- تصنيف المقال : اراء حرة
- تاريخ المقال : 2016-03-09
من المقرر أن يكون نائب الرئيس الأميركي جون بايدن قد عقد مباحثات هامة بالأمس مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في أجواء من الشائعات والغموض، سواء حول ما إذا التزمت إسرائيل بشروط هذه الزيارة، أي عدم إحراج بايدن بالإعلان عن مخططات استيطانية أثناء وجوده القصير في المنطقة، أو فيما إذا كان نتنياهو قد ألغى زيارته المرتقبة إلى واشنطن بعد عشرة أيام، بسبب تهرب أوباما من الاجتماع به، وذلك بترتيب زيارته للعاصمة الكوبية هافانا في نفس وقت انعقاد مؤتمر اللوبي الصهيوني، حيث كان من المقرر أن يلقي نتنياهو كلمة مباشرة أمامه، أو ان نتنياهو بالفعل، ألغى الزيارة حسبما يقول كي لا يؤثر على نتائج الانتخابات الداخلية للحزبين الجمهوري والديمقراطي، لترشيح مرشح كل منهما للرئاسة.
قبل وصول بايدن إلى إسرائيل، كانت هناك إشارات واضحة على أنه لا يحمل جديداً فيما يتعلق بالملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وان جدول اعماله للزيارة ستتركز حول التعاون الأميركي ـ الإسرائيلي، حول ملفات ثلاثة، سورية وإيران وداعش، إضافة إلى البند الدائم في هذه العلاقات، المساعدات الأميركية، المالية والعسكرية السنوية لإسرائيل، إلاّ أن اكثر ما يهم نتنياهو من هذه الزيارة سينعكس على الوضع الداخلي الاسرائيلي، ذلك ان رئيس الحكومة الإسرائيلية جوبه خلال الأيام الأخيرة، بانتقادات لاذعة من أن سياساته أدت إلى خراب العلاقة مع أميركا، كما هي أكثر خراباً مع العالم كله، نتنياهو ركز خطابه مؤخراً على التأكيد على أن هناك زيارات هامة يقوم بها رؤساء ورؤساء وزارات ووزراء، بشكل دائم إلى إسرائيل، ما يؤكد عكس انتقادات المعارضة حول حصار سياسي على إسرائيل جراء سياسة نتنياهو، زيارة بايدن، من وجهة نظر نتنياهو تشكل رداً عملياً على انتقادات كل من ليبرمان زعيم "إسرائيل بيتنا"، وزعيم "يوجد مستقبل"، لبيد، اللذين عقدا مؤتمراً قبل أيام في الكنيست تحت عنوان "تدهور مكانة إسرائيل الدولية"، نتنياهو كان بحاجة إلى مثل هذه الزيارة التي يقوم بها بايدن، لإثبات قدرته على وضع إسرائيل في قلب الأحداث الدولية كدولة مؤثرة، لها مكانتها وتتجاوز أية إمكانية لحصارها سياسياً.
ورغم ما أشرنا إليه حول طبيعة الملفات التي يحملها معه بايدن لمناقشتها مع الجانب الإسرائيلي، والتي تتجاوز الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، إلاّ أن بعض المصادر الإعلامية، أميركية وإسرائيلية، أشارت إلى أن الولايات المتحدة قد لا تتمكن من إعادة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إلاّ أن بإمكانها احباط المبادرة الفرنسية من خلال الالتفاف عليها، بطرح مبادرة اعتراضية، وبحيث لا تبقى المبادرة الفرنسية، هي الحراك الدولي الوحيد حول هذا الملف الشائك والمعقد.
لذلك، تقول هذه المصادر إن بايدن يحمل في جعبته مبادرة أميركية، هي الأولى من نوعها، والتي تلتقي مع المبادرة الفرنسية، فيما يتعلق بالتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار حول هذا الملف، إلاّ أن لكل طرف رؤيته التي تتعارض مع الآخر حول طبيعة القرار المطلوب من مجلس الأمن، وبينما باتت بنود المبادرة الفرنسية معروفة، فإن المشروع ينطوي على التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يقضي بوقف الاستيطان الإسرائيلي، والاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية، ذلك مقابل بندين أساسيين، تجاهلتهما المبادرة الفرنسية عمداً، الأول، هو اعتراف فلسطيني واضح ومباشر بيهودية دولة إسرائيل، أما الثاني، فإنه يطلب من الفلسطينيين إلغاء حق العودة!!
ليس لمبادرة كهذه أية فرصة من القبول والنجاح، فالولايات المتحدة تعلم أن ليس هناك أية فرصة، لكن هؤلاء جميعهم، يتفقون على أن طرح هذه الرؤية الأميركية، سيفسح المجال لكي يتحول الحراك الدولي باتجاه هذا المشروع، كبديل عن المبادرة الفرنسية، وفي حال طرح هذه المبادرة، أمام الجانب الفلسطيني أثناء اجتماع بايدن مع الرئيس أبو مازن، فلا شك أن الجانب الفلسطيني سيجد صعوبة في التعامل مع هذا الطرح، لكنه بكل تأكيد، يدرك أن الأميركيين غير جادين في هذا الحراك، والأرجح أن بايدن سيتلقى إجابة محددة متكررة، وهي أن الجانب الفلسطيني ملتزم بتنفيذ قرارات المنظمة الدولية، مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، حول هذا الملف!!
بعض البنود المشار إليها في مشروع المبادرة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" مشيرة إلى أن الرئيس الأميركي بات مشدوداً إلى تحقيق تقدم ما على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، مستثمراً على الأرجح التطلعات الإسرائيلية لزيادة الدعم العسكري والمالي الأميركي للدولة العبرية، والصحيفة روّجت إلى إمكانيات لتحقيق تقدم ما على هذا الملف بفضل الحراك الأميركي، إلاّ أننا لا نتفق مع استخلاصاتها هذه باعتبار أن حكومة يمينية متطرفة، لن توقف الاستيطان، ولا تؤمن حقاً بحل الدولتين وتستسهل اتهام الجانب الفلسطيني كونه غير شريك وعاجزا، في حين تدرك الصحيفة، كما هو الحال بالنسبة لإدارة أوباما، أن هذه الحكومة هي التي تشكل العقبة الجوهرية الوحيدة أمام السلام!!