من ذلك، عندما استقال عباس من منصبه (في ضوء التنكيلات التي لا تتوقف من رجال عرفات ضده) أنهى دحلان مهام منصبه ايضا. ومن الان فصاعدا اشتد أكثر فأكثر انتقاده العلني لعرفات. ومع انتخاب عباس رئيسا، بعد موت عرفات، عين دحلان وزيرا للشؤون المدنية، وفي هذا الاطار كان رجل الارتباط بحكومة اسرائيل.
كانت هذه فترة لمعانه. الكل غازله. كان مقرب الزعيم، رجل الامن الاقوى في الجانب الفلسطيني، الزعيم الابرز في قطاع غزة وحبيب الاسرائيليين. ورأى الامريكيون فيه الزعيم التالي. ساعد مارتين شلاف، حسب وسائل الاعلام في حينه على اقامة الكازينو في أريحا. كما كانت قصص عن أنه يتجول في أوساط الفلسطينيين في غزة وفي الضفة الغربية، مع حقائب مال جاءت من خلف المحيط، ليساعد من يرغب في مصلحته ويبني قوته للمستقبل.
يسقط وينهض
وعندها وقع السقوط الكبير: في حزيران 2007 عندما بدأت حماس المواجهة العنيفة ضد فتح، كان دحلان في المانيا لاجراء عملية جراحية في ركبته. القوة الكبيرة التي بناها في غزة انهارت في غضون يوم واحد. وهو نفسه اصبح بالونا يطعن بابرة، وكان يخيل ان حياته السياسية من خلفه. ولكن قط الشارع هو قط الشارع. سبع مرات يسقط وينهض.
بعد سنتين من ذلك، في مؤتمر فتح في بيت لحم، انتخب للجنة فتح المركزية. والان، بعد ان صار ذا قاعدة قوة مستقلة، بدأ يبني مجموعته كبديل لحكم الرئيس ابو مازن، وذاعت شائعات عن أنه يقيم قوة عسكرية في الضفة الغربية كي يطيح بسيده، ويصبح الرئيس الفلسطيني بنفسه.
في 2010 نقل عن دحلان قوله: "ابو مازن غير قادر على أن يقود نحو السلام، ونحن قادرون على ذلك". تشكلت لجنة تحقيق داخل فتح لفحص الشائعات عن نواياه التمردية، وفي بداية 2011 فُصل من اللجنة المركزية ومن الحركة وابعد الى الاردن.
ومثلما في الابعاد الاول، لم يبقَ في الاردن لزمن طويل. هذه المرة انتقل الى ابو ظبي مع جليلة زوجته واربعة ابنائه. احبه سيده الثالث – الامير خليفة بن زايد آل نهيان – واصبح مستشاره ورجل سره. ماله يقدر اليوم بنحو 120 مليون دولار. وبسبب وساطته في استثمار كبير لابو ظبي في الصرب، نال هو وكل ابناء عائلته في كانون الاول 2013 جنسية صربية.
دحلان لا يأتي الى المناطق، ولكن زوجته تصل الى قطاع غزة، وهي تساعد هناك المحتاجين بالمال. اما هو نفسه فقد أقام علاقات مع مقربين سابقين من عباس، رئيس الوزراء السابق سلام فياض، امين سر اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف ياسر عبد ربه، وحسب كل المؤشرات فانه يستعد لتغيير عباس.
براغماتي، ذكي، متهكم، يغير التحالفات كما يغير جراباته. رجل حديث لطيف وذو حجرة ملابس فاخرة على نحو خاص، يجد دحلان نفسه في موقف انطلاق جيد للغاية لتغيير عباس. علاقاته الطيبة مع كثيرين في فتح وحتى مع قيادة حماس في غزة، مع الروس ومع الامريكيين، مع الاسرائيليين ومع المصريين.
ومع ذلك، الى جانب ماضيه كمن قاتل ضد اسرائيل ومكث في سجونها، يجعله هذا رجلا ذا احتمالات كثيرة لان يشغل المنصب الفلسطيني الاهم في المستقبل القريب. وقد يحصل هذا باسرع مما يخيل لاحد ما.