أقنعت حكومة إسرائيل ذاتها وبقدر كبير المعارضة بانه لا شريك في الطرف الفلسطيني. اما الحقيقة فهي معاكسة؛ فاسرائيل ليست شريكاً لحل الدولتين. محمود عباس هو شريك لحل الدولتين، حسب المواقف الفلسطينية، وليس الاسرائيلية. اسرائيل يمكنها أن تجري مفاوضات كي تجد حلا وسطا مع الرئيس الفلسطيني بين مواقفه ومواقفنا الاساس. لم يكن ولن يكون أغلب الظن زعيم معتدل مثل ابو مازن. معظم تقديرات جهاز الامن هي في خط واحد مع هذا الرأي. ولكن نتنياهو غير معني بحل الدولتين. فهو ليس شريكا. رئيس الوزراء يقول هذا بالفم المليء، حين يشترط كل مفاوضات بمواصلة السيطرة الكاملة للجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية واعتراف فلسطيني باسرائيل كدولة يهودية. وهو يعرف بانه لا يوجد أي احتمال في أن يكون بوسع عباس ان يقبل هذه الشروط، وعليه فهو يطرحها. عباس مستعد ليعترف باسرائيل، باي طريقة تعرف هي فيها نفسها في الامم المتحدة؛ وهو مستعد لترتيبات أمنية، لا لاستمرار الاحتلال. في سنوات ولاية نتنياهو كرئيس وزراء ارتفع عدد الاسرائيليين الذين يعيشون خلف الخط الاخضر من 150 الفا الى نصف مليون. وتواصل الحكومة البناء بلا انقطاع في المستوطنات، تصادر الاراضي الخاصة من الفلسطينيين، وتبيّض بؤرا استيطانية غير قانونية. "بلاد اسرائيل الكاملة من البحر الى النهر" ليست فقط حلم اليمين، بل ان نتنياهو، مع زوجه الايديولوجي نفتالي بينيت، يحقق هذا الحلم على الارض. واسرائيل هي من البحر الى النهر منذ اليوم بحكم الامر الواقع دولة ثنائية القومية مع 48 في المئة عرب و52 في المئة يهود. ليس بعيدا اليوم الذي سنكون فيه أقلية في بلادنا. في 6 حزيران 2017 ستكتمل 50 سنة على احتلال الضفة الغربية. سيطرة طويلة جدا على شعب آخر لا تخلد فقط الاحتلال بل غيرتنا من شعب يؤمن بالمساواة بين بني البشر الى شعب محتل يسلم بالعيش الى الابد على حرابه. ان حل النزاع العنيف والطويل لا يمكن أن يحصل الا بين متساوين. لا سلام بين أسياد وعبيد. صحيح أنه في الطرف الفلسطيني يوجد الكثير من الكراهية تجاهنا؛ ولكن هذا متبادل. صحيح أنه يوجد في اوساطهم الكثيرون المعنيون بتغيير الوضع القائم من خلال "الارهاب" والمس بالاسرائيليين وباسرائيل، وكذا من يحلمون بان نختفي عن الخريطة؛ ولكن عند الفلسطينيين ايضا يوجد أغلبية صامتة برغماتية تفضل حل الدولتين، في ظروف معقولة، ولكن انطلاقا من المساواة. الاحتلال هو بالتعريف وضع من التسيد. كل فلسطيني تقريبا يمر كل اسبوع باهانة في الحواجز في داخل الضفة وبينها وبين اسرائيل. تحركاته مقيدة، وحريته مسلوبة. الارادة الفلسطينية هي قبل كل شيء الحرية، وواضح للزعامة الحالية انها لن تتحقق الا بالمفاوضات، مع تدخل دولي. ان الفرصة لحل النزاع من خلال المفاوضات لا تزال قائمة، ولاسيما في ضوء المصلحة المشتركة مع الدول العربية البرغماتية في الأمن الاقليمي. ولكن هذا يحتاج إلى الفهم بأنه رغم النزاع الطويل والعنيد، فان الفلسطينيين هم بنو بشر مثلكم. -

لا يوجد تعليقات
...
عزيزي المتصفح : كن أول من يقوم بالتعليق على هذا المقال ! أدخل معلوماتك و تعليقك !!

الرجاء الالتزام بآداب الحوار
اسمك *

البريد الالكتروني *

العنوان

المعلومات المرسلة *
أدخل الكود *
أضف