يبني نفتالي بينيت في وزارة التربية والتعليم وعلى خرائب الديمقراطية أسس العالم الجديد، مسيحاني وأحادي البعد، ويحتل قلب الجموع الغفيرة، حيث يخطط من هناك للانقضاض على رئاسة الحكومة. أعتقد أن الطابع المطلق لخطواته الاخيرة لن يردع المؤمنين به وهو ينوي فرض معايير غريبة على الانتاجات الادبية التي حصلت على إذن الدخول الى المدارس. وهذا لن يواجه صعوبات. كيف أعرف ذلك؟ لأن بينيت خرج من فضيحة الرقابة الاخيرة التي أحدثها دون خدش. بل بدون شظية في مؤخرته.
أفترض ايضا أن بينيت هادئ جدا ومطمئن لفرص نجاح الاصلاحات المتوقعة التي تطالب بتقديم الولاء للدولة من الفنانين، والالتزام بالذهاب الى ما وراء الخط الاخضر. أتوقع أنه على ضوء التجربة في الماضي فانه لا يخاف من معارضة حقيقية، ولا ينوي الالتفات الى الاحتجاجات التي يتوقع اندلاعها في الشبكات الاجتماعية. إنه يتوقع أن المشبوهين الفوريين سيكتبون الشعارات المتأججة، بعضهم سيقتبس هاينه وآخرون سيقتبسون بريخت وسيكون هناك من يبدلون صورتهم بصورة معارض لنظام يثير الايحاء لأنه اضافة لكونهم «نقائق» فان بينيت يقول لنفسه إن الفنانين في البلاد يمنحون أنفسهم تقديرات زائدة عن اللزوم.
حقيقة: عندما اعلن عن جائزة الابداع اليهودي قام بذلك في اعقاب نجاح بايلوت ليمور لفنات. جائزة الابداع الصهيونية، التي بادرت اليها ووزعت ايضا على فنانين من اليسار، اصطدمت حتى الآن برفض فنان واحد فقط هو حاييم غوري. لكن الآن ايضا حيث أظهر كبير الشعراء للحاصلين على الجائزة في الماضي النور لم يقوموا كرجل واحد ليعيدوا الجائزة الى وزارة التربية والتعليم، ويقترحوا على الوزيرة دس الجائزة في مكان الشظية.
يعرف بينيت أنهم يجدون صعوبة لدينا في التنازل عن الجوائز والتقدير، لأن هذا كل ما هو موجود. والدليل على ذلك أن أحد الفنانين أشرك اعضاء الفيسبوك الخاصين به بسعادته حينما بُشر أنه فاز بجائزة الابداع الصهيونية للعام 2015 وأضاف: إنه ليس غير معروف بل ينقصه التقدير الذاتي – «إن الفوز يؤكد فهمي أن الصهيونية لا يمكن امتلاكها من قبل طرف معين في الخارطة السياسية، وأنه في دولة اسرائيل لا يوجد موضوع ممنوع انتقاده». بينيت كما أتصور انفجر ضحكاً. إن كل عملية سيطرة مطلقة في الماضي اعتمدت على متعاونين.
بينيت يعرف منذ زمن رغبة الفنانين في السفر الى الخارج باسم وزارة الخارجية. الهدف المعلن لذهابهم هو تمثيل سياسة حكومة اسرائيل، وهذا لم يردع اليساريين من بينهم، حينما كان افيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية. أعلن عاموس عوز، مؤخراً، خطوة تبعث على التقدير، أنه لن يوافق على المشاركة في مناسبات وزارة الخارجية في العالم، لكن مثال عوز وغوري يظهر الحقيقة المعروفة، وهي أنه من السهل اظهار الشجاعة عند الاقتراب من بوابة الخروج قياسا باظهارها عند بوابة الدخول.
اذا كنتم تفكرون باستراتيجية مناقضة فانسوا الموضوع، وانسوا عمل ذلك بوساطة الزعزعة: ليس هناك أحد في اوساط جمهور بينيت قلق من تراجع الديمقراطية. بل هم قلقون من وجود الديمقراطية. ومن اجل تحريك العملية النهائية لخرابها يجب تقييد الحرية وحث الخطوات لتحطيم الأمن. هذا ما يفعلونه. وحتى الآن لم يتم تسجيل أي معارضة.

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف